السودان: تجدّد المعارك في الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع»

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)
TT

السودان: تجدّد المعارك في الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع»

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)

تجدّدت المعارك العنيفة السبت في الفاشر جنوب غربي السودان حيث تشن «قوات الدعم السريع» هجوماً أدانته واشنطن، وفق ما أفاد شهود «وكالة الصحافة الفرنسية».

والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» رغم محاصرتها منذ مايو (أيار).

وكان حاكم إقليم دارفور مني مناوي قد لفت الخميس في منشور على منصة «إكس» إلى أن الجيش «دحر ميليشيات في هجومها السبعيني»، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع» التي كانت أشارت إلى أنها حقّقت تقدماً وسيطرت على مواقع عسكرية في المدينة، عاصمة ولاية شمال دارفور.

السبت أفاد شهود بوقوع «عدة غارات لطيران الجيش على مناطق شرق وجنوب الفاشر» وبـ«سماع أصوات المضادات الأرضية».

مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

وأعرب المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو عن «قلق بالغ إزاء الهجمات الجديدة لـ(قوات الدعم السريع)»، داعياً إياها إلى «وقف هجومها»، وذلك في منشور السبت على منصة «إكس».

وتعذّر على الفور تحديد حصيلة الضحايا.

وقال إبراهيم إسحق البالغ 52عاماً والذي فر من الفاشر الجمعة ووصل إلى بلدة طويلة الواقعة على بعد 64 كم إلى غرب المدينة، إن «الأحياء أصبحت خالية تماماً ولا تسمع سوى أصوات الانفجارات والقذائف».

وأضاف: «تحولت منطقة السوق الرئيسية وسط المدينة إلى مكان لا يطاق من شدة الانفجارات».

واستناداً بشكل خاص إلى صور للأقمار الاصطناعية أتاحت رصد آثار القصف الجوي ونيران المدفعية، أفاد مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل في الولايات المتحدة بوقوع «معارك واسعة النطاق وغير مسبوقة بين الجيش و(قوات الدعم السريع)».

وحذر المختبر الجامعي في بيان الجمعة من أنه «بغض النظر عمّا ستؤول إليه معركة الفاشر، فمن المرجّح أن تحوّل شدة المعارك الحالية إلى ركام ما تبقى» من المدينة.

في الخرطوم، أفاد شهود السبت بسماع دوي «انفجارات قوية حول منطقة سلاح المدرعات جنوب العاصمة» وبـ«تصاعد كثيف للدخان وتحليق للطيران العسكري و(سماع) أصوات قصف في وسط الخرطوم».

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 يشهد السودان حرباً مستعرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وأسفرت الحرب في السودان عن عشرات آلاف القتلى. وفي حين لم تتّضح الحصيلة الفعلية للنزاع، تفيد تقديرات بأنها تصل إلى «150 ألفاً» وفقاً لبيرييلو.

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.

والجمعة دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة «مستقلة ومحايدة من دون تأخير» في السودان، بهدف حماية المدنيين.


مقالات ذات صلة

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

شمال افريقيا من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

تواصلت المعارك الضارية بين الجيش السوداني وحلفائه و«قوات الدعم السريع» في حاضرة ولاية شمال دارفور (الفاشر) لليوم الرابع على التوالي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم بالقضارف (أ.ف.ب)

الفاشر بين الصمود والسقوط... معركة «النفَس الطويل»

تجدّدت المعارك العنيفة، السبت، في الفاشر، جنوب غربي السودان، حيث أُفيد بأن «قوات الدعم السريع» تشنّ هجوماً، في حين أفاد شهود بوقوع «عدة غارات لطيران الجيش على…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا سوق مدمَّرة جراء معارك سابقة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

غارات جوية على مواقع «الدعم السريع» عقب معارك ضارية في الفاشر

نفّذ الطيران الحربي للجيش السوداني، الجمعة، غارات جوية مكثفة على مناطق تمركز قوات «الدعم السريع» في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر؛ لوقف أي هجوم محتمل.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي «اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان من جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع (رويترز)

«اليونيسكو» قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان

تعرضت متاحف ومواقع أثرية عديدة تضم مجموعات «كبيرة» للنهب في السودان بحسب منظمة اليونيسكو التي حذرت اليوم الخميس من مخاطر تدمير التراث الغني أو الاتجار به.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

اشتباكات في دارفور غداة تجديد حظر تسليح الإقليم

تجددت الاشتباكات، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الفاشر بولاية شمال دارفور، بعد ساعات من تجديد مجلس الأمن الدولي حظر السلاح في الإقليم.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)
جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)
TT

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)
جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)

في ظل مخاوف من تأثير «سد النهضة» الإثيوبي في حصة القاهرة من مياه نهر النيل، تعوّل مصر على تعيين «مبعوث أممي للمياه»؛ لمواجهة «الندرة المائية» التي تعانيها البلاد، وهو منصب مستحدث للمرة الأولى في الأمم المتحدة، وستشغله وزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مرصودي، بدءاً من نوفمبر (تشرين ثاني) المقبل.

ورحّبت القاهرة بقرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، استحداث منصب «المبعوث الأممي للمياه».

وأكدت وزارة الخارجية المصرية، السبت، تطلعها إلى «تعزيز التعاون مع المبعوثة الأممية الجديدة لتحقيق أهداف (أجندة 2030) في مواجهة الندرة المائية»، وذلك في ظل «الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة للإدارة الرشيدة للموارد المائية، وتعزيز التعاون العابر للحدود وفقاً لقواعد القانون الدولي».

وفشلت آخر جولة مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة»، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في الوصول لاتفاق بشأن ملء السد. وبدأت الحكومة الإثيوبية عملية الملء الخامس لـ«سد النهضة» مع بداية موسم الفيضانات في يوليو (تموز) الماضي، وحتى سبتمبر (أيلول) الحالي، وسط توقعات بأن يرفع الملء الخامس «نسبة التخزين في بحيرة (السد) إلى 64 مليار متر مكعب من المياه ليصل عند ذروته النهائية إلى 640 متراً»، حسب بيانات الحكومة الإثيوبية.

ويرى خبراء أن استحداث منصب «المبعوث الأممي للمياه» من شأنه أن يضع قضايا المياه والنزاعات المتعلقة بها في إطار دولي. وقال أستاذ القانون الدولي، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، الدكتور محمد محمود مهران لـ«الشرق الأوسط» إن «تعيين مبعوث أممي يعكس إدراكاً متزايداً من المجتمع الدولي لأهمية قضايا المياه وتأثيرها في الأمن والاستقرار العالميَّين، ويسهم في تعزيز الإطار القانوني الدولي لإدارة الموارد المائية المشتركة».

وأشار مهران إلى أن «وجود مبعوث أممي متخصص قد يساعد على توفير منصة محايدة للحوار وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة»، متوقعاً أن «تزداد الضغوط الدولية على إثيوبيا من أجل التوصل لاتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، في حين أن «استهلاكها الحالي يتجاوز 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، وفق وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم.

وأكد سويلم، في تصريحات سابقة، أن مصر أنفقت 10 مليارات دولار (الدولار يعادل نحو 48.35 جنيه في البنوك المصرية) خلال الـ5 سنوات الماضية؛ لتعزيز كفاءة المنظومة المائية في البلاد ومجابهة التحديات المائية.

وبحسب إفادة وزارة الخارجية المصرية، السبت، فإن «مصر قد قادت بالاشتراك مع ألمانيا تحركاً موسعاً على مسار الإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه عام 2023، ونجح هذا التحرك في حشد دعم 151 دولة بهدف استحداث منصب المبعوث الأممي للمياه؛ لدعم جهود الدول الأعضاء، خصوصاً دول الندرة المائية، في مواجهة تحديات تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعني بالمياه».

ووصف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، استحداث منصب «المبعوث الأممي للمياه» بـ«الخطوة الجيدة». لكنه قال إنها «غير كافية» لمواجهة التحديات المائية حول العالم. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الخطوة تشكّل بداية لوضع إطار دولي لإدارة المياه حول العالم، خصوصاً الأنهار المشتركة، والنزاعات».

وبحسب شراقي فإن «تعيين مبعوث أممي للمياه سيفتح الباب لطرح أفكار مختلفة لمواجهة الشح المائي، وإنشاء مشروعات مشتركة لعزيز الموارد المائية، خصوصاً بين الدول التي لديها أنهار مشتركة مثل دول حوض النيل».

وتقيم إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» اعتراضات من دولتَي المصب (مصر والسودان)، للمطالبة بـ«اتفاق قانوني ينظم عمليات ملء وتشغيل (السد) بما لا يضر بحصة كل منها المائية».

وتوقع نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن يسهم تعيين مبعوث أممي للمياه في «وضع قضية النزاع حول سد النهضة في بؤرة اهتمام الرأي العام العالمي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المبعوث الأممي سيكون معنياً بقضية المياه في العالم، ومنها دول حوض النيل، فعندما يتحدث عن تعزيز التعاون بين هذه الدول ستبرز قضية سد النهضة».

ووفق عبد الوهاب فإن «أي أفكار يطرحها المبعوث الأممي لتعزيز التعاون بين دول حوض النيل عبر المشروعات المشتركة ستصطدم بالتعنت الإثيوبي، وهو ما سيجعل تصريحاته وبياناته مهمة في الضغط على أديس أبابا».