ماكرون يجدد أمام البرلمان المغربي دعم «سيادة» المغرب على الصحراء

البلدان وقَّعا عقوداً واتفاقات استثمار بقيمة تناهز 10 مليارات يورو

الرئيس ماكرون خلال إلقائه خطاباً أمام البرلمان المغربي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون خلال إلقائه خطاباً أمام البرلمان المغربي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يجدد أمام البرلمان المغربي دعم «سيادة» المغرب على الصحراء

الرئيس ماكرون خلال إلقائه خطاباً أمام البرلمان المغربي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون خلال إلقائه خطاباً أمام البرلمان المغربي (أ.ف.ب)

جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام البرلمان المغربي، الثلاثاء، التأكيد على تأييد بلاده لـ«سيادة المغرب على الصحراء الغربية»، ووعد باستثمارات فرنسية في الإقليم المتنازَع عليه، غداة إبرام البلدين عقوداً بقيمة تناهز 10 مليارات يورو.

الرئيس الفرنسي محيياً عدداً من المغاربة عند مدخل مقر البرلمان المغربي (أ.ف.ب)

وقال ماكرون في تصريحات نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعيد التأكيد أمامكم، بالنسبة لفرنسا فإن حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية»، ليعقِّب البرلمانيون بالتصفيق الحار. وأضاف ماكرون موضحاً: «أقولها أيضاً بكل قوة، الفاعلون الاقتصاديون وشركاتنا سوف يرافقون تنمية هذه المنطقة عبر استثمارات ومبادرات دائمة وتضامنية لصالح سكانها».

صفحة جديدة

أتاح هذا الموقف الذي سبق لماكرون إعلانه في رسالة للملك محمد السادس نهاية يوليو (تموز) الماضي، فتح صفحة جديدة في علاقات الحليفين التاريخيين، بعد سلسلة من التوترات الحادة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تزامناً مع ضغط المغرب على فرنسا لتحذو حذو واشنطن التي أعلنت أواخر عام 2020 اعترافها بسيادة الرباط على الصحراء.

الرئيس ماكرون أمام مدخل البرلمان رفقة رئيس مجلس النواب رشيد طالبي العلمي (أ.ف.ب)

لكنّ الأولوية التي خصّ بها الرئيس الفرنسي الجزائر بعد إعادة انتخابه في 2022، بينما قطعت الأخيرة علاقاتها مع المغرب منذ عام 2021، زادَت من توتّر العلاقات بين الرباط وباريس. وتابع ماكرون الذي بدأ، الاثنين، زيارة دولة إلى الرباط، موضحاً أن الموقف الفرنسي «ليس عدائياً تجاه أحد»، وأنه «يتيح فتح صفحة جديدة بيننا، وأيضاً مع كل أولئك الذين يريدون العمل في إطار تعاون جهوي». وكانت الجزائر قد أعربت مطلع أغسطس (آب) الماضي عن رفضها الموقف الفرنسي المؤيِّد للمغرب، واستدعت سفيرها في باريس للتشاور. ووصف ماكرون الموقف الفرنسي بأنه «متجذر في التاريخ، يحترم الواقع ومتطلع للمستقبل»، معلناً أن بلاده «سوف تقوم بتفعيله لمرافقة المغرب في المؤسسات الدولية».

العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي لدى وصوله إلى الرباط (ماب)

من جهته، شكر رئيس مجلس النواب، رشيد طالبي العلمي، فرنسا على «موقفها التاريخي». بينما رأى رئيس الغرفة الثانية للبرلمان، محمد ولد الرشيد، وهو صحراوي وحدوي، أنه «يشكل لحظة فاصلة في مسار التطور الإيجابي للحل النهائي لهذه القضية». وبالنسبة إلى المغرب، يعدّ هذا الاعتراف الرهان الأساس لتطبيع علاقاته مع فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن الذي يصدر قرارات سنوية حول هذا النزاع. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023 جدد مجلس الأمن الدولي دعوة أطراف النزاع إلى «استئناف المفاوضات» قصد التوصّل إلى حلّ «دائم ومقبول من الطرفين». لكن المغرب يشترط التفاوض فقط حول مقترح الحكم الذاتي، بينما تعارض الجزائر استئناف المفاوضات، على غرار تلك التي نظّمها في سويسرا المبعوث الأممي السابق الألماني، هورست كولر، الذي استقال من منصبه في عام 2019 بسبب عدم إحرازه نتائج.

واجب استراتيجي

دعا ماكرون في خطابه أمام البرلمانيين المغاربة إلى «تعاون طبيعي وسلس» يحقق «نتائج أوضح» بخصوص مسألة الهجرة غير النظامية. هذه المسألة تحظى باهتمام كبير لدى الجانب الفرنسي، إذ يريد وزير الداخلية الجديد الذي يعتمد نهجاً صارماً بهذا الخصوص، دفع المغرب إلى استعادة مواطنين أوقِفوا لإقامتهم بطريقة غير نظاميّة في فرنسا. كما أعلن الرئيس الفرنسي أن عقوداً جديدة سيتم إبرامها، الثلاثاء، بين البلدين، حيث يقام منتدى لرجال الأعمال بمناسبة زيارته المغرب، ووصف الشراكة بينهما بكونها «واجباً استراتيجياً».

العاهل المغربي والرئيس ماكرون خلال توقيع الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المغرب وفرنسا (ماب)

وليل الاثنين، أبرم البلدان عقوداً واتفاقات استثمار بقيمة تناهز 10 مليارات يورو في حفل ترأسه قائدا البلدين في قصر الضيافة بالرباط. وتشمل هذه الاتفاقات ميادين عدة، بينها النقل بالسكك الحديدية، حيث تأكدت مشاركة الشركتين الفرنسيتين «ألستوم» و«إيجيس» في الشطر الثاني للخط الفائق السرعة بين طنجة (شمال) ومراكش (وسط). وستفاوض «ألستوم» الجانب المغربي على تزويده نحو 12 إلى 18 عربة قطار فائق السرعة، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة على الملف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وكانت فرنسا تأمل في أن تبقى الطرف الرئيسي في توسيع خط القطارات السريعة، بعدما حظيت بصفقة بناء المرحلة الأولى بين طنجة والدار البيضاء (شمالي غرب). والخط وهو الأول في أفريقيا دشّنه قائدا البلدين في 2018. ويُنتظر أن تسرّع مشاركة المغرب في تنظيم مونديال 2030 لكرة القدم مع إسبانيا والبرتغال في إنجاز هذا المشروع، وفق وسائل إعلام مغربية. من جانب آخر، وقّع البلدان اتفاقاً «لتفعيل عرض المغرب في قطاع الهيدروجين الأخضر» بين شركة «توتال إنرجي» والحكومة المغربية التي تراهن على التموقع في السوق الدولية لهذه المادة، وقد أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها تلقت 40 مقترحاً لمشاريع ستخضع للانتقاء لاحقاً، وجُلها في منطقة الصحراء المغربية. كما أُعلِن عن اتّفاق بين عملاق الطيران الفرنسي «سافران» والحكومة المغربيّة لإنشاء «وحدة لصيانة محرّكات الطائرات وإصلاحها»؛ إذ إنّ المغرب عمل في السنوات الأخيرة على تطوير صناعة أجزاء الطائرات لتنويع صادراته. بينما أعلنت شركة الملاحة البحرية الفرنسية «سي إم إي سي جي إم»، الاثنين، إبرام شراكة لاستغلال رصيف الحاويات في ميناء الناظور (شمالي شرق)، مناصفة مع شركة «مارسا ماروك» المغربية لمدة 25 عاماً. وحظي ماكرون باستقبال فخم، حيث رافقه الملك محمد السادس من مطار الرباط سلا حتى القصر الملكي، في سيارة مخصصة للمراسم عبرت شوارع رئيسية بالعاصمة، زُيّنت بأعلام البلدين.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في ريو دي جانيرو (د.ب.أ)

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بموقف روسيا «التصعيدي» في الحرب في أوكرانيا، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «التعقّل».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بوينس أيرس (أ.ف.ب)

ماكرون: بوتين «لا يريد السلام» في أوكرانيا

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد السلام» مع كييف و«ليس مستعداً للتفاوض».

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

«الإليزيه»: ماكرون يزور السعودية بين 2 و4 ديسمبر القادم

يزور الرئيس إيمانويل ماكرون السعودية في الفترة بين الثاني والرابع من ديسمبر المقبل، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات المغربية، الجمعة، تفكيك خلية مسلحة تابعة لتنظيم «داعش» في منطقة الساحل، في عملية أمنية مشتركة مع الأجهزة الإسبانية، موضحة أنها تتكوّن من تسعة عناصر، من بينهم ثلاثة ينشطون في المغرب، وستة آخرون ينشطون في مدن إسبانية.

وذكر بيان للمكتب المركزي المغربي للأبحاث القضائية أن التحريات الأولية أظهرت أن المشتبه فيهم كانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية باسم التنظيم، قبل الالتحاق بصفوفه في منطقة الساحل جنوب الصحراء، مضيفاً أن عمليات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم مكّنت السلطات من حجز أسلحة ومعدات إلكترونية، سيتم إخضاعها للخبرات الرقمية اللازمة، ومؤكداً أن البحث جارٍ لتحديد الارتباطات الداخلية والخارجية لهذه الخلية.

من جهتها، ذكرت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في بيان نشرته «وكالة المغرب العربي للأنباء»، أن الخلية تتكوّن من تسعة عناصر، تنشط في تطوان والفنيدق ومدريد وإبيزا وسبتة، موضحاً أن التحريات أظهرت أن المشتبه فيهم «كانوا يروّجون للفكر (الداعشي)، ويعقدون لقاءات بسبتة وتطوان في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية».

وأضاف المصدر ذاته أن التحريات الأولية المنجزة أظهرت أن بعض المشتبه فيهم معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب بإسبانيا، وكانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط للقيام بأعمال إرهابية باسم «داعش». وقد تم وضع الأشخاص الموقوفين بتطوان والفنيدق رهن الحراسة النظرية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة المكلفة قضايا الإرهاب والتطرّف، وذلك للوقوف على ارتباطاتهم الداخلية والخارجية، وكذا تحديد مستوى تورّطهم في إطار المشروعات الإرهابية المخطط لها من طرف أعضاء هذه الخلية.

وأشار البلاغ إلى أن هذه العملية المشتركة تندرج في إطار التنسيق الأمني المتواصل والمتميّز بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، لصد التهديدات الإرهابية التي تحدق بأمن المملكتين.

وتأتي هذه العملية بعد أيام قليلة من إصدار غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف في الرباط، حكمها في حق أفراد خلية إرهابية أخرى، تم تفكيكها بمدينتي تزنيت وسيدي سليمان من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 14 من مايو (أيار) الماضي.

وحكمت هيئة المحكمة بما مجموعه 29 سنة سجناً نافذاً على الخلية المكوّنة من أربعة أفراد، بعد إدانتهم بتهم متعلقة بالإرهاب، والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات.

وأدانت المحكمة المتهم الأول «أ.م» الذي جرى توقيفه بمدينة سيدي سليمان، بثماني سنوات سجناً نافذاً بعد إدانته بالإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وهي العقوبة نفسها التي قضت بها في حق المتهم الثاني «أ.ه»، المُدان بجريمة الإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات؛ وذلك بعد توقيفه داخل مسكن وظيفي حيث يقطن بحي الوداديات بمدينة تزنيت.