الجزائر تفاوض «الأوروبي» لتفادي اللجوء إلى التحكيم الدولي

أزمة وقف الصادرات اندلعت إثر اتخاذ إجراءات تقليص فاتورة الواردات

رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)
رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تفاوض «الأوروبي» لتفادي اللجوء إلى التحكيم الدولي

رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)
رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

أكد وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، أن بلاده بصدد التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لتفادي اللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي لوحت به المفوضية الأوروبية منذ ثلاثة أشهر، على أثر وقف الجزائر صادرات دول الاتحاد إليها، وهو ما عد «مخالفة لاتفاق الشراكة» الثنائي، الجاري به العمل منذ سنة 2005.

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

ونشر برلماني من «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، يدعى عبد الوهاب يعقوبي، الخميس، بحسابه بالإعلام الاجتماعي، رد الوزير عطاف على سؤال كتابي له، يستفسر عن «المخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها بلادنا، لا سيما التبعات المالية المحتملة، على أثر إعلان مفوضية الاتحاد تفعيل إجراءات لتسوية النزاع مع الجزائر».

وقال عطاف إن «اتفاق الشراكة لا ينص على أي تبعات مالية، قد تنجر عن القرار النهائي، الذي سيتم التوصل إليه من خلال المشاورات لتسوية النزاع بالتراضي، أو في حال تعذر ذلك، عبر آلية التحكيم الثنائية المعتمدة في الاتفاق، وهي حالة مستبعدة، حيث يتم التوصل عموماً إلى توافقات في مرحلة المشاورات».

برلماني الجالية الجزائرية في فرنسا عبد الوهاب يعقوبي (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وهذه المرة الأولى، منذ اندلاع الخلاف التجاري في يونيو (حزيران) الماضي، التي يعرف فيها أن الطرفين أطلقا مشاورات لإيجاد مخرج للأزمة.

واعترضت المفوضية الأوروبية في بيان، أصدرته في 14 يونيو الماضي، على سلسلة من القرارات، بدأت الجزائر بتنفيذها منذ عام 2021، تتعلق بتنظيم الواردات وتحفيز الإنتاج المحلي، شملت نظام تراخيص الاستيراد، وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة.

خسائر كبيرة لحقت بالتجارة البينية جراء وقف الصادرات (صورة لميناء الجزائر العاصمة)

ورأت المفوضية أن هذه الإجراءات «تقييدية» لصادراتها نحو الجزائر، بينما يقول الجزائريون إنها «تندرج في إطار خطة لتقليص فاتورة الواردات، بهدف تنويع اقتصاد البلاد، وتقليل اعتماده على المحروقات وتعزيز التصنيع المحلي». ولاحظ مختصون في الشأن الاقتصادي، مستقلون عن الحكومة، أن خطة الحد من الواردات أحدثت ندرة في عدة مواد وسلع في السنتين الأخيرتين.

وأكد الوزير في رده على سؤال البرلماني، الذي يمثل المهاجرين الجزائريين في فرنسا، أنه يرفض الحديث عن «نزاع» مع الاتحاد الأوروبي، بذريعة أن «الأضرار التي زعمت المفوضية أنها لحقت بدول الاتحاد لا تعبر عن حقيقة الوضع».

وزير خارجية الجزائر (يسار) طلب من نظيره المجري إجراء وساطة مع الاتحاد الأوروبي لحل الخلاف التجاري في سبتمبر 2023 (الخارجية الجزائرية)

وفي تقدير عطاف، لم تؤثر التدابير التجارية المتخذة لحماية الاقتصاد، «فعلياً على المبادلات مع الاتحاد الأوروبي، في ظل النظام التفضيلي لاتفاق الشراكة. فقد ارتفعت بنسبة تفوق 20 في المائة سنة 2023، مقارنة بسنة 2022، وبنسبة 15 في المائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023».

ولفت المسؤول الجزائري إلى أن الميزان التجاري للجزائر، خارج المحروقات، «عرف عجزاً كبيراً منذ دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ»، قبل 15 عاماً. وشرح ذلك بقوله: «في الوقت الذي بلغ فيه حجم المبادلات التجارية تقريباً 1000 مليار دولار، لم تتجاوز استثمارات الاتحاد الأوروبي 13 مليار دولار، غالبيتها العظمى في قطاع المحروقات، مقابل تحويل أرباح بقيمة 12 مليار دولار في الفترة الممتدة من 2005 إلى 2022».

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

وعد عطاف ذلك «اختلالاً كبيراً»، دفع بحكومة البلاد إلى إعادة النظر بشكل كامل في بنود الاتفاق «وفق نظرة سيادية تراعي مصلحة المنتج الوطني، ولاستحداث نسيج صناعي ومناصب شغل». مشيراً إلى أن وزارة الخارجية تنظم حالياً اجتماعات مع وزارات أخرى، قصد إعادة النظر في كل مواد الوثيقة التي ترى الجزائر أنها جلبت المنفعة لأوروبا حصرياً.

كما لفت عطاف إلى أن اتفاق الشراكة، لم يدخل عليه الطرفان أي تغيير منذ 2005، مبرزاً أن «تصحيحات جزئية» وضعت على مخطط التفكيك الجمركي سنة 2010، ثم أجرى الجانبان، حسبه، تقييماً مشتركاً على هذه «التصحيحات عام 2015، بطلب من الجزائر، إضافة إلى تقييم للاتفاقيات التجارية التفضيلية سنة 2020.


مقالات ذات صلة

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جلسة لأعضاء البرلمان الجزائري (الشرق الأوسط)

البرلمان الجزائري يبحث طلب التحقيق في «تزوير» الاستحقاق الرئاسي

يبحث مكتب البرلمان الجزائري طلباً تسلمه من كتلة نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، يتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق» في الظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

يشتكي المستوردون من تدابير حكومية «مفاجئة»، حالت دون تجديد تراخيص الاستيراد لهم، بينما تتهمهم الحكومة بـ«محاولة ابتزاز الدولة عن طريق افتعال ندرة في السوق».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

«مجتمع السلم» الجزائري يطالب برلمانييه بتفعيل «لجنة للتحقيق» في نتائج «الرئاسية»

تم توجيه تهمة «التزوير»، سياسياً، إلى محمد شرفي رئيس «السلطة الوطنية المستقلة» للانتخابات، الذي أعلن نتائج مختلفة جذرياً عن نتائج المحكمة الدستورية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«حرب الجسور» تشل العاصمة السودانية

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)
الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)
TT

«حرب الجسور» تشل العاصمة السودانية

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)
الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)

عاش سكان العاصمة السودانية، الخرطوم، شللاً مفاجئاً أمس، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش شنّ قصفاً مدفعياً وجوياً لاستعادة العاصمة، هو الأكبر من نوعه منذ بداية الحرب بينه وبين «قوات الدعم السريع». وتركز الصراع، أمس، على 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، هي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا».

ومنذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة.

وذكر شهود أن قصفاً عنيفاً واشتباكات اندلعت عندما حاول الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، فيما ادعى كل من طرفي النزاع أنه تمكن من السيطرة على الجسور.

وقال سكان إن الجيش يقوم بقصف عنيف على منطقتَي الحلفايا وشمبات، في حين يحلق الطيران بكثافة، خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري. كما أظهرت مقاطع فيديو دخاناً أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية.