تبون يتعهد بإطلاق «حوار يؤسس لديمقراطية حقيقية» في الجزائر

في خطاب التنصيب بعد فوزه بولاية ثانية

الرئيس الأول للمحكمة العليا يقرأ أمام الرئيس تبون القسم الدستوري كما تقتضيه الأعراف (الرئاسة)
الرئيس الأول للمحكمة العليا يقرأ أمام الرئيس تبون القسم الدستوري كما تقتضيه الأعراف (الرئاسة)
TT

تبون يتعهد بإطلاق «حوار يؤسس لديمقراطية حقيقية» في الجزائر

الرئيس الأول للمحكمة العليا يقرأ أمام الرئيس تبون القسم الدستوري كما تقتضيه الأعراف (الرئاسة)
الرئيس الأول للمحكمة العليا يقرأ أمام الرئيس تبون القسم الدستوري كما تقتضيه الأعراف (الرئاسة)

تعهد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء، بالعاصمة في خطاب بمناسبة بداية ولايته الثانية، بإطلاق «استشارة مكثفة» مع الأحزاب والناشطين في مجال الاقتصاد، تمهيداً لجولات «حوار مفتوح يؤسس للمسيرة التي ستنتهجها بلادنا لتجسيد ديمقراطية حقيقية، وليس ديمقراطية الشعارات».

وأدى تبون اليمين الدستورية، كما يقتضي الدستور بعد انتخاب رئيس جديد، أو التجديد للرئيس، إثر انتهاء ولايته الأولى، بحضور كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وأعضاء غرفتي البرلمان ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بالجزائر.

وأتبع تبون هذا الإجراء البروتوكولي، الذي يجري مرة كل خمس سنوات بـ«قصر الأمم» بالضاحية الغربية للعاصمة، بكلمة قصيرة عاد فيها إلى ما كانت عليه البلاد قبل توليه السلطة بنهاية 2019، وما يسعى إلى تحقيقه في السنوات الخمس المقبلة.

يوسف أوشيش مرشح جبهة القوى الاشتراكية (حملة المترشح)

وأشاد تبون بالمرشحين اللذين خاضا معه انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، وهما الإسلامي عبد العالي حساني، والاشتراكي يوسف أوشيش، ووصف حملتهما بأنها كانت «نظيفة طبعها التنافس النزيه، بخصوص عرض البرامج والأفكار على الناخبين... حملة جرت في كنف الاحترام المتبادل، وضوابط الممارسة السياسية الديمقراطية، بما يقتضيه الولاء للوطن»، مشيراً إلى أن الانتخاب «سادته طمأنينة وسلاسة، ولهذا أحيي الجيش والأسلاك الأمنية، وكل القطاعات المعنية بالعملية الانتخابية، على العمل الذي أنجزوه».

المترشح عبد العالي حساني في حملته الانتخابية (أ.ب)

وأعطت الانتخابات فوزاً لتبون بنسبة 84.30 في المائة من الأصوات، فيما حصل حساني على 9.56 في المائة، وأوشيش على 6.14 في المائة، وفق الأرقام التي نشرتها الجريدة الرسمية في عددها الصادر الاثنين.

المحكمة الدستورية ذكرت أن عدد الأصوات فاق 9 ملايين (أ.ب)

وكان لافتاً الفارق الكبير في النتائج الأولية التي أعلنتها «السلطة المستقلة للانتخابات»، التي قالت إن عدد المصوتين بلغ 5.6 مليون، فيما ذكرت «المحكمة الدستورية» بعد مراجعتها، أنها فاقت تسعة ملايين، الأمر الذي رفع نسبة المشاركة من 24 في المائة إلى 46 في المائة.

ومما جاء في خطاب تبون أن «الأمانة التي سأواصل حملها لعهدة ثانية، تلقي على عاتقي بتفويض وثقة منكم، مسؤولية تسيير مرحلة حساسة تميزها تحديات داخلية وإقليمية ودولية، ولهذا ينبغي حشد القدرات لتعزيز الإنجازات التي تحققت، والتي لا يحجبها نكران».

تبون انتقد فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة التي انتهت بانفجار الشارع (أ.ف.ب)

وانتقد تبون فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، التي انتهت بانفجار الشارع في 22 فبراير (شباط) 2019، إثر إعلان ترشحه لولاية خامسة، مؤكداً «أننا تجاوزنا ظروفاً صعبة، فقد تفشت انحرافات تسببت في نشر اليأس والإحباط، وفي زوال الثقة برموز الدولة. كما تميزت باستشراء الفساد. لكن والحمد الله، انتقلنا إلى جزائر فيها الكثير من الأمل، وعادت هيبة الدولة... ونحن اليوم في جزائر تتسم بالصدق في القول متبوعاً بالعمل».

تبون وعد باستحداث 450 ألف منصب شغل للشباب (إ.ب.أ)

وأضاف تبون موضحاً: «لقد انطلقت الجزائر الجديدة في مسارات التنمية، فبرز واقع جديد نتطلع فيه إلى مزيد من الانتصارات. فحيثما ولّينا وجوهنا في جزائر 2024 تقع أعيننا على مشروعات منجزة، وعلى بنى تحتية جديدة». ووعد بربط شمال البلاد بأقصى جنوبها، على مسافة تفوق 2000 كلم، بالسكك الحديدية، و«سنحقق بنهاية 2025 الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب. وفي 2026 سنحقق الاكتفاء الذاتي من الشعير والذرة من دون استيراد قنطار واحد».

أما بخصوص التشغيل ومحاربة البطالة في صفوف الشباب فقد قال تبون: «خلال العهدة المقبلة سـأستحدث 450 ألف منصب شغل لشبابنا، أما عدد الشركات الناشئة فسيصل إلى ثمانية آلاف في نهايتها».

ووفق تبون، فقد أضحت الجزائر «بلداً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، وذلك بفضل الاستقرار الذي تنعم به، والإمكانيات المالية التي تتمتع بها»، مبرزاً أن «المشروعات الحقيقية تجسد البعض منها، فيما ينتظر البعض الآخر الانطلاق عندما يتوفر العقار الصناعي. وقد بلغنا 9 آلاف مشروع استثماري، وسنصل إلى 20 ألفاً خلال العهدة الجديدة».

كما وعد تبون برفع نسبة التصنيع إلى 12 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في نهاية ولايته عام 2029، وهي حالياً في حدود 5 في المائة، حسبه.


مقالات ذات صلة

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي يُبقي على وزراء الحقائب السيادية والمقربين من تبون

ذكرت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن رئيس الوزراء محمد النذير العرباوي قدّم، اليوم الاثنين، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.