تعهد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء، بالعاصمة في خطاب بمناسبة بداية ولايته الثانية، بإطلاق «استشارة مكثفة» مع الأحزاب والناشطين في مجال الاقتصاد، تمهيداً لجولات «حوار مفتوح يؤسس للمسيرة التي ستنتهجها بلادنا لتجسيد ديمقراطية حقيقية، وليس ديمقراطية الشعارات».
وأدى تبون اليمين الدستورية، كما يقتضي الدستور بعد انتخاب رئيس جديد، أو التجديد للرئيس، إثر انتهاء ولايته الأولى، بحضور كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وأعضاء غرفتي البرلمان ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بالجزائر.
وأتبع تبون هذا الإجراء البروتوكولي، الذي يجري مرة كل خمس سنوات بـ«قصر الأمم» بالضاحية الغربية للعاصمة، بكلمة قصيرة عاد فيها إلى ما كانت عليه البلاد قبل توليه السلطة بنهاية 2019، وما يسعى إلى تحقيقه في السنوات الخمس المقبلة.
وأشاد تبون بالمرشحين اللذين خاضا معه انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، وهما الإسلامي عبد العالي حساني، والاشتراكي يوسف أوشيش، ووصف حملتهما بأنها كانت «نظيفة طبعها التنافس النزيه، بخصوص عرض البرامج والأفكار على الناخبين... حملة جرت في كنف الاحترام المتبادل، وضوابط الممارسة السياسية الديمقراطية، بما يقتضيه الولاء للوطن»، مشيراً إلى أن الانتخاب «سادته طمأنينة وسلاسة، ولهذا أحيي الجيش والأسلاك الأمنية، وكل القطاعات المعنية بالعملية الانتخابية، على العمل الذي أنجزوه».
وأعطت الانتخابات فوزاً لتبون بنسبة 84.30 في المائة من الأصوات، فيما حصل حساني على 9.56 في المائة، وأوشيش على 6.14 في المائة، وفق الأرقام التي نشرتها الجريدة الرسمية في عددها الصادر الاثنين.
وكان لافتاً الفارق الكبير في النتائج الأولية التي أعلنتها «السلطة المستقلة للانتخابات»، التي قالت إن عدد المصوتين بلغ 5.6 مليون، فيما ذكرت «المحكمة الدستورية» بعد مراجعتها، أنها فاقت تسعة ملايين، الأمر الذي رفع نسبة المشاركة من 24 في المائة إلى 46 في المائة.
ومما جاء في خطاب تبون أن «الأمانة التي سأواصل حملها لعهدة ثانية، تلقي على عاتقي بتفويض وثقة منكم، مسؤولية تسيير مرحلة حساسة تميزها تحديات داخلية وإقليمية ودولية، ولهذا ينبغي حشد القدرات لتعزيز الإنجازات التي تحققت، والتي لا يحجبها نكران».
وانتقد تبون فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، التي انتهت بانفجار الشارع في 22 فبراير (شباط) 2019، إثر إعلان ترشحه لولاية خامسة، مؤكداً «أننا تجاوزنا ظروفاً صعبة، فقد تفشت انحرافات تسببت في نشر اليأس والإحباط، وفي زوال الثقة برموز الدولة. كما تميزت باستشراء الفساد. لكن والحمد الله، انتقلنا إلى جزائر فيها الكثير من الأمل، وعادت هيبة الدولة... ونحن اليوم في جزائر تتسم بالصدق في القول متبوعاً بالعمل».
وأضاف تبون موضحاً: «لقد انطلقت الجزائر الجديدة في مسارات التنمية، فبرز واقع جديد نتطلع فيه إلى مزيد من الانتصارات. فحيثما ولّينا وجوهنا في جزائر 2024 تقع أعيننا على مشروعات منجزة، وعلى بنى تحتية جديدة». ووعد بربط شمال البلاد بأقصى جنوبها، على مسافة تفوق 2000 كلم، بالسكك الحديدية، و«سنحقق بنهاية 2025 الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب. وفي 2026 سنحقق الاكتفاء الذاتي من الشعير والذرة من دون استيراد قنطار واحد».
أما بخصوص التشغيل ومحاربة البطالة في صفوف الشباب فقد قال تبون: «خلال العهدة المقبلة سـأستحدث 450 ألف منصب شغل لشبابنا، أما عدد الشركات الناشئة فسيصل إلى ثمانية آلاف في نهايتها».
ووفق تبون، فقد أضحت الجزائر «بلداً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، وذلك بفضل الاستقرار الذي تنعم به، والإمكانيات المالية التي تتمتع بها»، مبرزاً أن «المشروعات الحقيقية تجسد البعض منها، فيما ينتظر البعض الآخر الانطلاق عندما يتوفر العقار الصناعي. وقد بلغنا 9 آلاف مشروع استثماري، وسنصل إلى 20 ألفاً خلال العهدة الجديدة».
كما وعد تبون برفع نسبة التصنيع إلى 12 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في نهاية ولايته عام 2029، وهي حالياً في حدود 5 في المائة، حسبه.