تكرار الزلازل في إثيوبيا يثير مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

السابع خلال 20 يوماً

جانب من «سد النهضة» (رويترز)
جانب من «سد النهضة» (رويترز)
TT

تكرار الزلازل في إثيوبيا يثير مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

جانب من «سد النهضة» (رويترز)
جانب من «سد النهضة» (رويترز)

أثار تكرار الزلازل في إثيوبيا، مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة» الإثيوبي، خاصة مع ما اعتبره خبراء «تزايداً كبيراً في الزلازل بأديس أبابا خلال العام الجاري عن المعدلات المعتادة». ورغم تأكيد الخبراء على «عدم وجود تأثير مباشر للزلازل في الوقت الراهن على (السد)»، فإنهم «أبدوا تخوفات وقلقاً بشأنها في المستقبل».

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي لإنتاج الكهرباء، وسط اعتراضات من دولتي المَصبّ (مصر والسودان)، وفشلت آخر جولة مفاوضات بين الأطراف الثلاثة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتطالب القاهرة والخرطوم بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد ملء وتشغيل «السد»، في حين أنهت أديس أبابا الملء الخامس نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.

وشهدت إثيوبيا، مساء الأربعاء، زلزالاً بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر، وفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، الذي أوضح عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» أن الزلزال الذي يعد السابع خلال 20 يوماً وقع على عمق 10 كيلومترات، وعلى مسافة 570 كم شرق «سد النهضة»، وعلى بعد 140 كم من العاصمة أديس أبابا.

وبحسب شراقي، فقد بدأت سلسلة الزلازل الأخيرة يوم 27 سبتمبر الماضي بقوة 4.9 درجة، وبعده بنحو 8 ساعات وقع زلزالان بقوة 4.5 درجة، ورابع في يوم 30 سبتمبر، وخامس بقوة 4.9 درجة في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ووقع الزلزال السادس يوم 13 أكتوبر بقوة 4.6 درجة.

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار وزيادة معدلات الزلازل في إثيوبيا ظاهرة علمية واضحة؛ إذ إن المعدلات الطبيعية للزلازل بالمنطقة، كانت تتراوح ما بين 5 و10 زلازل في العام، وبدأت الزيادة عام 2023 حيث وقع 38 زلزالاً، في حين شهد العام الحالي حتى الآن 21 زلزالاً، بينها 7 في 20 يوماً، وهو أمر مقلق».

شراقي أكد أنه «على الرغم من عدم وجود تأثير مباشر للزلازل في الوقت الراهن على (السد)، فإن النشاط الزلزالي بالمنطقة مستقبلاً لا يمكن التنبؤ بنتائجه، ويثير مخاوف؛ فتأثير الزلزال يتوقف على عدد من العوامل، منها قوته؛ إذ بلغت قوة الأخير 4.8 ريختر، لكن إذا تجاوزت 5 أو 6 ريختر (يُمكن أن تشكل خطراً)، كما أن التأثير يتوقف أيضاً على عمق الزلزال ومركزه والمسافة بينه وبين السد».

آخر جولة مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» في ديسمبر الماضي (الري المصرية)

وسبق أن طالبت القاهرة الجانب الإثيوبي بتقديم «دراسات فنية تفصيلية» بشأن «السد» ومعاملات الأمان المتعلقة بالإنشاءات والتشغيل، وحذر وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، الجانب الإثيوبي خلال «المنتدى العالمي العاشر للمياه» الذي عُقد بإندونيسيا في مايو (أيار) الماضي، من مخاطر «الاستمرار في بناء (السد) دون تقديم دراسات فنية تفصيلية حول آثاره البيئية والاقتصادية على دول المَصبّ».

ومع تصاعد المخاوف المصرية من مخاطر تكرار الزلازل وتأثيرها على «سد النهضة»، دعا الخبراء، القاهرة إلى مزيد من «التصعيد الدولي» الذي يركز على قضية أمان «السد»، وقالت مدير البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتورة أماني الطويل، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يجب على القاهرة أن ترفع مستوى التصعيد الدولي الذي يُركز على مخاطر عدم وضوح معاملات أمان (سد النهضة)، خاصة مع تكرار الزلازل في إثيوبيا». وبحسب الطويل، فإن «المجتمع الدولي لن يدرك حجم المخاطر والمخاوف المصرية سوى بتوضيح القاهرة حجم الخطر، وخلق حالة دولية تشعر المجتمع الدولي بوجود خطر حقيقي».

مصر تعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل (الشرق الأوسط)

وكانت مصر والسودان وإثيوبيا قد اتفقت عام 2011 على تشكيل «لجنة دولية» لتقييم مشروع «سد النهضة»، ضمت في عضويتها خبيرين من السودان، وخبيرين من مصر، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والأعمال الهيدرولوجية والبيئية والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود، من ألمانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا.

وفي مايو 2013 خلصت اللجنة الدولية في تقريرها الشامل إلى أن «إنشاء (السد) يحتاج إلى مزيد من الدراسات من جانب الحكومة الإثيوبية لمنع الآثار السلبية»، وأبدت اللجنة حينها عدداً من التحفظات، منها «تحفظات تتعلق بسلامة السد، وتأثير قلة تدفق المياه على دولتي المَصبّ».

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.


مقالات ذات صلة

مطالبات مصرية بدور «إيجابي» لـ«بريكس» تجاه الحرب في غزة ولبنان

شمال افريقيا السفير الروسي بالقاهرة خلال ندوة حول مستقبل تجمع «بريكس» (الشرق الأوسط)

مطالبات مصرية بدور «إيجابي» لـ«بريكس» تجاه الحرب في غزة ولبنان

طالب خبراء ودبلوماسيون مصريون، خلال ندوة عقدت في القاهرة، الخميس، بموقف ودور «إيجابي» لتجمع «بريكس» تجاه التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)

التحديات المائية في أفريقيا تتصدر محادثات مصرية - أوغندية

نقل الوزير عبد العاطي لنظيره الأوغندي «حرص مصر على مزيد من تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

توافق مصري - إيراني على استمرار مسار «استكشاف» العلاقات الثنائية

أعرب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن «تقدير بلاده للجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من لقاء الأمير محمد بن سلمان والرئيس السيسي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

الحكومة المصرية لتسريع تنفيذ الاتفاقات مع السعودية

توافقت السعودية ومصر على رفع وتيرة التكامل الاستثماري، كما جدّدت الرياض والقاهرة تحذيرهما من اتساع رقعة الصراع بمنطقة الشرق الأوسط.

أحمد إمبابي (القاهرة )

القضاء السوداني يشكل لجنة جديدة للنظر في قرارات تصفية حكم البشير

عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأطيح به بعد 30 عاماً (أرشيفية)
عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأطيح به بعد 30 عاماً (أرشيفية)
TT

القضاء السوداني يشكل لجنة جديدة للنظر في قرارات تصفية حكم البشير

عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأطيح به بعد 30 عاماً (أرشيفية)
عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأطيح به بعد 30 عاماً (أرشيفية)

أثار قرار رئيس القضاء في السودان، عبد العزيز عبد الرحمن عابدين، تشكيل لجنة مكونة من 3 قضاة للنظر في الطعون والقرارات التي أصدرتها لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الكثير من الجدل حول دواعي هذه الخطوة في هذا التوقيت، التي رأى قضاة ومحامون أنها تأتي بعد عودة قيادات النظام من الإسلاميين إلى المشهد السياسي.

وعقب انقلاب رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، على الحكومة المدنية في البلاد في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) جمد عمل اللجنة، وأعاد تشكيلها بواسطة القاضي محمد علي محمد بابكر، الشهير باسم «أبو سبيحة»، المحسوب على الإسلاميين.

مظاهرات صاخبة خرجت من الخرطوم احتفالاً بسقوط نظام البشير عام 2019 (إ.ب.أ)

وأبطل «أبو سبيحة» الكثير من القرارات التي أصدرتها لجنة إزالة التمكين، التي استردت ملايين الدولارات التي تحصل عليها عناصر النظام المعزول بطرق غير مشروعة.

وتكونت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بموجب الوثيقة الدستورية، التي جرى توقيعها في أغسطس (آب) 2019 بين تحالف قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري حينها، لتعمل على استرداد الأموال العامة التي يعتقد أن قادة النظام السابق حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، كما تتولى اللجنة فصل وإبعاد المنتسبين للنظام المعزول من مفاصل المؤسسات المهمة.

وصادرت اللجنة مئات الأصول وقطع الأراضي والعقارات المملوكة لرموز في نظام البشير، أو حلفاء له من أصحاب الشركات والاستثمارات حتى الأجنبية منها، كما جرى توقيف عدد كبير من المتهمين بالإثراء الحرام وفقاً لقانون اللجنة.

قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)

وقال قاضي درجة أولى لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يأتي للنظر في القرارات التي أصدرتها لجنة التفكيك، ولم تنظر فيها الدائرة القانونية السابقة التي كان يرأسها القاضي بابكر (أبو سبيحة) أصبحت معلقة بسبب ظروف الحرب في البلاد، مضيفاً: ربما تكون هناك جهات أخرى تريد الاستئناف لدى اللجنة السابقة في قرارات لجنة إزالة التفكيك.

وأشار إلى أن هذا القرار يفتح الباب واسعاً للطعن والاستئناف في الكثير من قرارات لجنة إزالة التفكيك، بما في ذلك الإجراءات الخاصة بحل النقابات والهيئات التي كانت تتبع النظام المعزول.

وأضاف القاضي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن هذا القرار يؤكد أن كل القرارات التي نظرت فيها لجنة القاضي «أبو سبيحة» «خاطئة»؛ لأنها لم تتبع التدرج المنصوص عليه في قانون لجنة إزالة التفكيك والفساد «الموضوعي والإجرائي»، التي تم إلغاؤها بعد انقلاب 25 أكتوبر.

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية (أرشيفية - أ.ف.ب)

بدوره، قال القانوني معز حضرة لـ«الشرق الأوسط» إن القرار بتشكيل لجنة ليس جديداً، وهو إعادة تشكيل لجنة القاضي «أبو سبيحة» بعد تقاعده عن العمل، بعدما أصبحت الدائرة القانونية التي كان يرأسها كمرحلة استئنافية غير موجودة.

وأضاف أنه يعتقد أن فلول حزب المؤتمر الوطني «المنحل» الذين لم تفك أموالهم المصادرة بواسطة اللجنة السابقة، تقدموا بقرارات إلى عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، الذي ترأس اللجنة بعد انقلاب 25 أكتوبر.

وكشف عن أن جابر قام بفك كل الأموال والعقارات المملوكة لأعوان النظام المعزول، بحكم انتمائه للتنظيم الإسلامي، ومسؤوليته عن أموال الإسلاميين في عدد من الدول.

وقال حضرة إنه بعد اندلاع الحرب في البلاد عاد «فلول المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية»، وطالبوا بإلغاء قرارات لجنة التفكيك التي صادرت أموالهم.

وأوضح: وفقاً لقانون لجنة التفكيك لا يستطيع رئيس اللجنة، إبراهيم جابر، فعل شيء، لذلك عملوا على إعادة تكوين اللجنة القضائية من جديد لفك ما تبقى من أموال منسوبي المؤتمر الوطني المحجوزة بواسطة القضاء.

وأشار إلى أن صدور مثل هذا القرار في وقت تعاني البلاد من الحرب وآثارها الكارثية على الشعب السوداني، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك سيطرة فلول النظام المعزول على كل أجهزة الدولة، بما في ذلك القضاء والنيابة وغيرهما، مضيفاً: هذا ليس الوقت المناسب لفك أموال أشخاص متهمين في قضايا جنائية وشبهة فساد، ما يعد استخداماً سيئاً لأجهزة العدالة.

وقال عضو لجنة إزالة التمكين «المجمدة»، وجدي صالح، إن صدور قرار من رئيس القضاء بتشكيل دائرة للنظر في القرارات الصادرة من لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989، هو امتداد لسلسة من الإجراءات التي اتخذها انقلاب 25 أكتوبر في مواجهة كل القرارات التي صدرت خلال الفترة الانتقالية، وإلغاء كل قرارات وسياسات لجنة التفكيك لخلق واقع جديد يسيطر عليه فلول النظام السابق، بإعادة تمكينه داخل مؤسسات الدولة والخدمة المدنية، وإعادة الأموال التي نهبوها، والتي تم استردادها لخزينة العامة.

وأضاف أن القضاء هو واجهة لإصدار مثل هذه القرارات حتى توحي بأنها إجراءات قانونية، لكن الحقيقة غير ذلك، على حد تعبيره.

وعَدّ وجدي صالح أن قرار إعادة تشكيل الدائرة القانونية التي كان يرأسها القاضي أبو سبيحة، ومنحها حق النظر في الطلبات التي تقدم إليها بموجب قانون الإجراءات المدنية والمقصود المنازعات في التنفيذ؛ هدفه تمرير قرارات جديدة تنتقص من قرارات سابقة لحماية مصالح النظام المعزول.

وأوضح صالح أن سلطات الانقلاب اتخذت إجراءات عديدة بإلغاء القرارات الصادرة من لجنة التفكيك وتم تسليم الأموال لوزارة المالية.

وقال إن القرار غير «مستغرب» بعد أن تمت تهيئة المشهد بانقلاب 25 أكتوبر، الذي لم ينجح، وإعادة ترتيب الأوضاع من جديد بإشعال الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، اعتقاداً من الانقلابيين بأن هذا هو الوقت المناسب لإلغاء هذه القرارات والقضاء على ما كل له من صلة بثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة، التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير.

وذكر صالح أن القرار يتزامن مع عودة فلول النظام المعزول، الذين تمت إدانتهم بجرائم جنائية وفساد مالي خلال فترة حكمهم، وأن ظهورهم العلني مع المسؤولين في قيادة الجيش السوداني، يؤكد أن هذا القرار يستكمل حلقة عودتهم للسلطة مرة أخرى.