مصر: أزمات تطبيقات «النقل الذكي» تعود للواجهة بعد إدانة سائق بـ«فعل فاضح»

مشهد علوي للعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي للعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: أزمات تطبيقات «النقل الذكي» تعود للواجهة بعد إدانة سائق بـ«فعل فاضح»

مشهد علوي للعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي للعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

أعادت إدانة سائق بإحدى شركات «النقل الذكي» في مصر، بارتكاب «فعل فاضح» في أثناء استقلال الفنانة المصرية هلا السعيد سيارة في القاهرة، أزمات وحوادث تلك التطبيقات إلى الواجهة مجدداً، بعد عدة وقائع شهدتها البلاد ارتبطت بسائقيها.

وقضت محكمة جنح مستأنف أكتوبر بتأييد حكم السجن بحق السائق لمدة سنة، في الواقعة التي تعود إلى شهر مايو (أيار) الماضي، عندما كشفت الممثلة المصرية عن تفاصيلها، من خلال فيديو نشرته في ذلك الوقت عبر حسابها الرسمي على «إنستغرام»، وتقدمت ببلاغ ضد السائق متهمة إياه بـ«ارتكاب أفعال خادشة للحياء في أثناء ركوبها معه، مما أدى لنزولها من السيارة».

وقال علي فايز، دفاع المتهم، في تصريحات لصحف محلية، أول من أمس، إن الواقعة تتلخص في سوء تفاهم لدى الفنانة بخصوص أفعال السائق، إذ ظنت أنه يتحرش بها.

ومع نظر القضية، عاقبت محكمة جنح الشيخ زايد، في يوليو (تموز) الماضي، السائق بالحبس لمدة عام، وكفالة مالية 1000 جنيه، بناء على الاتهامات المسندة إليه بارتكاب فعل فاضح «التبول في طريق عام»، وتم استئناف الحكم أمام محكمة جنح مستأنف أكتوبر، التي أيدت حكم السجن بحق السائق.

من جانب آخر، قالت وزارة الداخلية المصرية، في بيان، الاثنين الماضي، إنه ورد لقسم شرطة المعادي بمديرية أمن القاهرة بلاغاً من سيـدة ونجلتها «تحملان جنسية إحدى الدول» بتضرر المُبلغة من قيام قائد سيارة تابعة لأحد تطبيقات «النقل الذكي» بالتحرش لفظياً بنجلتها ومضايقتها حال استقلالها السيارة صحبته لتوصيلها لأحد الأماكن، لافتة إلى أنه بالفحص أمكن تحديد وضبط السائق مُرتكب الواقعـة ، وبمواجهته أقر بارتكاب الواقعة، ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده.

https://x.com/YousriSaid1/status/1843231920735564192

وشهدت مصر خلال الأشهر الماضية عدة وقائع واجه فيها سائقو النقل الذكي اتهامات مماثلة، أشهرها واقعة وفاة حبيبة الشماع (24 عاماً)، المعروفة بـ«فتاة الشروق»، بعد أن قفزت من سيارة أجرة تابعة لأحد التطبيقات الذكية وهي تسير بسرعة، مما عرضها لإصابات خطيرة سقطت على أثرها في غيبوبة لمدة 21 يوماً، فيما كانت آخر إفادة قالتها لمن حاول إنقاذها إن «السائق كان يحاول اختطافها».

أعقبها تعرض إحدى الأمهات، تدعى نبيلة عوض (40 عاماً)، لمحاولة اعتداء بعد أن استقلت سيارة «نقل ذكي» من منطقة التجمع (شرق القاهرة) إلى منطقة الشيخ زايد في الجيزة، وطلب منها السائق إلغاء الرحلة والدفع له نقداً، وحين رفضت، اصطحبها السائق إلى مكان مهجور في صحراء التجمع الثالث، وحاول الاعتداء عليها تحت تهديد سلاح أبيض، ولكنها تمكنت من الفرار.

وهي الوقائع التي شغلت الرأي العام المصري ودفعت أعضاء في مجلس النواب (البرلمان) للتفاعل معها، متقدمين بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة بشأن النقل الذكي، من بينهم النائب عبد المنعم إمام، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه تقدم بطلب إحاطة قبل عدة أشهر حول مشكلة الأمان المتعلقة بتطبيقات النقل الذكي، بعدما تبين عدم قيام الشركات بتقنين أوضاعها، حيث طالب بوضع ضوابط صارمة لضمان سلامة وأمان المواطنين، وضرورة مناقشة كيفية تنظيم عمل النقل الذكي ووضع ضوابط جديدة له، وكذلك تنفيذ أنظمة مراقبة شاملة.

وبرأي «إمام»، فإن «مشكلات النقل الذكي في مصر لن تحل إلا بوجود ما يشبه الصندوق الأسود على غرار الطائرات؛ يعمل مع بداية الرحلة ليقوم بتسجيلها صوتاً وصورة، ويتوقف عندما ينزل الراكب من السيارة».

من جانبها، قالت الخبيرة الاجتماعية والأسرية في مصر، داليا الحزاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تطبيقات النقل الذكي تتطلب وقفة صارمة وتعاملاً حازماً مع السائقين، وفقاً لمقولة (من أمن العقاب أساء الأدب)»، لافتة إلى أنه «يجب إلزام الشركات بتركيب كاميرات مراقبة، يمكن من خلالها محاسبة السائقين على تجاوزاتهم سواء كانت بالألفاظ أو الأفعال».

كما تطالب «الحزاوي» الأسر بالاتجاه إلى بدائل النقل الآمنة التي قامت الحكومة بتوفيرها والتوسع فيها مؤخراً، مثل حافلات النقل الذكي الجماعية الخاصة، التي تديرها شركات خاصة بالشراكة مع الحكومة، فهي أكثر أماناً خاصة للفتيات والسيدات.


مقالات ذات صلة

سيارة تصدم عدداً كبيراً من الأطفال أمام مدرسة بوسط الصين (فيديو)

آسيا تقديم المساعدة لضحية بعد اصطدام سيارة خارج مدرسة ابتدائية في مقاطعة هونان بالصين (رويترز) play-circle 00:35

سيارة تصدم عدداً كبيراً من الأطفال أمام مدرسة بوسط الصين (فيديو)

ذكرت وسائل إعلام رسمية اليوم (الثلاثاء) أن عدداً كبيراً من الأطفال أصيبوا عندما صدمتهم مركبة عند بوابة مدرسة في وسط الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين )
يوميات الشرق إدغار باريينتوس كوينتانا (وسائل إعلام محلية)

سُجن 16 عاماً... تبرئة أميركي من جريمة قتل لم يرتكبها

أعلن المدعي العام المحلي، الثلاثاء، أن رجلاً من مينيسوتا أُطلق سراحه من السجن بعد أن أمضى 16 عاماً في السجن بتهمة ارتكاب جريمة قتل لم يرتكبها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا سيارة إسعاف في باكستان (أرشيفية - إ.ب.أ)

باكستان: 14 قتيلاً في حادث حافلة عائدة من حفلة زفاف... والعروس الناجية الوحيدة

قُتل 14 باكستانياً، خلال عودتهم من حفلة زفاف، مساء الثلاثاء، بعد سقوط الحافلة التي كانت تقلّهم في نهر بمنطقة جبلية بباكستان

«الشرق الأوسط» (غيلغيت )
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
يوميات الشرق عززت مبادرات ومشاريع «رؤية السعودية 2030» جهود رفع وعي المجتمع وقائدي المركبات تجاه السلامة المرورية (الشرق الأوسط)

السعودية تسجل انخفاضاً بنسبة 50 % في وفيات الطرق

سجّلت السعودية إنجازاً مهماً بانخفاض وفيات حوادث الطرق في المملكة بنسبة 50 في المائة خلال السنوات الثماني الماضية، وذلك بعد أن تراجعت أعداد وفيات حوادث الطرق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.