«محاولة لتبرير تراجعاته»... رفض مصري لاتهامات حميدتي

القاهرة أكدت حرصها على وقف الحرب وحماية المدنيين

آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)
آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)
TT

«محاولة لتبرير تراجعاته»... رفض مصري لاتهامات حميدتي

آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)
آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

في تطور لافت، رفضت مصر اتهامات قائد قوات «الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بمشاركتها في غارات جوية ضد قواته، مؤكدة في إفادة رسمية، ليل الأربعاء - الخميس «استمرار جهودها لوقف الحرب وحماية المدنيين».

ووفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» فإن اتهامات «حميدتي» هي محاولة «لتبرير خسائره وتراجعه خلال الفترة الأخيرة». وأكد هؤلاء الخبراء أن «محددات الموقف المصري ثابتة وواضحة، بضرورة الحفاظ على وحدة السودان، وعدم التدخل في شؤونه».

ورداً على اتهامات «حميدتي» باشتراك طيران مصري في المعارك الدائرة بالسودان حالياً، نفت وزارة الخارجية في القاهرة، تلك الاتهامات، ووصفتها بـ«المزاعم»، داعية «المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا الدعم السريع».

وأكدت «الخارجية المصرية» أن «الاتهامات تأتي في وقت تبذل مصر جهوداً مكثفة لوقف الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية الهادفة لدعم المتضررين من النزاع». وشددت على أن «القاهرة سوف تواصل تقديم كل أشكال الدعم الممكنة للسودانيين، لمواجهة التحديات الناتجة عن هذه الحرب الغاشمة».

وقال قائد قوات «الدعم السريع»، في مقطع فيديو مسجل، الأربعاء، إن مصر «دربت الجيش السوداني، وأمدته بطائرات مُسيّرة»، كما اتهمها «بشن ضربات جوية ضد قواته».

وأبلغ مصدر مصري مطلع «الشرق الأوسط» استياء بلاده «من هذه الاتهامات الجزافية»، التي ردها إلى ما وصفه بـ«التراجع الميداني لقوات الدعم السريع في مواجهة الجيش السوداني».

ونفى الجيش السوداني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، حصوله على طائرات من نوع «K - 8»من مصر. وأكد حينها «امتلاكه لهذه الطائرات منذ أكثر من 20 عاماً».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن اتهامات قائد «الدعم السريع، دليل على خسائره الميدانية حالياً»، مشيراً إلى أنه «تحدث من مركز ضعف في تصريحاته الأخيرة، لتبرير أخطائه على حساب الآخرين».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه ممثلي القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

وأوضح حليمة أن «مصر تدعم الحفاظ على الجيش السوداني منذ بداية الحرب الداخلية، بعدّه المؤسسة الوطنية المسؤولة عن حفظ الاستقرار وحماية السيادة السودانية»، مضيفاً أن «القاهرة تستهدف الحفاظ على وحدة السودان، في مواجهة محور دولي وإقليمي مُساند للدعم السريع».

واستضافت العاصمة المصرية في يوليو (تموز) 2023 «قمة دول جوار السودان» لبحث إنهاء الحرب، كما نظمت في يوليو الماضي «مؤتمراً للفصائل السياسية والمدنية المتنازعة» لبحث التوافق على مسار حل سياسي.

وأشار حليمة، إلى وجود تنسيق مصري مع أطراف عربية ودولية من بينها الولايات المتحدة الأميركية، لبحث سبل وقف الحرب بالسودان. وقال إن من الخيارات المطروحة «مسار حل قوات الدعم السريع».

وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته لبورتسودان (الخارجية المصرية)

وخلال رئاسة مصر لـ«مجلس السلم والأمن الأفريقي» لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قام المجلس بأول زيارة له للسودان، الأسبوع الماضي، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، الخميس، فإن زيارة أعضاء المجلس «سمحت بتشكل رؤية متكاملة حول الأزمة السودانية، وسبل دعم السودان للخروج من محنته»، إلى جانب «إجراءات استئناف عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي (المعلقة منذ أكتوبر 2021)».

من جانبها، قللت مديرة «البرنامج الأفريقي» في مركز «الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، أماني الطويل، من تأثير اتهامات حميدتي. وقالت إنها «ليست بجديدة وتتكرر في حالات التراجع العسكري له». وأشارت إلى أن «الهدف منها تقديم مبررات لقواته بأسباب التراجع وتفوق الجيش السوداني».

وبحسب الطويل، فإن مصر «لديها محددات ثابتة وواضحة في الشأن السوداني»، تتضمن «عدم التدخل في الشأن الداخلي، والحفاظ على وحدة واستقرار السودان، والمساعدة في الحل السياسي، وأن تكون من ضمن الفاعلين الدوليين في القضية».

وحول مستقبل الأزمة السودانية في ضوء المستجدات الأخيرة. أوضحت الطويل، أن التطورات تعكس وجود سيناريوهين: «الأول يتعلق بالحسم العسكري من قبل قوات الجيش وهذا السيناريو الأقرب؛ خصوصاً مع العقوبات الأميركية المفروضة على شقيق قائد الدعم السريع أخيراً».

أما السيناريو الآخر وفق الطويل فهو «تحول في الميزان العسكري، يدفع الجيش للجلوس على مائدة التفاوض». وقالت إن هذا يمكن أن يحدث «حال عدم الحسم العسكري السريع للحرب الداخلية».

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، فرض عقوبات على السوداني، القوني حمدان دقلو، وهو الشقيق الأصغر لقائد «قوات الدعم السريع». ونسبت له «تورّطه في شراء أسلحة لمواصلة الحرب المدمرة في السودان».


مقالات ذات صلة

حديث «حميدتي» عن «ضرب مصر» قواته في السودان يثير تفاعلاً

شمال افريقيا مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

حديث «حميدتي» عن «ضرب مصر» قواته في السودان يثير تفاعلاً

أثارت اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لمصر بمشاركتها في غارات جوية ضد قواته، تفاعلاً واسعاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من رصف الطرق في محافظة البحر الأحمر (محافظة البحر الأحمر)

مقتل وإصابة سودانيين بحادث مروري في مرسى علم المصرية

تسبب حادث مروري في طريق مرسى علم بجنوب محافظة البحر الأحمر المصرية الخميس في مقتل وإصابة سودانيين.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

أثار حديث حكومي عن إمكانية اللجوء إلى سياسة «اقتصاد الحرب» مخاوف مصريين من موجة غلاء جديدة في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

مصر تُعدد جهود مجابهة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة»

عددت مصر جهود مجابهة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة» وتحدثت الحكومة المصرية عن «خطة عمل وطنية» وبرامج وقوانين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق فيلم «سرابيوم الإسكندرية» (مكتبة الإسكندرية)

«سرابيوم الإسكندرية» يوثق اندماج «الإغريق» في الحضارة المصرية القديمة

يوثق فيلم «سرابيوم الإسكندرية» حالة الاندماج بين الحضارة المصرية القديمة والحضارة الإغريقية، خصوصاً فترة الحكم اليوناني لمصر التي بدأت في عهد خلفاء الإسكندر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

السيسي في أسمرة... القاهرة تُعمق حضورها بالقرن الأفريقي

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي في أسمرة... القاهرة تُعمق حضورها بالقرن الأفريقي

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)

أبعاد استراتيجية ذات «دلالات مُهمة» حملتها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، إلى أسمرة، كونها تأتي في «توقيت بالغ الأهمية» تعيشه منطقة القرن الأفريقي، وسط تصاعد التوترات بين الصومال وإثيوبيا.

الزيارة عدّها خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» ضمن «خطوات مصرية لتعميق حضورها بمنطقة القرن الأفريقي وبناء سياسات متوازنة ومواجهة المخاطر والتهديدات المحتملة لأمنها القومي خاصة في البحر الأحمر».

وزاد من أهمية الزيارة القمة الثلاثية التي عقدها رؤساء مصر والصومال وإريتريا، في أسمرة، التي تناولت «سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر»، وفق وكالة «الأنباء الصومالية».

وأكدت القمة، في بيان ختامي، نشرته الرئاسة المصرية، «أهمية الاحترام المطلق لسيادة ووحدة أراضي المنطقة»، مشيرة إلى «تشكيل لجنة ثلاثية من وزراء الخارجية للتعاون الاستراتيجي».

وفي كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك، قال السيسي إن المباحثات تطرقت إلى عدد من الملفات الإقليمية المهمة في المنطقة، ومنها الأوضاع في السودان، حيث اتفقنا على أهمية التوصل لوقف دائم لإطلاق النار بكل أنحائه في أقرب وقت ممكن.

ووفق الرئيس المصري، فإنه تم التأكيد على خطورة استمرار الأوضاع التي أدت إلى اضطراب حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، الأمر الذي انعكس سلباً على معدلات التجارة العالمية، مع تأكيد أهمية تعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة للبحر الأحمر، وتطوير أسس التنسيق المؤسسي بينها، لتأمين حركة الملاحة الدولية فيه، وتعزيز التعاون بينها لتعظيم الاستفادة من موارده الطبيعية.

وخلال لقائه الرئيس الصومالي، أكد السيسي دعم القاهرة لوحدة واستقلال الصومال على كامل أراضيه و«رفض الإجراءات الأحادية» التي تهدد وحدة وسيادة الدولة الصومالية، وفق بيان «الرئاسة المصرية».

وصول السيسي إلى أسمرة وإلى جانبه نظيره الإريتري (الرئاسة المصرية)

ووصل السيسي، الخميس، إلى أسمرة، وكان في مقدمة مستقبليه نظيره الإريتري، أسياس أفورقي، بحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية بمصر، في زيارة غير معلن عنها مسبقاً، تهدف إلى «سبل تعزيز العلاقات الثنائية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر»، وفق «الرئاسة المصرية».

وجاءت زيارة السيسي بعد نحو 3 أسابيع من زيارة قام بها كل من رئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، لأسمرة. واستمع الجانب المصري وقتها إلى رؤية أفورقي بشأن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، والتطورات في القرن الأفريقي والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها وسط تأكيد على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه، ووفق بيان صحافي للخارجية المصرية وقتها.

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، صلاح حليمة، فإن الزيارة تأتي في «توقيت بالغ الأهمية»، في ظل ما يشهده البحر الأحمر والقرن الأفريقي من تهديدات للأمن والاستقرار بتلك المنطقة «تطول تداعياتها القاهرة».

وبرأي حليمة، وهو نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، فإن «التحرك الإثيوبي غير القانوني لمحاولة التواجد بأرض الصومال على مدخل البحر الأحمر يهدد الأمن القومي لمصر وأفريقيا، ويستدعى مزيداً من التنسيق مع إريتريا والصومال، جيران إثيوبيا».

وعدّ مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، عبد الله أحمد، أن الزيارة «تعزيز للحضور المصري في القرن الأفريقي» في ظل تصاعد أزمات أثيوبيا بها، وتدعيم بناء «علاقات جيدة وسياسة متوازنة» مع دول جوار أديس أبابا.

دلالات مهمة حملتها زيارة الرئيس المصري إلى أسمرة (الرئاسة المصرية)

في حين وصف الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، الزيارة بأنها «محورية»، وتحمل دلالة جديدة على تعميق الحضور المصري في القرن الأفريقي، سواء بالاتفاقيات والشراكات في «مواجهة أي تهديدات محتملة من إثيوبيا أو أي تحديات بالبحر الأحمر».

ويرى تورشين أن مصر بات لديها «تأثير يتنامى» في منطقة القرن الأفريقي، والموقف الإريتري، سيسهم بشكل مباشر في تعزيز الموقف المصري، خاصة في القضايا المرتبطة بدول حوض النيل وسد النهضة الإثيوبي وأزمة الصومال وإثيوبيا. وأضاف أن توسيع الاتفاقيات والتعاون ليشمل إريتريا بعد الصومال يحمل رسالة جديدة لأديس أبابا، ستستفيد منها أسمرة والقاهرة بشكل كبير، خاصة أن علاقة رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، متوترة مع الرئيس الإريتري.

ووفق تورشين، فإن «إريتريا ستتلقى مزيداً من الدعم المصري، وهذا أمر مهم بالنسبة لها في ظل اضطراب المنطقة»، لافتاً إلى أن «القاهرة سوف تستمر في تحركاتها وتحالفاتها لمواجهة أي تهديدات محتملة، خاصة من إثيوبيا، باعتبارها تهديدات للمنطقة وليس لمصر فقط، وهذا سيزيد من توجس أديس أبابا، خاصة مع تنامي الاتفاقات والشراكات مع جارتيها الصومال وإريتريا».

وسبق أن بحث وزراء خارجية مصر، بدر عبد العاطي، والصومال، أحمد مُعلم فقي، وإريتريا، عثمان صالح، في سبتمبر (أيلول) الماضي، «التنسيق المشترك على أعلى مستوى، وتأكيد الإرادة السياسية لدى الدول الثلاث على تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة والحفاظ على الاستقرار بالمنطقة واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي الصومالية»، ما عزّزتها قمة ثلاثية بين قادة الدول الثلاثة، الخميس.

وبحسب تورشين، فإنه «من نتائج تلك القمة ذهاب أطرافها لتشكيل تحالف ثلاثي، سيكون له تأثير كبير في القرن الأفريقي ومواجهة أي تهديد مشترك». بينما يرى مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي أنه إذا استمر التحالف الثلاثي بين مصر وإريتريا والصومال «فسيكون أقوى تحالف في منطقة القرن الأفريقي».