الأمم المتحدة تحض الليبيين على إجراء انتخابات لإنهاء «الانسداد السياسي»

واشنطن تتمسك في ذكرى مقتل سفيرها بمواجهة «الإرهاب»

روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)
روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)
TT

الأمم المتحدة تحض الليبيين على إجراء انتخابات لإنهاء «الانسداد السياسي»

روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)
روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)

عدّت مسؤولة أممية في نهاية زيارتها إلى ليبيا، إجراء انتخابات عامة «تتحرى المصداقية والشمول»، «السبيل الأوحد» الكفيل بإنهاء الانسداد السياسي ووضع حد لدوامة الترتيبات الانتقالية... وجاء كلامها فيما اجتمع ممثلو المجلس الثلاثة (الرئاسي والنواب والدولة) برعاية أممية، الخميس، للبحث في أزمة «المصرف المركزي».

واختتمت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، زيارتها إلى ليبيا، بعدما التقت بالأطراف السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني في كل من طرابلس وبنغازي، والشركاء الدوليين.

وقالت البعثة الأممية، في بيان مساء الأربعاء، إن ديكارلو أكدت في جميع لقاءاتها على «التزام الأمم المتحدة بالوقوف مع الشعب الليبي في جهوده الرامية إلى تخطي سنوات شابها النزاع والتوجه صوب تحقيق سلام مستدام».

وقالت ديكارلو إنه رغم «التقدم على الصعيد الاقتصادي» منذ آخر مرة زارت فيها ليبيا عام 2021، لكن البلاد أصبحت «أكثر انقساماً الآن»، ورأت أن الانتخابات التي تتحرى «المصداقية والشمول هي السبيل الأوحد الكفيل» بإنهاء الانسداد السياسي ووضع حد لدوامة الترتيبات الانتقالية.

وخلال لقائها رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، والطاهر الباعور، القائم بأعمال وزارة خارجيته، تطرقت إلى «بواعث القلق» بسبب «التدهور المتسارع» للوضع السياسي والأمني، مشيرة إلى أنها شددت خلال لقائها محمد المنفي، رئيس «المجلس الرئاسي»، ونائبيه عبد الله اللافي وموسى الكوني، على ضرورة حل الأزمة المتعلقة بـ«مصرف ليبيا المركزي»، وكذلك النهوض بعملية مصالحة وطنية قائمة على إحقاق الحقوق.

أما في مدينة بنغازي، فقد التقت ديكارلو باللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وأكدت أهمية توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا. والتقت أيضاً في كل من طرابلس وبنغازي بنساء وشباب، مشددة على «أهمية الدور الذي يمكنهم الاضطلاع به لصنع التغيير».

وبشأن المباحثات التي أجرتها مع عماد السايح، رئيس «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات»، فأشارت إلى «التزام الأمم المتحدة بتيسير إطار سياسي يفضي إلى الانتخابات»، منوهة إلى أنها تباحثت مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بشأن «السبل الكفيلة بإيجاد مسار توافقي يفضي إلى كسر الجمود السياسي الذي طال أمده في البلاد».

وواصل ممثلو المجالس الثلاثة الرئيسية في ليبيا: (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة) استكمال مشاورتهم، حتى مساء الخميس، بحثاً عن توافق ينهي الصراع على رئاسة المصرف ويتيح إعادة تشغيل النفط المعطّل.

وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء، كانت البعثة الأممية أعلنت أن مسؤولين من مجلسي النواب و«الدولة» أحرزا تقدماً في المشاورات التي احتضنتها لمناقشة أزمة «المصرف المركزي»، لكن ممثل «المجلس الرئاسي»، زياد دغيم، تحدث لوسائل إعلام عن «وجود خلافات بين ممثلي مجلسي النواب والدولة».

وأوضحت البعثة في بيانها، أنها رعت بمقرها، اجتماعاً بين ممثلي مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» من جهة، وممثل «المجلس الرئاسي» من جهة أخرى، سعياً إلى مساعدة الليبيين على إيجاد حل عاجل لأزمة «المصرف المركزي».

صالح مستقبلاً السفير الروسي لدى ليبيا (مجلس النواب)

وفرضت أزمة «المصرف المركزي» نفسها على لقاء رئيس مجلس النواب صالح، مع السفير الروسي لدى البلاد حيدر أغانين، في مدينة القبة بشرق ليبيا، مساء الأربعاء.

وتطرق اجتماع صالح وأغانين، بحسب بيانين للمجلس، والسفارة الروسية، إلى مجمل العملية السياسية في البلاد، بالإضافة إلى أزمة «المصرف المركزي»، وعميلة إعادة الإعمار الجارية في درنة وباقي المدن التي تضررت بالإعصار الذي ضربها قبل عام.

وقالت السفارة الروسية (الخميس) إن رئيس مجلس النواب والسفير الروسي «ركزا على الوضع حول البنك المركزي الليبي، كما تحدثا عن الأوضاع في درنة في ذكرى ضحايا الفيضان الذي ضربها قبل عام، وناقشا عملية إعادة إعمارها، بالإضافة إلى التعاون البرلماني الثنائي وآفاق العملية السياسية في ليبيا».

وتلقي أزمة «المركزي الليبي» بظلالها على مجمل الأوضاع في البلاد، بالنظر إلى توقف إنتاج وتصدير النفط من قبل سلطات شرق ليبيا رداً على قيام «المجلس الرئاسي» بتغيير محافظ المصرف الشهر الماضي.

وعلى الرغم من إعلان الهيئتين التشريعيتين الأسبوع الماضي، أنهما اتفقتا على تعيين محافظ المركزي بشكل مشترك في غضون 30 يوماً، فإن الوضع لا يزال غير مستقر ويكتنفه الغموض.

وأظهرت بيانات «شركة كبلر للتحليلات»، الأربعاء، أن صادرات النفط الليبية انخفضت بنحو 81 في المائة الأسبوع الماضي، مع إلغاء «المؤسسة الوطنية للنفط» توريد الخام «وسط أزمة بشأن السيطرة على البنك المركزي وعوائد النفط».

في شأن مختلف، أحيت السفارة الأميركية في ليبيا ذكرى مرور 12 عاماً على الهجوم الذي وقع في مدينة بنغازي وراح ضحيته السفير جون كريستوفر ستيفنز، وعدد من مرافقيه في السفارة، وهم: شون سميث، وتيرون وودز، وجلين دوهرتي.

وقالت السفارة الأميركية، الخميس: «نواصل تكريم ذكراهم من خلال جهودنا اليومية واهتمامنا القوي بالعلاقة بين الولايات المتحدة والشعب الليبي، بهدف تعزيز الاستقرار والأمن ومواجهة التهديد الذي يشكله الإرهاب على كل من الشعبين الليبي والأميركي».

كما تذكرت السفارة أحداث 11سبتمبر، وقالت إن هذا اليوم «يحمل أهمية عميقة لجميع الأميركيين ولبعثتنا. فقد مر 23 عاماً على الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة ما يقرب من 3 آلاف شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، مما أثر بشكل عميق على عائلاتهم وجميع الأميركيين».


مقالات ذات صلة

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

شمال افريقيا وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

وفق اتفاق بين حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة وكبار التشكيلات المسلحة بطرابلس، تواصل السلطات الأمنية الرسمية تسلم المقار الحكومية وإبعاد الميليشيات عنها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)

​البعثة الأممية تستأنف وساطتها لحل أزمة «المركزي» الليبي

اجتمع ممثلو مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» والمجلس الرئاسي في ليبيا مساء الأربعاء بالعاصمة طرابلس برعاية بعثة الأمم المتحدة.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا بلقاسم خلال تفقّد الإعمار في درنة (صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا)

درنة الليبية على طريق «الإعمار» وسط تحديات الانقسام السياسي

في الذكرى السنوية الأولى لكارثة «الإعصار»، لا يزال سكان درنة يتذكرون السيول التي ضربت مدينتهم، مخلِّفةً قرابة 4 آلاف قتيل، وآلاف المفقودين.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر تابعة لرئاسة القوات البرية بـ«الجيش الوطني» الليبي (رئاسة القوات)

«الوطني الليبي» يعلن «نجاح» مهمة قواته في تأمين الجنوب

أعلن «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إنهاء مهمة لقواته لتأمين الحدود الجنوبية بـ«نجاح».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا قوات من «الجيش الوطني الليبي» قرب مرفأ السدرة النفطي في راس لانوف شرق ليبيا (أرشيفية - رويترز)

منظمة العفو الدولية تدين «قمع المعارضين» في ليبيا

المنظمة الدولية تستند إلى شهادات معتقلين سابقين، وعائلات سجناء، ومحامين، ومدافعين عن حقوق الإنسان.

«الشرق الأوسط» (تونس)

الصومال يترقب وصول قوات عسكرية مصرية

الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

الصومال يترقب وصول قوات عسكرية مصرية

الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

يترقب الصومال وصول قوات عسكرية مصرية، للمساهمة في «دعم قدرات الجيش الصومالي»، وتمهيداً للمشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال.

ويرى خبراء أن «دعم القاهرة لمقديشو يستهدف مساندة الصومال في مواجهة الحرب على (التنظيمات الإرهابية)، ومواجهة أي دعوات انفصالية»، وأشاروا إلى أن «مصر ليست لديها أطماع بوجودها على الأراضي الصومالية، على عكس تحركات بعض دول جوار الصومال».

وزيرا خارجية مصر والصومال في لقاء سابق بالقاهرة (الخارجية المصرية)

وأعلن الصومال، نهاية أغسطس (آب) الماضي، «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، حسب تأكيد السفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أواري، وهو ما عارضته أديس أبابا، حيث قالت الخارجية الإثيوبية إنها «تشكل مخاطر على المنطقة»، وتوعدت بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصر وعربي.

وقال وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية، علي محمد عمر، إن «إثيوبيا خالفت القوانين الدولية، والمواثيق الأفريقية، باعترافها باستقلال إقليم أرض الصومال»، وفيما أشار إلى أن «توقيع أديس أبابا اتفاقاً مع جزء من الصومال انتهاك لسيادتها، وبمثابة إعلان للحرب»، قال إن «بلده لديه قوات للدفاع عن أرضه، واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع الأمر».

وأشاد عمر، في تصريحات تلفزيونية (الأربعاء)، بالدعم المصري للصومال في أزمته الأخيرة مع إثيوبيا، وقال إنه «ليست المرة الأولى التي تساعد فيها مصر بلده»، مضيفاً: «إذا تطلب الأمر سنحتاج لدعم الجيش المصري في الصومال».

وأوضح أنه «لا توجد قوات عسكرية مصرية حالياً في الصومال، لكنها ستوجد قريباً؛ للمساعدة في تدريب القوات الصومالية وإعادة بناء الجيش».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، أغسطس الماضي، جولة ثانية من مشاورات الوساطة بين الصومال وإثيوبيا؛ لإنهاء الخلاف بين البلدين، وانتهت المحادثات دون التوصل لاتفاق، بعد مفاوضات غير مباشرة مع وزيري خارجية البلدين.

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة أخيراً، وأكد خلال المباحثات «موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية». ووقّع الرئيسان على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين.

ورأى الخبير العسكري المصري، سمير فرج، أن «الوجود العسكري المصري بالصومال يستهدف تدريب الجيش الصومالي، ورفع كفاءاته القتالية»، مشيراً إلى أنه «من المهم لمصر أن يكون الصومال قوياً، في ضوء التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر مؤخراً».

وقال إن «القاهرة تستهدف أيضاً حماية مصالحها الاستراتيجية، المتعلقة بتأمين حركة الملاحة من باب المندب، وصولاً لمجرى قناة السويس».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعم المصري للصومال عسكرياً ليس موجهاً ضد أحد، ويستهدف فقط دعم مقديشو في مواجهات التحديات الأمنية المختلفة»، وقال: «القاهرة تريد مساعدة الصومال؛ لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية هناك، والتصدي لأي دعوات انفصالية داخله».

ونوه إلى مشاركات سابقة لمصر في حفظ الأمن بالصومال، منها المشاركة في البعثة الأممية لحفظ السلام عام 1994.

بينما يرى المحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن «البلدين تجمعهما مصالح كبرى حالياً، ويستهدفان حماية أمنهما القومي»، وقال إن «أديس أبابا لم تكتف فقط بممارسات أحادية في أحواض الأنهار التي تجمعها مع مصر والصومال، وإنما تحركت (بالمخالفة للقانون الدولي) للبحث عن موضع قدم في منطقة البحر الأحمر».

ويرى الباحث الصومالي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر ليس لديها أطماع من الوجود على الأراضي الصومالية»، مشيراً إلى أن «هدفها هو دعم قدرات الصومال، وتحقيق مصالح مشتركة»، مبيناً أن ذلك «يجعل الحضور المصري مرحباً به في مقديشو، أكثر من الدول المجاورة للصومال».

وأكد أمين عام المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير علي الحفني، أيضاً أن «التقارب المصري - الصومالي مؤخراً، يستهدف العمل على استقرار الصومال».

وأوضح الحفني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تنوعاً في مجالات التعاون بين القاهرة ومقديشو، ليشمل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية»، منوهاً إلى أن «مصر لديها تراكم خبرات كبيراً في تنويع مجالات التعاون مع الدول الأفريقية».

وتُولي القاهرة أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال تدشينه خط الطيران المباشر بين القاهرة والصومال وجيبوتي، يوليو (تموز) الماضي، «اهتمام القاهرة بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، ورغبتها في الإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة، لا سيما مع ما تمر به من تحديات جسيمة».