حركات مسلحة تنفي اتهامات بـ«ابتزاز» الجيش السوداني مقابل القتال بجانبه

تسريبات تحدثت عن مطالبتها بـ50 % من الحكم

مستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)
مستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)
TT

حركات مسلحة تنفي اتهامات بـ«ابتزاز» الجيش السوداني مقابل القتال بجانبه

مستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)
مستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

أثارت تسريباتٌ باتهام حركتين مسلحتين مواليتين للجيش السوداني بتلقي أموال، والمطالبة بنصف السلطة، وبكميات كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري، مقابل مشاركتها في القتال إلى جانب الجيش، ضجةً كبيرةً في وسائط التواصل الاجتماعي السودانية، فيما نفت الحركتان التسريبات ووصفتاها بـ«الكاذبة»، وأكدتا أن قتالهما مع الجيش يجيء من «باب الواجب والمسؤولية الوطنية»، وتوعدت بمقاضاة أصحاب تلك التقارير، لكن الجدل حول الاتهامات لا يزال يشغل الرأي العام السوداني الذي يرى الأمر «ابتزازاً» للجيش.

ونشرت منصات صحافية موالية للجيش تقريراً زعمت فيه أن كلاً من رئيس «حركة العدل والمساواة» جبريل إبراهيم الذي يشغل منصب وزير المالية الحالي، ورئيس حركة «تحرير السودان» مني أركو مناوي الذي يشغل منصب حاكم إقليم دارفور، طالب بحصة في السلطة تساوي 50 في المائة من كراسي الحكم، بما فيها وزارات: الخارجية، الداخلية، المالية، المعادن، وأن يؤول منصبا رئيس الوزراء ووزير المالية لجبريل إبراهيم، وابتداع منصب نائب أول لرئيس مجلس السيادة لكي يتولاه حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي.

وتقاتل الحركتان إلى جانب الجيش ضمن تحالف يُطلق عليه «القوات المشتركة»، ويتكون من «حركة العدل والمساواة»، و«حركة تحرير السودان»، و«حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي»، و«تجمع قوى تحرير السودان»، و«حركة تحرير السودان - تمبور»، وهي جميعها حركات مسلحة من إقليم دارفور، كانت تقاتل الجيش السوداني إبان حرب دارفور منذ 2003، قبل أن توقع على «اتفاق سلام جوبا» 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بعد الثورة الشعبية التي أطاحت حكم الرئيس السابق عمر البشير.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)

وذكر التقارير أن جبريل ومناوي قدّما طلباً لرئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان طلبا فيه كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية، بما في ذلك مسيّرات حديثة، وأنهما تسلما مبلغ 72 مليون دولار نقداً مقابل مشاركتهما في القتال إلى جانب الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وعدّت منصات موالية للجيش ومؤيديه من الإسلاميين مطالب الحركات المسلحة «ابتزازاً» للجيش، فيما نفت «حركة العدل والمساواة»، على لسان ناطقها الرسمي محمد زكريا، ما ورد في التقارير التي نشرتها الصحافية الموالية للجيش رشان أوشي، قائلة إن «ما أوردته المدعوة رشان أوشي بشأن قبض ثمن المشاركة في (معركة الكرامة) 72 مليون دولار نقداً، هذا ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة».

وجددت التأكيد على أنها تقاتل تحت راية القوات المسلحة، و«تشارك في (معركة الكرامة)، من باب الواجب والمسؤولية الوطنية، صوناً للعرض ودفاعاً عن الوطن والمواطن». وأضافت أنها ملتزمة بدمج قواتها في الجيش وفقاً لـ«اتفاق جوبا للسلام»، وتوعدت بالاحتفاظ بحقها في اتخاذ إجراءات قانونية ضد كل من «يسوّق اتهامات زائفة ضدها».

من باريس، قال رئيس «حركة تحرير السودان» مني أركو مناوي في ندوة سياسية، يوم السبت، إن «القوات المشتركة» لا تحتاج لتمويل من أحد، وإن احتاجت فستلجأ لمؤسسات الدولة الرسمية، ودعا لدمج الحركات المسلحة في الجيش وفقاً للترتيبات الأمنية، بما في ذلك «قوات الدعم السريع».

وانحازت الحركات المسلحة الموقعة على «اتفاق جوبا» للجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بعد أن ظلت على الحياد طوال 7 أشهر من اندلاع الحرب، وأرجعت أسباب انحيازها إلى ما سمّته «انتهاكات (قوات الدعم السريع) ضد الوطن والمواطن»، والوقوف ضد ما سمته «أجندة تفكيك السودان، ولن تسمح بأن يصبح إقليم دارفور بوابة لتفكيك البلاد».


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)

قوى سودانية توقِّع على إعلان مبادئ لإنهاء الحرب

وقَّعت قوى سياسية وحركات مسلحة في نيروبي على إعلان مبادئ لوقف الحرب في السودان، وتصنيف حزب «المؤتمر الوطني» المعزول «منظمة إرهابية».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان يعلن استعداده للعمل مع ترمب لإنهاء الحرب في السودان

قال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي يحكم البلاد فعلياً، إنه مستعد للعمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

شهدت بورتسودان مباحثات بين السودان وجنوب السودان، تناولت النفط والطاقة والتجارة، بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» على منطقة هجليج النفطية.

أحمد يونس (كمبالا)
الخليج الأمير محمد بن سلمان استقبل في مكتبه بقصر اليمامة بالرياض رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان (واس) play-circle 00:18

ولي العهد السعودي يلتقي البرهان ويستعرضان مستجدات الأحداث في السودان

التقى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في مكتبه بقصر اليمامة بالرياض الاثنين، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجزائر تتحرك لمواجهة استنزاف عملتها الصعبة

الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)
الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)
TT

الجزائر تتحرك لمواجهة استنزاف عملتها الصعبة

الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)
الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)

تواجه الجزائر نزيفاً ملحوظاً في العملة الصعبة نتيجة الاستغلال غير المشروع لمنحة السفر السياحية، وتعاني قلقاً رسمياً من خروج كميات مهمة من النقد الأجنبي خارج الأطر القانونية، في حجم الحالات المسجلة وطبيعة التنقلات الشكلية؛ الأمر الذي استدعى اتخاذ تدابير جديدة، تهدف إلى كبح التلاعب بالعملة ومحاصرة السوق الموازية.

وزير الداخلية والنقل أثناء رده على أسئلة النواب حول منحة السياحة (البرلمان)

أكد وزير الداخلية والنقل، سعيد سعيود، الاثنين، أمام نواب «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية السفلى)، وجود «شبكة احتيال منظمة»، تستغل، حسبه، حق السفر الذي أقرّته الدولة لفائدة المواطنين، بناءً على منحة تقدر بـ750 يورو تصرف سنوياً.

وأوضح سعيود أن هذا الإجراء الاجتماعي، الذي وُضع لتسهيل تنقل الجزائريين إلى الخارج، «انحرف عن أهدافه بفعل ممارسات غير قانونية، قادها سماسرة وشبكات منظمة، تورط فيها وسطاء وبعض وكالات السفر»؛ ما اضطر السلطات إلى فرض قيود على مستوى المعابر الحدودية.

وكان سعيود يرد على أسئلة للنواب تخص الضغط، الذي تشهده المعابر الحدودية مع تونس، حالياً، من قِبل آلاف الأشخاص الذين استفادوا من «منحة السياحة» بغرض قضاء عطل في الجارة الشرقية، مشدداً على أن الحكومة «أجرت تقييماً دقيقاً وشاملاً للوضع بالتنسيق مع السلطات التونسية»، وذلك خلال زيارة رسمية رافق فيها الوزير الأول سيفي غريب إلى تونس، نهاية الأسبوع الماضي.

وقد كشف هذا التقييم، حسبه، النقاب عن «تورط بعض وكالات الأسفار في تنظيم تنقلات مشبوهة لمواطنين جزائريين، بالاعتماد على أساليب احتيالية، هدفها الأساسي الاستحواذ غير المشروع على العملة الصعبة».

«تهريب» 7.5 مليون يورو

أكد الوزير سعيود أن «أسلوب الاحتيال المعتمد يقوم على إدخال مواطنين جزائريين إلى الأراضي التونسية بطريقة قانونية وختم جوازات سفرهم، ثم إعادتهم بسرعة إلى الجزائر، عبر معابر حدودية مراقبة، دون استيفاء مدة الإقامة القانونية، ليُعاد إدخال الأشخاص أنفسهم مجدداً بالطريقة ذاتها؛ بهدف تكرار عملية الختم والاستفادة المتعددة من منحة السفر المقدّرة بـ750 يورو». لافتاً إلى أن هذه الأموال «لم تنفع لا الاقتصاد الجزائري ولا الاقتصاد التونسي، بل ذهبت حصرياً إلى جيوب سماسرة وشبكات غير قانونية».

حافلات سياح جزائرية تنتظر الانتقال إلى الجانب التونسي (وكالات سياحية)

ووصف الوزير الأرقام المسجلة بـ«المقلقة للغاية»، مشيراً إلى رصد ما يقارب مائة ألف حالة خلال شهر ونصف شهر فقط، «غالبيتهم من العاطلين عن العمل، الذين يتم استغلالهم كأدوات في هذه العمليات العابرة للحدود». وبعملية حسابية تم تهريب ما يقارب 7.5 مليون يورو خلال 45 يوماً فقط، دون أن يذكر الوزير المدة بالتحديد.

وللتصدي لهذه «التجاوزات»، أعلن سعيود عن حزمة من الإجراءات الرقابية الاستعجالية، من بينها فرض تراخيص مسبقة على حافلات وكالات السفر الناشطة عبر الحدود. وأوضح أن هذه الخطوة «كشفت عن حجم الممارسات غير القانونية، بعد عجز بعض الوكالات عن تقديم أي التزامات، أو ضمانات تتعلق بإعادة مواطنين جزائريين عالقين في تونس».

وشدد الوزير على عدم وجود أي قرار لإلغاء منحة السفر؛ «فهي حق مكفول للمواطن الجزائري». غير أنه أوضح أن الحكومة تعمل على استحداث «أطر قانونية وتنظيمية محكمة لمنع أي استغلال غير مشروع لها، والحفاظ على طابعها الاجتماعي».

منحة 750 يورو السياحية تفجّر جدلاً كبيراً في الجزائر (ناشطون في السياحة)

في هذا السياق، أشار الوزير إلى بحث مقترح لاعتماد «بطاقة دفع مسبقة»، يتم من خلالها صب منحة 750 يورو، بما يسمح بالتحكم في كيفية صرفها، وتتبع استعمالها، وضمان توجيهها مستقبلاً نحو الأهداف، التي أُقرّت من أجلها.

شروط صارمة بالمعابر الحدودية

منذ إعادة تقييم منحة السفر إلى 750 يورو في 20 يوليو (تموز) 2025، بعدما كانت 95 يورو، شهدت حركة المسافرين الجزائريين نحو تونس عبر الطرق البرية ارتفاعاً كبيراً. وأمام ما تعدّه السلطات «تجاوزات» و«تحويلاً للعملة الصعبة نحو السوق الموازية»، تم اعتماد مجموعة من القواعد الجديدة لتنظيم النقل الجماعي الدولي عبر الطرق؛ ما فجّر موجة احتجاجات في أوساط مهنيي وكالات السفر، حسبما نشره الموقع الإخباري الاقتصادي «ماغرب إمرجنت»، الذي نقل عن بعضهم، أن فرض توفير طاقم قيادة مزدوج، واستعمال حافلات لا يتجاوز عمرها عشر سنوات - وهي شروط يصعب التقيد بها - «مناورة تهدف إلى تقييد الاستفادة من منحة السفر السياحية، المقدرة خاصة بالنسبة للرحلات المتجهة إلى تونس».

ازدحام في حركة المرور بمعابر الحدود الشرقية (ناشطون في السياحة)

وتضع الأحكام الجديدة قيوداً ثقيلة على الرحلات المنظمة بالحافلات والحافلات الصغيرة، في مقابل مرونة واضحة لا تزال ممنوحة للسيارات الخاصة التي يقل عدد ركابها عن ثمانية. وقد دخل الإجراء الأساسي حيز التنفيذ، منذ أسبوع دون إشعار مسبق؛ ما أدى إلى تشديد غير مسبوق في المتطلبات الإدارية والعملية.

وبموجب هذه الإجراءات، بات كل سفر بالحافلة يستدعي «ترخيصاً دولياً خاصاً ومؤقتاً»، يجب طلبه من مديريات النقل بالولايات قبل موعد السفر بخمسة عشر يوماً على الأقل. يضاف إلى ذلك إلزام توفير مرشد مرافق لسائق الحافلة مصرح به لدى الضمان الاجتماعي؛ الأمر الذي يرفع بشكل كبير تكاليف الوكالات، ويقلص هامش الربح لديها، والهدف من ذلك ثنيهم عن تنظيم الرحلات.

وأوضح أحد مسيري وكالات الأسفار للموقع الإخباري نفسه أن «تراكم هذه الشروط يعادل غلقاً تاماً لإمكانية حصول زبائننا المسافرين بالحافلات على العملة الصعبة، وبهذا أصبح من شبه المستحيل الاستمرار في هذا النوع من العروض».

ومن خلال استهداف النقل الجماعي، تسعى السلطات بوضوح إلى كبح «الاندفاع» نحو منحة 750 يورو، وهو مبلغ ترى كلٌ من الجزائر وتونس أنه يسهم في تغذية السوق الموازية للعملة، بدلاً من أن يُخصص حصرياً للنشاط السياحي.


حفتر: قوت المواطن الليبي «خط أحمر لا يمس»

اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)
اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)
TT

حفتر: قوت المواطن الليبي «خط أحمر لا يمس»

اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)
اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)

عدّ المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، أن «قوت المواطن يمثل خطاً أحمر لا يجوز المساس به»، مشدداً خلال اجتماع عقده الثلاثاء في مدينة بنغازي بشرق البلاد، مع رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حمّاد، على ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية وراء أزمتي نقص السيولة والوقود، ووضع حل عاجل لهما لضمان حماية مصالح المواطنين.

وبحسب بيان لمكتب حفتر، فقد ناقش الاجتماع الأزمتين اللتين تمر بهما البلاد، واستعرض الإجراءات الممكنة لمعالجتهما، إضافة إلى بحث آليات التنسيق بين الجهات المعنية لضمان استقرار الوضع المالي والخدمي، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

حماد يعقد اجتماعاً بمصرف ليبيا المركزي لمتابعة أزمة السيولة النقدية (الحكومة)

وقالت الحكومة في بيان، الثلاثاء، إنه استناداً إلى ما تم استعراضه في الاجتماع مع المشير حفتر، وما تمت مناقشته خلال اجتماع آخر موسع بمقر مصرف ليبيا المركزي مع نائب المحافظ مرعي البرعصي، أصدر حماد قراراً بشأن تشكيل لجنة مختصة لمعالجة أزمة السيولة النقدية والتدفقات المالية داخل المصارف.

ونصّ القرار - بحسب الحكومة - على تشكيل لجنة برئاسة اللواء فرج اقعيم، وكيل وزارة الداخلية، وعضوية كل من جهاز الأمن الداخلي، وجهاز المخابرات العامة، ومصرف ليبيا المركزي، وجهاز مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال، وجهاز أمن المرافق والمنشآت، ومجلس الوزراء بالحكومة الليبية.

وتتولى اللجنة اتخاذ التدابير والإجراءات القانونية والتنظيمية كافة اللازمة لمواجهة أزمة توافر التدفقات المالية داخل المصارف، والعمل على ضمان انتظامها، ومعالجة أوجه القصور، بالإضافة إلى الإشراف على آليات توزيعها، ومتابعة النقاط الأمنية لضبط السيولة النقدية المنقولة بين المدن، بما لا يتجاوز الحد المسموح به، ومتابعة التنفيذ بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، بما يكفل حماية الاستقرار المالي.

وكان اجتماع حماد بمقر مصرف ليبيا المركزي ناقش أزمة السيولة النقدية، التي تمر بها البلاد، حيث جرى استعراض أسبابها وتداعياتها، والبحث في حزمة من الإجراءات العاجلة والممكنة لمعالجتها، بما يضمن استقرار الأوضاع المالية، وتحسين مستوى الخدمات المصرفية، والحد من الانعكاسات المباشرة على المواطنين.

كما تناول الاجتماع آليات تعزيز التنسيق المؤسسي بين مصرف ليبيا المركزي والجهات التنفيذية والأمنية ذات العلاقة، بهدف تأمين انسياب السيولة النقدية، وضمان انتظام عمل المصارف، وتسهيل حصول المواطنين على احتياجاتهم النقدية في مختلف المدن والمناطق.

وشدد حماد على أن معالجة أزمة السيولة النقدية تُعد أولوية قصوى، «تستدعي وضع حلول عاجلة وفعّالة تستند إلى تشخيص دقيق للأسباب، وتطبيق إجراءات عملية تضمن وصول السيولة إلى المواطنين بصورة منتظمة وعادلة، بما يسهم في حماية الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز الثقة في المؤسسات المالية»، مشيراً إلى استمرار المتابعة الحكومية المباشرة والحثيثة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من إجراءات، ومحاسبة أي تقصير يعرقل تحقيق الأهداف المرجوة.


ليبيا: تضارب وشكوك تلاحق «الحوار الأممي المهيكل»

جانب من جلسات «الحوار المهيكل» الذي ترعاه البعثة الأممية في طرابلس الاثنين (البعثة الأممية)
جانب من جلسات «الحوار المهيكل» الذي ترعاه البعثة الأممية في طرابلس الاثنين (البعثة الأممية)
TT

ليبيا: تضارب وشكوك تلاحق «الحوار الأممي المهيكل»

جانب من جلسات «الحوار المهيكل» الذي ترعاه البعثة الأممية في طرابلس الاثنين (البعثة الأممية)
جانب من جلسات «الحوار المهيكل» الذي ترعاه البعثة الأممية في طرابلس الاثنين (البعثة الأممية)

​اختتم المشاركون في «الحوار المهيكل»، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس، اجتماعهم الأولي بعد مناقشات دامت يومين، فيما أعلن مجلسا «النواب» و«الدولة» عن اجتماعات لتوحيد المواقف، ومتابعة ملف المناصب السيادية.

وطبقاً لبعثة الأمم المتحدة، فقد اختتمت بنجاح الجلسات الافتتاحية للحوار، ضمن حوار ممتد هو الأول من نوعه داخل ليبيا، ويعدّ «أحد الأضلاع المهمة للعملية السياسية التي يقودها الليبيون، وتيسّرها الأمم المتحدة، إلى جانب تمهيد الطريق لانتخابات وطنية وتوحيد مؤسسات الدولة».

وأوضحت البعثة أن الاجتماع الافتتاحي شهد حضور ممثلين عن لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، وعدّته «ترجمة لدعم هؤلاء الأعضاء لخريطة الطريق، التي تيسّرها الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سياسي مستدام وشامل».

وشارك في الحوار المهيكل أكثر من 120 عضواً، تم اختيارهم من شرق ليبيا وجنوبها وغربها، بما يعكس «التنوع الجغرافي والسياسي والاجتماعي والثقافي في البلاد»؛ إذ تعتقد البعثة الأممية أن «الاختيار المتوازن» يعكس التزامها بالشمول، وتعزيز الملكية الوطنية للعملية السياسية.

ومع ذلك، يلاحق الحوار تضارب وشكوك واسعة؛ إذ يرى محللون سياسيون وأحزاب ليبية في آلية اختيار الأعضاء «سرية وتخبطاً وتكراراً لوجوه سابقة، واتهامات بإعادة إنتاج الأزمة، بدلاً من حلها، مع مخاوف من غياب تمثيل الأطراف الفاعلة الحقيقية، وفقدان مصداقية البعثة».

وأظهرت بيانات وتصريحات صادرة عن أطراف مشاركة وغير مشاركة، وجود اختلافات في توصيف طبيعة الحوار وأهدافه، إضافة إلى تساؤلات حول شفافية الإجراءات ومدى التزامها بمبدأ التوافق الوطني، مما يعكس فجوة بين الرواية الأممية والواقع السياسي، حيث يبقى مسار الحوار محاطاً بحالة من عدم اليقين حول قدرته على تحقيق نتائج قابلة للتنفيذ، وتحظى بقبول واسع. وستُعقد جلساته بالتتابع على مدار فترة تتراوح بين 4 و6 أشهر، بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل، بحسب البعثة.

يأتي ذلك فيما رحبت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية لدوله، بإطلاق البعثة للحوار المهيكل، الذي عدّته «خطوةً مهمةً» في خريطة الطريق السياسية، التي قدمتها رئيسة البعثة هانا تيتيه، إلى مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي.

هانا تيتيه (غيتي)

وتمنت البعثة الأوروبية للمشاركين التوفيق في صياغة رؤية مشتركة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع الليبي الطويل، وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة، والدفع بالجهود الرامية إلى توحيد مؤسسات الدولة، وتعزيز الحوكمة وتحسين المساءلة. ودعت جميع الأطراف المعنية في مختلف أنحاء البلاد، إلى المشاركة البنّاءة في العملية السياسية، التي ترعاها الأمم المتحدة، والتحرك بحزم لتنفيذ الخطوات المهمة المتبقية، بما في ذلك إعادة تشكيل مجلس المفوضية العليا للانتخابات، وتعديل الإطار الانتخابي.

وأكد البيان التزام الاتحاد الأوروبي الراسخ بدعم التقدم «نحو ليبيا مستقرة وموحدة وذات سيادة»، من خلال العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، ويقودها ويملكها الليبيون.

كما رحبت سفارة بريطانيا بإطلاق الحوار المهيكل في طرابلس هذا الأسبوع، واعتبرت في بيان مساء الاثنين، «أنه من المهم أن تُسمع الأصوات من جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك أصوات النساء والشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، بوصفهم جزءاً من خريطة الطريق السياسية التي يقودها الليبيون وتُيسّرها البعثة الأممية».

ومع ذلك، رصد التقرير المقدم من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لمجلس الأمن، الذي يتناول التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية بليبيا، في الفترة الممتدة من 2 أغسطس (آب) إلى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «تقدماً بطيئاً في الاجتماعات الدولية والليبية لتوحيد المؤسسات وصياغة إطار انتخابي».

وعكس التقرير الذي نشرته البعثة، الثلاثاء، وفقاً لمراقبين محليين، «جموداً سياسياً عميقاً وترسيخاً لمصلحة النخب في الشرق والغرب، التي تفضل بقاء الوضع الراهن على التنازلات اللازمة للانتخابات»، مشيراً بشكل غير مباشر، إلى عدم التزام حقيقي من الأطراف الرئيسية، مقابل ضغوط دولية غير كافية لفرض حل، ما يعزز المخاوف من التصعيد الأمني إذا استمر الفراغ.

تكالة فى اجتماع بطرابلس لبحث ملف «المناصب السيادية» (المجلس الأعلى للدولة)

في غضون ذلك، أعلن المجلس الأعلى للدولة أن رئيسه محمد تكالة، ترأس اجتماعاً رسمياً، مساء الاثنين في طرابلس، خُصّص لمتابعة تطورات ملف المناصب السيادية في إطار التنسيق والتواصل المستمر مع مجلس النواب، إلى جانب مناقشة مستجدات خريطة الطريق السياسية، والجهود الرامية إلى توحيد المواقف وتقريب وجهات النظر، بما يسهم في الوصول إلى توافق وطني شامل، يُفضي إلى إنجاز الاستحقاق الانتخابي.

صورة وزعها مجلس النواب لاجتماع لجنته التشريعية في بنغازي الاثنين

في المقابل، بحثت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، مساء الاثنين في مقرها بمدينة بنغازي (شرق)، عدداً من مشاريع القوانين المقدمة للجنة.

بدورها، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات مواصلة فريق مركز العد والإحصاء، بإشراف إدارة النظم والمعلومات، مطابقة البيانات الخاصة بالاقتراع في المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، تمهيداً لإعلان النتائج الأولية، فور استكمال عمليات المراجعة والتدقيق الفني.

صورة وزعتها «مفوضية الانتخابات» الليبية لمركز العد والإحصاء

وأشارت المفوضية إلى وصول صناديق استمارات النتائج من مكاتب الإدارة الانتخابية في بنغازي وطبرق إلى مركز العد والإحصاء بمقر المفوضية. وجرت هذه المرحلة في 9 بلديات رئيسية بشرق وجنوب البلاد، وسط ترحيب أممي ومحلي بعد تأجيلات سابقة، بهدف تجديد الشرعية المحلية وتعزيز اللامركزية.