مصر تعوّل على تجمع «بريكس» لتحقيق التنمية

السيسي دعا إلى تكاتف الجهود لمواجهة الأزمات الدولية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمة مسجلة لـ«منتدى أعمال بريكس» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمة مسجلة لـ«منتدى أعمال بريكس» (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على تجمع «بريكس» لتحقيق التنمية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمة مسجلة لـ«منتدى أعمال بريكس» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمة مسجلة لـ«منتدى أعمال بريكس» (الرئاسة المصرية)

عوّلت القاهرة على تجمع «بريكس» لتحقيق التنمية، وأعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجمعة، عن أمله في أن «يخرج منتدى (بريكس) بنتائج ملموسة تسهم في تعزيز الاستثمارات والتعاون الاقتصادي بين أعضائه، مع إيلاء الاستثمار في الموارد البشرية الأهمية القصوى بوصفه شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية».

ودعا الرئيس المصري، في كلمة مسجلة، خلال الجلسة العامة لمنتدى أعمال «بريكس»، في العاصمة الروسية موسكو، الجمعة، إلى «تكاتف الجهود الدولية في مواجهة تحديات وأزمات دولية متعاقبة وغير مسبوقة، لإيجاد حلول فاعلة لها»، وأكد أهمية «تكثيف العمل، لدفع مسيرة التنمية المستدامة لأعضاء التجمع»، وقال: «هذه مسؤولية مشتركة، يضطلع فيها القطاع الخاص ومجالس الأعمال بدور رئيسي».

واستضافت العاصمة الروسية موسكو، الجمعة، فعاليات منتدى أعمال «بريكس»، برئاسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويأتي ذلك قبيل انطلاق «قمة بريكس 2024»، في مدينة كازان الروسية، خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وعدَّ السيسي، في كلمته، منتدى «بريكس» بمثابة «منصة مهمة لاستشراف الفرص الاستثمارية والتجارية بين دول التجمع»، إلى جانب «تعزيز التعاون بين مؤسسات القطاع الخاص لتدشين مشروعات مشتركة، بما يسهم في إثراء التكامل الاقتصادي بين دول المجموعة».

ومجموعة «بريكس»، هي تجمع اقتصادي تشكّل عام 2009، بعضوية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ثم انضمّت إليه المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا، بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2024.

واستعرض الرئيس المصري إجراءات بلاده لتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، ومن بينها «فرض سقف على الاستثمارات الحكومية، وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وتقديم حزمة من الإعفاءات الجمركية والحوافز الضريبية»، بجانب «تطوير قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، لا سيما الهيدروجين الأخضر، والصناعات التحويلية، وتطوير منظومة النقل والمواصلات والموانئ».

وعدّ الرئيس المصري «المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من أبرز المشروعات الطموحة في بلاده»، وقال: «المنطقة توفر قاعدة صناعية متنوعة، ومميزات تصديرية لجميع مناطق العالم»، مشيراً إلى أن «عضوية مصر في عدد من الاتفاقيات ومناطق التجارة الحرة الإقليمية يجعلها المسار الأفضل للنفاذ للأسواق الواعدة، خصوصاً في قارة أفريقيا».

العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

ويعدّ «بريكس» من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، حيث يمثل نحو 30 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، وتمثل الدول الأعضاء بالتجمع 26 في المائة من مساحة العالم، و43 في المائة من عدد سكانه.

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير عزت سعد، أن «تعويل مصر على (بريكس) يفرض نفسه، بحكم شراكاتها مع الدول الرئيسية المؤسسة للتجمع، مثل روسيا والصين والهند»، وقال: «حركة التعاون الاقتصادي والتجاري بين القاهرة وهذه الدول حظيت باهتمام بالغ خلال السنوات الأخيرة».

وأوضح سعد لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية حرصت على المشاركة في جميع الفعاليات التي دعت لها روسيا، خلال فترة رئاستها الحالية لـ(بريكس)»، وعد ذلك «انعكاساً لرغبة القاهرة في تنويع شراكاتها بمختلف المجالات مع دول المجموعة».

وتقدر الاستثمارات التراكمية لدول تجمع «بريكس» في مصر، سواء الدول المؤسسة أو الأعضاء الجدد، بنحو 17.4 مليار دولار، حتى سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وفقاً لتقرير صادر عن «مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء المصري، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 48.65 في البنوك المصرية).

وقالت أستاذة الاقتصاد الدولي بجامعة «عين شمس» المصرية، يمن الحماقي، إن «عضوية مصر في (بريكس) ستكون لها آثار إيجابية على البلاد»، راهنة ذلك بـ«تفعيل الحكومة المصرية مجموعة من المتطلبات، على رأسها تحسين مناخ الاستثمار، وتسهيل التجارة وتنمية الموارد البشرية».

وتوقفت يمن الحماقي أمام تركيز الرئيس المصري، على المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «منطقة قناة السويس، يمكن أن تشكل نقطة جذب لاستثمارات التجمع، بما تحتويه من طاقات استثمارية، ومشروعات ضخمة مثل الهيدروجين الأخضر»، إلى جانب «قدراتها التجارية، حيث تضم 5 موانئ بحرية، ما يساعد على وصول مصر لسلاسل الإمداد العالمية».

وسجل معدل التبادل التجاري بين مصر ودول «بريكس» ارتفاعاً ليصل إلى 31.2 مليار دولار عام 2022، مقابل 28.3 مليار دولار عام 2021، بنسبة ارتفاع 10.5 في المائة، وفقاً لإفادة من «جهاز التعبئة والإحصاء المصري» في أغسطس (آب) 2023.

وحول التسهيلات التجارية التي تدرسها دول «بريكس». أشارت أستاذ الاقتصاد الدولي إلى أن «هناك اتفاقيات ثنائية بين مصر وبعض دول المجموعة، مثل روسيا والصين، تستهدف التبادل التجاري بالعملات المحلية»، لكنها قالت: «التباينات الاقتصادية الكبيرة بين دول التجمع تعيق فرص توحيد سياسات المعاملات التجارية»، مستبعدة «إمكانية تطبيق عملة موحدة للتجمع».

وكان السفير الروسي في القاهرة، جورجي بوريسنكو، قال، في ندوة بالقاهرة، الخميس، إن «(قمة بريكس) ستناقش اعتماد آلية جديدة لتسهيل المعاملات التجارية بدلاً من الدولار».


مقالات ذات صلة

رفع أسعار الوقود يفاقم مخاوف المصريين

الاقتصاد عامل وعاملة يقومان بإمداد السيارات بالوقود في إحدى المحطات بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

رفع أسعار الوقود يفاقم مخاوف المصريين

فاقمتْ أسعار الوقود الجديدة في مصر المخاوف بشأن موجة غلاء مرتقبة في البلاد. وأعلنت وزارة البترول، أمس (الجمعة)، رفع أسعار الوقود ليشمل البنزين والسولار، بنسب.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وزير الخارجية المصري: القاهرة لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية

قال وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، إن بلاده ترفض أي مساس بحصتها السنوية من مياه النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا حادث «قطار المنيا» الذي وقع الأسبوع الماضي (محافظة المنيا)

مصر تُعوّل على «حوافز الانضباط للسائقين» لمنع حوادث القطارات

بعد وقائع لحوادث قطارات شهدتها مصر أخيراً، تُعوّل الحكومة المصرية على «حوافز الانضباط لسائقي القطارات» لمنع تكرار الحوادث.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا إحدى محطات الوقود في مصر (أرشيفية - أ.ف.ب)

مصر: رفع أسعار الوقود يُعمق تأثير الغلاء

أعلنت وزارة البترول، الجمعة، عن رفع أسعار الوقود ليشمل البنزين والسولار بنسب تصل إلى 17 في المائة للمرة الثالثة خلال 2024.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

مصر تعد بتسهيلات جديدة لإقامة السودانيين

تعهّدت السلطات المصرية بـ«تقديم تسهيلات جديدة لإقامة السودانيين في البلاد»، تتضمّن «زيادة فترة تصاريح الإقامة وتسريع صدورها».

أحمد إمبابي (القاهرة)

اتفاق استخباري بين الجزائر وموريتانيا لتعزيز أمن الحدود

قائدا الجيشين الجزائري والموريتاني يوقعان على اتفاق استخباري بنواكشوط (وزارة الدفاع الجزائرية)
قائدا الجيشين الجزائري والموريتاني يوقعان على اتفاق استخباري بنواكشوط (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

اتفاق استخباري بين الجزائر وموريتانيا لتعزيز أمن الحدود

قائدا الجيشين الجزائري والموريتاني يوقعان على اتفاق استخباري بنواكشوط (وزارة الدفاع الجزائرية)
قائدا الجيشين الجزائري والموريتاني يوقعان على اتفاق استخباري بنواكشوط (وزارة الدفاع الجزائرية)

أنهى قائد الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، الخميس، زيارة إلى موريتانيا دامت ثلاثة أيام، بالتوقيع على اتفاق تعاون وتنسيق في مجال الاستخبارات، توج مساراً طويلاً من التعاون وتبادل الخبرات، وتكوين الكوادر العسكريين، تم خصوصاً في الكليات والمعاهد العسكرية الجزائرية.

وأفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية بأن رئيس أركان الجيش شنقريحة زار أمس «كلية الدفاع لمجموعة الساحل الخمس»، و«المجمَع متعدد التقنيات» بنواكشوط، رفقة رئيس أركان الجيش الموريتاني الفريق مختار بله شعبان، مؤكداً أن «زيارة هذين الصرحين التكوينيين شكلت فرصة للفريق أول، والوفد المرافق له، للاطلاع عن كثب على التجربة الموريتانية في مجال التكوين العسكري والعلمي عالي المستوى، وتابع عروضاً مفصلة عن هاتين المنشأتين، وقُدمت له شروحات وافية عن أقسامهما ومهامهما التكوينية».

لحظة التوقيع على الاتفاق الأمني بين البلدين (وزارة الدفاع الجزائرية)

ويحيل اسم كلية الدفاع بالعاصمة الموريتانية إلى عمل جماعي قام عام 2010 بين قيادات جيوش الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو، عُرف بـ«مجموعة 5 ساحل للدفاع والأمن»، كان الهدف منه تنسيق الجهود بين دول المنطقة للتصدي للجماعات المتطرفة. لكن مع الوقت توقف نشاط هذه الآلية للتعاون إلى أن زالت بشكل كامل، بعد أن كانت عقدت اجتماعات بمقرها بجنوب الجزائر.

وأضاف بيان وزارة الدفاع الجزائرية أن قائدي الجيشين «أشرفا بمقر الأركان العامة للجيوش الموريتانية على مراسم توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جيشي البلدين في مجال تبادل المعلومات، بين المدير المركزي لأمن الجيش بأركان الجيش الوطني الشعبي عن الجانب الجزائري، وقائد فرقة الاستخبارات والأمن العسكري للأركان العامة للجيوش عن الجانب الموريتاني».

اجتماع بين كوادر عسكريين جزائريين وموريتانيين بنواكشوط (وزارة الدفاع الجزائرية)

ولم يذكر البيان تفاصيل عن الاتفاق، علماً أن عملاً مشتركاً أطلقته أجهزة البلدين الأمنية، مطلع 2023، بمناسبة اجتماع رفيع بنواكشوط، يخص خطة لتكثيف وتسريع وتيرة تبادل المعلومات الاستخبارية، فيما يتعلق بأمن الحدود (500 كم).

وتعلق الأمر بإطلاق آلية أمنية تمكّن البلدين من تكثيف التنسيق الأمني على حدودهما، حيث ينتعش نشاط شبكات الجريمة المنظمة والتهريب، والهجرة غير الشرعية، وهي قريبة أيضاً من مناطق التوتر في الساحل الأفريقي، حيث استفحلت الاضطرابات السياسية في مالي والنيجر خاصة، في ضوء تحالفات عقدها النظامان العسكريان في البلدين خلال العام الجاري مع مجموعات «فاغنر» الروسية، بغرض حسم الصراع مع خصوم سياسيين في الداخل. وتعد الجزائر نفسها مستهدفة من هذه التغييرات.

واجهة كلية الدفاع الموريتانية التي زارها قائد الجيش الجزائري (وزارة الدفاع الجزائرية)

إلى ذلك، أوفد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وزيره للطاقة محمد عرقاب، أمس، إلى تونس حيث استقبله الرئيس قيس سعيد، وسلمه دعوة لحضور الاحتفالات التي ستنظمها الجزائر، في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بمناسبة مرور 70 سنة على اندلاع ثورة التحرير (1954 - 1962)، حسبما ذكرت وزارة الطاقة بحسابها بالإعلام الاجتماعي.

ونقل عرقاب للرئيس التونسي تهاني تبون بمناسبة مرور 61 سنة على جلاء آخر جندي فرنسي عن تونس (عيد الجلاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 1963)، علماً أن العلاقات بين الجزائر وفرنسا تمر حالياً بأسوأ فتراتها، بسبب خلافات حادة حول قضايا الهجرة وما يعرف بـ«الذاكرة» التي ترتبط بالاستعمار ومخلفاته.

وزير الطاقة الجزائري سلّم الرئيس قيس سعيد دعوة لحضور احتفالات الجزائر بمناسبة مرور 70 سنة على اندلاع ثورة التحرير (الرئاسة)

كما أشار الوزير الجزائري إلى أن زيارته إلى تونس «تأتي في سياق حركية جد إيجابية تعيشها العلاقات الجزائرية - التونسية»، مؤكداً أن لقاءه بالرئيس سعيد «شكّل فرصة لبحث تعزيز علاقات التعاون الثنائي، لا سيما في مجال الطاقة والمناجم»، وفق ما ذكرته وزارة الطاقة.