حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

عدَّه وزير الداخلية الجديد «ضاراً جداً» بباريس

الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

أظهر وزير الداخلية الفرنسي الجديد، برونو روتايو، عزماً على إحداث مراجعة عميقة لـ«اتفاقية 1968» مع الجزائر، التي تضبط قضايا الهجرة والعمل وتنقُّل الجزائريين في فرنسا.

وللمرة الثانية منذ توليه وزارة الداخلية (23 سبتمبر/ أيلول 2024)، خلفاً لجيرالد دارمانان، صرَّح روتايو أنه يدعم خطاباً يردده الطيف السياسي الفرنسي، خصوصاً اليمين، يتعلق بـ«إعادة النظر» في «اتفاق الهجرة» مع الجزائر بذريعة أنه «مفيد جداً للجزائر، وضار جداً لفرنسا». وبتعبير أكثر وضوحاً، يرى أصحاب هذا الطرح أن الاتفاق يعوق خطط الحكومة الفرنسية للحدِّ من الهجرة النظامية والسّرّيّة.

وزير الداخلية برونو روتايو الشهير بالدعوة إلى إحداث مراجعة جذرية لاتفاق مشترك بين فرنسا والجزائر يخص الهجرة (رويترز)

ويقود روتايو حملة منذ أسبوع ضد بنود الاتفاق، بوجه خاص، والمهاجرين السّرّيّين في فرنسا بوجه عام. وصرَّح في بداية الأسبوع لدى استجوابه من طرف القناة العامة الخاصة «تي إف 1»، أنه يؤيد تقييم الاتفاق، غير أنه تفادى الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان يطالب بإلغائه، عاداً «القرار يندرج ضمن صلاحيات وزير الخارجية وليس ضمن صلاحياتي».

وعاد الوزير، الأحد، إلى الموضوع، عند استضافته في القناة الإخبارية «إل سي آي»، حيث قال عما إذا كان يؤيد إعادة التفاوض حول الاتفاق: «لا توجد ممنوعات حول هذا الأمر». وأضاف: «يجب الاستمرار في تقليل التأشيرات، إذا كانت دولة ما ترفض استقبال الأشخاص المدانين في فرنسا». وعندما سُئل عما إذا كانت قيود التأشيرات ستؤثر أيضاً في المسؤولين في الدول المعنية، أجاب بالإيجاب دون تردد.

وعُرف روتايو، قبل التحاقه بالطاقم الحكومي بقيادة ميشال بارنييه، بموقفه المعادي للاتفاق الفرنسي الجزائري. ففي 26 يونيو(حزيران) 2023، قدَّم اقتراحاً في مجلس الشيوخ بصفته رئيس مجموعة حزب «الجمهوريون» (يمين تقليدي) يدعو لإلغاء الاتفاق من أساسه، مبرزاً في نص المقترح أن «سلوك الجزائر اليوم يشكّل عقبة أمام ضرورة وقف الهجرة الجماعية نحو فرنسا، فلا يوجد سبب يدفعنا للبقاء سلبيين تجاه دولة قليلة التعاون»، في إشارة إلى أزمة بين سلطات البلدين، نشأت في 2021، عندما رفضت الجزائر طلب وزير الداخلية الفرنسي السابق، إصدار تراخيص قنصلية لمئات المهاجرين غير النظاميين الجزائريين، بوصفه إجراءً ضرورياً لتنفيذ قرارات الطرد الإدارية من التراب الفرنسي.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية ورئيسة الوزراء الفرنسيين سابقاً في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وأفاد روتايو، في مقترحه البرلماني، بشأن فرضية إعادة التفاوض حول الاتفاق ولو شكلياً، بأن ذلك «لا يبدو ممكناً... نحن نوصي بالفعل بالرفض الأحادي لهذا الاتفاق من طرف السلطات الفرنسية».

وجرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال بلادهم في 1962. وتضمنت الوثيقة بنوداً عدة، بينها تحديد متطلبات العمل والإقامة، ونصت على حقوق العمال المهاجرين، بما في ذلك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

وبموجب الاتفاق، نظَّم البلدان آليات للتعاون في مجالات متعددة، مثل التعليم والتدريب المهني. وتَطَرَّقَ إلى إمكانية عودة العمال إلى الجزائر، مع ضمان حقوقهم عند العودة.

والاتفاق في مجمله يشجع هجرة العمال المهرة لتلبية احتياجات السوق الفرنسية، لهذا عدَّه قطاع كبير من الفرنسيين، تفضيلاً للجزائريين مقارنة ببقية المهاجرين الذين يتحدَّرون من جنسيات أخرى.

البرلمان الفرنسي خلال جلسة صوَّت فيها ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري الفرنسي (أرشيفية متداولة)

وظل الاتفاق جزءاً من العلاقات المعقدة بين البلدين بعد الاستقلال، وكان يقفز إلى الواجهة كلما توترت العلاقات الثنائية، كما هي الحال هذه الأيام.

وتقول الجزائر إن رعاياها يواجهون صعوبات في ترتيب شؤون إقامتهم، خصوصاً ما ارتبط بـ«لمّ الشمل العائلي»، والزواج، والدراسة في الجامعات، وممارسة الأنشطة التجارية والمهنية، بعكس ما يكفله الاتفاق من حقوق لهم.


مقالات ذات صلة

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون أثناء خطابه أمام أعضاء البرلمان (الرئاسة)

الجزائر: تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس

حملَ خطاب تبون دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترفوا بجرائمكم في الجزائر إن كنتم صادقين

شنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هجوماً شديد اللهجة على فرنسا وتاريخها الاستعماري في بلاده، وخاطب قادتها قائلاً: «اعترفوا بجرائمكم إن كنتم صادقين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إطلاق «حوافز» جديدة لعودة «سوريي مصر» إلى بلادهم

أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)
أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)
TT

إطلاق «حوافز» جديدة لعودة «سوريي مصر» إلى بلادهم

أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)
أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)

أعلنت سفارة دمشق في القاهرة، السبت، عن «حوافز» جديدة لعودة «سوريي مصر» إلى بلادهم، من بينها التصديق على وثائق العودة مجاناً، وتمديد صلاحية جوازات السفر، في وقت قدّمت فيه الحكومة المصرية «طائرة مساعدات» إلى سوريا.

ووفق أعضاء من الجالية السورية في مصر، فإن «الحوافز الجديدة ستساعد على عودة مزيد من السوريين إلى بلادهم».

وقررت السفارة السورية في القاهرة، السبت، «التصديق على وثائق العودة للسوريين المقيمين بمصر مجاناً»، إلى جانب «استمرار تمديد صلاحية جوازات السفر منتهية الصلاحية مجاناً لستة أشهر، ولمرة واحدة»، وقالت، في إفادة لها، إن ذلك يأتي مع «منح تذاكر المرور للعودة إلى البلاد مجاناً».

وكانت سفارة دمشق قد أعلنت، الخميس، عن «منح تذاكر مرور مجانية للعودة إلى سوريا».

وتُشكل التسهيلات الجديدة المُعلنة من السفارة السورية حوافز جيدة لكثير من السوريين في مصر للعودة إلى بلادهم، وفق تقدير الرئيس السابق لـ«رابطة الجالية السورية» في مصر، راسم الأتاسي، مشيراً إلى أن «عدداً كبيراً من أعضاء الجالية السورية لديهم رغبة في العودة إلى البلاد، لكن لا يمتلكون الإمكانات المالية التي تسمح بتأمين رحلة السفر».

جانب من إحدى فعاليات الجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد)

وارتفع عدد السوريين المقيمين في مصر، خلال العقد الماضي، إلى نحو مليون ونصف المليون سوري، وفق تقدير المنظمة الدولية للهجرة، بينهم نحو 153 ألف لاجئ مسجلين في «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين».

الأتاسي تحدّث عن مجموعة من العقبات والتحديات، التي تعوق عودة كثير من السوريين المقيمين بمصر، منها «عدم القدرة على دفع قيمة رسوم تجديد جوازات السفر المنتهية الصلاحية، ومخالفات الإقامة بمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الأسر «تهدّمت منازلها، ومن الصعب عودتها حاليّاً، رغم أن المناخ الحالي بسوريا يسمح بعودة المهاجرين».

ووفق الرئيس السابق لـ«رابطة الجالية السورية» في مصر، فإنه يتوجّب على السوريين الراغبين في العودة إلى ديارهم إنهاء مجموعة من الإجراءات قبل السفر، بدايةً من تحديث جوازات السفر المنتهية، إلى جانب «غلق ملف اللجوء»، للمسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين، أو «تسوية الأوضاع القانونية للوافدين المخالفين لاشتراطات الإقامة، أو الذين انتهت فترة إقامتهم دون تجديد».

من جهته، يرى مسؤول «الائتلاف الوطني السوري» في القاهرة، عادل الحلواني، أن حوافز السفارة السورية «سوف تدعم غير القادرين من الجالية الذين يريدون العودة للبلاد مرة أخرى»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفترة الماضية شهدت روابط ومؤسسات السوريين في مصر شكاوى من شبان سوريين لعدم قدرتهم على تأمين تكلفة رحلات العودة للبلاد»، مشيراً إلى أن منح الإدارة الجديدة في سوريا وثائق السفر بالمجان «سيساعد كثيرين منهم على العودة».

ووفق الحلواني، فإن عدداً كبيراً من الشبان الذين جاءوا إلى مصر، هرباً من التجنيد الإجباري وقت نظام بشار الأسد، لديهم «رغبة كبيرة للعودة حالياً، مع شرائح الأسر التي لا تمتلك تمويلاً كافياً للإقامة»، مشيراً إلى جهود تبذلها الجمعيات الخيرية التابعة للسوريين بمصر لدعم الراغبين في العودة للبلاد.

طائرة مساعدات إنسانية من مصر إلى سوريا (الخارجية المصرية)

وبموازاة ذلك، قدّمت الحكومة المصرية طائرة مساعدات إنسانية إلى سوريا، السبت، محملة بنحو 15 طناً من المساعدات الإغاثية والأدوية والأغذية. وقالت وزارة الخارجية المصرية، في إفادة لها، إن المساعدات «مقدمة من الهلال الأحمر المصري لنظيره السوري»، مضيفة أن «خطوة المساعدات تستكمل جهود القاهرة الداعمة للشعب السوري على مدار السنوات الماضية، ومنها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين السوريين».

وباعتقاد الرئيس السابق لـ«رابطة الجالية السورية» في مصر، فإن خطوة المساعدات المصرية «تُعزز من العلاقات الشعبية بين البلدين»، إلى جانب أنها «تُشكل بادرة جيدة للوصول إلى تفاهمات بين القاهرة والإدارة الجديدة في سوريا»، مشيراً إلى أن هذه التحركات «تدعم العلاقات المصرية - السورية، ومردودها إيجابي على مستوى التعاون».

والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي مع نظيره السوري، أسعد الشيباني، وقوف بلاده «بشكل كامل مع الشعب السوري، ودعم تطلعاته المشروعة»، وأشار إلى «أهمية دعم الاستقرار في سوريا، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ووحدة وسلامة أراضيها»، وفق «الخارجية المصرية».