السودان بين أعلى 4 دول تعاني «سوء التغذية الحاد»

الجيش و«الدعم» يزعمان تحقيق انتصارات في دارفور

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان مطلع العام (رويترز)
امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان مطلع العام (رويترز)
TT

السودان بين أعلى 4 دول تعاني «سوء التغذية الحاد»

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان مطلع العام (رويترز)
امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان مطلع العام (رويترز)

رسمت الأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية في السودان، وصنفته بين الدول الأربع الأولى في العالم التي ينتشر فيها سوء التغذية الحاد، وتفشّي الأمراض الوبائية التي تهدّد ملايين السكان، بينهم ملايين الأطفال دون سن الخامسة، في وقت تزايدت فيه حالات النزوح بسبب استمرار الحرب والسيول والفيضانات التي شرّدت مئات الآلاف، بما في ذلك المناطق التي يتعرض فيها الناس لخطر المجاعة.

وقالت منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير نشرته، الثلاثاء، إن السودان أصبح من الدول الأربع الأولى في العالم (لم يذكر التقرير منها سوى السودان)، من حيث انتشار سوء التغذية الحاد العالمي.

كما يعاني السودان من تفشّي الأمراض الوبائية «الكوليرا، والملاريا، وحمى الضنك، والحصبة، والحصبة الألمانية»، بينما يوجد «نحو 3.4 مليون طفل دون سن الخامسة معرّضين لخطر الإصابة بهذه الأمراض الوبائية، نتيجة للانخفاض الكبير في معدلات التطعيم، وتدمير البنية التحتية للصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية».

وأدت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» التي شارفت عاماً ونصف عام منذ اندلاعها، إلى تشريد 10.9 مليون شخص، بينهم 8.1 مليون نزحوا داخلياً، وعبر حوالي 2.2 مليون شخص الحدود، ولجأوا للبلدان المجاورة؛ هرباً من الصراع،

وتزايدت معاناة السودانيين، فإلى جانب الحرب تأثّروا بموجة سيول وفيضانات عارمة، بينهم 124 ألفاً في المناطق التي تواجه خطر المجاعة.

وأوضحت «أوتشا» أن سلسلة المسوحات التغذوية التي أجرتها (مجموعة التغذية) في ولايات البلاد البالغة 18 ولاية، كشفت عن تدهور «مثير للقلق» بشأن الوضع التغذوي، وأن السودان صُنّف بين البلدان الأربعة الأولى في العالم التي تعاني من أعلى معدل انتشار سوء التغذية الحاد، بنحو 13.6 في المائة.

وقالت «أوتشا» إن 82 في المائة من المسوحات المعتمدة للرصد والتقييم الموحّد للإغاثة والانتقال، كشفت عن أن معدل انتشار سوء التغذية الحاد العالمي بلغ 15 في المائة، متجاوزاً بذلك «عتبة الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية».

وكشف المسوحات وفقاً لتقرير «أوتشا» أن معدل «انتشار المرض ارتفع لأكثر من 20 في المائة»، وتوقّعت «تدهوراً في الوضع التغذوي بشكل أكبر في عام 2025، نتيجة للصراع المستمر وانعدام الأمن الغذائي، وتدهور خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، والنزوح وقيود الوصول وتفشّي الأمراض».

وأعلنت «أوتشا» عن تسجيل أكثر من 17.6 ألف حالة إصابة بالكوليرا، مع 54 حالة وفاة مرتبطة بها، خلال الفترة ما بين 22 يوليو (تموز)، و29 سبتمبر (أيلول).

ميدانياً، تتناقل وسائط التواصل الاجتماعي المؤيدة للجيش، وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم، مقاطع فيديو متضاربة عن معارك تجري في صحراء دارفور، ويزعم خلالها كل طرف أنه ألحق خسائر فادحة بالآخر، فيما ظلّت الأوضاع هادئة في الفاشر وبقية محاور القتال.

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات بمدينة أدري التشادية بعد فرارهن من دارفور (رويترز)

وقال مستشار «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، على صفحته على منصة «إكس»، إن قواته «دمّرت محركاً تابعاً للحركات المسلحة في منطقتي المالحة والصياح» بولاية شمال دارفور، وكبّدته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

في المقابل قال قائد «حركة تحرير السودان»، مني أركو مناوي، الذي يشغل في ذات الوقت منصب حاكم إقليم دارفور في تغريدة على ذات المنصة، إن «القوات المسلحة والقوات المشتركة، صدت هجوماً من (قوات الدعم السريع) من محورين، وكبّدت العدو في محور الفاشر خسائر فادحة».

من جهة أخرى، لم تشهد محاول القتال في الخرطوم والخرطوم بحري اختراقات كبيرة، ووفقاً لشهود العيان، فإن الجيش احتفظ بمواقعه القريبة من جسر النيل الأبيض في الخرطوم التي سيطر عليها الاثنين، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على مواقعها أيضاً، وتدور اشتباكات محدودة غربي الخرطوم.

وفي محاور مدينة الخرطوم بحري تواصلت المناوشات بين الدفاعات المتقدمة للطرفين في ضاحيتي حلفايا وشمبات.


مقالات ذات صلة

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان (القوات المسلحة السودانية عبر فيسبوك)

​الجيش السوداني ينفي قصف مقر السفير الإماراتي

نفى الجيش السوداني الاثنين اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة له بقصف مقر سفيرها في الخرطوم

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج وزارة الخارجية الإماراتية (وام)

الإمارات تدين هجوماً استهدف مقر سفيرها في السودان

أعربت الإمارات عن إدانتها بشدة لهجوم استهدف مقر رئيس بعثتها في الخرطوم، مشيرة إلى أن الهجوم تم من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

وفقاً للجان مقاومة «حجر العسل» بمدينة شندي، التي انطلق منها الهجوم على «مصفاة الجيلي»، فإن الجيش تراجَع نحو وسط وشمال المنطقة، وتمددت «قوات الدعم» فيها مجدّداً.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

المحافظ الجديد لـ«المركزي» الليبي يؤدي اليمين أمام «النواب»

محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
TT

المحافظ الجديد لـ«المركزي» الليبي يؤدي اليمين أمام «النواب»

محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)

أدى محافظ مصرف ليبيا المركزي الجديد، ناجي عيسى، ونائبه مرعي البرعصي، اليمين القانونية أمام مجلس النواب بمقره في مدينة بنغازي (شرق)، اليوم الثلاثاء، وسط ترحيب عربي ودولي باعتماد مجلسي النواب و«الدولة» الاتفاق المشترك بشأن المصرف، الذي رعته البعثة الأممية.

وقال مجلس النواب في بيان لمتحدثه الرسمي، عبد الله بليحق، إن المحافظ ونائبه أديا اليمين القانونية أمام المجلس، خلال جلسة تم نقلها على الهواء مباشرة، ليباشرا مهام عملهما، عقب نيلهما الثقة من مجلس النواب بالإجماع، وبحضور 108 نواب.

وعدّ عضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، في بيان عبر منصة «إكس»، مساء الاثنين، هذه الخطوة «تجسيداً لروح المسؤولية الوطنية والتعاون المثمر بين الأعضاء، وتعكس رغبة صادقة في توحيد مؤسسات الدولة، وهو ما يعد ضرورياً وحيوياً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد»، معرباً عن تطلعه لنجاح المحافظ ونائبه في أداء مهامهما، وتعهد بدعمهما في مواجهة التحديات التي قد تواجههما، كما شدد على ضرورة استكمال بقية البنود المتفق عليها، خاصة فيما يتعلق بالإسراع بفتح الحقول النفطية.

من جلسة أداء محافظ المصرف المركزي الجديد اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)

بدوره، هنأ عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، في بيان مماثل، الليبيين والليبيات بالإجراءات المتخذة لدعم قوة الدينار الليبي، ورفع المعاناة التي لحقت بهم نتيجة القرارات التعسفية، مؤكداً عزمه اتخاذ كل ما يلزم في هذا الإطار، بالتنسيق مع المؤسسات المعنية.

من جانبها، رحبت مصر باتفاق حل أزمة المصرف، وأعربت في بيان لوزارة خارجيتها، مساء الاثنين، عن أملها في أن تعطي هذه الخطوة الإيجابية الدفعة اللازمة لجهود تحقيق الاستقرار في كل أنحاء الأراضي الليبية، وأكدت عزمها مواصلة العمل على تقديم الدعم لهذه الجهود، بالتنسيق مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين، من أجل «الحفاظ على مقدرات الشعب الليبي الشقيق وتحقيق آماله».

من جانبها، دعت بعثة الأمم المتحدة جميع الأطراف المعنية لضمان عملية التسليم للقيادة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي، بما يتماشى مع القوانين والإجراءات المعمول بها في ليبيا، كما حثت على المضي قدماً في تعيين مجلس إدارة «يتمتع بالمصداقية والمهنية»، معتبرة ذلك «أمراً ضرورياً لإعادة الثقة للشعب الليبي، وتعزيز مصداقية المصرف ضمن النظام المالي العالمي. كما أنها تبعث الأمل في حوكمة تستند للشفافية والمساءلة في إدارة موارد الشعب الليبي».

من جهتها، قالت السفارة الأميركية إنها تشارك بعثة الأمم الترحيب بهذه الخطوة، وأعربت عن أملها في أن يمهد هذا الاتفاق بين مجلسي النواب و«الدولة»، الذي سهّلته البعثة، الطريق لاستعادة الثقة وتعزيز الحوكمة في هذه المؤسسة الحيوية.

في سياق ذلك، شجعت السفارة البريطانية، في بيان لها اليوم الثلاثاء، جميع الأطراف على الاتفاق على مجلس محافظين موثوق به وخاضع للمساءلة، وقالت إن استعادة الثقة بهذه المؤسسة المهمة وإعادة بناء الثقة مع الشعب الليبي «أمر ضروري». كما رأى نيكولا أورلاندو، سفير الاتحاد الأوروبي، أن تعيين محافظ للمصرف ونائبه، «إنجاز كبير نتج عن التسوية التي يسّرتها البعثة الأممية بين مجلسي النواب والدولة»، مشيراً إلى أن استعادة حوكمة المصرف المركزي واستقلاليته ومساءلته «تشكل أولوية ملحّة. كما أن اختيار قيادة تكنوقراطية مؤهلة، بما في ذلك مجلس الإدارة، أمر ضروري لإعادة بناء الثقة بالمؤسسة وحماية الاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا».

اجتماع المنفي مع مبعوث فرنسا الخاص (المجلس الرئاسي الليبي)

في غضون ذلك، التقت القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، في العاصمة طرابلس، النائب العام، الصديق الصور، وبحثت معه التحديات التي تواجه سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان في ليبيا، والحاجة إلى حماية الفضاء المدني لخلق بيئة سياسية وانتخابية صحية.

كما بحثت خوري مع المبعوث الفرنسي بول سولير، بحضور السفير الفرنسي مصطفى مهراج، الحاجة الملحة لدفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام وإجراء الانتخابات، مشيرة إلى أنهم شددوا على الأهمية البالغة لتوحيد مؤسسات الدولة، بما في ذلك قوات الأمن والجيش، تحت إشراف مدني.

كما التقى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، سولير، وقال إن اللقاء ناقش التطورات الإيجابية للأوضاع السياسية والاقتصادية، التي تشهدها ليبيا من تحفيز المؤسسات على المضي قدماً بالعملية السياسية للوصول إلى الانتخابات.

الدبيبة مستقبلاً المبعوث الفرنسي الخاص (حكومة الوحدة)

وكان الدبيبة، قد ناقش مع سولير جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار وإتمام الاستحقاقات الانتخابية، وفرص التعاون في المشاريع التنموية والبنية التحتية التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي في البلاد، بالإضافة إلى الإجراءات التنظيمية في القطاع المصرفي والمالي.