محكمة ليبية تحبس 6 مسؤولين بـ«التعليم» بتهمة «الاختلاس»

النيابة العامة تؤكد فتح ملفات «جميع قضايا الفساد»

النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT

محكمة ليبية تحبس 6 مسؤولين بـ«التعليم» بتهمة «الاختلاس»

النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

حكمت محكمة ليبية بالعاصمة طرابلس على 6 مسؤولين بـ«المركز العام للتدريب»، التابع لوزارة التربية والتعليم، بالحبس لمُدد تتراوح بين سنة و7 سنوات؛ لاتهامهم بـ«اختلاس المال العام».

وجاء الحكم الذي أصدرته «جنايات طرابلس»، ليل الأحد - الاثنين، بعد تحقيقات موسعة بدأتها النيابة العامة قبل نحو عامين، في قضية اتهام مسؤولين في «المركز العام للتدريب» بتزوير مستندات؛ لتسهيل الاستيلاء على المال العام.

وقال مكتب النائب العام إن المحكمة قضت بحبس المتهم الأول 7 سنوات، وألزمته بردّ مليون و424 ألف دينار، كما أمرت بحرمانه من التصرف في أمواله أو إدارتها. (والدولار يساوي 4.81 دينار) في السوق الرسمية.

وأوضح المكتب أن الحكم تضمّن حبس المتهمين الخمسة الآخرين أحكاماً ما بين 4 سنوات إلى سنة، مع ردّ جميع الأموال والهدايا التي تحصّلوا عليها، منوّهاً إلى أن النيابة كانت قد «أقامت دعوى جنائية في مواجهة مسؤولي المركز العام للتدريب؛ لارتكابهم وقائع الاستيلاء على المال العام، والحصول على منافع مادية بالمخالفة للتشريعات، وصرف المال العام في غير الوجه المخصَّص له»، كما اتُّهموا بـ«تزوير المستندات الرسمية المقدَّمة للإيفاء بشروط لائحة العقود الإدارية، وإساءة استعمال سلطات الوظيفة».

وسبق للنيابة العامة حبس المتهمين احتياطياً على ذمة القضية، في السابع من سبتمبر (أيلول) 2022، بعدما أظهرت التحقيقات «ثبوت تورّطهم في تجاوزات شابت الإجراءات الإدارية والمالية المُوكَل إليهم اتخاذها، من بينها تزوير المستندات الرسمية، لتسهيل الاستيلاء على المال المخصَّص لمركز التدريب».

الدبيبة وخالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبي (المكتب الإعلامي لديوان المحاسبة)

وصعّدت النيابة العامة خلال الأشهر الماضية في مواجهة «شبهات فساد» اتُّهم فيها بعض المسؤولين والموظفين العموميين في مؤسسات داخلية أو خارجية تابعة للبلاد، من بينها قطاع المصارف، والبعثات الدبلوماسية.

وسبق أن أمر النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، بحبس وزير التعليم موسى المقريف، احتياطياً في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021؛ لاتهامه بـ«الإهمال والمحسوبية» في قضية تأخّر طباعة الكتاب المدرسي آنذاك، برغم توفّر المخصصات المالية اللازمة.

وأمام «قضايا الفساد» المتراكمة في ليبيا منذ سنوات العقد الماضي، التي تطالِب النخب السياسية والاجتماعية بفتحها، أفادت النيابة العامة بأنها ستواصل استكمال التحقيق في كل ما يقدَّم إليها من جميع الجهات، ولا سيما تقارير ديوان المحاسبة.

وتعاني ليبيا بشكل لافت من انتشار الفساد، فمنذ عام 2012 تراجع ترتيبها إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين «الدول العشر الأكثر فساداً»، وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية هذا العام.

ويتضمّن التقرير السنوي لـ«ديوان المحاسبة» (أكبر جهاز رقابي يتخذ من طرابلس مقراً له)، كثيراً من وقائع الفساد التي تطول غالبية الوزارات ومؤسسات الدولة، والتي أفضت حينها إلى حبس مسؤولين.

ولم تقتصر القضايا التي تُولِيها النيابة اهتماماً، على تلك المتعلقة بالفساد فقط، فقد أصدرت «مديرية أمن طرابلس»، وفقاً لتكليف النيابة خلال الأشهر التسعة الماضية، أوامر ضبط للمتورطين في وقائع قتل وسرقة، مشيرةً إلى أنه تم القبض على 375 متهماً، وجارٍ عرضهم على سلطة التحقيق. بحسب مكتب النائب العام.


مقالات ذات صلة

تونس: سجن وزير سابق 3 سنوات بـ«تهم فساد»

شمال افريقيا وزير البيئة الأسبق رياض المؤخر (الشرق الأوسط)

تونس: سجن وزير سابق 3 سنوات بـ«تهم فساد»

قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، الجمعة، بالسجن لمدة ثلاثة أعوام في حق وزير بيئة الأسبق.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الخليج هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تتسلم مواطناً مطلوباً دولياً في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا

تسلمت السعودية مواطناً مطلوباً دولياً في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا لويز هاي وزيرة الدولة البريطانية للنقل تغادر بعد اجتماع مجلس الوزراءفي  30 أكتوبر 2024 (أ.ب)

ضربة جديدة لحكومة ستارمر... وزيرة النقل البريطانية تستقيل

استقالت وزيرة النقل البريطانية لويز هاي بعد أنباء عن إدانتها في قضية احتيال سابقة تتعلق بهاتف جوال خاص بالعمل، ما يوجه ضربة لحكومة رئيس الوزراء كير ستارمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو ينفي طلب «رأي» قيادة الجبهة الداخلية بشأن تأجيل الإدلاء بشهادته

نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه تواصل مع قيادة الجبهة الداخلية للجيش لـ«إصدار رأي» حول ما إذا كان من الآمن بالنسبة له الإدلاء بشهادته في محاكمته بالفساد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)

المحكمة العليا الإسرائيلية تباشر مداولات عزل نتنياهو

رفضت النيابة العامة الإسرائيلية، طلب نتنياهو تأجيل مثوله أمام المحكمة المركزية في القدس للإدلاء بشهادته في ملفات الفساد.

نظير مجلي (تل ابيب)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.