سلطات شرق ليبيا تُعلن إعادة ضخ النفط

منظمة دولية تدعو حفتر لكشف مصير البرغثي و18 من مؤيديه

إنتاج النفط بلغ قبل تعطيله 1.273 مليون برميل يومياً حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط (رويترز)
إنتاج النفط بلغ قبل تعطيله 1.273 مليون برميل يومياً حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط (رويترز)
TT

سلطات شرق ليبيا تُعلن إعادة ضخ النفط

إنتاج النفط بلغ قبل تعطيله 1.273 مليون برميل يومياً حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط (رويترز)
إنتاج النفط بلغ قبل تعطيله 1.273 مليون برميل يومياً حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط (رويترز)

رفعت سلطات شرق ليبيا «القوة القاهرة»، التي سبق أن فرضتها على إنتاج النفط وتصديره قبل قرابة أكثر من شهر، وفي غضون ذلك دعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق «شفاف وفعال» في اختفاء 19 شخصاً، قبل عام في مدينة بنغازي، من بينهم وزير الدفاع الأسبق المهدي البرغثي.

وأعلن رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد، اليوم (الخميس)، ضخ النفط من جديد، وذلك باستئناف عمليات الإنتاج والتصدير بشكل طبيعي من جميع الحقول والموانئ النفطية. وعدّ مكتب حماد هذا الإجراء، الذي اتخذته الحكومة «استجابةً لتعليمات رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح»، وقالت إنه «يأتي في إطار دعم الجهود المبذولة من مجلسي (النواب) و(الدولة) لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي؛ التي تكللت بالنجاح في الاتفاق على اختيار محافظ للمصرف المركزي، ونائب له».

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (الشرق الأوسط)

وتسلم المحافظ الجديد للمصرف المركزي ناجي عيسى، ونائبه مرعي البرعصي، مهامهما، الأربعاء. وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أنهما دشَّنا رئاستهما بسحب 69 قراراً، أصدرها المحافظ المؤقت عبد الفتاح غفار، منذ 27 أغسطس (آب) الماضي. ويتضمن بعض القرارات الملغاة إقالة ونقل موظفين، وتكليف غيرهم، بالإضافة إلى تشكيل لجان إدارة مصارف، ومنح اعتمادات وعطاءات وإيفاد موظفين في مهام خارجية.

المحافظ السابق لـ«المركزي» عبد الفتاح غفار (أ.ف.ب)

في سياق مختلف، أعادت منظمة العفو الدولية فتح ملف «الإخفاء القسري» الذي تعاني منه ليبيا بسبب الانفلات الأمني، ودعت سلطات شرق البلاد وغربها إلى الإفصاح عن مصير ومكان 19 شخصاً، من بينهم وزير الدفاع الأسبق المهدي البرغثي.

وجاءت دعوة المنظمة الدولية، الخميس، بمناسبة مرور عام على «الاختفاء القسري» لهؤلاء الأشخاص، الذين قالت إنهم «اختُطفوا على يد مسلحين في مدينة بنغازي».

البرغثي وزير الدفاع الأسبق مرتدياً زياً أسود بعد عودته إلى بنغازي (من حسابات مقربين منه)

وقال بسام القنطار، الباحث المعنيّ بالشأن الليبي في منظمة العفو الدولية: «على مدى عام، تعيش عائلات البرغثي وأقاربه ومؤيدوه في حزن وقلق، لأنها لا تعرف إن كان أحباؤها قد ماتوا، أم ما زالوا على قيد الحياة».

وشددت المنظمة على أنه «يجب على حكومة (الوحدة الوطنية) المؤقتة في طرابلس، وكذلك القوات المسلحة، برئاسة المشير خليفة حفتر، أن تضمن إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وفعَّالة في الجرائم المرتكَبة، بما في ذلك الإفصاح عن مصير ومكان المختفين قسراً، بالإضافة إلى أسباب وملابسات الوفيات في الحجز».

البرغثي يتوسط مجموعة من العسكريين (صفحة «كلنا المهدي البرغثي ورفاقه»)

وعرفت ليبيا حالات الإخفاء القسري مبكراً فور اندلاع «الثورة»، التي أطاحت الرئيس الراحل معمر القذافي في 17 فبراير (شباط) عام 2011، وما أعقبها من انفلات أمني، بهدف «تصفية الحسابات السياسية بين الخصوم». غير أن هذه الجرائم زادت حدتها على خلفيات سياسية بين المناطق والمدن المؤيدة لـ«الثورة» التي أسقطت نظام معمر القذافي، والمعارضة لها، وتنامت هذه الظاهرة كثيراً بعد الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد عام 2014.

وكان البرغثي قد انشق عن «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، ليتولى حقيبة الدفاع في حكومة فائز السراج السابقة بالعاصمة طرابلس، وأمضى عدة سنوات بعيداً عن بنغازي، لكن فور عودته إليها مساء السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، محاطاً بعدد من المسلحين، اندلعت اشتباكات واسعة في المدينة مع قوات تابعة للجيش.

وفي اليوم التالي، حسب المنظمة الدولية، اقتادت عناصر تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية 36 امرأة و13 طفلاً من عائلة البرغثي رهائن. وقد أُفرج عن هؤلاء بعد اقتياد البرغثي وابنه، بالإضافة إلى 38 من أفراد عائلته وأنصاره، إلى حجز القوات المسلحة العربية الليبية.

وتعتقد المنظمة أن «مصير ومكان 19 على الأقل من هؤلاء لا يزال مجهولاً، وسط مخاوف من احتمال أن يكونوا قد أُعدموا بعد أسرهم». وتتحدث عن وفاة ستة أشخاص آخرين؛ ووفاة اثنين منهم على الأقل في ملابسات مريبة. كما يُعتقد أن الباقين، وعددهم 15 شخصاً، ما زالوا مُحتجزين في مراكز احتجاز تابعة لقوات حفتر».

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» (رويترز)

وفي نهايات ديسمبر (كانون الأول) 2023 نقل رئيس منظمة «ضحايا» لحقوق الإنسان، ناصر الهواري، عن أسرة البرغثي، أنها علمت بمقتله بعد تلقيها اتصالاً من المدعي العام العسكري التابع للقيادة العامة بـ«الجيش الوطني»، فرج الصوصاع.

ونوهت منظمة العفو الدولية إلى أنها أجرت مقابلات مع عائلات ثمانية من المُحتجزين، واثنين من المتوفين، وكذلك مع محامين ونشطاء سياسيين. وراجعت تقارير طبية وأخرى للطب الشرعي وصوراً، ومقاطع فيديو، ووثائق رسمية. ونقلت عن عائلة البرغثي أنه بمجرد عودته إلى بنغازي «داهمت قوات موالية للقوات المسلحة العربية مدججة بالسلاح منزلها، واشتبكت مع مقاتلين موالين لعائلة البرغثي».

وحمّلت زوجة البرغثي في حينها المسؤولية لشيوخ قبيلة البراغثة، وصدام وخالد، نجلي المشير حفتر، وطالبت بالتحقيق في «طبيعة موته، وبتمكين أسرته من تسلّم جثته لدفنها بمعرفتها».

وتحدث الحقوقي الليبي ناصر الهواري، عن مقتل نجل البرغثي، وثلاثة من مرافقي والده، الذين سبق أن قبضت عليهم الأجهزة الأمنية ببنغازي، وهم: ميتشو سعد البرغثي، وهيثم الصفراني الفيتوري، ومحمود خالد الأسود.

ووفقاً لما قالته روان البرغثي، ابنة المهدي البرغثي، للمنظمة الدولية، فإن أسرتها «لم تتسلم جثة والدها، ولا تزال تعدّه مختفياً قسراً، وتطالب القوات المسلحة بالكشف عن الموقع الذي دُفن فيه، وبالتعرف على جثته من خلال اختبار الحمض النووي».

ويرفض الموالون للجيش الوطني أن يكون البرغثي قد «قُتل عمداً»، ويصفون كل ما يتردد بأنها «مزاعم غير مؤكدة بأدلة».

وكان المدعي العام العسكري قد قال في مؤتمر صحافي، إن البرغثي «أُصيب بجروح خطيرة» إثر دخوله في مواجهات مع قوات أمنية في منطقة السلماني بعد رفضه تسليم نفسه لها. فيما قالت منظمة العفو إن بعض أقارب الضحايا قدموا لها قائمة بأسماء 40 شخصاً باتوا في عداد المفقودين عقب الاشتباكات.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي مع إدارة المصرف المركزي (المجلس الرئاسي)

ليبيا: الإدارة الجديدة لـ«المركزي» تباشر عملها رسمياً من طرابلس

بينما بدأت الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي عملها في العاصمة طرابلس، الأربعاء، أُعلن استئناف إنتاج النفط من حقول الجنوب.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر أمنية في طرابلس (رويترز)

​تدريبات فصيلين مسلحين في طرابلس تثير تساؤلات الليبيين

لفت استعراض عسكري أجراه تشكيلان مسلحان رئيسيان بالعاصمة طرابلس أنظار مراقبين ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا نائب رئيس «الاستقرار»: نمثّل الليبيين كافة

نائب رئيس «الاستقرار»: نمثّل الليبيين كافة

قال سالم الزادمة، نائب رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب، إن «حكومة الاستقرار» تمثل الليبيين كافة، فضلاً عن أنها تبسط نفوذها الإداري على ثلثي الأراضي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)

المحافظ الجديد لـ«المركزي» الليبي يؤدي اليمين أمام «النواب»

أدى محافظ مصرف ليبيا المركزي الجديد، ناجي عيسى ونائبه مرعي البرعصي، اليمين القانونية أمام مجلس النواب بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، اليوم.

خالد محمود (القاهرة)

الحكومة المصرية تتعهد بتحقيق «التوافق» حول «الإجراءات الجنائية»

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)
اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)
TT

الحكومة المصرية تتعهد بتحقيق «التوافق» حول «الإجراءات الجنائية»

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)
اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)

تعهدت الحكومة المصرية بتحقيق «توافق» مع الأطراف كافة بشأن مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» المتوقع إقراره خلال دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب المصري (البرلمان)، وهو القانون «الذي شهد انقساماً كبيراً خلال الأسابيع الماضية، مع تباين في وجهات النظر حول مواده»، بحسب مراقبين.

وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مناقشة القانون في «جلسات مغلقة» داخل البرلمان بمشاركة «أضلاع مثلث القانون»، أي «النيابة العامة والدولة والأجهزة التنفيذية»، و«المواطن ومحاميه»، و«القضاء»، لافتاً إلى أن لجنة «الشؤون الدستورية والقانونية بمجلس النواب» وافقت في وقت سابق على مشروع القانون ورفعته لرئاسة البرلمان لعرضه على الجلسة العامة من أجل التصويت على مواده.

وتحدث مدبولي، مساء الأربعاء، عن مشاركة الأضلاع الثلاثة في مناقشات القانون «ستهدف للوصول إلى توافق».

وأحالت الحكومة مشروع قانون الإجراءات الجنائية لمجلس النواب في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وجدّدت الإحالة في يناير (كانون الثاني) 2021 ليشكل المجلس في العام التالي لجنة فرعية من لجنة «الشؤون التشريعية» من أجل صياغة مشروع قانون جديد ليكون بديلاً للقانون الصادر عام 1950. وضمّت اللجنة ممثلين من عدة وزارات وهيئات، واستمر عملها لمدة 14 شهراً، وانتهت بإعداد مشروع القانون الحالي المكون من 540 مادة.

وبحسب مصادر برلمانية، فإن اتصالات تُجرى بين الحكومة والبرلمان للاتفاق على مزيد من التشاور حول مواد القانون، وما إذا كانت هناك حاجة لإجراء تعديلات إضافية أم لا، في ضوء الاعتراضات التي جرى إعلانها بشأن بعض النصوص، ومنها بعض مواد «الحبس الاحتياطي». وأكدت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، أن «مسألة الجلسات المغلقة لم تحسم بشكل نهائي حتى الآن، مع التأكيد على استعداد مجلس النواب للاستماع لكافة الأصوات المعارضة لمشروع القانون».

مناقشة «الحوار الوطني» لمواد «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

ووصف مجلس النواب المصري مشروع القانون، الشهر الماضي، بأنه «خطوة هامة في تحديث النظام القانوني في مصر، ويهدف إلى تحقيق نقلة نوعية بفلسفة الإجراءات الجنائية».

من جانبه، انتقد عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، عدم الاستجابة للتوصيات التي جرى إعدادها بشأن مواد القانون، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أحال توصيات «الحوار الوطني» إلى الحكومة، «لكن لم يتم الأخذ بها، في مناقشات الحكومة أو في مناقشات اللجنة البرلمانية التي وافقت على مشروع القانون».

وعدّ أن تجاهل «التوصيات» تجعلهم يشعرون في «الحوار الوطني» بـ«ضياع المجهود الذي بُذل من أجل إجراء تعديلات حقيقية في القوانين التي بها بعض أوجه القصور».

ووفق المصادر البرلمانية، فإن مواد مشروع القانون كافة حالياً «يمكن إعادة النظر فيها والمناقشة بشأنها قبل التصويت عليها»، موضحاً أن «الجلسات المغلقة حال إجرائها سيكون الهدف منها إحداث مزيد من التوافق وإدخال (صياغات أكثر إحكاماً) حال وجود ضرورة لذلك، بما يسمح بتحقيق ضمانات (المحاكمة العادلة) كافة».

جانب من مناقشات اللجنة «الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب لمشروع القانون بحضور نقيب المحامين (مجلس النواب)

وواجه مشروع القانون اعتراضات من نقابتي «الصحافيين» و«المحامين» فور الإعلان عنه. وجرى إدخال عدة تعديلات عليه بعد نقاشات مع «المحامين»، في وقت لا تزال نقابة «الصحافيين» لديها تحفظات على بعض مواد مشروع القانون، باعتبارها تحتاج لمزيد من التعديلات لتحقيق ضمانات أفضل للمواطنين.

وطالبت 4 منظمات حقوقية دولية، منها «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية»، في بيان، الأربعاء، بـ«إعداد مشروع جديد يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبالتشاور مع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية».

وقال عضو مجلس إدارة نقابة المحامين، محمد الكسار، لـ«الشرق الأوسط»، إن مطالب المحامين كافة جرت الاستجابة إليها خلال النقاشات الماضية، مؤكداً أن تعديلات جديدة مرتبطة بأداء المحامين لمهام عملهم «تتطلب إعادة المناقشة في جدواها ومراجعتها قبل إبداء أي رأي بشأنها». وأضاف أن «النقابة لم تتلقَ حتى الآن أي دعوات لمناقشة القانون مرة أخرى داخل البرلمان»، مؤكداً «استعداداتهم للمشاركة في أي جلسات حال إعادة النظر في بعض المواد الواردة بمشروع القانون قبل إقرارها بشكل نهائي».