«هدنة غزة»: المقترحات تتوالى... وترقّب لجولة جديدة

نتنياهو ينفي تلقي أي معلومات بشأن صفقة «اليومين»

انتشال جثة فلسطيني من تحت أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
انتشال جثة فلسطيني من تحت أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المقترحات تتوالى... وترقّب لجولة جديدة

انتشال جثة فلسطيني من تحت أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
انتشال جثة فلسطيني من تحت أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

مقترحات تتوالى بشأن الهدنة في قطاع غزة، بين مقترح مصري وثانٍ أميركي وثالث «موحد» بحسب حديث إسرائيلي رسمي، وسط ترقب لجولة جديدة من محادثات يقودها الوسطاء، وتأكيدات من دول الوساطة (أميركا ومصر وقطر) على ضرورة وقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

تعدُّد المقترحات، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يعكس مساعي الوسطاء المستمرة للتوصل لاتفاق، غير أن استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في «أساليب المراوغة» يشي برغبته في إطالة أمد المفاوضات لحين اتضاح نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

وبعد جمود نحو شهرين، عادت مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، باجتماع، الأحد، في الدوحة، أفاد بيان لمكتب نتنياهو، الاثنين، بأن «رئيس الموساد ديفيد برنياع عاد بعد أن التقى رئيس السي آي إيه (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية) ويليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني»، لافتاً إلى أن «الطرفين ناقشا إطاراً موحداً جديداً يضم المقترحات السابقة، ويأخذ في الحسبان أيضاً التحديات الرئيسية والأحداث الأخيرة في المنطقة»، دون مزيد من التفاصيل عن ذلك الإطار الموحد الجديد.

وأشار إلى أن «المناقشات ستتواصل في الأيام المقبلة بين الوسطاء و(حماس) لبحث جدوى المفاوضات والاستمرار في السعي للتوصل إلى اتفاق»، دون تحديد موعد.

رد فعل رجل مصاب أثناء جلوسه على أنقاض مبنى أصيب بغارة إسرائيلية في بيت لاهيا (أ.ف.ب)

ونقل موقع «أكسيوس» عن 3 مسؤولين إسرائيليين أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز طرح، الأحد، خلال اجتماع مع رئيس «الموساد» ديفيد برنياع ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ، اتفاقاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 28 يوماً، وإطلاق سراح نحو 8 رهائن محتجزين لدى حركة «حماس» وعشرات السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتزامناً مع انعقاد مفاوضات الدوحة التي لم تشارك بها مصر، اقترح الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تُعَدّ بلاده إحدى دول الوساطة لوقف الحرب، «وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين. يجري تبادل 4 رهائن مع بعض الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام يجري التفاوض على استكمال الإجراءات في القطاع وصولاً لإيقاف كامل لإطلاق النار، وإدخال المساعدات».

وفي أول تعليق على المقترح المصري، قال نتنياهو، الاثنين، إنه لم يتلقَّ اقتراحاً لهدنة لمدة يومين في الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» في غزة تشمل إطلاق سراح رهائن، وفقاً لمكتبه، غير أنه استدرك: «لو طُرح مثل هذا الاقتراح، لكان رئيس الوزراء قد قبله على الفور».

الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، يرى أن تعدد المقترحات بشأن الهدنة، «هو من باب تحريك الملف الذي كان مجمداً، ورفع سقف التوصل لاتفاق وصولاً للصفقة الشاملة»، لافتاً إلى أن نتنياهو يسعى للاستفادة من صفقة شاملة بغزة دون أن يوقف الحرب خاصة بجبهة لبنان، و«هذا لن يقبله أحد».

وكل تلك المقترحات ستكون محل نقاش في جولة مباحثات جديدة في الأيام المقبلة، وفق تقدير اللواء فرج، لافتاً إلى أن حديث نتنياهو عن عدم تلقي أي معلومات عن هدنة اليومين «يدخل ضمن مسار المماطلة والحرب النفسية بهدف إطالة أمد المفاوضات».

وباعتقاد الخبير السياسي الأردني، الدكتور صلاح العبادي، فإنه «من الطبيعي أن يقول نتنياهو إنه لم يتلقَّ أي مقترح يتعلق بمبادرة الرئيس المصري؛ لأن هذا نهج نتنياهو وهو إدارة ظهره لأي مبادرات أو جهود لاحتواء المشهد في قطاع غزة، بل العمل على إحباط أي مبادرات هادفة إلى إحلال الأمن والاستقرار»، مرجحاً استمرار المحادثات وتداول مقترحات عدة لتعزيز مسار المفاوضات والوصول لنسخة موحدة في الجولة المقبلة.

بدوره، استبعد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، نجاح أي من المقترحات المطروحة بشأن الهدنة في غزة قبل الانتخابات الأميركية، متوقعاً ألا يمنح نتنياهو أي مرشح ديمقراطي أي هدية قبل الانتخابات، ومن ثم فإنه لن يذهب إلى حل في هذه الفترة.

وبرأي الرقب، فإن المقترح الذي جرى تسريبه، ونُسب إلى رئيس الاستخبارات الأميركية، الذي يتحدث عن هدنة 28 يوماً، «هو اختزال لمقترح الرئيس جو بايدن الذي كان ينص على هدنة لمدة 6 أسابيع... وأيضاً يشمل مزايا أكثر للجانب الإسرائيلي من حيث عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية التي سيجري الإفراج عنهم بدعوى أن (حماس) جرى إضعافها، وستقبل تحت الضغوط، وهذا أمر مستبعَد، خصوصاً أنه مقترح غير مكتمل»، متوقعاً أن يكون المقترح المصري «الأقرب للتنفيذ من مقترح بيرنز أو الصفقة الشاملة».

ولا تزال الولايات المتحدة تتمسك بإبرام اتفاق ينهي الحرب بغزة، وقال الرئيس الأميركي بايدن، الاثنين، عقب إدلائه بصوته على نحو مبكر في الانتخابات الرئاسية: «نحن بحاجة إلى وقف لإطلاق النار بغزة (هذه الحرب) يجب أن تنتهي، يجب أن تنتهي، يجب أن تنتهي»، مشيراً إلى أنه يبذل جهوداً إضافية من أجل وقف إطلاق النار.

وستعمل الدوحة مع إدارة بايدن، وفق المتحدث باسم «الخارجية القطرية»، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بالدوحة «حتى اللحظة الأخيرة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة»، مؤكداً أن «اللقاءات بشأن التوصل لمقترح وقف إطلاق النار في غزة مستمرة في الدوحة والقاهرة وعواصم أوروبية».

ويتوقع اللواء فرج استمرار المحادثات في بحث المقترحات والوصول لمقترح محل توافق، مستدركاً: «سيتضح مسار الهدنة مع وضوح نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية يوم 5 نوفمبر المقبل».

وبتقدير العبادي، فإن «الإدارة الأميركية الحالية تسعى إلى تحقيق نصر مهم في هذا التوقيت يتمثل في التوصل إلى هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة، خصوصاً قُبيل الخامس من نوفمبر المقبل، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة»، متوقعاً أن إدارة بايدن «ستفشل» في التوصل لأي هدنة في هذه المرحلة، خصوصاً أن مصلحة نتنياهو مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

ويعتقد أن مستقبل الهدنة الإنسانية في قطاع غزة سيكون مرهوناً بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة؛ لأن نتنياهو في هذه الأيام مَعْنِيٌّ بمواصلة التصعيد، وشراء مزيد من الوقت، والاستمرار في القتال في غزة أو في جنوب لبنان؛ حتى تنتهي الانتخابات، وتظهر النتائج.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا، وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

جاء ذلك خلال كلمة لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، السبت، بمناسبة فعاليات النسخة الرابعة لـ«أسبوع التوعية بملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات»، الذي ينعقد في أديس أبابا. وقال عبد العاطي إن النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار» تأتي في وقت «تتزايد فيه التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه القارة الأفريقية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» الذي استضافته القاهرة مطلع الشهر الحالي، «ضرورة حشد الجهود الدولية لوقف النزاعات والصراعات والحروب في المنطقة، والتركيز على إعادة الإعمار والبناء والتنمية»، مشيراً إلى «حرص بلاده على تقديم الدعم لدول المنطقة التي تواجه صراعات وحروباً».

ووفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد أكد عبد العاطي في كلمته أن رؤية بلاده ارتكزت على التعامل مع التحديات بشكل عاجل وشامل، يراعي الأسباب الجذرية للنزاعات، ويُسهم في تعزيز قدرات ودور المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية على الصمود لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، سعياً نحو التوصل إلى حلول سلمية ومستدامة للأزمات والنزاعات القائمة، وبما يحول دون اندلاعها مجدداً.

كما تحدّث عبد العاطي عن التزام بلاده الثابت، تحت قيادة الرئيس السيسي، بـ«العمل بشكل وثيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وكل الأطراف أصحاب المصلحة، لتنفيذ ركائز سياسة الاتحاد الجديدة لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات».

ووفق الوزير عبد العاطي، فإن مصر تحرص خلال استضافتها لـ«منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة» على تناول تلك الرؤية بشكل مستفيض، وإبراز أهمية الملكية الوطنية والتضامن الأفريقي في تحقيق السلم والأمن المستدامين، فضلاً عن تسليط الضوء على العلاقة الترابطية بين السلم والأمن والتنمية.

وقال بهذا الخصوص: «إن مصر انخرطت بفاعلية في مسار اعتماد سياسة الاتحاد الأفريقي المنقحة لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في فبراير (شباط) الماضي، تجسيداً لرؤيتها الوطنية؛ إذ تُثمن مصر التعاون والتنسيق المستمرين مع مفوضية الاتحاد الأفريقي للترويج لسياسة الاتحاد لإعادة الإعمار، بما يسهم في رفع مستوى الوعي، وتعزيز انخراط دول القارة والشركاء والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف إعادة الإعمار».

وزير النقل المصري خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق سبتمر الماضي (النقل المصرية)

وتُشارك مصر في مشروعات إعادة الإعمار بالعراق، وفي هذا السياق، زار نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري، كامل الوزير، بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، على رأس وفد رسمي، ضم رؤساء 13 شركة متخصصة في مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والسكك الحديدية والموانئ والإسكان، لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بالعراق»، وفق إفادة لوزارة النقل المصرية.

ودعا بدر عبد العاطي، السبت، شركاء القارة الأفريقية إلى الانخراط بفاعلية، خلال أعمال النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار»، والوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في أفريقيا، ومواءمة جهودهم في هذا الملف الحيوي مع الجهود الوطنية والإقليمية والقارية الجارية بغية تحقيق آمال وتطلعات أبناء القارة الأفريقية نحو مستقبل عنوانه «السلم والأمن المستدامان».

وكان وزير الخارجية والهجرة المصري قد ذكر في وقت سابق أنه «من بين أولويات السياسة المصرية في أفريقيا، دفع إقامة مشروعات البنية التحتية والتنمية بدول القارة»، لافتاً إلى تنفيذ بلاده «مشروعات ضخمة في عدد من الدول الأفريقية، مثل السد التنزاني، ومشروع توسيع وتجهيز الرصيف الرئيس لميناء جزر القمر».