صعّدت مطالبة توجهت بها زوجة مستشار ليبي للمشير خلفية حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بالتدخل للإفراج عنه، من شكاوى «ازدياد عمليات الاعتقال» بشرق البلاد، وسط استنكار حقوقي لأي توقيف يتم «على أساس سياسي وكيدي خارج إطار القانون».
وكانت زوجة المستشار بمحكمة بنغازي (شرق)، وائل رضوان، قد تحدثت في مقطع فيديو عن خطف زوجها منذ الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، دون أن تعلم عنه شيئاً، وقالت إنه موجود لدى «كتيبة طارق بن زياد» التابعة لـ«الجيش الوطني».
ويرى الباحث الليبي في قضايا حقوق الإنسان، محمود الطوير، أن «عمليات الاعتقالات، التي تشهدها المنطقة الشرقية خارج إطار القانون، وعشوائية وكيدية، وتتم على أساس الهوية الاجتماعية والمواقف السياسية، وهذا مرفوض شكلاً وموضوعاً».
من جهتها، قالت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيـا، إن رضوان «تعرّض للخطف والاحتجاز التعسفي من قبل عناصر التحريات والقبض، التابعين لـ(كتيبة طارق بن زياد)، وذلك عندما كان يستقل سيارته بالقرب من منزله في مدينة بنغازي»، مشيرة إلى أن المستشار الليبي، الذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن، يُعاني من أمراض مزمنة، وحالته الصحية سيئة.
وقال الطوير في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاعتقالات «تمثل انتهاكات جسيمة للقانون، وتستوجب ملاحقة المتورطين بارتكابها».
وكانت الصحافية الليبية، إكرام رجب، قد اعتقلت في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد مغادرتها منزلها في حي السلماني من قِبل جهاز الأمن الداخلي، وفق ما أفادت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، التي قالت إن أسرة الصحافية «تعرّضت للاعتداء من قِبل عناصر الجهاز عقب اعتقالها».
كما تحدّث الباحث الليبي عن «مؤشر خطير للاعتقالات العشوائية، بحجة أن منفذيها أمنيون»، وقال موضحاً: «ما يجري يخالف القانون الذي كفل وضمن الحق في سلامة وحماية الموقوفين»، مشدداً على ضرورة ملاحقة الخارجين عن القانون وضبطهم وتقديمهم للعدالة، وضمان سلامة وحماية وأمن المواطنين وذويهم، جراء هذه الحملات المتواصلة للاعتقالات، التي تنفذ «خارج تعليمات النيابة العامة».
واتجه والدا الصحافية إلى مقر جهاز الأمن الداخلي لمعرفة مصيرها، ما دعا عناصر الجهاز إلى اعتقالهما في اليوم التالي من منزلهما، وفق المؤسسة الوطنية. علماً بأن الأب يبلغ من العمر 72 عاماً، وذكرت المؤسسة الوطنية أن والدة إكرام عمرها (64 عاماً) وتعاني أمراضاً مزمنة، وتحتاج إلى رعاية طبية يومية.
كما أفادت المؤسسة الوطنية إلى تعرض منير العرفي، الذي يعمل محامياً، للاحتجاز التعسفي خارج إطار القانون، من قِبل جهاز الأمن الداخلي. مبرزة أن الاحتجاز جاء عقب تقدم العرفي بشكوى لدى النيابة العامة؛ كونه موكلاً عن الصحافية إكرام رجب السعيطي.
ويبدي الاتحاد الأوروبي تمسكه بـ«الدفاع عن حرية التعبير في جميع أنحاء ليبيا، وحماية الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام». وسبق لبعثة الاتحاد الأوروبي التعبير عن قلقها إزاء التوجه الزائد في جميع أنحاء البلاد نحو الاعتقال التعسفي للأشخاص، الذين يعبرون عن آرائهم السياسية بشكل سلمي، ويعززون الحق في حرية التعبير.
وفي هذا السياق، تحدث الطوير عن تعرُّض المعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية «لسوء معاملة، والحرمان من الاتصال بعائلاتهم، ومنعهم من العرض على النيابة العامة للفصل في مشروعية احتجازهم، وكذلك اقتحام المنازل وتفتيشها، من دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة».
وتعتقد بعثة الاتحاد بأن «مناخ الخوف الزائد، وتدهور الحيز المدني الذي أبرزته تقارير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يتطلبان اهتماماً فورياً، وإجراءات من جميع أصحاب المصلحة لدعم سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان بالبلاد».
وكانت زوجة المستشار المعتقل قد ناشدت أيضاً السلطات العسكريّة للكشف عن مصيره، وإطلاق سراحه، أو عرضه على النيابة العامة للفصل في مشروعية احتجازه.
وترى المؤسسة الوطنية أن هذه الممارسات، التي وصفتها بـ«الشائنة»، تُسهم في تقويض سيادة القانون والعدالة، وانتهاك حقوق الإنسان والمواطنة، مما يستوجب وقفها، وضمان محاسبة المسؤولين عنها، داعية القيادة العامة والحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، وجهاز الأمن الداخلي إلى «الالتزامات الدستوريّة والقانونيّة».
وانتهى الطوير إلى مطالبة مكتب النائب العام بضرورة وضع حد لما سماها «جرائم جسيمة»، تمس السلامة الجسدية وحق الحياة للمواطنين، والعمل على الحد منها، بالإضافة إلى كشف مصير المخطوفين، وفتح تحقيق مستقل يتم من خلاله تحديد الأطراف المتورطة في هذه الجرائم، وضمان عدم إفلات الجناة من العدالة.
ودائماً ما يستقطب ملف حقوق الإنسان في شرق ليبيا وغربها انتقادات منظمات دولية، حيث سبق أن دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» سلطات شرق ليبيا، والنائب العام الصديق الصور إلى إجراء تحقيق «فوري ومحايد» في وفاة الناشط السياسي سراج دغمان (35 عاماً).
وأُعْلِنَ عن وفاة دغمان، الذي كان يعمل مديراً لـ«مركز أبحاث ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية»، فرع بنغازي، منتصف أبريل (نيسان) الماضي بأحد المقار الأمنية بشرق ليبيا، وسط موجة غضب واسعة في جميع أنحاء البلاد.
وتشير تقارير محلية ودولية إلى اختفاء شخصيات بارزة في بنغازي، من بينهم نواب ونشطاء، فيما تشير أصابع الاتهام إلى أجهزة أمنية.