تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

«الدعم السريع» تزعم تحقيق تقدُّم و«القوات المشتركة» تنفي

من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)
من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)
TT

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)
من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

تواصلت المعارك الضارية بين الجيش السوداني وحلفائه و«قوات الدعم السريع» في حاضرة ولاية شمال دارفور (الفاشر) لليوم الرابع على التوالي، في 3 محاور، بينما تُتداوَل معلومات عن إحراز «الدعم السريع» لتقدُّم خلال معارك السبت، فيما نفت القوات المشتركة الحليفة للجيش وجود معارك، وزعمت أن الفاشر هادئة، وأنها قضت على «مليشيات» الجنجويد وقادتهم الميدانيين.

وقال مصدر موالٍ لـ«قوات الدعم السريع» تحدث لـ«الشرق الأوسط»، السبت، إنهم سيطروا على أجزاء كبيرة من المدينة في عمليات الأيام الماضية، وإن سيطرتهم الكاملة على الفاشر الاستراتيجية وسقوطها بأيديهم «مسألة وقت»، متوقعاً إكمال سيطرتهم على المدينة في غضون عدة أيام، وهو ما تنفيه منصات موالية للجيش والقوات المشتركة.

من جهته، اتهم المتحدث باسم القوات المشتركة الرائد أحمد حسين مصطفى، في بيان، قوات الدعم السريع وحلفائها بنشر إشاعات كاذبة عن الوضع الميداني في الفاشر، واعتبره «تعويضاً نفسياً للهزائم المتتالية».

وقال: «نطمئن السودانيين والسودانيات في الداخل والخارج بأن مدينة الفاشر تشهد هدوءاً نسبياً»، وان قواته دمرت «كل تحركات مليشيات الجنجويد، وقضت على معظم قياداتهم الميدانية».

ووفقاً لشهود عيان، فإن الطيران الحربي للجيش السوداني شنّ غارات مكثفة، استهدفت مناطق تمركز «قوات الدعم السريع» وآلياتها، لا سيما في شرق المدينة وجنوبها، بينما تواصل «الدعم السريع» قصف تجمّعات الجيش والقوات المشتركة، بما في ذلك مقر الفرقة السادسة.

ويزعم مؤيدو الطرفين أنهم ألحقوا خسائر فادحة كلٌّ على حساب الآخر، دون صدور معلومات رسمية عن الجيش أو «قوات الدعم السريع» بشأن المعارك الجارية هناك.

ونفت «تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر» – شبابية تطوعية – في حسابها على منصة «فيسبوك»، وجود معارك «مباشرة» بين الطرفين، وإن الأوضاع في المدينة «مستقرة»، خلا عمليات قصف مدفعي من «ميليشيات» «الدعم السريع»، وقصف جوي من قِبل الطيران الحربي التابع للجيش. وتابعت: «الفاشر الآن تُقصَف، والمواطنون صامدون تحت الخنادق المنزلية؛ لاتقاء القصف الذي يستهدفهم».

وقال الجيش السوداني والقوات المشتركة الحليفة لهم، إنهم صدّوا هجوم «قوات الدعم السريع» على الفاشر، من محورَين «الجنوبي والشرقي»، وتمكّنوا من إفشال الهجوم رقم 133 على المدينة، وقُتل أكثر من 80 من جنود وضباط «الدعم السريع»، ودُمِّرت أكثر من 20 آلية عسكرية.

ونعت «قوات الدعم السريع» مقتل القائد الميداني بـ«قوات الدعم السريع»، قرن شطة، في معارك الجمعة، بينما نعت صفحات موالية للجيش السوداني قائد المدفعية برتبة عميد، لكن الصفحات الرسمية للجيش لم تؤكد أو تُشِر لمقتله.

وفي آخر حصيلة، فإن أكثر من 800 مدني لقوا مصرعهم بسبب القتال الدائر حول مدينة الفاشر وداخلها، فضلاً عن نزوح عشرات الآلاف؛ هرباً من القتال والقصف المدفعي والصاروخي العشوائي.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد القتلى والجرحى بسبب الحرب في السودان بشكل عام، بيد أن منظمة الصحة العالمية قالت في تصريحات، الأسبوع الماضي، على لسان مديرها العام تادروس أدناهوم أثناء زيارته للسودان، إن ما يزيد على 20 ألف مدني لقوا مصرعهم بسبب الحرب.

وأجبرت الحرب، حسب منظمة الهجرة الدولية، 13 مليون سوداني على الفرار من منازلهم منذ بدأ القتال في 15 أبريل (نيسان) 2023، من بينهم نحو 2.3 مليون لجأوا إلى دول الجوار.


مقالات ذات صلة

الفاشر بين الصمود والسقوط... معركة «النفَس الطويل»

شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم بالقضارف (أ.ف.ب)

الفاشر بين الصمود والسقوط... معركة «النفَس الطويل»

تجدّدت المعارك العنيفة، السبت، في الفاشر، جنوب غربي السودان، حيث أُفيد بأن «قوات الدعم السريع» تشنّ هجوماً، في حين أفاد شهود بوقوع «عدة غارات لطيران الجيش على…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

تعوّل مصر على تعيين «مبعوث أممي للمياه» لمواجهة «الندرة المائية» التي تعانيها البلاد.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سوق مدمَّرة جراء معارك سابقة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

غارات جوية على مواقع «الدعم السريع» عقب معارك ضارية في الفاشر

نفّذ الطيران الحربي للجيش السوداني، الجمعة، غارات جوية مكثفة على مناطق تمركز قوات «الدعم السريع» في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر؛ لوقف أي هجوم محتمل.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

محادثات مصرية - أميركية في القاهرة تتناول الأزمة السودانية

يكثف المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، من مشاوراته في القاهرة، مع مسؤولين مصريين، وممثلي قوى سياسية ومدنية سودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عائلات نازحة بولاية كسلا بالسودان في 10 يوليو 2024 (رويترز)

أحكام السجن والإعدام «أدوات للحرب» في السودان

تحولت أحكام سودانية بالسجن والإعدام بحق مواطنين خلال الحرب، إلى ما وصفه قانونيون بـ«أدوات للحرب»، خاصة أن قرارات الإدانة ترتكز حول «التخابر» مع «الدعم السريع»

وجدان طلحة (بورتسودان)

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)
جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)
TT

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)
جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)

في ظل مخاوف من تأثير «سد النهضة» الإثيوبي في حصة القاهرة من مياه نهر النيل، تعوّل مصر على تعيين «مبعوث أممي للمياه»؛ لمواجهة «الندرة المائية» التي تعانيها البلاد، وهو منصب مستحدث للمرة الأولى في الأمم المتحدة، وستشغله وزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مرصودي، بدءاً من نوفمبر (تشرين ثاني) المقبل.

ورحّبت القاهرة بقرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، استحداث منصب «المبعوث الأممي للمياه».

وأكدت وزارة الخارجية المصرية، السبت، تطلعها إلى «تعزيز التعاون مع المبعوثة الأممية الجديدة لتحقيق أهداف (أجندة 2030) في مواجهة الندرة المائية»، وذلك في ظل «الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة للإدارة الرشيدة للموارد المائية، وتعزيز التعاون العابر للحدود وفقاً لقواعد القانون الدولي».

وفشلت آخر جولة مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة»، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في الوصول لاتفاق بشأن ملء السد. وبدأت الحكومة الإثيوبية عملية الملء الخامس لـ«سد النهضة» مع بداية موسم الفيضانات في يوليو (تموز) الماضي، وحتى سبتمبر (أيلول) الحالي، وسط توقعات بأن يرفع الملء الخامس «نسبة التخزين في بحيرة (السد) إلى 64 مليار متر مكعب من المياه ليصل عند ذروته النهائية إلى 640 متراً»، حسب بيانات الحكومة الإثيوبية.

ويرى خبراء أن استحداث منصب «المبعوث الأممي للمياه» من شأنه أن يضع قضايا المياه والنزاعات المتعلقة بها في إطار دولي. وقال أستاذ القانون الدولي، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، الدكتور محمد محمود مهران لـ«الشرق الأوسط» إن «تعيين مبعوث أممي يعكس إدراكاً متزايداً من المجتمع الدولي لأهمية قضايا المياه وتأثيرها في الأمن والاستقرار العالميَّين، ويسهم في تعزيز الإطار القانوني الدولي لإدارة الموارد المائية المشتركة».

وأشار مهران إلى أن «وجود مبعوث أممي متخصص قد يساعد على توفير منصة محايدة للحوار وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة»، متوقعاً أن «تزداد الضغوط الدولية على إثيوبيا من أجل التوصل لاتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، في حين أن «استهلاكها الحالي يتجاوز 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، وفق وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم.

وأكد سويلم، في تصريحات سابقة، أن مصر أنفقت 10 مليارات دولار (الدولار يعادل نحو 48.35 جنيه في البنوك المصرية) خلال الـ5 سنوات الماضية؛ لتعزيز كفاءة المنظومة المائية في البلاد ومجابهة التحديات المائية.

وبحسب إفادة وزارة الخارجية المصرية، السبت، فإن «مصر قد قادت بالاشتراك مع ألمانيا تحركاً موسعاً على مسار الإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه عام 2023، ونجح هذا التحرك في حشد دعم 151 دولة بهدف استحداث منصب المبعوث الأممي للمياه؛ لدعم جهود الدول الأعضاء، خصوصاً دول الندرة المائية، في مواجهة تحديات تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعني بالمياه».

ووصف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، استحداث منصب «المبعوث الأممي للمياه» بـ«الخطوة الجيدة». لكنه قال إنها «غير كافية» لمواجهة التحديات المائية حول العالم. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الخطوة تشكّل بداية لوضع إطار دولي لإدارة المياه حول العالم، خصوصاً الأنهار المشتركة، والنزاعات».

وبحسب شراقي فإن «تعيين مبعوث أممي للمياه سيفتح الباب لطرح أفكار مختلفة لمواجهة الشح المائي، وإنشاء مشروعات مشتركة لعزيز الموارد المائية، خصوصاً بين الدول التي لديها أنهار مشتركة مثل دول حوض النيل».

وتقيم إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» اعتراضات من دولتَي المصب (مصر والسودان)، للمطالبة بـ«اتفاق قانوني ينظم عمليات ملء وتشغيل (السد) بما لا يضر بحصة كل منها المائية».

وتوقع نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن يسهم تعيين مبعوث أممي للمياه في «وضع قضية النزاع حول سد النهضة في بؤرة اهتمام الرأي العام العالمي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المبعوث الأممي سيكون معنياً بقضية المياه في العالم، ومنها دول حوض النيل، فعندما يتحدث عن تعزيز التعاون بين هذه الدول ستبرز قضية سد النهضة».

ووفق عبد الوهاب فإن «أي أفكار يطرحها المبعوث الأممي لتعزيز التعاون بين دول حوض النيل عبر المشروعات المشتركة ستصطدم بالتعنت الإثيوبي، وهو ما سيجعل تصريحاته وبياناته مهمة في الضغط على أديس أبابا».