تفاعل مصري مع عرض طلاب الكليات العسكرية خلال ذكرى «حرب أكتوبر»

متابعون عدّوا الحفل «رسالة مهمة» في ظل الاضطرابات الإقليمية

الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع عرض طلاب الكليات العسكرية خلال ذكرى «حرب أكتوبر»

الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)

احتفاء واسع على منصات التواصل الاجتماعي بالجيش المصري مع قرب الذكرى الـ51 لحرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 ضد إسرائيل، زاد من وتيرته «عرض باهر» لطلاب الكليات العسكرية، مساء الخميس، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط إشادات بـ«القدرات والتنظيم» في ظل اضطرابات إقليمية تتصاعد.

التفاعل اللافت، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يحمل رسائل للداخل عبر «طمأنة المصريين على قوة وقدرات الجيش» مع تنامي التوترات بالمنطقة، وللخارج بـ«تأكيد الجاهزية للردع وحماية البلاد ومواجهة أي تحديات»، خاصة مع تصاعد مخاطر عديدة على حدود مصر شرقاً، واقتراب الحرب الإسرائيلية على غزة من العام وتوسعها تجاه لبنان.

وتصدرت هاشتاغات (وسوم) «#الكلية_الحربية»، و«#مصر_أمان_بجيشها»، و«#العرض_العسكري»، و«#الأكاديمية_العسكرية»، منصة «إكس» الجمعة، وذلك بعد ساعات من عروض عسكرية تخللت حفل تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية 2024 بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة) حضره الرئيس المصري، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مساء الخميس.

الرئيس المصري خلال حفل طلاب الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)

وشهد الحفل العسكري عروضاً أبهرت متفاعلين بمنصات التواصل، ومنها «ظهور مجموعة من طائرات الهليكوبتر طراز (الجازيل) تحمل علم مصر، كما شكّل طلاب الأكاديمية والكليات العسكرية علم البلاد ليزيّن ساحة الاحتفال»، بحسب ما نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في البلاد.

والفعالية، بحسب الوكالة الرسمية، تضمنت أيضاً «تقديم عرض قوات الصاعقة الذي استُهل بظهور طائرة (أباتشي) برفقة هليكوبتر طراز (أوجيستا) تقوم بتأمين مهمة العمل لتنفيذ عملية اقتحام رأسي لأبراج ميدان الجبال، مع استعراض المهارات في التغلب على الموانع المختلفة، وإخلاءات لأسلحة وأفراد مصابة مستخدمين الكباري المعلقة للعبور من قمة مرتفعة إلى أخرى»، إضافةً إلى «عرض محاكاة لقيام مجموعة من العناصر الإرهابية باختطاف 3 حافلات ومجموعة من الرهائن، قبل أن تقوم وحدة من قوات مكافحة الإرهاب بإيقاف الرتل والسيطرة عليه، فضلاً عن عرض محاكاة لسيطرة مجموعة من العناصر الإرهابية على مبنى وتمكّن قوات الصاعقة من اقتحام المبنى والسيطرة عليه وإخلائه».

وفي كلمته، قال الرئيس المصري: «نحيي ذكرى انتصارات أكتوبر العظيمة التي تتزامن مع احتفالنا بتخريج دفعات جديدة من طلبة الأكاديمية العسكرية المصرية لينضموا إلى ساحات الشرف والبطولة مدافعين عن أمن مصر وسلامة شعبها».

وأضاف السيسي: «احتفالنا هذا العام بذكرى نصر أكتوبر المجيد في ظرف بالغ الدقة فى تاريخ منطقتنا التي تموج بأحداث دامية متصاعدة تعصف بمقدرات شعوبها وتهدد أمن وسلامة بلدانها، يذكرنا بما حققه المصريون بالتماسك وتحمل الصعاب من أجل بناء قواتنا المسلحة للحفاظ على سلامة هذا الوطن الغالي، وتبديد أي أوهام لدى أي طرف».

وبرأي الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، فإن ذلك العرض العسكري «أسعد المصريين، وبدّد أي مخاوف أو قلق من تصاعد الأحداث في المنطقة، والجيش أكد لهم بهذا العرض أنه عظيم وقوي وقادر على أن يحمي البلاد». واستدرك فرج بقوله: «لكنها كانت ليلة سوداء على كل من لديهم أوهام بمساس استقرار مصر»، لافتاً إلى أن هذا العرض الذي وصفه بأنه «أقوى عرض في تاريخ القوات المسلحة» المصرية، حمل «رسائل طمأنة وردع» في الوقت نفسه.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، أبدى مغردون انبهارهم بالعرض العسكري، وتداولوا عدداً من مقاطع الفيديو للعرض، وكتبوا: «سيظل رمز علم مصر خفاقاً». وعلق آخرون بقولهم إن «العرض ليس فقط استعراضاً لمسيرة أعرق الجيوش»، لكنه «رسالة مهمة» في ظل الاضطرابات الإقليمية.

وترى عميد كلية الإعلام في جامعة القاهرة الأسبق، الدكتورة ليلى عبد المجيد، أن «هذا التفاعل الواسع، تأكيد على فرحة المصريين ومساندتهم للجيش، ورسالة شكر له على ظهوره بهذا الشيء المفرح والباهر والذي يؤكد فيه أنه مستعد وقادر على حماية أمن الوطن مهما كانت التهديدات».

ووفق عبد المجيد، فإن هذا التفاعل الكبير مع العرض العسكري الفريد والمتميز «تأكيد على أن المصريين شعروا بحالة طمأنة وفخر في ظل القلق المحيط بالمنطقة مع التصعيد الإسرائيلي في لبنان».


مقالات ذات صلة

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)

السيسي وبن زايد يدشنان «رأس الحكمة»

دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجمعة، مشروع «رأس الحكمة التنموي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الداخلية في مصر (صفحة «الداخلية المصرية» على «فيسبوك»)

«داخلية مصر» ترفض «ادعاءات إخوانية» حول التعدي على مواطن وأسرته

اتهمت وزارة الداخلية المصرية، جماعة «الإخوان» بنشر ادعاءات حول التعدي على مواطن وأسرته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الأمير فيصل بن فرحان خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة المصري في الرياض أغسطس الماضي (واس)

تشديد «سعودي - مصري» على ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

شددت المملكة العربية السعودية ومصر على «ضرورة وقف إطلاق النار الفوري والدائم في كل من لبنان وقطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية فرحة عارمة للاعبي الأهلي المصري لكرة اليد عقب فوزهم على برشلونة وتحقيق برونزية العالم للأندية (إ.ب.أ)

«مونديال أندية اليد»: الأهلي المصري يخطف البرونزية بفوز تاريخي على برشلونة

حقق الفريق الأول لكرة اليد «رجال» بالنادي الأهلي المصري فوزاً تاريخياً على نادي برشلونة الإسباني بنتيجة 32-29، وحصد المركز الثالث والميدالية البرونزية.


مزارعات تونس المهمشات مصرّات على التصويت لمحاربة الفقر والتهميش

مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)
مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)
TT

مزارعات تونس المهمشات مصرّات على التصويت لمحاربة الفقر والتهميش

مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)
مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)

تعبّر المزارعة شاذلية المزريغي في فرنانة، الواقعة شمال غربي تونس، عن يأسها من غياب الخدمات الأساسية في إحدى أفقر المناطق في البلاد، وتقول: «ليس لدينا شيء هنا، لا ماء ولا كهرباء». وقبيل الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد غد (الأحد) في ظلّ تدهور اقتصادي واجتماعي كبير، تقول الأم لـ3 أطفال، التي تتقاضى أجراً يومياً قدره 10 دنانير فقط (نحو 3 دولارات) مقابل عمل زراعي شاق: «نحن فقراء جدّاً، تحت الصفر وزوجي لا يستطيع العمل بانتظام بسبب مشاكل صحية في ظهره. لديّ انطباع بأننا لسنا تونسيين لأنهم لا يلتفتون (السلطات) إلينا».

المزارعة شاذلية المزريغي في بيتها بفرنانة (أ.ف.ب)

تقوم شاذلية رفقة 6 نساء أخريات مزوّدات بفؤوس بنبش الأرض، وإزالة الأعشاب الضارة من الحقول القريبة من فرنانة، تحت أشعة شمس حارقة، قبل أن تصحب فريق وكالة الصحافة الفرنسية لزيارة منزلها المتواضع المصنوع من الآجر. وتضيف شاذلية (47 عاماً) متسائلة: «من دون كهرباء، كيف يمكن لأبنائي أداء واجباتهم المدرسية؟ من دون المال، كيف يمكنني شراء جهاز كمبيوتر لابنتي البالغة من العمر 21 عاماً، حتى تتمكن من مواصلة دراستها في الحقوق؟».

وتتمكّن شاذلية بفضل مساعدة جيرانها من تدبير معيشة العائلة اليومية. وتقول إنها شاهدت على شاشة التلفزيون الرئيس المنتهية ولايته، قيس سعيّد، الذي يسعى لولاية ثانية في انتخابات الأحد، وهو يزور النساء الريفيات، «لكننا لم نتلقّ أي مساعدة»، بالرغم من أنها قدّمت طلباً لذلك مراراً من السلطات المحلية.

وتشعر رفيقتها الأرملة سهام الغويبي (55 عاماً)، وهي أم لـ5 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً غادروا فرنانة كلّهم، بأنها منسية، وتقول محتجة: «أين الدولة؟ تعالوا وساعدونا».

تعد منطقة فرنانة، التي يعيش نصف سكانها البالغ عددهم 52 ألفاً في الريف، واحدة من أكثر المناطق حرماناً وتهميشاً في تونس، حيث بلغ معدّل الفقر ما يقرب من 37 في المائة خلال عام 2020، وفقاً لتقرير البنك الدولي. وعلى الرغم من الوضع الذي يعدونه «صعباً للغاية»، تقول المزارعات إنهن سيتوجهن للتصويت الأحد، من منطلق «واجبهن كتونسيات»، وعلى أمل أن يتحسن وضعهن ووضع أبنائهن.

تراجع المؤشرات

يوضح الباحث وأستاذ الاقتصاد في جامعات تونسية، آرام بلحاج، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه خلال السنوات الخمس الفائتة «تراجعت معظم المؤشرات الاقتصادية، ولم نشهد نموّاً يسمح بتقليص الفقر والبطالة». وتكمن المشكلة الأساسية، بحسب الخبير، في «القدرة الشرائية التي شهدت تدهوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة»، نتيجة التضخّم المرتفع للغاية (نحو 7 في المائة حالياً)، خصوصاً بالنسبة لأسعار المواد الغذائية أو اللوازم المدرسية، ما يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة للطبقة المتوسطة والفقراء.

لا يتعدى راتب المزارعات في فرنانة نحو 3 دولارات في اليوم (أ.ف.ب)

ولتحفيز النمو البطيء للغاية (نحو 1 في المائة حالياً)، يقدّر بلحاج أن هناك «حاجة إلى سياسات عامة ذات رؤية واضحة، لكن في الوقت الحالي لا يمكننا الردّ على سؤال: إلى أين تتجه السياسات الاقتصادية» في البلاد؟ كما توجد عقبات أخرى تعقّد مسار تعافي الاقتصاد، وهي غياب الاستقرار الحكومي بسبب التعديلات الوزارية المتتالية، والمناخ غير الملائم للاستثمار «مع مشاكل البيروقراطية والفساد»، والديون التي ارتفعت إلى 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق قوله. ويؤكد الخبير ذاته أن «ثلث الموازنة يذهب للرواتب (موظفو القطاع العام)، والثلث لتسديد الديون، والباقي لمصاريف تسيير الإدارة، مع تخصيص 7 إلى 8 في المائة فقط للاستثمار». مشيراً إلى أن وقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية «أشدّ طبعاً في المناطق النائية مثل فرنانة».

«تغيير الواقع»

في «دار الثقافة» الحكومية في المدينة، يسلّط مدير المركز، بوجمعة المعروفي، الضوء على قلّة الأموال وأنشطة تنظّم «بالإمكانات المتاحة». فيما يسعى المسؤول الثقافي، رياض البوسليمي، لتحصيل تمويل أوروبي لإنشاء استوديو تسجيل للبودكاست من أجل «جذب مزيد من الشباب».

أطفال يقومون بأنشطة تربوية داخل «دار الثقافة» الحكومية في المدينة المهمشة (أ.ف.ب)

وتُعدّ المساعدات الخارجية، ولا سيما الأوروبية والأميركية، حاسمة بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني المحلية في المناطق الداخلية المهمّشة. وتدير أحلام الغزواني مكتب منظمة «الغرفة الفتية العالمية» بفرنانة، التي أُنشئت عام 2021 لتقديم دورات تدريب على عمل الجمعيات. تقول أحلام: «صحيح أن هناك فقراً كبيراً في فرنانة، والأسر ذات الدخل المحدود غير قادرة على تمويل دراسة أبنائها، وهناك نقص فرص عمل للشباب المتخرجين». لكن بحسب قولها، هناك «منظمات غير حكومية ونوادٍ في الجامعات والمراكز الشبابية والثقافية تحاول تغيير هذا الواقع».

وعد الخميري الحاملة لشهادة في علم الأحياء البيئي (أ.ف.ب)

وكانت وعد الخميري، البالغة 24 عاماً والحاملة لشهادة في علم الأحياء البيئي، تقدّم تدريباً على ريادة الأعمال لنحو 10 من شباب المنطقة، وتأمل في تشجيعهم على إطلاق مشاريعهم الخاصة، قائلة: «دور المجتمع المدني هو مكافحة المشاكل. فرنانة غنية بالثروات الغابية، ولا سيما أشجار البلوط، بالإضافة إلى الشباب ذوي الإمكانات الهائلة».