مصر ترفض «التصعيد الخطير» في جنوب لبنان

حذرت من «حلقة مفرغة» وطالبت بـ«وقف شامل» لإطلاق النار في غزة

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته اللاتفية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته اللاتفية (الخارجية المصرية)
TT

مصر ترفض «التصعيد الخطير» في جنوب لبنان

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته اللاتفية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته اللاتفية (الخارجية المصرية)

أكدت مصر رفضها «التصعيد الخطير» في جنوب لبنان، وحذرت من دخول المنطقة في «حلقة مفرغة من المواجهات والتصعيد». وطالب وزير الخارجية والهجرة المصري الدكتور بدر عبد العاطي بـ«ضرورة التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة».

جاءت التأكيدات المصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصرية لواشنطن على هامش مشاركته في الشق رفيع المستوى من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك... وسبق أن حذّرت مصر مراراً من مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة، وسط اتصالات مكثّفة مع الأطراف المعنية كافة لاحتواء الوضع.

وشدد عبد العاطي على «أهمية إزالة جميع العقبات التي تضعها إسرائيل أمام نفاذ المساعدات إلى غزة، من أجل إيجاد نهاية للأزمة التي يشهدها القطاع»، مؤكداً خلال لقائه كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيغريد كاغ، أهمية تعاون كل الدول مع كبيرة منسقي الأمم المتحدة، للانتهاء من الإجراءات الضرورية لعمل آلية الأمم المتحدة الخاصة بغزة في أسرع وقت ممكن، مشدداً على ضرورة مواصلة إطلاع مجلس الأمن بشفافية وبوضوح على التطورات الخاصة بإنشاء الآلية، وعلى مدى تعاون الدول معها في تنفيذ الولاية التي أوكلها إليها مجلس الأمن.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، مساء السبت، أعرب عبد العاطي عن ترحيبه بالمسؤولة الأممية، مؤكداً مواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لها لتمكينها من تنفيذ مهام ولايتها التي نص عليها قرار مجلس الأمن المنشئ لها رقم 2720، مرحباً بالتعاون الوثيق بين الآلية وجمعية «الهلال الأحمر المصري» الرامي لتسهيل وتسريع نفاذ المساعدات إلى قطاع غزة تنفيذاً لقرار مجلس الأمن.

عبد العاطي يلتقي سيغريد كاغ (الخارجية المصرية)

وفي لقاء آخر، أكد الوزير عبد العاطي خلال محادثات مع وزيرة خارجية جمهورية لاتفيا، بابيا بيريز، ضرورة التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووقف استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، ونفاذ المساعدات الإنسانية بالكميات التي تلبي احتياجات الفلسطينيين، والكف عن الممارسات التي تستهدف «إدخال المنطقة في حلقة مفرغة من المواجهات والتصعيد»، مشدداً على رفض مصر محاولات تصفية القضية الفلسطينية، معرباً عن قلق بلاده البالغ من «التصعيد الخطير في جنوب لبنان بما ينال من وحدة وسيادة الأراضي اللبنانية»، مؤكداً تضامن مصر الكامل مع لبنان في هذا الظرف الدقيق.

أيضاً أعرب الوزير عبد العاطي خلال لقاء المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن تقدير بلاده لمواصلة المفوض السامي تسليط الضوء على الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون بسبب العدوان الإسرائيلي، مؤكداً «أهمية إزالة كل العوائق التي تَحول دون إدخال المساعدات الإغاثية العاجلة، والتواصل مع الدول الغربية الكبرى التي تأخذ على عاتقها الدفاع عن حقوق الإنسان للضغط على إسرائيل لاحترام قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان».

عبد العاطي خلال لقاء المفوض السامي لحقوق الإنسان (الخارجية المصرية)

كما أجرى وزير الخارجية المصري محادثات، مساء السبت، مع وكيلة السكرتير العام للأمم المتحدة، المستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية، آليس واريمو نيدريتو. وحسب «الخارجية المصرية» تطرق اللقاء إلى ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة. وشدد عبد العاطي على الدور المهم للمستشارة الخاصة في «الضغط من أجل وقف كل الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، وضرورة السماح بنفاذ المساعدات الإغاثية العاجلة لسكان قطاع غزة، ورفض مصر التام ممارسات النقل الجبري والتهجير القسري للسكان داخل قطاع غزة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية».

محادثات بين وزير الخارجية المصري والمستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية (الخارجية المصرية)

وشهد اللقاء كذلك بحث تطورات الأوضاع في السودان، حيث تناول عبد العاطي جهود مصر الرامية للحفاظ على وحدة وأمن السودان وتحقيق استقراره، وأهمية التوصل إلى وقفٍ فوريٍّ لإطلاق النار ودعم مسار الحل السياسي، فضلاً عن تأكيد «ضرورة سرعة نفاذ المساعدات الإنسانية بالكميات التي تلبِّي احتياجات الشعب السوداني، ووقف كل صور الانتهاكات التي يتعرض لها، وبما يسهم في إنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

تحليل إخباري رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

بينما تراوح مفاوضات الهدنة في غزة مكانها منذ عدة أسابيع، تزداد وتيرة الحرب المشتعلة في لبنان، وتتسارع نداءات إطفائها عبر مقترح أميركي - عربي - أوروبي بوقفها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان يتحدث خلال اجتماع لوزراء خارجية «مجموعة العشرين» في نيويورك (واس)

السعودية تدعو «العشرين» لاعتماد مسار موثوق لقيام الدولة الفلسطينية

دعت السعودية أعضاء مجموعة العشرين إلى تكثيف الجهود المشتركة لتجاوز العجز الدولي في التصدي لانتهاكات إسرائيل، واعتماد مسار موثوق لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت بمخيم المغازي للاجئين بعد غارة إسرائيلية في 25 ديسمبر 2023 وسط معارك مستمرة بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

في قطاع غزة المدمر... إحصاء ضحايا الحرب يشكل تحدياً حقيقياً

يشكل إحصاء الضحايا تحدّياً حقيقياً يومياً في قطاع غزة الذي يتعرّض للقصف منذ قرابة السنة والذي تحوّل جزء كبير منه إلى دمار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية 
بزشكيان يتحدّث إلى ممثّلي وسائل الإعلام الأميركية في نيويورك (الرئاسة الإيرانية)

جدل بعد «تصريحات» بزشكيان عن استعداد لخفض التوتر مع إسرائيل

أثارتْ تصريحاتٌ منسوبةٌ للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بشأن استعداد بلاده لخفض التوتر مع إسرائيل، جدلاً واسعاً في إيران، رغم نفي الحكومة الإيرانية صحتها.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش متحدثاً في «قمة المستقبل» داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

حرب غزة والتصعيد الإسرائيلي في لبنان يسبقان بايدن إلى الجمعية العامة

يبدأ زعماء العالم الثلاثاء مناقشاتهم في اجتماعات الأمم المتحدة، وسط تزايد أخطار اتساع حرب غزة والتصعيد الإسرائيلي في لبنان، قبل خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن.

علي بردى (نيويورك)

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة
TT

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس، في أكبر عملية لاستعادة العاصمة منذ بداية الحرب المستمرة لنحو17 شهراً بينه وبين «قوات الدعم السريع». وتركز الصراع، يوم الخميس، على ثلاثة جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا». وجاء هجوم الجيش، الذي فقد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة في بداية الصراع، قبل كلمة من المقرر أن يلقيها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ومنذ اندلاع الحرب في البلاد أبريل (نيسان) 2023 تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة. وذكر شهود أن قصفاً عنيفاً واشتباكات اندلعت عندما حاولت قوات من الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، وهي الخرطوم وأم درمان وبحري. والجسور الثلاثة التي تركز حولها القصف هي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا».

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

تحليق الطيران

وقال سكان إن الجيش يقوم بقصف مدفعي عنيف وقصف جوي على منطقتَي الحلفايا وشمبات، في حين يحلق الطيران بكثافة، خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري. كما أظهرت مقاطع فيديو دخاناً أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية. وقالت مصادر عسكرية لوكالة «رويترز» إن قوات الجيش عبرت جسوراً في الخرطوم وبحري، في حين قالت «قوات الدعم السريع» إنها أحبطت محاولة الجيش عبور جسرين إلى الخرطوم.

وتأتي الاشتباكات المتجددة في وقت يحتل ملف النزاع المتواصل في السودان مرتبة متقدمة على جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين.

واستعاد الجيش بعض الأراضي في أم درمان في وقت سابق من هذا العام، لكنه يعتمد في الغالب على المدفعية والغارات الجوية، ولم يتمكن من طرد «قوات الدعم السريع» التي هي أكثر كفاءة على الأرض، من مناطق أخرى من العاصمة.

مستشفى الفاشر من الخارج (صفحة حاكم إقليم دارفور في «فيسبوك»)

مخاوف في دارفور

في غضون ذلك، واصلت «قوات الدعم السريع» إحراز تقدم في أجزاء أخرى من السودان في الأشهر القليلة الماضية في صراع تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص، ودفع مناطق من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة. وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى، ورفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.

واشتدت المعركة هذا الشهر للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان. وتحاول «قوات الدعم السريع» التقدم من مواقع تحيط بالمدينة لمواجهة الجيش وجماعات متمردة سابقاً متحالفة معه. والفاشر هي آخر معاقل الجيش في دارفور حيث تقول الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إن الوضع الإنساني حرج جداً، وهي واحدة من 5 عواصم ولايات في إقليم دارفور والوحيدة التي لم تسقط في أيدي «قوات الدعم السريع». وطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للمنظمة أيضاً بإنهاء حصار الفاشر، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون من السكان والنازحين. وفي سبتمبر (أيلول) أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى لا يقل عن 20 ألف شخص منذ بداية الصراع، لكن بعض التقديرات تصل إلى 150 ألف ضحية، وفقاً للمبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو. كما نزح أكثر من 10 ملايين شخص؛ أي نحو 20 في المائة من السكان، بسبب القتال، أو أُجبروا على اللجوء إلى دول مجاورة. وتسبّب النزاع في أزمة إنسانية هي من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة.

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)

جسور العاصمة المثلثة

يقسّم نهر النيل ورافداه؛ النيل الأزرق والنيل الأبيض، العاصمة السودانية الخرطوم إلى ثلاث مدن؛ الخرطوم وتقع إلى الجنوب بين نهرَي النيل الأزرق والنيل الأبيض، وملتقى النهرين عند منطقة المقرن، ليكونا بداية نهر النيل، وهي العاصمة الإدارية ومقر الحكومة والمركز التجاري والاستثماري، بينما تنحصر مدينة أم درمان بين نهر النيل والنيل الأبيض من جهتَي الشرق والغرب، وتمثل العاصمة الوطنية القديمة، أما مدينة الخرطوم بحري فتنحصر بين نهر النيل ونهر النيل الأزرق من جهتي الجنوب والخرطوم، وهي المدينة الصناعية. وترتبط مدن الخرطوم الثلاث بعشرة جسور، تَعبر الأنهر الثلاثة وتشكل وسائط التواصل؛ ليس بين مدن العاصمة فحسب، بل ببقية أنحاء السودان.

ومنذ بدأت الحرب تَقاسم كل من الجيش وقوات «الدعم السريع» السيطرة على الجسور والتحكم فيها، كلياً أو جزئياً. وفقَدَ الجيش السيطرة من الجهتين على كل جسور المدينة، ما عدا جسر النيل الأزرق، الذي يربط بين الخرطوم والخرطوم بحري، بينما سيطرت قوات «الدعم السريع» على جسور سوبا، والمنشية، والمك نمر، وخزان جبل أولياء، وتوتي.

ويتقاسم الطرفان السيطرة على جسور الفتيحاب والنيل الأبيض، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم. وأيضاً جسر الحلفايا، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم بحري. أما جسر شمبات فقد خرج من الخدمة على أثر تفجيره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وكان وقتها تحت سيطرة قوات «الدعم السريع»، وتبادل الطرفان الاتهامات بتفجيره.

كذلك جسر خزان جبل أولياء، الذي قصفه طيران الجيش، لكن قوات «الدعم السريع» أفلحت في إعادته للخدمة مجدداً، وهو الجسر الوحيد الذي يربط بين قواتها من أم درمان حتى دارفور، وهو بطبيعته جسراً على السد، فإن تدميره كلياً قد يتطلب تدمير السد الذي يُنظم جريان المياه لصالح السد العالي في مصر.