باريس تطمح إلى الحصول على «ثمن» لتبديل موقفها من ملف الصحراء المغربية

البلدان يسعيان إلى «خريطة طريق» صالحة لـ3 عقود

«شارع محمد الخامس» في الرباط مزداناً بالأعلام المغربية والفرنسية كما ظهر يوم الاثنين بمناسبة زيارة ماكرون (أ.ب)
«شارع محمد الخامس» في الرباط مزداناً بالأعلام المغربية والفرنسية كما ظهر يوم الاثنين بمناسبة زيارة ماكرون (أ.ب)
TT

باريس تطمح إلى الحصول على «ثمن» لتبديل موقفها من ملف الصحراء المغربية

«شارع محمد الخامس» في الرباط مزداناً بالأعلام المغربية والفرنسية كما ظهر يوم الاثنين بمناسبة زيارة ماكرون (أ.ب)
«شارع محمد الخامس» في الرباط مزداناً بالأعلام المغربية والفرنسية كما ظهر يوم الاثنين بمناسبة زيارة ماكرون (أ.ب)

نادراً ما رافق وفدٌ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في زيارة رسمية بضخامة الوفد الاستثنائي الذي يرافقه في «زيارة الدولة» إلى المغرب التي بدأت عصر الاثنين وتستمر حتى يوم الأربعاء. فهو يصطحب معه وزراء: الخارجية، والدفاع، والداخلية، والاقتصاد، والتربية، والثقافة، والزراعة، ومجموعة من البرلمانيين، إضافة إلى وفد من رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى والمتوسطة، ووجوه ثقافية وفنية ورياضية، وشخصيات مغربية مقيمة في فرنسا، ووزراء ونواب سابقين.

الملك محمد السادس والرئيس ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر عام 2018 (رويترز)

والنتيجة أن الوفد الرسمي يتشكل من 122 شخصاً، إضافة إلى المستشارين وكبار الموظفين... وضخامة الوفد، تعكس الرهان الفرنسي على زيارة تأجلت مرات عدة، ويراد لها أن ترسم «خريطة طريق» لعلاقات البلدين على مدى 3 عقود مقبلة، و أن تقلب نهائياً صفحة التباعد بينهما التي استمرت 3 سنوات.

تخطي الملفات الخلافية

ما كان لهذه الزيارة أن تحدث من غير الخطوة الفاصلة التي أقدم عليها الرئيس ماكرون في شهر يوليو (تموز) الماضي، عندما أحدث «انقلاباً» جذرياً في موقف فرنسا التقليدي من ملف الصحراء، بإعلانه، في رسالة موجهة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن «حاضر الصحراء ومستقبلها يندرجان في إطار السيادة المغربية».

وهذا التغير قلب الأمور رأساً على عقب؛ إذ كلل جهود التقارب التي بذلتها فرنسا في العامين الماضيين، حيث توالت الزيارات من الطرفين بوتيرة استثنائية، أهمها اثنتان: زيارة وزيرة الخارجية كاثرين كولونا إلى الرباط نهاية عام 2022، وزيارة خلفها في الوزارة ستيفان سيجورنيه إلى العاصمة المغربية في شهر مارس (آذار) من العام الحالي. وبينهما حدثت زيارات أخرى، كان هدفها جميعاً التغلب على الخلافات بين باريس والرباط، وتمهيد الطريق لـ«زيارة الدولة». ولكي تحدث، تراجعت باريس عن قرارها خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة لزيارة فرنسا إلى النصف، والتغاضي عن اتهامات فرنسية للمغرب بالتجسس عبر برنامج «بيغاسوس» الإسرائيلي على كبار المسؤولين الفرنسيين ومن بينهم الرئيس ماكرون شخصياً، فضلاً عن الإشارات التي أرسلتها باريس بأن التقارب مع الجزائر لا يكون على حساب المغرب.

ماكرون متحدثاً في «قصر الإليزيه» الجمعة بمناسبة تدشين معرض «صنع في فرنسا»

بيد أن استدارة ماكرون بخصوص الصحراء، أغضبت الحكومة الجزائرية التي عجّلت سحب سفيرها من باريس، وشنت حملة استثنائية سياسية وإعلامية على فرنسا التي «تدعم الاستعمار».

ولا شك في أن مدة زمنية طويلة سوف تنقضي قبل أن يتراجع التوتر بين العاصمتين.

ووفق مصدر فرنسي متابع للعلاقات بين باريس والجزائر، فإن الطرف الأول وصل إلى قناعة مفادها بأنه لن يكون سهلاً التغلب على المسائل الخلافية بين الجانبين، ومنها مسألة «مصالحة الذاكرتين»، وطي صفحة رواسب الصراع الدامي بينهما بسبب الحقبة الاستعمارية التي استمرت 132 عاماً، وتناسي ذكريات حرب الاستقلال الجزائرية الدامية.

ثم إن الملفات الاقتصادية والتجارية العالقة بينهما تراوح في مكانها. والخلاصة، التي توصلت إليها باريس، قوامها أن العودة إلى التفاهم مع المغرب ستكون أكثر مردودية بالنسبة إلى فرنسا ومؤسساتها وشركاتها، وأن الطريق إلى ذلك تشمل، دون شك، دفع الثمن السياسي في ملف الصحراء.

علما المغرب وفرنسا في إحدى ساحات الرباط (أ.ب)

وليس من قبيل المصادفة أن رؤساء كبريات الشركات الفرنسية يرافقون ماكرون. ومن بين هؤلاء قادة «إنجي» و«ألستوم» و«سافران» و«توتال إنرجي» و«سوييز»، وممثلون عن شركات مثل «إيرباص» و«فيوليا» و«تاليس»... فالجانب الفرنسي؛ الذي يكرر أن فرنسا هي المستثمر الأول المباشر في الاقتصاد المغربي، وأنها شريكه التجاري والاقتصادي والاستثماري الأول، يريد لشركاته أن تعود لاحتلال الموقع الأول في سوق أصبحت مفتوحة وازدادت فيها المنافسة.

وطموحات باريس متعددة. وسيشكل ذلك أحد المحاور الرئيسية للزيارة. وأعلن وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو، أن باريس «ستتحاور مع المغرب حول مسائل القدرات الدفاعية». و تأمل شركة «نافال غروب» أن تنجح في بيع البحرية المغربية غواصتين من طراز «سكوربين». والمنافسة قائمة بينها وبين الشركة الألمانية «تيسن غروب سيستمز».

وتسعى باريس كذلك إلى إقناع سلاح الجو الملكي المغربي بشراء 15 طائرة هليكوبتر من طراز «كاراكال» بقيمة 400 مليون يورو، التي تصنعها شركة «إيرباص هليكوبتر».

المقاتلة الفرنسية «ميراج 2000»... (رويترز)

يضاف إلى ما سبق، أن الجانب الفرنسي يريد الانتهاء من ملف حيازة المغرب سرباً من طائرات «ميراج 2000 - 9» يريد سلاح الجو الإماراتي التخلي عنه، في إطار عملية تحديث أسطوله من الطائرات المقاتلة.

أما في القطاعات المدنية، فإن «إيرباص» تأمل في أن تحصل على حصة من خطة «الطيران الملكي المغربي» الهادفة إلى شراء 188 طائرة حتى عام 2037. والحال أن غالبية أسطول الناقل المغربي تتشكل من طائرات «بوينغ». وتريد «إيرباص» عرض طائرتها من طراز «آي320» لمنافسة طائرة «بوينغ737».

كذلك، فإن شركة «ألستوم» الفرنسية تسعى إلى الحصول على عقد بيع المغرب 18 حافلة لخط القطارات السريع، وأن تكون في مشروع تمديد خط القطارات السريع بين طنجة وأغادير، الذي سبق للملك محمد السادس والرئيس ماكرون أن دشنا شطره الأول في عام 2018، في ثاني زيارة من ماكرون إلى المغرب.

وسبق لـ«قصر الإليزيه» أن أعلن أن فرنسا تريد «مواكبة المغرب» في التحضير لاستضافة «مونديال 2030» لكرة القدم، وأن تساهم في «تحدي» البنى التحتية المغربية، والتغلب على أزمة المياه التقليدية التي يعاني منها بشكل دائم. ومن المشاريع المطروحة للبحث؛ تحلية مياه البحر.

النقص المائي من الصعوبات الرئيسية التي يعاني منها المغرب بشكل شبه دائم (أ.ف.ب)

ويريد الجانب الفرنسي العمل مع المغرب لتعزيز الحضور المشترك في البلدان الأفريقية. ومن المرتقب أن تجري عمليتا توقيع عقود: الأولى مساء الاثنين بحضور الرئيس ماكرون وملك المغرب، والثانية الأربعاء بمناسبة المؤتمر الاقتصادي الذي سيختتمه الرئيس الفرنسي. وهذه الاتفاقيات ستشمل، كما تفيد المصادر الفرنسية، المياه، والتعليم، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والأمن الداخلي، والدفاع.

يبدو واضحاً أن الطموحات الفرنسية كبيرة، وأنها تلاقي الحاجات المغربية. ونقلت صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، في عددها يوم الاثنين، عن مصدر مغربي مطلع، أن المشكلة الأولى للمغرب تتمثل في توفير التمويل، وأنه يراهن على «ليونة» فرنسية في هذا المجال، مما يسهل العقود التي تراها «مكافأة» لفرنسا لموقفها السياسي المستجد في ملف الصحراء.

وينتظر أن يؤكد ماكرون مجدداً، في اجتماعه المغلق مع الملك المغربي، على مواقفه الجديدة، وكذلك في الخطاب الذي سيلقيه أمام البرلمان.

وتأمل باريس والرباط في التوصل إلى تفاهم بشأن مسألة الهجرات، خصوصاً بشأن المواطنين المغاربة الذين تصدر بحقهم مذكرات إبعاد عن الأراضي الفرنسية، التي لا يمكن تنفيذها من غير موافقة رسمية من الطرف المغربي.

وفي هذا السياق، تعود المهمة إلى وزير الداخلية الفرنسي الجديد، برونو روتايو، وهو يميني متشدد ينهج خطاً متصلباً في موضوع الهجرات بشكل عام، ويسعى لمضاعفة نسبة ترحيل الأجانب، ومنهم المغاربة الذين لا حق لهم في البقاء على الأراضي الفرنسية.


مقالات ذات صلة

ماكرون: فرنسا مستعدة لدعم المغرب في المحافل الدولية

شمال افريقيا الرئيس الفرنسي يلقي كلمته في البرلمان مجتمعاً بغرفتيه (إ.ب.أ)

ماكرون: فرنسا مستعدة لدعم المغرب في المحافل الدولية

ماكرون: فرنسا مستعدة لدعم المغرب في المحافل الدولية وسياستنا إزاء الصحراء الغربية ليست معادية لأحد وباريس والرباط تطلقان «شراكة استثنائية معززة».

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا الرئيس ماكرون خلال إلقائه خطاباً أمام البرلمان المغربي (أ.ف.ب)

ماكرون يجدد أمام البرلمان المغربي دعم «سيادة» المغرب على الصحراء

جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام البرلمان المغربي، الثلاثاء، التأكيد على تأييد بلاده لـ«سيادة المملكة على الصحراء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية برادة مثل العديد من الأندية في مشواره الرياضي (الشرق الأوسط )

وفاة نجم المغرب السابق عبد العزيز برادة بعد أزمة قلبية مفاجئة

توفي لاعب خط الوسط الدولي السابق المغربي عبد العزيز برادة عن عمر يناهز 35 عاما جراء أزمة قلبية، وفقا لما أعلنت عدة مصادر إعلامية مغربية الخميس.

«الشرق الأوسط» (مرسيليا )
رياضة عالمية جانب من اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)

«كاف»: المغرب يستضيف «جوائز الأفضل» 16 ديسمبر

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) اليوم (الخميس) أن مدينة مراكش المغربية ستستضيف حفل توزيع جوائز الأفضل في القارة للعام الثاني توالياً في 16 ديسمبر.

شمال افريقيا العاهل المغربي مع أعضاء الحكومة في صيغتها الجديدة (ماب)

المغرب يجري تعديلاً حكومياً شمل عدة وزارات

تعديل وزاري شمل تغيير وزراء الفلاحة (الزراعة)، والصحة، والتعليم العالي، والتربية والتعليم الأوّليّ، والتضامن والأسرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
TT

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)

حمّلت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان «قوات الدعم السريع» في السودان، المسؤولية عن ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع و«بدرجة مهولة»، في أثناء تقدمها في مناطق سيطرتها، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والخطف والاحتجاز ضمن ظروف ترقى لـ«الاستعباد الجنسي». وقالت إن «الحالات» المنسوبة للجيش السوداني وحلفائه، محدودة ولا تزال بحاجة لمزيد من التحقيقات.

وقالت البعثة، في تقرير صادر الثلاثاء، إنها خلصت إلى وجود «أسباب معقولة» تشير إلى أن هذه الأفعال ترقى لـ«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، وتتضمّن التعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي، والاضطهاد على أسس إثنية وجنسانية.

ونسبت البعثة «حالات» لـ«القوات المسلحة السودانية» والجماعات المتحالفة معها، بيد أنها قالت إنها تحتاج لمزيد من التحقيق لتحديد نطاقها وأنماطها. وأوضحت أن غالبية حالات الاغتصاب والعنف الجنسي والجنساني ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في ولايات الخرطوم ودارفور والجزيرة، إرهاباً وعقاباً لمدنيين متهمين بصلاتهم بالطرف الآخر.

قلق على المدنيين

وقال رئيس البعثة محمد شاندي عثمان بحسب التقرير، إن بعثته ذُهلت مما سمّاه «النطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان»، وتابع: «وضع المدنييّن الأكثر حاجة، لا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار، يبعث على القلق الشديد، ويتطلّب معالجة عاجلة».

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وقالت البعثة إن دارفور شهدت أعمال عنف جنسية قاسية، تحت التهديد بالأسلحة النارية والبيضاء والسياط؛ لترهيب وإكراه الضحايا، بالازدراء، والعبارات العنصرية والتحيز الجنسي، تحت التهديد بالقتل، وإن هذه الأفعال تتم أمام أفراد العائلة.

وقطعت البعثة بأنها عثرت على «أسباب معقولة» تؤكد أن «قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها «ارتكبت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي»، وانتهاكات أخرى ضد القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولم ترد «قوات الدعم السريع»، التي تقاتل الجيش السوداني، على طلب للتعليق. وسبق أن قالت إنها ستحقق في الادعاءات، وستقدم الجناة إلى العدالة.

تجنيد الأطفال

وقالت البعثة في التقرير إنها وثّقت عدداً أقل من حالات العنف الجنسي التي تَورَّط فيها الجيش السوداني، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحقيق. وأضافت أيضاً أن لديها تقارير موثقة تفيد بأن الطرفين المتحاربين جنَّدا أطفالاً. ووجدت البعثة، الشهر الماضي، أن الجيش و«قوات الدعم السريع» ارتكبا انتهاكات جسيمة؛ مثل التعذيب والاعتقال القسري.

مرضى بمستشفى مؤقت تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في أدري بتشاد على الحدود مع السودان (رويترز)

وإلى جانب العنف الجنسي، ذكر تقرير البعثة أن هناك عنفاً ضد الحياة والسلامة البدنية، لا سيما التعذيب، وأشكال مختلفة من «المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة والمُحِطَّة للكرامة الإنسانية»، بما في ذلك «اختطاف النساء والفتيات»، واحتجازهن وحبسهن لأغراض جنسية.

ودعت عضو البعثة، جوي نجوزي إيزيلو، لوقف الإفلات من العقاب، ومحاسبة الجناة، وقالت: «النساء والفتيات والفتيان والرجال في السودان الذين يتعرَّضون بشكل متزايد للعنف الجنسي والجنساني بحاجة إلى الحماية». وحذَّرت من عدم المساءلة. وأضافت: «دون المساءلة، ستستمر دوامة الكراهية والعنف. يجب علينا وقف الإفلات من العقاب، ومحاسبة الجناة».

وذكر التقرير أنه بسبب غياب الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي، يتفاقم تأثر ضحايا الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى بهذه الجرائم؛ نتيجة لتدمير المرافق الطبية أو نهبها أو احتلالها من قبل الطرفَين المتحاربَين، بجانب معاناة أفراد وعائلات ضحايا العنف الجنسي بشدّة من الوصمة الاجتماعية، ولوم الضحية والشعور بالعار.

أحد مخيمات اللاجئين في تشاد حيث يئنّ العشرات من العائلات الفارّة من الحرب في دارفور (نيويورك تايمز)

ودعت عضو البعثة، منى رشماوي، لتوسيع نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ليشمل أنحاء السودان كافة، وللحد من مواصلة الجناة للجرائم والتسبب في الإرهاب والخراب وتمزيق السودان، وإنشاء آلية قضائية مستقلة تعمل بالتنسيق والتكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، من أجل «تحميل مسؤولية وعار هذه الأعمال الشائنة للجناة دون سواهم».

وأنشأ مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بعثة تقصي الحقائق» من 3 أعضاء، وفوَّضها التحقيق في الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ويتضمَّن تحقيقها الجرائم ضد اللاجئين، والجرائم المرتبطة بالنزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» وغيرهما من أطراف النزاع، وإثبات الوقائع، وظروفها، وأسبابها.

تم تمديد ولاية البعثة لسنة جديدة، تستمر حتى 1 أكتوبر 2025، ويترأسها القاضي التنزاني السابق محمد شاندي عثمان، وعضوية المحامية النيجرية جوي إيزيلو، والأردنية منى رشماوي.

14 مليون نازح

وتسببت حرب السودان في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، مع مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 14 مليون شخص، وانتشار الجوع على نطاق واسع وتدخل قوى أجنبية. وقالت مديرة «المنظمة الدولية للهجرة»، إيمي بوب، الثلاثاء، إن أكثر من 14 مليون شخص نزحوا من منازلهم في السودان؛ إما داخل البلاد وإما لجأوا إلى خارج الحدود، بينهم نحو 200 ألف شخص نزحوا منذ الشهر الماضي.

وأوضحت المديرة العامة لـ«المنظمة الدولية للهجرة» للصحافيين: «11 مليون شخص نزحوا في داخل البلاد، و3.1 مليون شخص هم أولئك الذين عبروا الحدود». وأضافت لاحقاً أن الرقم الإجمالي يشمل بعض الأشخاص الذين نزحوا قبل بدء الحرب الأهلية في أبريل (نيسان) 2023.