الجزائر: رحيل آخر قادة الولاية الأولى التاريخية

كان من أوائل مفجري الثورة وتقلد عدة مناصب بعد الاستقلال

العقيد الطاهر زبيري (الشرق الأوسط)
العقيد الطاهر زبيري (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: رحيل آخر قادة الولاية الأولى التاريخية

العقيد الطاهر زبيري (الشرق الأوسط)
العقيد الطاهر زبيري (الشرق الأوسط)

توفي العقيد الطاهر زبيري، آخر قائد للولاية التاريخية الأولى وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، اليوم (الأربعاء)، عن عمر ناهز 95 عاماً، إثر إصابته بمرض عضال ألزمه الفراش.

وبهذه المناسبة، قدم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تعازيه الخالصة في وفاة الزبيري، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية وعدة صحف محلية. كما تقدم وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بتعازيه الخالصة إلى عائلة زبيري، وأكد ربيقة، الذي تنقل إلى منزل الفقيد لتقديم واجب العزاء، أن المجاهد الراحل «كان وسيظل رمزاً من رموز الوطنية، وقامة من قامات الثورة التحريرية المباركة»، كما أشاد الوزير بخصال الفقيد الذي تميز بـ«العزة والشموخ والمناقب الثورية الراقية، وروح الإخلاص للجزائر، والحرص على رقيها وازدهارها»، داعياً إلى «الحفاظ على ذاكرته، والعمل على أن يبقى نضاله وكفاحه راسخاً لدى الأجيال».

بدوره، تقدم رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، اليوم (الأربعاء)، بأصدق عبارات التعازي والمواساة إلى عائلة الزبيري، حسب ما أورده بيان لوزارة الدفاع الوطني، وقال إن الفقيد قدم دروساً في التضحية والوفاء للوطن.

وكان الفقيد قد انخرط مبكراً في صفوف الحركة الوطنية، وكان من أوائل مفجري الثورة بها، وتقلد عدة مناصب ومسؤوليات بعد الاستقلال، ويعد الراحل من أبرز قادة الثورة الجزائرية، وآخر قائد للولاية التاريخية الأولى، كما شغل منصب قائد أركان الجيش الوطني الشعبي.

مسيرة نضالية حافلة

ولد الزبيري عام 1929 في سدراتة بمنطقة السوابع التابعة لبلدية أم العضائم بولاية سوق أهراس، ثم انتقل مع عائلته للعيش في مدينة الونزة بولاية تبسة، حيث عمل في المنجم، ثم انخرط مبكراً في النضال الوطني من خلال حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم المنظمة الخاصة عام 1947؛ حيث اعتقل وحكم عليه بالإعدام قبل أن يفر من السجن رفقة القائد التاريخي مصطفى بن بولعيد سنة 1955، ليتم تعيينه بعدها قائداً للفيلق الثالث بالقاعدة الشرقية، ثم قائداً للولاية التاريخية الأولى سنة 1960.

صورة التقطت للعقيد الطاهر زبيري قبل وفاته (متداولة على مواقع التواصل)

كان الفقيد من الرعيل الأول الذين فجروا الثورة في منطقة الونزة، حيث خاض معارك عدة، أشهرها معركة جبل أحمد في يناير 1955، التي أُسر فيها وأودع سجن الكدية بقسنطينة، وبعد عودته إلى صفوف جيش التحرير، تولى مسؤوليات متعددة في القاعدة الشرقية، حتى تعيينه قائداً للولاية الأولى التاريخية (1960-1962).

كما تقلد الراحل عدة مناصب رفيعة بعد الاستقلال، منها قائد الناحية العسكرية الخامسة (1962-1963)، وقائد الأكاديمية العسكرية بشرشال (1963)، ثم قائد أركان الجيش (1964-1967)، كما كان عضو المكتب السياسي واللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، وعضو مجلس الثورة (1965)، إضافة إلى عضويته في مجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي (2004).

وتكريماً لمسيرته النضالية؛ حاز الفقيد على وسام الاستحقاق الوطني برتبة أثير في أكتوبر 2018.

ترك الفقيد عدة مساهمات في كتابة تاريخ الثورة التحريرية، من بينها مذكراته التي حملت عنوان «مذكرات آخر قادة الأوراس التاريخيين 1929-1962»، التي جمع فيها بين السيرة الذاتية والوقائع التاريخية.


مقالات ذات صلة

الجزائر وسلطنة عمان تطلقان مبادرة لإنشاء صندوق استثماري مشترك

شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر وسلطنة عمان تطلقان مبادرة لإنشاء صندوق استثماري مشترك

أطلقت الجزائر وسلطنة عمان مبادرة لإنشاء صندوق استثماري مشترك، بالتزامن مع التوقيع على 8 مذكرات تفاهم في قطاعات متنوعة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا احتجاج طلاب الطب في كلية ورقلة بجنوب البلاد (حسابات مضربين)

تفاقم التوترات بين طلاب الطب والحكومة الجزائرية

تجددت المواجهة بين الحكومة الجزائرية وطلاب الطب، منذ أسبوعين، إذ شهدت المراكز الاستشفائية الجامعية في المدن الكبرى شللاً جزئياً.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (الشرق الأوسط)

سلطات الجزائر تتكتم على قتل سائحة سويسرية جنوب البلاد

قُتلت سائحة سويسرية في الجزائر هذا الشهر خلال وجودها بأحد المقاهي عندما هاجمها رجل بسكين وأقدم على ذبحها أمام أطفالها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا صورة لمدير البروتوكول بالرئاسة المسجون مع الرئيسين الجزائري والموريتاني (أرشيف الرئاسة الجزائرية)

سجن مدير التشريفات في الرئاسة الجزائرية بتهم «فساد»

حكم قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة الجزائرية، بإيداع مدير التشريفات بالرئاسة سابقاً، محمد بوعكاز، الحبس الاحتياطي بعد اتهامه بـ«الفساد».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر من عام 2018 (رويترز)

ماكرون يزور الرباط بدعوة من العاهل المغربي

بينما بلغت علاقات فرنسا والجزائر حدود القطيعة، بسبب إرث المرحلة الاستعمارية ومشكلة الهجرة ونزاع الصحراء الغربية، يزور ماكرون المغرب أواخر الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرباط) «الشرق الأوسط» (الجزائر) «الشرق الأوسط» (باريس)

الحكومة المصرية تشكو «حرب إشاعات»... و«الإخوان» متهم رئيسي

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

الحكومة المصرية تشكو «حرب إشاعات»... و«الإخوان» متهم رئيسي

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

غداة توجيهات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، المسؤولين، بتفنيد «الادعاءات» التي تُتداوَل على «السوشيال ميديا» والرد عليها، نفت الحكومة، الخميس، بيع بحيرة «البردويل»، مؤكدة أنها تتعرض لـ«حرب إشاعات»، في حين أشار خبراء إلى أن جماعة «الإخوان» التي تصنّفها السلطات المصرية «إرهابية»، «متهم رئيسي في نشر الإشاعات بالبلاد».

وأثارت إشاعة بيع «البردويل» جدلاً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية. وتعدّ «البردويل» من أكبر البحيرات المصرية، وتقع ضمن النطاق الإداري لمدينة بئر العبد على الساحل الشمالي لشبه جزيرة سيناء، ويبلغ طولها نحو 90 كيلومتراً، وعرضها نحو 22 كيلومتراً، وتبلغ مساحتها الكلية نحو 700 كيلومتر مربع.

ووصف المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، «ما تم تداوله بشأن البحيرة» بأنه «ادعاءات ومعلومات مغلوطة». وقال في إفادة رسمية، الخميس، إن «جهاز (مستقبل مصر للتنمية المستدامة) سيبدأ في أعمال تنمية بحيرة البردويل»؛ بهدف «إعادتها لما كانت عليه؛ وسيتم تطوير مراسي الصيد لزيادة الإنتاجية السمكية، وكذا تطوير أعمال النقل والتداول، بما يسهم في زيادة الدخل للصيادين والعاملين بالبحيرة».

ودعا الحمصاني إلى «استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، في ظل ما تتعرض له الدولة المصرية يومياً من (حرب إشاعات) تستهدف زعزعة الاستقرار، وإحداث البلبلة»، مؤكداً أن «هناك توجيهات من القيادة السياسية بالعمل على تقديم حزمة مختلفة من المساعدات الاجتماعية للصيادين لمساعدتهم حتى تستعيد البحيرة طاقتها الإنتاجية من إنتاج الأسماك».

جانب من اجتماع سابق للحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)

وسبق أن اتهمت السلطات الأمنية في مصر «الإخوان» أكثر من مرة بـ«نشر (أكاذيب) حول السجون والأوضاع المعيشية». وتنفي وزارة الداخلية المصرية باستمرار «مزاعم» تتداولها صفحات موالية للجماعة، وتقول الوزارة إنها «تأتي في إطار حملة الادعاءات الكاذبة، التي ينتهجها (الإخوان) بهدف تضليل الرأي العام المصري، بعد أن فقدت الجماعة مصداقيتها».

كما يناشد المركز الإعلامي لـ«مجلس الوزراء المصري» باستمرار، وسائل الإعلام ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، تحري الدقة والموضوعية ‏في نشر الأخبار، والتواصل مع الجهات المعنية للتأكد قبل نشر ‏معلومات لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى إثارة البلبلة بين المواطنين.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، نهى بكر، فإن «مصر تعاني من (حرب الإشاعات) منذ عام 2011، ونشطت هذه الحرب عقب عزل (الإخوان) عن الحكم في 2013، في حين ما زالت حسابات موالية للجماعة تنشط في نشر الإشاعات، خصوصاً التي تتعلق بالمواطن المصري بشكل مباشر».

وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، ويخضع قادة وأنصار الجماعة حالياً، على رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».

وأضافت بكر لـ«الشرق الأوسط» أن التوجه الحكومي للمسؤولين بـ«تفنيد الإشاعات» والرد عليها «أمر جيد» من شأنه أن يحدّ من انتشارها، لكن «الأمر يحتاج إلى رفع وعي رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يتداولون الإشاعات بحسن نية، دون التحقق من صحتها».

ووجّه مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية، الأربعاء، جميع المسؤولين بالرد على ما يتردد على تلك «المنصات»، وشرح الأمور للمواطنين، مؤكداً أن هذا الأمر يدخل في صميم دور الحكومة؛ وذلك حتى لا نترك المجال لبعض الأخبار غير الصحيحة للانتشار، مشدداً على أهمية مواصلة جهود توضيح الحقائق ودحض الإشاعات.

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

في السياق، أرجع عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عاطف مغاوري، انتشار الإشاعات إلى ما وصفه بـ«غياب المعلومة الصحيحة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم توافر المعلومات الصحيحة يدفع أطرافاً أخرى منها (الإخوان) إلى ملء مساحة الفراغ المعلوماتي بالإشاعات، بسوء نية وبهدف نشر البلبلة حول الكثير من القضايا». ووفق مغاوري، فإن «البعض يتناقل الإشاعات بحسن نية؛ لذلك فإن الحكومة مسؤولة عن توضيح الحقائق وعدم فتح المجال للإشاعات عبر توفير المعلومات لمواطنيها».

وتحدث تقرير للمركز الإعلامي لـ«مجلس الوزراء المصري» في فبراير (شباط) الماضي، عن تزايد معدلات انتشار الإشاعات خلال السنوات الأخيرة، ووفق التقرير «بلغت نسبة الإشاعات عام 2023 نحو 18.8 في المائة، وفي 2022 نحو 16.7 في المائة، وفي 2021 نحو 15.2 في المائة». وأبرز التقرير القطاعات التي استهدفتها الإشاعات عام 2023، من بينها، «الاقتصاد، والتموين، والتعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية».