الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)

أثار حديث حكومي عن إمكانية اللجوء إلى سياسة «اقتصاد الحرب» مخاوف مصريين من موجة غلاء جديدة في البلاد خلال الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع «عودة معدلات التضخم للارتفاع على أساس شهري».

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي، مساء الأربعاء، إنه «إذا تعرضت المنطقة لحرب إقليمية، فستكون هناك تداعيات شديدة، وستضطر الدولة المصرية بالتالي إلى التعامل مع ما يمكن وصفه بـ(اقتصاد حرب)»، مؤكداً «اهتمام الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة».

وأشار مدبولي إلى أنه حتى في الفترات التاريخية، التي كانت فيها الدولة طرفاً في حروب مباشرة، كان هناك توجه واضح للأحداث، وإمكانية للتخطيط بناءً على معطيات قائمة بالفعل على الأرض. لكن في ظل المرحلة الحالية، فإن «الوضع يتغير يومياً، حيث تعيش المنطقة حالة شديدة من عدم اليقين، الأمر الذي جعل الحكومة تعمل على سيناريوهات يتم تغييرها باستمرار وفق المستجدات الراهنة».

جاءت تصريحات مدبولي بعد وقت قصير، من ارتفاع معدلات التضخم السنوي على مستوى المدن إلى 26.4 في المائة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بزيادة على المسجل في أغسطس (آب) الماضي، الذي بلغ 26.2 في المائة.

وبحسب أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، فإن تصريحات رئيس الوزراء «غير المدروسة، وتثير المخاوف لدى المصريين»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنها «لم تحمل معلومة جديدة للمواطنين، بل ربما يمتد تأثيرها بشكل عكسي مرتبط باحتمالية وجود أزمات في السلع».

الرأي السابق يدعمه مستشار «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن مدبولي وقع في مشكلتين، الأولى مرتبطة بالمستوى السياسي، لكون مفهوم «اقتصاد الحرب» مرتبطاً بالبلاد التي تخوض معارك عسكرية بالفعل، ويستخدم لقبول تضحيات في ظروف استثنائية، وهو أمر «لا ينسجم مع المرحلة الحالية في مصر».

ووفق الشوبكي، فإن المشكلة الأخرى مرتبطة بالوضع الاقتصادي بشكل أساسي، و«تناقُض تصريحات مدبولي مع المواقف السابقة التي تحدث فيها عن العمل لزيادة الاستثمارات، وحل المشكلات التي تواجه القطاع الخاص، بما يسمح بمنافسة عادلة بينه وبين الشركات المملوكة للدولة».

حملات لـ«جهاز حماية المستهلك» في مصر على الأسواق (مجلس الوزراء المصري)

في سياق ذلك، جدد حديث مدبولي مخاوف على «السوشيال ميديا» من ارتفاعات جديدة في أسعار السلع بالبلاد، وعبر مغردون عن قلقهم خلال تدوينات على «إكس»، الخميس. وبينما قال بعض المغردين إن «كلام رئيس مجلس الوزراء، هو تلميح لزيادة مرتقبة في الأسعار خلال الفترة المقبلة»، رأى آخرون أنه «لابد من ضبط الأسواق في البلاد».

عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع»، محمد أنيس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «اقتصاد الحرب» مرتبط بتوجيه وتسخير كل القدرات المالية لتلبية احتياجات القوات المسلحة، بما يعني عجزاً محتملاً في أوجه الإنفاق على قطاع الخدمات المرتبط بالصحة والتعليم، مع توقف الاستثمارات العامة في البنية التحتية؛ لكونها ليست في الأولويات، مشيراً إلى أن «مدبولي ربما لم يكن يقصد ذلك».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات رئيس الحكومة تشير إلى «الرغبة في تعزيز الاحتياجات الأساسية للدولة من السلع، في ظل المخاطر التي تحيط بسلاسل الإمداد العالمية، وزيادة احتمالية رفع أسعار عدد من السلع، بالإضافة إلى احتمالية تدخل الدولة لضبط الأسعار عبر إجراءات عدة تضمن توفر السلع بأسعار محددة تناسب المواطنين».

وتستهدف الحكومة استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الحالي، الذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل، بنحو 15 مليار دولار في قطاعات عدة، في وقت أقرت فيه «حزمة تسهيلات ضريبية جديدة وتقديم حوافز إضافية للمستثمرين الأسبوع الحالي». (الدولار الأميركي يساوي 48.57 جنيه في البنوك المصرية).

وهنا أشار عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع» إلى أن الاستثمارات الأجنبية «وقت الحروب» تكون بالسالب، لكون الاستثمارات الأجنبية تتخارج من الأسواق، فور بدء حالات عدم الاستقرار السياسي، لافتاً إلى أن «الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي مقومات أساسية لا غنى عنها لجذب الاستثمارات الأجنبية».

فيما يرى الشوبكي أن الحكومة في حاجة إلى تقديم «بدائل اقتصادية» للعمل مع الأزمة الحالية، دون اللجوء إلى استخدام شعار «اقتصاد الحرب»، الذي ليس له علاقة بالحالة الاقتصادية الحالية، ويسبب «الخوف» للمواطنين بتقديم التصورات الحكومية بعدّها «غير قابلة للنقاش».


مقالات ذات صلة

السيسي يختتم جولته الأوروبية بزيارة آيرلندا

العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي يوناس جار ستور رئيس وزراء النرويج الاثنين قبل زيارته إلى آيرلندا الثلاثاء (الرئاسة المصرية)

السيسي يختتم جولته الأوروبية بزيارة آيرلندا

بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، زيارة عمل رسمية إلى مدينة دبلن عاصمة جمهورية آيرلندا، في ثالث وآخر محطة في جولته الأوروبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من انهيار طوابق في مبنى سكني في حي الوايلي بالعاصمة المصرية القاهرة (وسائل إعلام محلية)

8 قتلى في انهيار مبنى بالقاهرة

أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية وفاة 8 مواطنين وإصابة 3 آخرين في حادث سقوط عقار سكني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية لاعب المنصورة بعد خروجه من الملعب (يوتيوب)

لاعب مصري يعتدي على مدربه احتجاجاً على استبداله

شهدت الملاعب المصرية واقعة وصفها متابعون بأنها «سابقة» لم تحدث من قبل، حيث اعتدى لاعب بفريق المنصورة (وسط دلتا مصر) على مدرب الفريق اعتراضاً على قرار استبداله.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق محمد رمضان في لقطة من الأغنية (يوتيوب)

أغنية «برج الثور» تعيد محمد رمضان إلى دائرة الأزمات

أعادت أغنية «جوانا... برج الثور» الفنان المصري محمد رمضان إلى دائرة الجدل والأزمات مجدداً.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان كرم مطاوع (السينما دوت كوم)

الذكرى الـ28 لرحيل كرم مطاوع تجدّد الحديث عن معارك «عملاق المسرح»

معارك كثيرة ومواقف «قوية» اتخذها الفنان المصري الراحل كرم مطاوع في حياته، تعود إلى الواجهة مع حلول الذكرى الـ28 لرحيله.

محمد الكفراوي (القاهرة)

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
TT

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)

أعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم (الثلاثاء)، أنه قدم طلباً إلى الأمم المتحدة للحصول على خرائط بمواقع «السجون السرية» من الرئيس بشار الأسد الذي فرّ، الأحد، مع دخول فصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» دمشق، وإعلانها إسقاط حكمه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مقابلة مع شبكة أميركية، اليوم (الثلاثاء)، أن الأسد داخل روسيا، في أول تأكيد رسمي من موسكو لما سبق أن أوردته وكالات أنباء روسية.

وقال مدير جهاز «الخوذ البيضاء»، رائد الصالح، في منشور على منصة «إكس» اليوم: «أرسلنا (...) طلباً للأمم المتحدة عبر وسيط دولي لمطالبة روسيا بالضغط على المجرم (...) بشار الأسد لتسليمه خرائط بمواقع السجون السرية، وقوائم بأسماء المعتقلين، لنتمكن من الوصول إليهم بأسرع وقت ممكن».

ومنذ بداية الاحتجاجات التي تحوّلت إلى نزاع مسلّح في عام 2011، توفي أكثر من 100 ألف شخص في السجون خصوصاً تحت التعذيب، وفق تقديرات للمرصد السوري لحقوق الإنسان تعود إلى عام 2022.

وأفاد المرصد بأنّ الفترة ذاتها شهدت احتجاز نحو 30 ألف شخص في سجن صيدنايا الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من العاصمة دمشق، ولم يُطلق سراح سوى 6 آلاف منهم.

من جانبها، أحصت منظمة العفو الدولية آلاف عمليات الإعدام، مندّدة بـ«سياسة إبادة حقيقية» في سجن صيدنايا الذي وصفته بـ«المسلخ البشري».

وأعلنت فصائل المعارضة تحرير المحتجزين في السجون بما فيها سجن صيدنايا الذي يُعد من أكبر السجون السورية، وتفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب.

وأعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم، «انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سريّة غير مكتشفة» داخل سجن صيدنايا «من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تُفتح بعد».

غير أنّ الكثير من العائلات لا تزال مقتنعة بأنّ عدداً كبيراً من أقربائها محتجزون في سجون سرية تحت الأرض.

وقال رائد الصالح: «توحُّش وإجرام لا يمكن وصفه مارسه نظام الأسد البائد في قتل السوريين واعتقالهم وتعذيبهم».