سجن مرشح يطرح تساؤلات حول إجراء المناظرة التلفزيونية لـ«رئاسية» تونس

غياب أي تأكيدات رسمية لهذا التقليد غير المسبوق في المنطقة العربية

سجن المرشح العياشي زمال يلقي بظلاله على إجراء المناظرة التلفزيونية المخصصة لمرشحي رئاسية تونس (الشرق الأوسط)
سجن المرشح العياشي زمال يلقي بظلاله على إجراء المناظرة التلفزيونية المخصصة لمرشحي رئاسية تونس (الشرق الأوسط)
TT

سجن مرشح يطرح تساؤلات حول إجراء المناظرة التلفزيونية لـ«رئاسية» تونس

سجن المرشح العياشي زمال يلقي بظلاله على إجراء المناظرة التلفزيونية المخصصة لمرشحي رئاسية تونس (الشرق الأوسط)
سجن المرشح العياشي زمال يلقي بظلاله على إجراء المناظرة التلفزيونية المخصصة لمرشحي رئاسية تونس (الشرق الأوسط)

لم يعد من المؤكد إجراء مناظرة تلفزيونية بين مرشحي الانتخابات الرئاسية في تونس، في ظل وجود المرشح العياشي زمال في السجن، وغموض موقف الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، بحسب تقرير بثته «وكالة الأنباء الألمانية»، اليوم (الجمعة).

ويتضمن برنامج تغطية التلفزيون الرسمي للانتخابات الرئاسية من بين فقراته، إلى جانب حصص التعبير الحر، مناظرة تلفزيونية بين المرشحين الثلاثة، الذين أقرت ترشحاتهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. ولكن لا توجد حتى الآن تأكيدات رسمية لهذا التقليد الجديد في تونس وغير المسبوق في المنطقة العربية، بمناسبة انتخابات 2024.

عبد الستار مسعودي محامي المرشح العياشي زمال (أ.ب)

بهذا الخصوص قال عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد المنصري التليلي، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «مبدئياً هناك حوارات خاصة، وحصص تعبير مباشر فقط، لأن المسألة تعود للإعلام العمومي، وهو الذي يقرر بموافقة المترشحين».

المرشح الرئاسي زهير المغزاوي (إ.ب.أ)

وأعلن فريق الحملة الانتخابية للمرشح زهير مغزاوي، رئيس «حركة الشعب»، إنه طالب بالفعل بمناظر تلفزيونية، إذ قال عبد الرزاق عويدات، مدير حملته: «لقد طلبنا أن تكون هناك مناظرة تلفزيونية، لكن ليس هناك تأكيدات. ويبدو أن هناك نية لتغييبها». ولم يصدر تعليق من الرئيس المنتهية ولايته، قيس سعيّد، أو منسقي حملته الانتخابية، بشأن المناظرة. علماً أن الرئيس سعيد، الساعي إلى ولاية ثانية، كان من بين المشاركين في المناظرة التلفزيونية في انتخابات 2019، لكنه نادراً ما ظهر في وسائل إعلام عمومية لاحقاً بعد صعوده إلى الحكم.

لم يصدر أي تعليق من الرئيس سعيّد أو منسقي حملته الانتخابية بشأن المناظرة التلفزيونية المرتقبة (د.ب.أ)

وعزز الرئيس سعيد من صلاحياته بشكل كبير بعد أن أطاح بالنظام السياسي في سنة 2021، وأصدر دستوراً جديداً. ولذلك يتهمه خصومه بالسعي إلى الهيمنة على الحكم، وتقويض أسس الديمقراطية. وعلق محجوب السعيدي، الذي يعمل مستشاراً في الاتصال السياسي والعمومي على ذلك بقوله: «يفضل قيس سعيد استخدام وسائط الميديا الاجتماعية، من خلال صفحة «فيسبوك» الرسمية لرئاسة الجمهورية. وهي طريقة تمكنه من التحكم في محتوى الرسالة السياسية، وشكلها وتوقيت بثها. دون أي تدخل صحافي».

المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية عماد الدايمي (الشرق الأوسط)

وتابع السعيدي في تحليله: «من منطلقه هذا، يمكن للرئيس الحالي أن يرفض المناظرات التلفزيونية، كونها تخضع لتأطير وتدخل الصحافة، التي لا يجب أن تلعب دوراً في تقييم أدائه، أو تعطي منصة لخصومه السياسيين لمواجهته». لكن بخلاف موقف الرئيس سعيد، تواجه المناظرة عقبة قانونية بسبب إيقاف المرشح الثالث العياشي زمال، الذي يواجه تهم افتعال تزكيات شعبية من الناخبين في 5 قضايا. وقد صدر أول الأحكام ضده بالسجن لمدة عام وثمانية أشهر. وبخصوص فرص مشاركته في المناظرة وفي حصص التعبير، أوضح عضو هيئة الانتخابات محمد التليلي أنها تتوقف على حصوله على إذن من القضاء، أو عبر ممثل له في فريق حملته الانتخابية. وقال محاميه عبد الستار المسعودي إن العياشي زمال سيواصل حملته الانتخابية، ولن ينسحب من السباق الرئاسي.

وواجهت الانتخابات الحالية في تونس وضعاً مشابهاً في 2019، عندما تنافس آنذاك الرئيس الحالي سعيد مع رجل الأعمال نبيل القروي في الدور الثاني، وكان الأخير موقوفاً في السجن، بينما تولى مساعدوه إدارة حملته الانتخابية. وقد أصدر القضاء حكماً بالإفراج عنه قبل أيام قليلة من يوم الاقتراع. وشارك في المناظرة التلفزيونية بعد يومين فقط من مغادرته السجن. ويبدو وضع المرشح زمال اليوم أكثر تعقيداً لأنه ملاحق في 5 قضايا، كما أنه لا توجد ضمانات فعلية لمنحه رخصة من السلطات القضائية.

هيئة الانتخابات التونسية في أحد اجتماعاتها المخصصة للاقتراع المرتقب (موقع هيئة الانتخابات)

في هذا السياق، أشار الخبير محجوب السعيدي إلى أنه «في كل الحالات يتعين على هيئة الانتخابات أن تتخذ موقفاً واضحاً من المناظرة. خصوصاً بعد أن كرر المرشح زهير المغزاوي دعوته لمناظرة علنية، ومطالبة الناخبين، بضرورة ضمان استمرارية هذا التقليد، كونه عنصراً جوهرياً في المسار الانتخابي، وفي العملية الديمقراطية بشكل عام».


مقالات ذات صلة

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تحليل إخباري شولتس متحدثاً للإعلام لدى وصوله إلى مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأربعاء (أ.ب)

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تستعد ألمانيا لتغييرات قد تكون جذرية خصوصاً في سياسات الهجرة بعد الانتخابات المبكرة التي ستجري في البلاد في 23 فبراير (شباط) المقبل.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يبتسم لوزير الاقتصاد وحماية المناخ بعد إعلان نتائج التصويت على الثقة في مجلس النواب الاثنين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، كما كان متوقعاً ثقة النواب في تصويت أنهى ولايته التي قوّضها انهيار الائتلاف الحكومي، ومهّد الطريق لانتخابات تشريعية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئيسة جورجيا منذ 2018، تقول هي الرئيسة الشرعية وترافض التنحي(ا.ب.أ)

جورجيا تنتخب رئيساً مقرباً من روسيا وسط احتجاجات

تتخبّط جورجيا، الدولة القوقازية، في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وطعنت بنتائجها

«الشرق الأوسط» (تبليسي (جورجيا))
أوروبا آلاف المتظاهرين تجمعوا خارج البرلمان في تبليسي للتظاهر ضد تأجيل مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه ميخائيل كافيلاشفيلي، في عملية انتخابية مثيرة للجدل.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد، بما يضمن التمهيد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.

وجاء الاتفاق، الذي توصّل له المجتمعون في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، «مبادرة جديدة»، تستهدف كسر الجمود الراهن بالأزمة السياسية، والمضي قدماً نحو إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ووسط تباين ردود الفعل حول مخرجات اجتماع المجلسين، بين مرحّب بها، بوصفها «خطوةً لتجاوز الأزمة السياسية»، ومَن عدّها تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري، ومحاولة مكررة من البرلمان لإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في ضوء تصاعد الخصومة بينهما، تركزت التساؤلات حول مدى إمكانية تفعيل مخرجات هذا الاتفاق، خصوصاً في ظل افتقاره لأي دعم دولي أو إقليمي.

بداية، يرى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن اجتماع بوزنيقة التشاوري هو «امتداد لسلسلة اجتماعات سابقة، عقدها أعضاء بالبرلمان مع كتلة من أعضاء (الأعلى للدولة) في كل من تونس والقاهرة خلال الأشهر الماضية»، مشيراً إلى أنها «لم تسفر عن أي جديد، ولم يتم تنفيذ أي من مخرجاتها، التي تَقدَّمها أيضاً مقترح تشكيل حكومة جديدة، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

ويعتقد معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف الرئيسي لهؤلاء المجتمعين، الذين تجاوز عددهم 50 شخصاً، هو تغيير الحكومة القائمة بطرابلس، وليس العمل على الوصول للانتخابات»، لافتاً إلى أن بنود الاتفاق «تجاهلت الاعتراضات على القانونَين المنظِّمَين للاستحقاق الانتخابي». كما تم «التغافل عن سعي خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل العالقة بالقانونَين».

عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويعدّ ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا، حيث يتمسّك البرلمان بضرورة تشكيلها بهدف إجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

وانتقدت بعض الأوساط السياسية تغافل المجتمعين في بوزنيقة وجود نزاع منظور أمام القضاء، منذ 4 أشهر على رئاسة «الأعلى للدولة»، بين كل من خالد المشري ومحمد تكالة، ومعارضة الأخير لأي تقارب مع البرلمان قبل تعديل القوانين الانتخابية.

خالد المشري (المكتب الإعلامي للمجلس)

من جانبه، ذهب الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى أن ما ورد في بنود اتفاق المجلسين في بوزنيقة من «تشكيل لجان مختلفة لوضع تقارير خلال شهر حول كيفية معالجة قضايا متجذرة، منها محاربة الفساد، وإعادة تكليف المناصب السيادية، يثير كثيراً من التساؤلات حول أهداف ونوايا المجلسين، قبل قدرتهما على تفعيل تلك المخرجات».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المجلسان لا يهدفان للتشويش على مبادرة خوري، بالعمل على استنزاف الوقت لحين انتهاء مهمة البعثة في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، فهذا يعني أنهما عرقلا طيلة السنوات السابقة التوافق بينهما بشأن معالجة الملفات المصيرية، التي كانت سبباً في معاناة الليبيين». واستبعد التواتي أن يؤدي هذا الاتفاق «لتحقيق هدف المجتمعين، المتمثل في إزاحة حكومة الدبيبة؛ التي جاءت باتفاق سياسي برعاية أممية، وفي الأغلب لن تغادر دون اتفاق مماثل».

ليبيون عدّوا مخرجات اجتماع بوزنيقة تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري (البعثة)

بالمقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في المغرب، عادّاً أنه «سيقود البلاد نحو إجراء الانتخابات».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان التي انتهى إليها الاتفاق بدأت عملها؛ وبعد شهر ستضع رؤيتها لمعالجة كثير من القضايا التي سبق أن عرقلت إجراء الانتخابات»، ومن بينها توفير الموارد لمشروع التعداد الوطني.

وانتقد الزرقاء ما يتردد حول أن مخرجات بوزنيقة «هي خطوة لعرقلة مبادرة خوري»، وقال موضحاً: «بالعكس من ذلك... الاتفاق بمثابة خطة داعمة للمبادرة. واجتماع ممثلي المجلسين يرسخ استعادة القوى الوطنية زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية، بعيداً عن أي تدخلات دولية».

ورغم إقراره بوجود خصومة بين البرلمان وحكومة الدبيبة، فقد شدَّد الزرقاء على أن «الهدف الرئيسي للاجتماع هو إيجاد حكومة موحدة تمهِّد للانتخابات، ومن ثم ستزيح الدبيبة وأيضاً حكومة أسامة حماد».

وانضم الزرقاء إلى آراء كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين اعترضوا على دعوة خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة القضايا العالقة بقانونَي الانتخابات، موضحاً أن القوانين التي أقرّها البرلمان «هي نتاج لجنة مؤلفة من أعضاء المجلسين، ومعظمهم شارك في اجتماع بوزنيقة، وتوافقوا حول مخرجاته، وهو ما يفنِّد الاحتياج للجنة جديدة».

وأوضح: «نفضِّل أن تركز البعثة في مساعدة الليبيين على الوصول للاستحقاق، عبر دعم حلول وطنية، لا المساس بقوانين تم إقرارها من سلطة تشريعية منتخبة، وصرَّحت المفوضية الوطنية للانتخابات بأنها قابلة للتنفيذ».