«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

أعربت عن استعدادها التعاون في أي مساعٍ حميدة تنهي «الاحتراب الأهلي»

أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)

طالبت جامعة الدول العربية بـ«تمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان». وأعربت عن استعدادها المشاركة في «أي مساعٍ حميدة» من شأنها إنهاء حالة «الاحتراب الأهلي» المستمرة في البلاد منذ أكثر من عام، بحسب إفادة رسمية، الجمعة.

وكثفت «الجامعة العربية» تحركاتها لدعم السودان، على هامش اجتماعات للدورة 79 من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث عقد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لقاءً، مساء الخميس، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، جدد خلاله «تأكيد موقف الجامعة الثابت القائم على ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وصون كل مؤسساته الوطنية»، وفق إفادة رسمية للمتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي.

وتناولت محادثات أبو الغيط والبرهان «تطورات الوضع على الأرض». وأكد أبو الغيط «جاهزية الجامعة العربية الكاملة لبذل أي مساعٍ حميدة تطلب منها لدعم السلام والاستقرار في السودان».

الأمر نفسه أكده الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، خلال مشاركته في اجتماع بشأن «سبل الاستجابة الإنسانية في السودان»، عُقد أيضاً على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أعرب زكي، في كلمته، عن «استعداد جامعة الدول العربية للتنسيق والتعاون بشأن أسرع وأفضل السبل والآليات لإنهاء حالة الاحتراب الأهلي وصون مؤسسات البلاد الوطنية ومقدراتها، ودعم استعادة السلام والأمن في السودان».

وشدد الأمين العام المساعد على أن «الوضع الإنساني المتدهور وازدياد تهديدات المجاعة وانعدام الأمن الغذائي وندرة الأدوية المنقذة للحياة، كل ذلك يتطلب ضرورة الدعم المالي العاجل لتمويل خطط منسقة عاجلة وقصيرة المدى لتوريد المساعدات الغذائية واستعادة سبل العيش، وإنقاذ الموسم الزراعي».

وفي اجتماع آخر عقد بنيويورك أيضاً، حول «دعم السلام في السودان»، أكد زكي «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية»، مشدداً في هذا الإطار على أن «إنشاء آليات لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين السودانيين ومنع تدفق الأسلحة وفقاً لقرارات مجلس الأمن، مسؤولية سودانية كاملة».

متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023، حرباً داخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة. وتزامن ذلك مع تحذيرات دولية وأممية من «خطر المجاعة» في البلاد.

وعولت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتورة أماني الطويل، على التحركات العربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بشأن السودان «كوسيلة فاعلة لدعم فكرة التفاوض، عبر البناء على المجهودات السابقة في هذا المجال»، لكنها في الوقت نفسه رهنت نجاح تلك الجهود بـ«نوايا الأطراف الداخلية». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «اجتماعات جنيف شهدت تحضيرات على مستويات عدة، لكنها أجهضت في النهاية بسبب الإرادة الداخلية لطرفي الصراع على الأرض».

واستضافت مدينة جنيف السويسرية، في أغسطس (آب) الماضي، محادثات دولية هدفت إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الناتجة عنها، بمشاركة وفد «قوات الدعم السريع»، وغياب ممثلين عن الجيش السوداني، وبحضور أميركي وسعودي وسويسري ومصري وإماراتي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. لكنها لم تخلص إلى اتفاق على وقف الحرب.

جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان يونيو 2024 (الجامعة العربية)

وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قد أبدت نوعاً من الامتعاض إزاء عدم دعوتها لمحادثات جنيف. وقالت، في إفادة رسمية في حينها، إن «دعوتها، التي لم تصل - حتى الآن - للمشاركة في الجهد المطلق بجنيف، هي بمثابة تطبيق لقرار مجلس الأمن رقم 2736 بتاريخ 13 يونيو (حزيران) 2024. وأشارت إلى أن الفقرة الثامنة من قرار مجلس الأمن تنص على «التواصل المنسق مع الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية الأخرى للمساعدة في النهوض بالسلام بالسودان».

عودة إلى الطويل التي أكدت أن «الجامعة العربية لها دور مهم في تحريك المسألة السودانية، لا سيما أن وجودها يعكس التنوع السوداني». وقالت: «لم يكن هناك معنى لاستبعاد الجامعة العربية من محادثات جنيف، لا سيما مع حضور الاتحاد الأفريقي؛ إلا إذا كانت هناك مساعٍ لخلق معادلة سياسية مختلفة في السودان، وهو أمر غير مقبول». وأضافت أن «الجامعة العربية تفاعلت مع الأزمة منذ بدايتها، واستضافت اجتماعات عدة في هذا الصدد، من بينها اجتماع لتنسيق المبادرات المتعلقة بحلحلة الأزمة».

وفي يونيو الماضي، استضافت جامعة الدول العربية اجتماعاً إقليمياً - عربياً لمناقشة سبل تنسيق الجهود الرامية لاستعادة السلم والاستقرار في السودان، دعا إلى تنفيذ «إعلان جدة» الإنساني. وكانت مدينة جدة السعودية استضافت مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في مايو (أيار) 2023، خلصت إلى اتفاق أطلق عليه «إعلان جدة - الالتزام بحماية المدنيين في السودان»، وعقدت بعد ذلك عدة جولات لم تحقق تقدماً.


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الرئاسة المصرية)

السيسي: الأوضاع المضطربة في المنطقة تفرض بناء قدرات شاملة لحماية مصر

أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة لـ«حماية الحدود المصرية من أي تهديدات محتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)

زيادة مرتقبة لأسعار خدمات الاتصالات تعمق أزمة الغلاء بمصر

أثار حديث مسؤول حكومي مصري عن زيادة مرتقبة في أسعار خدمات الاتصالات مخاوف لدى المصريين من موجة غلاء جديدة.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من المحادثات المصرية - الإيطالية للتعاون في مجال المياه (الري المصرية)

تعاون مصري - إيطالي لمجابهة «الفقر المائي»

تعاني مصر من «عجز مائي» بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصتها من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً».

عصام فضل (القاهرة )

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.