انتقدت أمينة المظالم في الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، المفوضية الأوروبية لما اعتبرته «إخفاقاً» في تحديد معايير تعليق التمويل في حالات انتهاك حقوق الإنسان، بموجب اتفاق الهجرة المتنازع عليه مع تونس. وجاء في بيان صحافي، تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه، أن المفوضية «ملزمة بضمان عدم تقديم أموال الاتحاد الأوروبي لدعم الأعمال التي تنتهك حقوق الإنسان».
وكانت بروكسل قد عرضت على تونس مساعدات بقيمة نحو مليار يورو (08.1 مليار دولار) في العام الماضي، بهدف جزئي لمكافحة الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، رغم مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان من جانب الحكومة التونسية. وتضمن الاتفاق 105 ملايين يورو لتعزيز حماية الحدود، والتدريب والدعم الفني لحرس الحدود التونسي، ومكافحة تهريب البشر، وقد تم التعاقد على 53 مليون يورو منها حتى الآن، بحسب المفوضية.
وكانت أمينة المظالم في الاتحاد الأوروبي، إميلي أوريلي، قد بدأت تحقيقاً بشأن الاتفاق في وقت سابق من العام الحالي. وأكدت أنّه كان بإمكان الاتحاد أن يعتمد «شفافية أكبر بشأن المخاطر المتعلّقة بانتهاك حقوق الإنسان في تونس، حين أبرم اتفاقاً بشأن الهجرة مع هذا البلد العام الماضي». وقالت أوريلي في نتائج نُشرت، الأربعاء، لتحقيق فُتح في أبريل (نيسان) الماضي، إنّ «الافتقار إلى المعلومات المتاحة للعامّة في هذه القضية... كان مصدراً مقلقاً بشكل واضح».
وأجرت المفوضية الأوروبية مفاوضات مع تونس بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن الهجرة، وصدّقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على هذا الاتفاق في صيف 2023. وينص الاتفاق على أن تتولى تونس جزءاً من إدارة الهجرة غير النظامية باتجاه الاتحاد الأوروبي، عبر البحر الأبيض المتوسط، مقابل حصولها على تمويل. غير أنّ الاتفاق قوبل بانتقادات كثيرة في أوروبا؛ خصوصاً من المنظمات غير الحكومية والنواب اليساريين الذين ندّدوا بنزعة استبدادية لدى الرئيس التونسي قيس سعيد، وبانتهاكات لحقوق الإنسان تطول أيضاً مهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في البلاد.
ورأت أوريلي أنّه كان يجب على المفوضية الأوروبية أن تكون أكثر وضوحاً فيما يتعلق بالمعايير التي يجب أن تحترمها الدول التي تبرم معها اتفاقيات، وبشأن الشروط، التي يمكن أن تؤدي إلى وقف العمل بمثل هذا الاتفاق. والشهر الماضي، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية مجموعة شهادات لمهاجرين، سلّطت الضوء على أعضاء في الحرس الوطني التونسي، متهمين بارتكاب أعمال عنف جنسي، بما في ذلك عمليات اغتصاب.
وفي هذا التقرير، الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تشديد النبرة في مواجهة تونس، والمطالبة بإجراء تحقيق، اعترضت السلطات التونسية على الاتهامات «الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة». وتقع سواحل تونس على بعد 150 كيلومتراً على الأقل من إيطاليا، وتعتبر مع ليبيا المجاورة، نقطة الانطلاق الرئيسية في شمال أفريقيا بالنسبة إلى المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط، والوصول إلى أوروبا بشكل غير نظامي.
وتوصل الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة إلى اتفاقات عدّة بشأن الهجرة مع تونس ومع وموريتانيا، بهدف خفض وصول المهاجرين إلى حدوده، وزيادة الضوابط، واعتراض المهاجرين غير النظاميين من السواحل الأفريقية.