السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

ارتكبتها «الدعم السريع»... والبرهان يتوعد: «لن تمر دون عقاب»

منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
TT

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)

صعّدت «قوات الدعم السريع» من هجماتها الوحشية ضد المدنيين في مناطق شرق ولاية الجزيرة (وسط السودان)، حيث ارتكبت الجمعة، مجزرة مروعة في بلدة السريحة، سقط خلالها أكثر من 124 قتيلاً ونحو 200 جريح، وفقاً لهيئات حقوقية ومدنية، في غياب إحصاءات رسمية.

وتأتي هذه العملية الانتقامية فيما يبدو في أعقاب انشقاق قائد «الدعم السريع» في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه للجيش، حيث يحمّله بعض الجهات مسؤولية تصاعد الانتهاكات ضد المواطنين في مسقط رأسه بشرق الجزيرة.

البرهان: لا تسامح مع «الميليشيا»

وفي تدوينة على منصة «إكس»، قال رئيس «مجلس السيادة»، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إنه «كلما تمادت ميليشيا آل دقلو الإرهابية في سفك دماء المواطنين الأبرياء، ازدادت عزيمة الشعب السوداني على مقاومتهم». وكتب قائلاً: «إن انتهاك القانون الدولي الإنساني والجرائم ضد الإنسانية لن يمر دون عقاب، ويجعل من غير الممكن التسامح مع هذه الميليشيا الإرهابية».

وكانت «الخارجية» السودانية أشارت في بيان ليل الجمعة - السبت، إلى تعرض قرى وبلدات شرق الجزيرة والبطانة إلى «حملات انتقامية من ميليشيا الجنجويد (قوات الدعم السريع)، مستهدفة المدنيين على أسس قبلية وجهوية، ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي».

«الخارجية» تطالب المجتمع الدولي بالإدانة

وذكرت «الخارجية» أن أعداد ضحايا هذه الحملات تقدر بالمئات من القتلى والمصابين، بالإضافة إلى تشريد الآلاف من مناطقهم، وأن الحكومة السودانية تطالب المجتمع الدولي بإدانة هذه الحملات بشكل «فوري وقوي، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة مرتكبيها وقادة ورعاة الميليشيا الإرهابية، ووقف تدفقات الأسلحة والمرتزقة». ولم يصدر تعليق فوري من «قوات الدعم السريع» تعليقاً على المجزرة المروعة.

أرشيفية لدورية لـ«قوات الدعم السريع» في إحدى المناطق القتالية في السودان (رويترز)

من جهة ثانية، قالت «محامو الطوارئ» (هيئة حقوقية) ترصد انتهاكات الحرب، إن «قوات الدعم السريع» ارتكبت مجزرة أسفرت عن مقتل 124 مدنياً وإصابة مئات آخرين، وحملات اعتقال وانتهاكات واسعة بحق المواطنين الأبرياء.

وأضافت أن «قوات الدعم السريع» عطلت شبكات الاتصالات والإنترنت لمنع توثيق الانتهاكات للتغطية على هذه الجرائم.

دعوات لإدانة «الدعم السريع»

وقال البيان: «تواصل (قوات الدعم السريع) استهداف المدنيين العزل في هجمات انتقامية عشوائية تمارس فيها أقسى أشكال العنف، واستهدفت كثيراً من البلدات شرق الجزيرة، وخلفت مئات القتلى والمصابين، بالإضافة إلى تشريد العائلات، وتقدر أعدادهم بأكثر من 100 ألف شخص».

ووفقاً للهيئة، يقوم الجيش السوداني في المقابل بتحشيد وتسليح بعض المجتمعات المحلية بدعوى مقاومة «قوات الدعم السريع»، ما يعرض المدنيين لخطر الاستهداف المباشر، ويزيد من حدة الانقسامات المحلية، ويضاعف وتيرة العنف وتوظيف المدنيين في النزاع المسلح الذي يمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.

بدوره، ذكر «مؤتمر الجزيرة» (كيان مدني) أن عدد ضحايا مجزرة بلدة السريحة في محلية الكاملين بالولاية، ارتفع إلى 124 قتيلاً وأكثر من 200 جريح.

وبحسب مصادر محلية، هاجمت «قوات الدعم السريع» البلدة بأعداد كبيرة، وسط قصف واستهداف مباشر لمنازل المواطنين.

حالة من الغضب الشديد

وتأتي المجزرة بعد أيام قليلة من معارك ضارية دارت بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة تمبول شرق الجزيرة، قتل فيها نحو 300 من العسكريين والمدنيين.

وأثارت تسجيلات مصورة نشرها أفراد من «قوات الدعم السريع»، تظهر اعتقال العشرات من السكان، ومن بينهم رجال كبار في السن، حالة من الغضب الشديد في الأوساط السودانية، جراء تلك الممارسات اللاإنسانية التي تنتهجها تلك القوات ضد المدنيين العزل. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأهالي البلدة وهم يشيعون جثامين قتلاهم.

وأفادت مصادر محلية بأن «قوات الدعم السريع» اقتحمت بلدات أخرى في المنطقة، كانت عشرات الأسر قد لجأت إليها من المناطق المجاورة.

وناشدت كيانات مجتمعية في الجزيرة، قادة الجيش السوداني، التدخل العاجل، أو تسليح أبنائهم للدفاع عن أنفسهم وأهاليهم وحماية مناطقهم من «الدعم السريع».

وكان قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وعد مكونات اجتماعية في ولاية الجزيرة بمدها بالسلاح والعتاد العسكري لمواجهة «قوات الدعم السريع».

وأدانت القوى السياسية والمدنية بشدة، الانتهاكات التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في منطقة شرق الجزيرة، والتي تسببت بمقتل وإصابة المئات من المواطنين.


مقالات ذات صلة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

المبعوث الأميركي يلتقي البرهان في أول زيارة للسودان

التقى المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو الاثنين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أول زيارة يقوم بها إلى البلاد التي تمزقها الحرب.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.