تحذيرات مصرية من المشروعات «غير المدروسة» على الأنهار

مدبولي يرى أن «سد النهضة» الإثيوبي قد يؤدي إلى تزايد «الهجرة غير الشرعية»

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال كلمته في «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)
رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال كلمته في «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)
TT

تحذيرات مصرية من المشروعات «غير المدروسة» على الأنهار

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال كلمته في «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)
رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال كلمته في «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)

وسط مخاوف من تصاعد أزمة «الندرة المائية»، حذرت مصر من المشروعات المائية «غير المدروسة» التي تقام على الأنهار الدولية. وأكدت ضرورة «حفاظ واستدامة الموارد المائية الدولية وفقاً لمبادئ القانون الدولي». وأشارت القاهرة إلى «مخاطر التشغيل الأحادي لمشروع (سد النهضة) الإثيوبي»، وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأحد: «السد قد يؤدي إلى تزايد الهجرة غير الشرعية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «بلاده تضع المياه على رأس أولوياتها»، وقال في كلمة مسجلة خلال افتتاح فعاليات مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه»، الأحد، إن «نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه في مصر، بنسبة تتجاوز 98 في المائة»، عاداً أن الحفاظ على هذا المورد «مسألة وجود تتطلب التزاماً سياسياً دؤوباً وجهوداً دبلوماسية وتعاوناً مع الدول الشقيقة».

وأكد السيسي أهمية «بحث سبل تنمية الموارد المائية، في ظل تصاعد أزمة الشح والندرة المائية»، مشيراً إلى مخاطر «المشروعات العملاقة التي تقام لاستغلال الأنهار الدولية بشكل (غير مدروس)، ودون مراعاة لأهمية الحفاظ وسلامة واستدامة الموارد المائية الدولية»، وشدد على ضرورة «الإخطار المسبق، وتبادل المعلومات والتشاور، وإجراءات الدراسات اللازمة؛ لضمان عدم الإضرار»، داعياً المجتمع الدولي إلى «زيادة دعمه للجهود الأفريقية في مجال الموارد المائية، وتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمين لتحقيق الأمن المائي».

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

جانب من افتتاح «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)

وافتتح مدبولي، الأحد، النسخة السابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» (مؤتمر سنوي يناقش أبرز التحديات المائية في مصر وأفريقيا والعالم)، بحضور مسؤولين مصريين ودوليين وأفارقة، وبمشاركة نحو 30 منظمة دولية وإقليمية، ويقام بالتزامن مع «أسبوع المياه الأفريقي» التاسع، في ضوء رئاسة مصر لمجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو).

وحذر في كلمة له من «مخاطر (التصرفات الأحادية) من الحكومة الإثيوبية في مشروع (سد النهضة)»، وقال مدبولي إن «السد الإثيوبي بدأ إنشاؤه منذ أكثر من 13 عاماً، دون تشاور أو دراسات كافية تتعلق بالسلامة والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للدول المجاورة»، مؤكداً أن التشغيل الأحادي غير التعاوني لـ«السد» سيؤدي إلى «عواقب وخيمة، منها فقدان مليون ومائة ألف شخص سبل عيشهم، وفقدان نحو 15 في المائة من الرقعة الزراعية»، إلى جانب «زيادة التوترات الاجتماعية والاقتصادية بما يؤدي إلى النزوح والتهجير، وتفاقم (الهجرة غير الشرعية) عبر الحدود المصرية».

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي، وسط اعتراضات من دولتَي المصب (مصر والسودان)، للمطالبة باتفاق «قانوني يُنظّم عمليات ملء وتشغيل السد، بما لا يضر بحصتَيهما في المياه».

وتوقف رئيس الوزراء المصري، مع ما سمَّاه «القرار غير التوافقي الذي اتخذته بعض دول حوض نهر النيل، بالتوقيع على مشروع غير مكتمل للاتفاقية الإطارية لدول الحوض»، وهي الاتفاقية المعروفة باسم (عنتيبي)، وعدّ هذا التحرك «مخالفاً لمبادرة حوض النيل التي تم تأسيسها عام 1999 بمشاركة جميع دول الحوض»، وقال إنه «رغم تعليق مصر مشاركتها في الأنشطة الفنية للمبادرة، بسبب تحركات بعض الدول باتفاقية (عنتيبي)، فإن القاهرة ترى أن المبادرة ستظل الآلية الشاملة والوحيدة، التي تمثل حوض نهر النيل بأكمله»، مطالباً بضرورة «الحفاظ على الحقوق القانونية والالتزامات المترتبة عليها، وتجنب مزيد من الإجراءات ترسخ الانقسام بين دول الحوض».

واتفاقية «عنتيبي» قدمتها إثيوبيا في عام 2010 لدول حوض النيل للموافقة عليها، حيث أقرتها 6 دول هي (إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وجنوب السودان)، وترفضها مصر والسودان، كونها تُنهي الحصص التاريخية لمصر والسودان المقررة في اتفاقيات المياه مع دول حوض النيل (55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان).

وسلمت أديس أبابا، اتفاقية «عنتيبي» إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، تمهيداً لدخولها حيز التنفيذ، رداً على خطاب قدمته مصر لمجلس الأمن، ترفض فيه «إجراءات الملء الخامس لسد النهضة».

وقال خبير المياه الدولي، ضياء القوصي، إن «تأكيد القاهرة على عدم إلزامية اتفاقية (عنتيبي) رسالة ضرورية، منعاً لاتخاذ الدول الموقعة عليها قرارات تضر بمصالح مصر والسودان المائية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية تريد التأكيد على غياب التوافق والإجماع بشأن هذه الاتفاقية من دول حوض النيل».

وأشار القوصي إلى أن استمرار التشغيل الأحادي لـ«سد النهضة» الإثيوبي، قد يترتب عليه «تصعيد الأمر للتحكيم الدولي»، وقال إنه «حال ثبوت الضرر على دولتي المصب، قد يدفع مجلس الأمن إلى إحالة القضية لمحكمة العدل الدولية للنظر بشأنها».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وترى القاهرة، في إقامة «السد» الإثيوبي دون اتفاق، «مخالفة لمبادئ القانون الدولي، ولإعلان المبادئ الموقّع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، ويتعارض مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر 2021».

أما أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار في جامعة «تشابمان» الأميركية، هشام العسكري، (أحد المشاركين في مؤتمر أسبوع القاهرة للمياه)، فيرى في «التصرفات الأحادية» الإثيوبية «أضراراً مضاعفة على دولتي المصب مصر والسودان»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «غياب التنسيق من جانب أديس أبابا مع دولتي المصب، سيؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الرقعة الزراعية، بسبب الجفاف، في ظل تحدٍ آخر، وهو التغير المناخي»، وقال مثل هذه التأثيرات «ستزيد من حالات الهجرة والنزوح القسري للسكان، ما يعني تزايد أعداد (الهجرة غير الشرعية) بالمنطقة».

كما حذر أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار من «خطورة إقامة مشروعات مائية من دون دراسات لآثارها البيئة والاقتصادية»، مدللاً على ذلك «بعدم وجود دراسات كاملة تتعلق بأمان مشروع (سد النهضة)».

من جانبه، جدد وزير الري المصري، هاني سويلم، التأكيد على تحدي الندرة المائية لبلاده، وقال في كلمته بالمؤتمر، إن «مصر تعد من أكثر الدول جفافاً بمعدل أمطار سنوي لا يتجاوز 1.3 مليار متر مكعب، في المقابل تتجاوز كمية الأمطار المتساقطة في دول أعالي نهر النيل 1600 مليار متر مكعب سنوياً، ولا يصل مصر منها سوي 3 في المائة من هذه الأمطار»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد مبرر للتنافس على المياه بالمنطقة»، لافتاً إلى «حرص بلاده على تعزيز التعاون مع دول حوض النيل، بمشروعات ثنائية تمولها القاهرة، في دول (كينيا، أوغندا، جنوب السودان، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، ورواندا)».

وأكد الوزير المصري «رفض بلاده للإجراءات غير التعاونية والأحادية المتمثلة في إنشاء السد الإثيوبي، دون الالتزام بتطبيق قواعد القانون الدولي، وتجاهل المبادئ الأساسية للتعاون، خصوصاً مبدأ التشاور وإجراء دراسات تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وهو ما قد يتسبب في حدوث أضرار جسيمة».


مقالات ذات صلة

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

العالم العربي رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

بفوز رئيس جديد محسوب على المعارضة، لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تتجه الأنظار نحو مصير مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا والتي تعارضها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وصلت إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

تلميح إثيوبي باحتمال عدم خروج قواتها المشاركة بـ«حفظ السلام» في مقديشو بعد قرار صومالي باستبعادها رسمياً بنهاية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

أجرى إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأربعاء، انتخابات رئاسية مرتقبة، في ظل تساؤلات حول تأثير نتائجها على توترات منطقة القرن الأفريقي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مباحثات بين الوفد المصري برئاسة السفير إيهاب عوض والوفد التركي برئاسة السفيرة إليف أولغن بمشاركة السفير التركي في القاهرة صالح موتلو شن (الخارجية المصرية)

مشاورات مصر وتركيا بشأن أفريقيا وليبيا... «مساحات تفاهم وتعاون مشترك»

مشاورات دبلوماسية مصرية - تركية بشأن الوضع بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي وليبيا في إطار السعي للتوصل لتفاهمات وتعاون مشترك بتلك المناطق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.