مصر تعوّل على توسيع الرقعة الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي

تسعى الحكومة المصرية لاستصلاح مزيد من الأراضي (وزارة الزراعة)
تسعى الحكومة المصرية لاستصلاح مزيد من الأراضي (وزارة الزراعة)
TT

مصر تعوّل على توسيع الرقعة الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي

تسعى الحكومة المصرية لاستصلاح مزيد من الأراضي (وزارة الزراعة)
تسعى الحكومة المصرية لاستصلاح مزيد من الأراضي (وزارة الزراعة)

تعوّل مصر على توسيع الرقعة الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي، عبر استكمال المشروع القومي للتوسع الأفقي، الذي يستهدف استصلاح 4 ملايين فدان، منها مليونا فدان أضيفا إلى الرقعة الزراعية خلال السنوات الخمس الماضية عبر استصلاح الصحراء.

واستعرض وزير الزراعة المصري، علاء فاروق، أمام الجلسة العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأحد، تحرك الوزارة من أجل «تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة»، مشيراً إلى تنفيذ الدولة لعدد من المشروعات القومية للتوسع الأفقي، واستصلاح 2.2 مليون فدان في الدلتا الجديدة، و456 ألف فدان في شمال ووسط سيناء، بجانب تنفيذ مشروع الريف المصري الجديد بمساحة 1.5 مليون فدان.

«المساحات المضافة للرقعة الزراعية تُشكل أهمية كبيرة» من وجهة نظر أستاذ الزراعة بجامعة عين شمس المصرية، أحمد أبو اليزيد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الدولة تحركت للتوسع في عمليات الاستصلاح بشكل متزامن، معتمدة على موارد المياه الجوفية، ومحطات المياه المعالجة التي جرى إنشاؤها للإسراع في زيادة الرقعة الزراعية. وأضاف أن هذه الأراضي جرى التوجه لاستصلاحها بناءً على الخرائط والمسح الجيولوجي لتكون قريبة من مصادر المياه، بما فيها المياه الجوفية التي جرى الاستفادة منها في استصلاح بعض الأراضي الصحراوية.

لكن عضو «لجنة الزراعة» بمجلس النواب المصري، النائب إبراهيم الديب، يرى أن الأهم من الأرقام حول المساحات الجديدة المستصلحة، هو معرفة تكلفة عملية الاستصلاح والجدوى الاقتصادية منها، وما إذا كانت تكاليف الإنتاج تُمكن من توفير المزروعات بأسعار مناسبة أم لا؟

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تكنولوجيا حديثة في الزراعة يُمكن من خلالها زيادة الطاقة الإنتاجية للأراضي الزراعية الموجودة بالفعل، مع الاهتمام بالتعليم الزراعي، وتوظيف التكنولوجيا بما يُسهم في زيادة إنتاجية الفدان، محذراً من «استنزاف المياه الجوفية في عمليات الاستصلاح بالأراضي الصحراوية».

وتطرق وزير الزراعة المصري، الأحد، أمام البرلمان، إلى نقص الموارد المائية العذبة، الأمر الذي جعل الدولة تلجأ إلى معالجة وتدوير مياه الصرف الزراعي وإعادة استخدامها، بالإضافة إلى مصادر المياه الجوفية المحدودة، مشيراً إلى إنفاق مليارات الجنيهات على إنشاء محطات المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي من أجل توفير مياه الري، بالإضافة إلى تطبيق الممارسات الحديثة لترشيد استخدام المياه عبر تطبيق نظم الري الحديثة وتطوير الري الحقلي.

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

وزير الزراعة المصري خلال كلمته أمام البرلمان (مجلس الوزراء المصري)

في السياق ذاته، أعلن وزير الزراعة التعامل مع ملف الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال تنفيذ عدة برامج ضمن برنامج الحكومة الحالية، تتمثل في دعم مشروعات استصلاح الأراضي، وتنمية المناطق الصحراوية لزيادة الرقعة الزراعية، مما يسهم ذلك المحور في زيادة الرقعة الزراعية وزيادة المساحة المحصولية، بما يمكّن من تحسين نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية.

وهنا أشار أستاذ الزراعة بجامعة عين شمس إلى وتيرة العمل السريعة، بالتوسع في الأراضي الصالحة للزراعة، والعمل على حل المشكلات التي تواجه المستثمرين في الأراضي الجديدة المستصلحة، لافتاً إلى أن هذا الأمر انعكس بشكل واضح على الصادرات الزراعية المصرية.

وأعلنت وزارة الزراعة المصرية، السبت، ارتفاع قيمة الصادرات الزراعية منذ بداية العام وحتى 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لتسجل 4 مليارات و37 مليون دولار، بزيادة قدرها 980 مليون دولار وأكثر من 574 ألف طن عن الفترة نفسها من العام الماضي. وأضافت في بيان أن الموالح، والبطاطس، والبصل، كانت أهم الصادرات. (الدولار الأميركي يساوي 48.59 جنيه في البنوك المصرية).

ورغم إشادة عضو «لجنة الزراعة» بـ«النواب» بزيادة الصادرات الزراعية كونها مسألة مهمة، فإنه يرى أن أكثر من الأرقام هو «جودة وتكلفة الإنتاج من أجل وصول المنتجات للمواطنين بأسعار مناسبة، في ظل الزيادات المتلاحقة للسلع التي تحدث في الأسواق».


مقالات ذات صلة

مصر: جدل بشأن واقعة «تسمم غذائي» لطالبات جامعة الأزهر في الأقصر

شمال افريقيا طالبات يؤدين الامتحانات بجامعة الأزهر فرع الأقصر (إدارة الجامعة)

مصر: جدل بشأن واقعة «تسمم غذائي» لطالبات جامعة الأزهر في الأقصر

تسببت واقعة «تسمم غذائي» لطالبات بالمدينة الجامعية التابعة لجامعة الأزهر في محافظة الأقصر (جنوب مصر)، في حالة من الجدل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من مشروعات سكنية في مصر (وزارة الإسكان المصرية)

الحكومة المصرية تُقنن أوضاع بنايات عشوائية عبر تيسيرات جديدة

في خطوة جديدة نحو تقنين أوضاع بنايات عشوائية بالبلاد، قررت الحكومة المصرية مد فترة «تلقي طلبات (التصالح) في مخالفات البناء لمدة 6 أشهر جديدة».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع لمجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

هل تنجح مصر في إقناع «النقد الدولي» بتخفيف حدة «برنامجه الإصلاحي»؟

كان يُفترض أن يصل وفد صندوق النقد الدولي إلى مصر، نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة، لكن زيارة وفد «الصندوق» أُجّلت لمطلع الشهر المقبل.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا سيارات إطفاء بعد إخماد حريق كبير في منطقة العتبة قبل شهور (رويترز)

مصر: «مُخطط تطوير العتبة»... هل يُنهي حوادث الحرائق المتكررة؟

شهدت منطقة العتبة خلال الشهور الماضية عدة حرائق، خلفت خسائر مالية كبيرة.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)

مسؤولون مصريون يلتقون وفداً من «حماس» لاستئناف المحادثات بشأن غزة

نتنياهو يرحب باستعداد القاهرة للدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

البرهان يتوعد بمواصلة الحرب وتسليح المدنيين

قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

البرهان يتوعد بمواصلة الحرب وتسليح المدنيين

قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)

توعد قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، بمواصلة حربه ضد «قوات الدعم السريع» حتى هزيمتها تماماً، رافضاً التفاوض معها، ومؤكداً أن لقاءه الوحيد مع هذه القوات سيكون عبر ميدان القتال. وأضاف البرهان، في خطاب جماهيري بمنطقة البطانة، أن الجيش على استعداد لتسليح كل من أراد أن يتسلح من المدنيين، مشيراً إلى أن الجيش قد فعل ذلك من قبل مع مجموعات أخرى من المدنيين.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات يوم الخميس على ميرغني إدريس سليمان، وهو شخصية بارزة ساهمت في جهود القوات المسلحة السودانية للحصول على أسلحة تخوض بها الحرب ضد «قوات الدعم السريع»، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز».

وجاء في البيان أن إدريس بصفته مدير منظومة الصناعات الدفاعية، الذراع الرئيسية للجيش السوداني في شراء الأسلحة، «كان... أساس صفقات الأسلحة التي غذّت وحشية الحرب ونطاقها». وقال برادلي سميث القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إن «إجراء اليوم يؤكد الدور الأساسي الذي لعبه أفراد رئيسيون مثل ميرغني إدريس سليمان في شراء الأسلحة واستمرار العنف وإطالة أمد القتال في السودان». وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على منظومة الصناعات الدفاعية العام الماضي.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على مناطق كبيرة من السودان في صراع مع الجيش تقول الأمم المتحدة إنه تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وأسفرت الحرب عن نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص، ومعاناة سكان بعض المناطق من الجوع الشديد أو المجاعة، وجذبت تدخلاً من قوى أجنبية قدمت دعماً مادياً للجانبين.

مدينة السوكي

استعاد الجيش السوداني مدينة السوكي في ولاية سنار بوسط السودان، وذلك بعد يوم واحد من استعادته مدينة الدندر، في حين انسحبت «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على المدينة منذ يوليو (تموز) الماضي، دون أن يصدر عنها تعليق.

وأدان التحالف المدني «تقدم»، انتهاكات طرفَي الحرب، ودعا المجتمعين الإقليمي والدولي لممارسة المزيد من الضغوط من أجل وقف فوري للحرب، في حين لقي العشرات مصرعهم في هجمات انتقامية أدت لنزوح شامل من مدن وقرى شرق ولاية الجزيرة هرباً من الاشتباكات العسكرية. ونقلت منصات مستقلة وموالية للجيش مقاطع فيديو لجنود الجيش وهم يهللون ويكبرون فرحين باستعادة المدينة، وذكرت أن الجيش دخل المدينة بذات الطريقة التي دخل بها مدينة الدندر.

وفي يوليو الماضي، سيطرت «قوات الدعم السريع» على معظم محليات ولاية سنار، باستثناء محلية واحدة، لكن الجيش ألحق بـ«الدعم السريع» هزيمة في منطقة «جبل موية»، وعزل قواتها في مدينة سنجة حاضرة الولاية التي لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع». وتوقعت منصات موالية للجيش، استعادة كامل الولاية، استناداً إلى أن «قوات الدعم السريع» أصبحت معزولة وتعاني من نقص الذخائر والوقود، وأن الجيش يحاصرها من كافة الجهات. ولم تعلق «قوات الدعم السريع» على خسارتها لمدينة السوكي، إلّا أنها كانت قد ذكرت، إثر خسارتها لمدينة الدندر، أن قواتها انسحبت إلى سنجة قبل يومين من استلام الجيش لها، وفقاً لخطة القيادة العسكرية.

وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن عشرات الآلاف من المدنيين نزحوا من ديارهم في تلك المناطق، هرباً من اشتعال الاشتباكات المستمرة منذ قرابة الأسبوع، في حين أدان تحالف «تقدم» الانتهاكات في شرق ولاية الجزيرة، واستهداف طيران الجيش للمدنيين، وطالب التحالف طرفَي القتال بالالتزام بحماية المدنيين، وحثّ المجتمع الدولي على ممارسة مزيد من الضغط من أجل وقف فوري للحرب.

الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية - أ.ف.ب)

انتهاكات واسعة النطاق

وقال «تقدم» في بيان: «إن تطور الأحداث في شرق الجزيرة، والانتهاكات الواسعة النطاق على مدن رفاعة وتمبول والهلالية، وقرى وبلدات شرق الجزيرة، وما صاحبها من عمليات ترويع ضخمة بلغت نزع الحق في الحياة، وممارسة عمليات نهب واسع للأسواق الرئيسية... فاقمت الأوضاع الإنسانية، وأدت لنزوح جماعي واسع من المنطقة». كما ندد البيان باستهداف الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة (الجيش) لأحد المساجد في مدينة ود مدني، والذي أدى إلى مقتل عشرات المدنيين أثناء الصلاة، قائلاً: «هذا يؤكد عدم إيلاء طرفَي الحرب أي اهتمام بالمواثيق والعهود الدولية، حيال حماية المدنيين».

وحث «تقدم» طرفَي القتال على الالتزام بالقوانين الدولية وما تم الاتفاق عليه في «إعلان جدة» الإنساني، خاصة مبدأ «حماية المدنيين وعدم تعريض حياتهم للخطر»، وطلب من القوى المحلية والإقليمية والدولية الشروع الجدي في مساعي وقف الحرب، «والمضي قدماً في التأسيس لعهد جديد يُخرج البلاد من دائرة الحروب والانقلابات ويعيدها إلى مسار التحول المدني الديمقراطي، وصولاً إلى دولة الحرية والعدالة والسلام».

ومنذ انشقاق قائد «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وإعلانه الانضمام إلى الجيش في الأسبوع الماضي، شهدت منطقة شرق ولاية الجزيرة انتهاكات واسعة في عدد من القرى والبلدات في المنطقة المعروفة باسم «البطانة».

وإحدى هذه المدن هي مدينة مبول التي شهدت معارك شرسة بين «قوات الدعم السريع» والجيش، انتهت بهزيمة الجيش، في حين شنت «قوات الدعم السريع» حملة انتقام واسعة في المدينة إثر احتفال المواطنين بوصول الجيش إلى مدينتهم قبل قيام «قوات الدعم السريع» بطرده.