رفعت موريتانيا ميزانية وزارة الدفاع خلال العام الحالي (2024)، بمبلغ 15 مليون دولار أميركي، بسبب إعادة هيكلة الجيش واقتناء أسلحة جديدة، نظراً للوضع الأمني الصعب الذي تعيشه منطقة الساحل الأفريقي، والعنف المتصاعد في دولة مالي على وجه الخصوص، التي تمتلك حدوداً مشتركة مع موريتانيا تفوق ألفي كيلومتر.
وبالتزامن مع زيادة الميزانية المخصصة للدفاع، قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب أمام الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إن بلاده نجحت في «تنفيذ استراتيجية أمنية مندمجة، وفرت الأمن والسلم والاستقرار»، مضيفاً أن هذا النجاح يأتي في سياق «تفشي العنف والإرهاب والتأزيم السياسي والاجتماعي في المحيطين الإقليمي والدولي»، في إشارة إلى ما تعرفه منطقة الساحل من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، وما تعيشه القارة الأفريقية من أزمات وصراعات مسلحة.
وأعلن عن هذه الزيادة في مشروع الميزانية، الذي صادقت عليه الحكومة الموريتانية في اجتماعها الأسبوعي، حيث كانت الميزانية المتوقعة للعام تنص على تخصيص 103 مليارات أوقية قديمة للدفاع، لكن مع نهاية العام زاد المبلغ ليصبح 109 مليارات أوقية قديمة، أي ما يعادل 274 مليون دولار أميركي.
وتعود هذه الزيادة إلى «اقتناء معدات عسكرية خاصة»، حيث صرفت في المعدات الأسلحة أكثر من 5 مليارات أوقية قديمة، أي ما يعادل 12.5 مليون دولار، كما صرفت نحو مليار أوقية قديمة (2.5 مليون دولار) من أجل «اقتناء سلع وخدمات (...) أمن وسلامة نظام تكنولوجيا المعلومات».
وأوضحت الحكومة أن ميزانية الجيش زادت هي الأخرى، لتصبح 68 مليار أوقية قديمة، أي ما يعادل 17 مليون دولار، وهي زيادة قالت الحكومة إنها وجهت إلى «اقتناء سلع وخدمات بهدف الحفاظ على الحوزة الترابية»، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
ويأتي ارتفاع ميزانية الدفاع بعد أشهر من عرض الجيش الموريتاني لمعدات وأسلحة جديدة، وإعلان شرائه مجموعة من المسيّرات المقاتلة والأسلحة الجديدة، كما أجرى تحديثاً لهيكلته، وهي المرة الأولى التي يعلنُ فيها الجيش الموريتاني امتلاك مسيرات مقاتلة، منذ أن اقتنتها عدة دول مجاورة، بينما عدّ «سباق تسلح» تشهده منطقة غرب أفريقيا.
وبينما يزداد الوضع الأمني صعوبة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، عرض الجيش الموريتاني أسلحته الجديدة أمام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قبل أن يجري مناورات وتدريبات بمنطقة في كبريات مدن البلاد، بما فيها العاصمة نواكشوط، وعلى الحدود مع دولة مالي، بالقرب من قرى حدودية سبق أن كانت عرضة لهجمات، شنها مقاتلون من مجموعة «فاغنر» الروسية الموجودة في مالي.
وقال الجيش آنذاك إنه جدد أسلحته ومعداته من أجل «رفع مستوى وجاهزية مختلف الجيوش لتنفيذ أي عمليات أو الدخول في قتال»، وأوضح أنه اقتنى «طائرات ومحطات رادار ومسيّرات استطلاع قادرة على القيام بمهام المراقبة والرصد، والتوجيه الدقيق للصواريخ، كما تضم هذه المسيّرات طائرات من دون طيار هجومية ذات فاعلية عالية جداً، قادرة على تغطية الحوزة الترابية للوطن، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة».
وعدّ عرض الجيش الموريتاني وحديثه عن أسلحته الجديدة، نوعاً من «رسائل الردع» الموجهة للدول المجاورة، لكن أيضاً إلى الجماعات الإرهابية التي توجد في دولة مالي، ورسالة أيضاً إلى شبكات الجريمة المنظمة المنتشرة في منطقة الصحراء الكبرى.
لكن رفع ميزانية الدفاع سيؤثر على ميزانيات قطاعات حكومية أخرى، حيث تضمنت الميزانية الجديدة تقليص المبالغ المخصصة لنحو 20 قطاعاً حكومياً؛ من بينها قطاعات سيادية مثل الخارجية والعدل والداخلية والاقتصاد والمالية.
ووجهت الحكومة نسبة 10 في المائة من إجمالي الميزانية العامة إلى قطاعي الأمن والدفاع، وهو ما يؤكد تأثير الوضع الإقليمي والسياق العالمي على الموازنة العامة للحكومة الموريتانية.
وتراجعت الميزانية العامة للدولة الموريتانية هذا العام بنسبة 0.38 في المائة، بالمقارنة مع الميزانية الأصلية التي كان يتوقع الوصول إليها، ووصلت الميزانية في صيغتها المعدلة إلى أكثر من 107 مليارات أوقية جديدة، وهو ما يعادل 2.7 مليار دولار أميركي. ويعود هذا التراجع إلى ضعف مداخيل بعض القطاعات الضريبية، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل كبير على عائدات قطاع المعادن، وبشكل خاص الحديد والذهب، لكن الحكومة تتوقع ارتفاعاً في موارد الدولة خلال العام المقبل، مع بداية إنتاج الغاز الطبيعي من حقل «السلحفاة الكبير» المشترك مع السنغال، حيث تشير بعض التوقعات إلى أن مداخيله السنوية قد تصل إلى مليار دولار.