الحكومة المصرية لزيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025

خبراء ونواب انتقدوا «غياب برامج الحماية الاجتماعية»

رئيس الوزراء في تصريحاته خلال جولته في المنيا (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء في تصريحاته خلال جولته في المنيا (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية لزيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025

رئيس الوزراء في تصريحاته خلال جولته في المنيا (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء في تصريحاته خلال جولته في المنيا (مجلس الوزراء)

أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، اعتزام الحكومة الاستمرار في زيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025، وذلك بعد يوم واحد من تطبيق زيادات سعرية جديدة على جميع أنواع المحروقات، بنسب متفاوتة، وصلت إلى 17 في المائة على السولار الأكثر استهلاكاً من قبل المركبات في مصر.

وشدد مدبولي، في تصريحات صحافية، على هامش زيارته الميدانية لعدد من المشروعات في محافظة المنيا (جنوب) على أن الحكومة «مستمرة في تنفيذ التوجه الخاص بها، ولن تقوم بتغييره قدر الإمكان في ظل عدم وجود بديل آخر»، لافتاً إلى أن مخططات الحكومة السابقة لرفع أسعار البنزين تدريجياً حتى نهاية 2025 اعتمدت على تسعير برميل النفط بنحو 80 دولاراً، لكن حال استقرار الأسعار العالمية عند 73 و74 دولاراً للبرميل ستكون هناك فرصة لعدم زيادة الأسعار بالمعدل نفسه المخطط له حتى نهاية العام المقبل.

وتضمن مشروع موازنة العام المالي الحالي، الذي عُرض على مجلس النواب (البرلمان)، دعماً للمواد البترولية بقيمة 154 مليار جنيه (الدولار يساوي 48.65 جنيه في البنوك)، مقابل 165 مليار جنيه في العام المالي المنتهي في 30 يونيو (حزيران) الماضي، فيما قررت الحكومة عدم تحريك أسعار الوقود لمدة 6 أشهر، بعد الزيادة، التي طُبّقت (الجمعة)، التي تعد الثالثة منذ بداية 2024.

قام عدد من المسؤولين بجولات على المواقف للتأكد من تطبيق التسعيرة الجديدة (محافظة القاهرة)

وتعمل الحكومة على حساب تكاليف الإنتاج، وفق عدة اعتبارات، حسب تأكيدات وزير البترول المصري الأسبق، أسامة كمال، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تحصل على المحروقات من خلال 4 مصادر، منها ما تستورده من الخارج، وحصة تحصل عليها بشكل مجاني من الشركات الأجنبية العاملة في مصر، بالإضافة إلى ما تشتريه من هذه الشركات بالأسعار العالمية.

وأضاف كمال أن الحكومة «تعمل على تحديد متوسط السعر من خلال حساب تكلفة الاستيراد، بالإضافة إلى تكلفة ما يتم توفيره من الداخل»، مشيراً إلى أن «طن الغاز المستخدم في الأسطوانات تصل تكلفة ما يجري استيراده لنحو ألف دولار للطن، بينما يكلف ما يُنتج من الداخل نحو 300 دولار، ومن ثم يجري احتساب متوسط الطن على أساس 650 دولاراً، ما يعني أن سعر أسطوانة البوتاجاز للاستهلاك المنزلي يزيد عن 450 جنيهاً، بينما تُباع بعد الزيادة الأخيرة بـ150 جنيهاً فقط».

ووفق وزير البترول المصري الأسبق، فإن «الحكومة تعمل على تحقيق رفع تدريجي للمحروقات، ويفترض أن تقوم في الوقت نفسه بتنفيذ توازنات تسمح بزيادة المعاشات والحد الأدنى للأجور، بجانب برامج الحماية الاجتماعية لحماية الفئات الأكثر تضرراً بالنسبة نفسها، التي ترفع بها الدعم»، مشيراً إلى أن هذا الأمر غير متحقق حتى الآن، لكون الزيادات الثلاث التي طُبّقت هذا العام لم توازها زيادات في الأجور بنفس نسبها أو حتى بأرقام قريبة منها.

وحذر عضو مجلس الطاقة العالمي، الدكتور ماهر عزيز، من تداعيات استمرار اتجاه الحكومة للوصول بدعم المحروقات إلى صفر في الموازنة العامة للدولة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراءات السريعة في الاتجاه نحو تحقيق هذا الهدف «لا تتناسب مع مستويات الأجور، وتضر بالفئات الأكثر احتياجاً في ظل استمرار الزيادات المطردة في الأسعار».

وانتقد عزيز ما وصفه بـ«المغالطات الحكومية»، التي تعتمد على مقارنة أسعار بيع الوقود للمواطنين في الخارج بأسعار البيع في مصر، مؤكداً أن هذه المقارنة تكون منصفة عند تساوي متوسطات الدخل، وهو أمر غير متحقق على الإطلاق في الحالة المصرية، في ظل معدلات التضخم المرتفعة التي تلتهم أي زيادات في الأجور.

الإعلان عن الأسعار الجديدة للمحروقات (محافظة الغربية)

كان مدبولي قد أكد التوافق على عدم إعلان أي زيادات في أسعار الوقود خلال الأشهر الستة المقبلة، من أجل تحقيق نوع من الثبات، وخفض التضخم في الفترة المقبلة، مشيراً إلى إدراك الدولة تأثير ارتفاع الأسعار على المواطن.

من جهتها، عدّت عضوة مجلس النواب، سناء السعيد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن السياسات الحكومية التي تُطبق «تجور على حقوق المواطنين»، مشيرة إلى أن «ارتفاع الأسعار بشكل متلاحق في الكهرباء والوقود والعلاج، وكافة مستلزمات الحياة الأساسية، زادت من أعداد الأسر الفقيرة، وأصبحت تهدد الطبقة المتوسطة، التي تعاني من صعوبة توفير قوت يومها، مع الزيادات المطردة في الأسعار، التي لا تقابلها زيادات مماثلة في الأجور». كما لفتت السعيد إلى أن برامج الحماية الاجتماعية التي تُطبق حتى الآن «لم تعد تتناسب مع الزيادات التي يتحملها المستفيدون منها».

ومن المقرر أن يبدأ صندوق النقد الدولي، خلال أيام المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق عليه مع الحكومة المصرية من أجل صرف شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق، التي تمثل الشريحة الأكبر من قيمة القرض، الذي وافق عليه الصندوق بقيمة 8 مليارات تُصرف على مدار 3 سنوات.


مقالات ذات صلة

«حماس» و«فتح» في القاهرة... و«اقتراب» من اتفاق بشأن «إدارة غزة»

شمال افريقيا فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

«حماس» و«فتح» في القاهرة... و«اقتراب» من اتفاق بشأن «إدارة غزة»

محادثات جديدة تجمع حركتي «حماس» و«فتح» في القاهرة، بعد أخرى قبل نحو 3 أسابيع، تتناول ملف «إدارة قطاع غزة»، عشية زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يصافح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (رويترز)

الهند وكندا تتبادلان «طرد دبلوماسيين» في إطار خلاف متفاقم بينهما

تبادلت الهند وكندا طرد سفيري البلدين و5 دبلوماسيين كبار آخرين بعدما أعلنت نيودلهي أن مفوضها السامي في كندا اعتبر ضمن «أشخاص موضع اهتمام» في قضية قتل.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الخليج المهندس وليد الخريجي خلال استقباله دييغو مارتينيز بيليو في الرياض الأربعاء (واس)

نقاشات سعودية - إسبانية لتكثيف التنسيق في القضايا المشتركة

شهدت جولة المشاورات السياسية الثالثة التي جمعت السعودية وإسبانيا، في العاصمة الرياض، مناقشة تكثيف التنسيق الثنائي ومتعدد الأطراف في القضايا ذات الاهتمام المشترك

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم متظاهرون ضد حزب «البديل من أجل ألمانيا» في مدينة إيرفورت بولاية ثورينغيا الألمانية (رويترز)

صعود اليمين المتطرّف في العالم الغربي... مرحلة عابرة أم واقع «مقيم»؟

الخطر الأكبر في عالم السياسة الغربية هو أن هو أن الشباب لا يجذبهم الاعتدال، بل يُنصتون بتركيز إلى المتحدثين بصوت عالٍ و يزعمون امتلاك الحقيقة والحلول السحر.

أنطوان الحاج
أميركا اللاتينية سيارة تُقل كارولينا ابنة المعارض إدموندو غونزاليس خارج قاعدة توريخون دي أردوث الجوية قرب مدريد (رويترز)

مرشح المعارضة الفنزويلية يصل إلى إسبانيا بعد منحه اللجوء السياسي

وصل مرشح المعارضة الفنزويلية للانتخابات الرئاسية إدموندو غونزاليس أوروتيا اليوم الأحد إلى إسبانيا التي وافقت على منحه اللجوء السياسي.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».