بلدية باريس تسجّل خطوة إيجابية في «مصالحة الذاكرتين» بين الجزائر وفرنسا

أزالت اسم عسكري مرتبط بفترة الاحتلال من أحد أبرز شوارعها

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)
عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)
TT

بلدية باريس تسجّل خطوة إيجابية في «مصالحة الذاكرتين» بين الجزائر وفرنسا

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)
عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

بينما يشهد ملف «الاشتغال على الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا جموداً، بسبب استمرار القطيعة السياسية بين البلدين، نزعت بلدية باريس، الاثنين، اسم مسؤول عسكري فرنسي كبير من أحد شوارعها الرئيسية؛ لارتباطه باحتلال الجزائر، وارتكاب جرائم بحق سكانها خلال القرن التاسع عشر.

وأكّدت عمدة باريس، آن هيدالغو، في بيان أذاعته البلدية على حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أنها قرّرت بالفعل «تغيير اسم هذا الطريق (يقع بالدائرة الباريسية رقم 16)، بسبب الدور السيئ الذي لعبه المارشال توماس روبرت بوجو (المسمى عليه الشارع) في الجزائر، خلال الفترة 1830 - 1840، حيث ارتكب ما يمكن أن يُعدّ اليوم جرائم حرب».

اسم المارشال بوجو على اللوحة قبل نزعه (متداول)

وكان المارشال بوجو حاكماً عاماً للجزائر خلال الفترة الاستعمارية، ولعب دوراً بارزاً في قمع حركات المقاومة الشعبية الجزائرية التي قامت في تلك الفترة على أثر احتلال فرنسا للجزائر عام 1830.

وافتتحت العمدة آن هيدالغو اللوحة الجديدة للشارع الذي تم إعادة تسميته باسم هوبرت جيرمان، تكريماً لآخر رفيق من رفاق التحرير من ألمانيا النازية، خلال الحرب العالمية الثانية، حسبما أفادت وسائل الإعلام المحلية، وهو مولود في الدائرة 16 من باريس عام 1920، وتوفي سنة 2021، وأوضحت بلدية باريس في منشورها أنها ترغب في «تقديم آخر تكريم» لهذا المقاوِم الذي كان «الناجي الأخير من رفاق التحرير» عند وفاته.

أعضاء لجنة الذاكرة الجزائريون مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

أما بوجو فقد توفي مصاباً بالكوليرا عام 1849، وارتبط تاريخه أيضاً بأساليب الحفاظ على النظام التي كانت عنيفة للغاية، حسب كتب التاريخ، خصوصاً خلال قمع «الثورة الجمهورية» عام 1834، في شارع ترانسونان بباريس.

وكردّ فعل على قرار البلدية، كتب شمس الدين حفيز، عميد «مسجد باريس الكبير»، التابع إدارياً ومالياً للجزائر، بحسابه بالإعلام الاجتماعي: «لم يكن بإمكان باريس الاستمرار في تكريم المارشال، المسؤول عن أسوأ المجازر في بداية استعمار الجزائر، الذي قال: اقضوا عليهم حتى آخر واحد».

وقال حفيز إنه «يرحّب بقرار العمدة آن هيدالغو إعادة تسمية الشارع باسم هوبرت جيرمان، المقاوم وآخر رفيق من رفاق التحرير، الذي يمكننا جميعاً أن نكون ممتنّين له»، وختم حفيز منشوره قائلاً: «الذاكرة من أجل كتابة المستقبل تحتاج إلى الحقيقة والإنسانية»، في إشارة إلى مساعٍ جارية بين الجزائر وفرنسا منذ عامَين، في إطار ما سُمّي فرنسياً بـ«مصالحة الذاكرتين»، وتهتم في جانب منها بقول الحقيقة حول الجرائم التي ارتُكِبت خلال الاحتلال، وإدانة المسؤولين عنها.

صورة المارشال بوجو في لوحة فنية (متداولة)

وفي منتصف مارس (آذار) الماضي، احتجّ باحثون فرنسيون مختصون في التاريخ، بشدة، على قرار بلدية تول (شرق فرنسا)، إقامة تمثال للعقيد المظلي مارسيل بيجار، الذي عُرف بممارسة التعذيب في صفوف الجيش الفرنسي بالجزائر والهند الصينية سابقاً خلال خمسينات القرن الماضي.

وفي الشهر نفسه أثار مهتمون بكتابة تاريخ الاستعمار الجدلَ من جديد حول التعذيب الذي مارسته فرنسا في الجزائر، وكان ذلك بمناسبة صدور فيلم جديد يحمل اسم «بن مهيدي»، يصوّر الانتهاكات التي تعرّض لها بطل ثورة التحرير على أيدي ضباط الجيش الفرنسي.

وفي الفترة ذاتها، راسلت 20 منظمة في فرنسا مهتمة بالتاريخ، قصر «الإليزيه»، تطالبه بـ«اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها عن ممارسة التعذيب» بشكل عام خلال الثورة الجزائرية.


مقالات ذات صلة

معرض باريسي عن أساطير ما وراء الموت

يوميات الشرق هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟ (دليل المعرض) 

معرض باريسي عن أساطير ما وراء الموت

المعرض صغير وشيّق؛ يبحث في تاريخ الأساطير وحفريات التربة والاكتشافات العلمية والثقافات الشعبية التقليدية وكذلك في الصور التي قدمتها السينما الهوليوودية للزومبي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم خلال إقلاع طائرة تابعة لشركة «إير فرنس» الفرنسية (رويترز - أرشيفية)

شركة «إير فرنس» تحقق في تحليق طائرة فوق العراق خلال هجوم إيراني على إسرائيل

قالت شركة «إير فرنس»، الأربعاء، إنها فتحت تحقيقاً داخلياً بعد أن حلقت إحدى طائراتها فوق العراق في أول أكتوبر (تشرين الأول)، خلال هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا عمر بن لادن في مرسمه بإقليم أورن في نورماندي (متداولة)

ترحيل نجل أسامة بن لادن من فرنسا ومنعه من العودة

أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو ترحيل عمر أحد أبناء مؤسس تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن من البلاد بعد أن عاش هناك سنوات يرسم المناظر الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
أوروبا وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (أ.ف.ب)

ترحيل نجل أسامة بن لادن من فرنسا

أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، اليوم (الثلاثاء)، ترحيل أحد أبناء مؤسس تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، من البلاد.

«الشرق الأوسط» (باريس )
شمال افريقيا وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)

الجزائر تطلب من فرنسا «تحسين ظروف» رعاياها المهاجرين

ناشدت الجزائر السلطات الفرنسية «الاعتناء» بملايين المهاجرين الجزائريين، على أساس أنهم يعانون «التمييز والإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية».


تحذير سعودي ــ مصري من «سياسات حافة الهاوية»

 الرئيس المصري مستقبلاً ولي العهد السعودي في القاهرة أمس (واس)
الرئيس المصري مستقبلاً ولي العهد السعودي في القاهرة أمس (واس)
TT

تحذير سعودي ــ مصري من «سياسات حافة الهاوية»

 الرئيس المصري مستقبلاً ولي العهد السعودي في القاهرة أمس (واس)
الرئيس المصري مستقبلاً ولي العهد السعودي في القاهرة أمس (واس)

شدّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس (الثلاثاء)، على ضرورة «التوقف عن سياسات حافة الهاوية، بما يوقف دائرة الصراع الآخذة في الاتساع في المنطقة»، وطالبا بـ«بدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفي لبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة».

وجاء الموقف السعودي - المصري خلال محادثات أجراها الأمير محمد بن سلمان والرئيس السيسي في القاهرة، وأفادت الرئاسة المصرية بأن المحادثات تناولت التطورات الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع في غزة ولبنان، و«تم التوافق على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة وقف التصعيد».

وأكد الزعيمان «ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه». كما شدّدا على أن «إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، هي السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام». وحذّرا أيضاً من أن «محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب في استمرار حالة الصراع في المنطقة».

وتناولت مباحثاتهما عدداً من القضايا الإقليمية، على رأسها أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع في السودان وليبيا وسوريا.

وشهد ولي العهد السعودي والرئيس المصري التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاستهما، إضافة إلى التوقيع على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين.