«الجامعة العربية» لتعزيز العلاقات مع تركيا عقب مصالحات ثنائية

أبو الغيط في أنقرة للمرة الأولى منذ 8 سنوات

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

«الجامعة العربية» لتعزيز العلاقات مع تركيا عقب مصالحات ثنائية

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

بدأ الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الثلاثاء، زيارة إلى تركيا، هي الأولى من نوعها منذ توليه مهام منصبه عام 2016، ما عَدَّه خبراء «خطوة نحو تعزيز العلاقات العربية - التركية في أعقاب مصالحات ثنائية، كان آخرها التقارب بين القاهرة وأنقرة».

وقال المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، في إفادة رسمية، الثلاثاء، إن زيارة أبو الغيط للعاصمة أنقرة تأتي تلبية لدعوة تلقّاها من الحكومة التركية، مشيراً إلى أنه «من المنتظر أن تشهد الزيارة التباحث مع الجانب التركي حول الأوضاع المستعرة في المنطقة عموماً، وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بشكل خاص، وذلك في ضوء الاهتمام الكبير الذي تحظى به القضية من الطرفين».

وأضاف رشدي أن «مباحثات بين الأمين العام في أنقرة من المتوقع أن تتطرّق إلى عدد من الموضوعات السياسية، وعلى رأسها تعزيز العلاقات، والتعاون بين الجامعة العربية وتركيا»، مشيراً في هذا الصدد إلى «دور ونشاط تركيا على الساحة الدولية، والعلاقات المتميزة حالياً بين الجانبين في العديد من المجالات، ومواقف أنقرة الإيجابية إزاء القضية الفلسطينية».

ومن المقرّر أن «يشارك أبو الغيط في افتتاح الدورة الـ15 لـ(منتدى التعاون الاقتصاد العربي - التركي) الذي سيُعقَد الخميس المقبل في مدينة إسطنبول»، وفق المتحدث باسم الأمين العام.

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط

وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، حضر في سبتمبر (أيلول) الماضي، أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وألقى كلمة أشار فيها إلى التقارب بين القاهرة وأنقرة، وقال: «نودّ أن يعطي ذلك زخماً للعلاقات مع الدول العربية»، مؤكداً «أهمية التعاون التركي مع العالم العربي، لا سيما وأن الجانبين يواجهان نفس التحديات، ولهما نفس الأهداف».

وعَدّ أبو الغيط حضور وزير الخارجية التركي اجتماع وزراء الخارجية العرب «رسالة عربية، مفادها أن الدول العربية مستعدة للتفاهم مع تركيا»، حسب تصريحات له عقب الاجتماع الشهر الماضي.

وألغت جامعة الدول العربية لجنتَي التدخلات التركية والإيرانية في الشؤون العربية خلال «قمة البحرين»، التي عُقدت في المنامة في مايو (أيار) الماضي.

وأكّد نائب مدير تحرير مجلة «الديمقراطية» بمؤسسة «الأهرام» المصرية، كرم سعيد، «أهمية زيارة أبو الغيط لأنقرة لعدة اعتبارات»، من بينها، حسب حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنها «الأولى منذ عدة سنوات، كما أنها تأتي في توقيت حرج تشهد فيه المنطقة توترات غير مسبوقة، ومخاوف من اتساع جبهة الحرب»، وقال سعيد: «الزيارة تأتي أيضاً في ظل توجّه تركي مغاير نحو محاولة إصلاح وتطوير العلاقات مع الدول العربية، لا سيما دول الخليج ومصر وسوريا»، واصفاً ذلك بأنه «تحوّل لافت من جانب أنقرة تجاه المنطقة».

ومنذ عام 2020 أطلقت تركيا حملة لتعزيز العلاقات مع دول الخليج، والعام الماضي قام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بجولة خليجية شملت المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات، وأشاد بتطور العلاقات مع دول الخليج، وقال إن بلاده «ستواصل جهودها لإقامة حزام سلام واستقرار وازدهار حولها».

كما تَسارع مسار المصالحة المصرية - التركية أخيراً، منهياً عقداً من التوترات، لا سيما مع أول زيارة رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة في سبتمبر الماضي، التي أعقبت أخرى مماثلة لنظيره التركي للقاهرة، في فبراير (شباط) الماضي، ليدشن البلدان «حقبة جديدة» من التعاون.

وأشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إلى «أهمية الزيارة في سياق تعزيز العلاقات العربية - التركية بشكل عام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة أبو الغيط لأنقرة «تأتي في ظل دور نشط لأنقرة إقليمياً، ما يفتح مجالاً للتعاون في القضايا المختلفة، لا سيما غزة ولبنان، والعمل على احتواء أزمات المنطقة».

في سياق ذلك، أكّد كرم سعيد أن «زيارة أبو الغيط لأنقرة تأتي في توقيت مهم، يعاني فيه العالم والمنطقة العربية من أزمات اقتصادية، ما يضع تعزيز المبادلات التجارية بين الجانبين على أجندة الحوار»، مضيفاً أن «الزيارة قد تفتح أفاقاً جديدة للعلاقات العربية - التركية على جميع المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية، لا سيما في ظل وجود بيئة خصبة تدفع لتطور العلاقات».


مقالات ذات صلة

توافق سعودي - مصري لتكثيف الجهود الرامية لصون السلم والأمن

الخليج ولي العهد السعودي والرئيس المصري بحثا العلاقات وسبل تعزيزها في المجالات كافة (واس)

توافق سعودي - مصري لتكثيف الجهود الرامية لصون السلم والأمن

جددت السعودية ومصر عزمهما على تكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين عبر بيان مشترك في ختام زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في اجتماع جدة الذي خرج بالموافقة على انضمام 10 دول ـ (وزارة البيئة)

«مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» تستهدف إطلاق مشاريع في بعض الدول قبل نهاية 2025

كشف رئيس اللجنة التنفيذية لـ«مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» الدكتور أسامة فقيها عن أن المبادرة تستهدف إطلاق عدد من المشاريع

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج السفير السعودي نايف السديري خلال لقائه وزير المالية الفلسطيني عمر البيطار الثلاثاء (واس)

السعودية تسلم الدفعة الثانية من الدعم الشهري للفلسطينيين

سلّمت السعودية الدفعة الثانية من الدعم المالي الشهري للفلسطينيين، للإسهام في معالجة الوضع الإنساني في غزة ومحيطها.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
الخليج جانب من وصول وحدات القوات البحرية السعودية إلى اليونان (وزارة الدفاع السعودية)

تعزيزاً للتحالفات والأمن البحري... مشاركة سعودية بمناورات رباعية في اليونان

تشارك القوات البحرية السعودية في التمرين البحري الجوي المختلط (ميدوزا 13)، المقام باليونان، الذي سيشهد عمليات عسكرية، وعمليات معلومات، ويشهد هجوماً برمائياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان خلال مباحثاته مع تشانغ هوا في مقر وزارة الثقافة السعودية بالعاصمة الرياض الاثنين (واس)

مباحثات سعودية – صينية تعزز التعاون والتبادل الثقافي

بحث الأمير بدر بن عبد الله، وزير الثقافة السعودي، مع تشانغ هوا السفير فوق العادة والمفوض الجديد للصين لدى السعودية، الاثنين، سبل تعزيز التعاون والتبادل الثقافي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما خيارات القاهرة للتعامل مع تداعيات اتفاقية «عنتيبي»؟

نهر النيل أهم مصدر للمياه لمصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
نهر النيل أهم مصدر للمياه لمصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

ما خيارات القاهرة للتعامل مع تداعيات اتفاقية «عنتيبي»؟

نهر النيل أهم مصدر للمياه لمصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
نهر النيل أهم مصدر للمياه لمصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثار قرار دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ تساؤلات عدة بشأن خيارات القاهرة للتعامل مع تداعيات الاتفاق الذي يسمح بإعادة تقسيم المياه، ويمنح حرية لدول المنبع في حوض النيل بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتَي مصر والسودان.

ورأى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن خيارات مصر ستكون مستمرة في مسار التعاون مع دول حوض النيل بدليل اعتماد صندوق للاستثمار معها، بجانب تحركات دبلوماسية مكثفة لتفادي أي خطط إثيوبية تستهدف حصص مصر المائية والاتفاقيات المنظمة لها، وسط اقتراحات بالعمل على صيغة جديدة تجمع دول المنبع والمصب على اتفاق محل قبول من الجميع لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية دون ضرر بأحد.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، تمسك، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، بالقاهرة، مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، بأن «قضية المياه وجودية بالنسبة لمصر». وشدد على أن «مصر لن تقبل تحت أي ظرف أي مساس بأمنها المائي وبحصتها المائية أو إحداث أي ضرر»، مؤكداً أن «القاهرة تتحذ كل الإجراءات الكفيلة التي يكفلها القانون الدولي للدفاع عن مصالحها المائية، خصوصاً إذا حدث أي ضرر».

وتأتي تصريحات عبد العاطي، غداة تصريحات وزير المياه والطاقة الإثيوبي هابتامو إيتيفا، بشأن إعلان دخول اتفاقية «عنتيبي» حيّز التنفيذ في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتأكيده على أنها «ستُحدث تحولاً كبيراً نحو استخدام موارد المياه وستمكّن من إنشاء لجنة حوض نهر النيل» بين الدول الموقّعة، وهي: إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي وجنوب السودان.

وبرأي إيتيفا، فإن «جميع القوانين التي كانت لدينا في حوض النيل لم تكن شاملة في السابق، مع تجاهُل حق مواطني دول المنبع، بما في ذلك إثيوبيا، ووجود ظلم في كيفية استخدام النيل، خصوصاً من جانب إخواننا من دول المصب (مصر والسودان)»، وحث جميع دول الحوض على الانضمام إلى الاتفاقية، وتنفيذ مبادئها بأمانة.

نهر النيل في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ووفق الوزير الإثيوبي، ستعمل اللجنة على «دعم التنمية في جميع أنحاء حوض النيل، وتسهيل تنفيذ المشاريع من المنبع إلى المصب»، في إشارة إلى أن قراراتها ستطول دولتَي المصب مصر والسودان، اللذين رفضا الاتفاقية، السبت، في بيان مشترك، ودعيا لمراجعتها، عادين «مفوضية الدول الـ6 الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل، لا تمثل حوض النيل في أي حال من الأحوال».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أكدت أن مصر لم توقع على الاتفاقية ولا يقع عليها التزام أو تداعيات وفق القانون الدولي، مستبعدة أي مساس بحصتها من جانب دول الاتفاقية التي وصفتها بأنها «غير قانونية وتمس قدسية الاتفاقيات الدولية».

لكن مدير مركز «دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، يعتقد أن «الاتفاقية سيكون لها تأثير وتداعيات على حصة مصر من المياه، وعلى القاهرة التحرك العاجل لإقناع دول حوض النيل بإرادتها دبلوماسياً، وتقوية علاقاتها مع دول حوض النيل».

وفي حال افتراض أن الاتفاقية لن تكون لها تداعيات على مصر، فإن مصر أيضاً «تحتاج أن تقوي علاقاتها مع دول حوض النيل خصوصاً مع التحركات الإثيوبية لتكوين تحالفات ضد مصر»، وفق إبراهيم.

وبالتوازي، أعلنت الحكومة المصرية في بيان صحافي، الأربعاء، أن مجلس الوزراء وافق على اعتماد مقترح بشأن قيام الدولة المصرية بتأسيس آلية تخصص لتمويل دراسة وتنفيذ المشروعات التنموية والبنية الأساسية بدول حوض النيل؛ وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في هذا الشأن.

منظر عام لمقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا في 15 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

وفي هذا الإطار، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أنه «من هذا المنطلق تسعى الدولة المصرية إلى تطوير الاستراتيجية الإنمائية المصرية في أفريقيا، بحيث تتواكب مع المتغيرات المتسارعة التي تشهدها القارة والعالم بأسره في المرحلة الراهنة، مع التركيز في المرحلة الأولى على منطقة حوض النيل في ضوء العلاقات التاريخية والوثيقة بين مصر ودول حوض النيل».

وكشف المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، عن أن «الآلية تهدف إلى تحقيق التنمية على أساس المشاركة والتعاون بين مصر وأشقائها في دول حوض النيل من خلال تعزيز الاستثمار في المشروعات التنموية ومشروعات البنية الأساسية في هذه الدول، معتمدة على ميزانية الدولة المصرية، والشراكة مع القطاع الخاص المصري، والشراكة مع الأشقاء في دول حوض النيل، وشركاء القارة الأفريقية من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية».

وبتقدير السفيرة منى عمر، فإن منحنى التعاون سيكون المسار الأبرز لخيارات مصر، الذي ترجم، الأربعاء، باعتماد صندوق دول حوض النيل، مما يحقق المنفعة للجميع ويزيد من الشراكات المصرية الأفريقية.

وزير الخارجية المصري مع أحد السفراء الأفارقة المعتمدين في القاهرة (وزارة الخارجية المصرية)

وفي حين استبعدت أي صدام مع دولة من دول حوض النيل فإنها أكدت أن «إثيوبيا هي مَن تسعى إلى ذلك» ومصر لديها سياساتها المتوازنة المعروفة و«الأفضل لأديس أبابا أن تستجيب لتطلعات التعاون بين دول حوض النيل، ولا تتنصل من التزامات دولية، وتفرض اتفاقية غير قانونية ولن تعترف بها مصر».

ويضم حوض نهر النيل 11 دولة أفريقية بين دول المنبع: (بوروندي، والكونغو، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا، وجنوب السودان)، فضلاً عن دولتي المصب (مصر والسودان)، وسط تجاذبات تقودها أديس أبابا تجاه اتفاقيات المياه التاريخية، وظهر ذلك بصورة جلية بعد بناء إثيوبيا «سد النهضة»، قبل نحو عقد، والحديث عن اتفاقيات ما تسميها «الحقب الاستعمارية» والدعوة لتعديلها أو إلغائها.

نهر النيل أهم مصدر للمياه لمصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتُعارض مصر والسودان الاتفاقية، وتتمسّكان باتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، كما تُقرّ نسبة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، ونسبة 18.5 مليار متر مكعب للسودان، وترفض أي مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

وحذَّر الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم من «مسعى دول حوض النيل إلى مراجعة اتفاقية 1959؛ لأن ذلك سيجعل مصر تواجه عوائق قانونية مع تحرك إثيوبي في هذا الطريق لإقناع دول حوض النيل بمراجعة الاتفاقيات السابقة»، داعياً القاهرة إلى أن «تتحرك دبلوماسياً ضد أجندات أديس أبابا».

ولا تستبعد السفيرة منى عمر أي خطوة إثيوبية في هذا الصدد، مرجحة ألا تقبل أديس أبابا بمراجعة اتفاقية «عنتيبي»، والتعاون كما طلبت القاهرة، غير أنها ترى أن مسار التعاون يجب أن يستمر بين مصر وباقي دول حوض النيل؛ للتوصل إلى صيغة جديدة تجمع دول المنبع والمصب معاً، وتكون محل اتفاق بين الجميع.