تونس: تمديد حبس 20 أمنياً في قضية «تهريب إرهابيين من السجن»

إيقاف «تكفيريين» وإحالات جديدة على «قطب التشدد»

صور الإرهابيين الخمسة الذين فروا من سجن المرناقية قبل عام وتسبب تهريبهم في إيقاف عشرات الأمنيين  (صور وزارة العدل التونسية أرشيف)
صور الإرهابيين الخمسة الذين فروا من سجن المرناقية قبل عام وتسبب تهريبهم في إيقاف عشرات الأمنيين (صور وزارة العدل التونسية أرشيف)
TT

تونس: تمديد حبس 20 أمنياً في قضية «تهريب إرهابيين من السجن»

صور الإرهابيين الخمسة الذين فروا من سجن المرناقية قبل عام وتسبب تهريبهم في إيقاف عشرات الأمنيين  (صور وزارة العدل التونسية أرشيف)
صور الإرهابيين الخمسة الذين فروا من سجن المرناقية قبل عام وتسبب تهريبهم في إيقاف عشرات الأمنيين (صور وزارة العدل التونسية أرشيف)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن إيقاف 5 من «التكفيريين» وعشرات من المشتبه في تعاونهم مع «الإرهابيين» ومهربي البشر والمخدرات والأموال والسلع «ومع العصابات المتورطة في جرائم عديدة، بينها تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود البرية للبلاد وسواحل محافظة صفاقس، 270كلم جنوبي العاصمة تونس».

كما أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني أنها أوقفت بالتعاون مع قوات أمنية مختلفة عدداً من «المفتش عنهم» في محافظات عديدة، بينها بنزرت والقصرين وصفاقس وتونس العاصمة، بسبب صدور أحكام غيابية بالسجن ضدهم في قضايا ذات صبغة إرهابية، من بينها «الانتماء إلى تنظيم إرهابي» أو إلى «التكفيريين».

تهريب الإرهابيين الخمسة

في سياق آخر كشفت مصادر قضائية وأمنية تونسية أن قاضي التحقيق الأول في «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» أصدر قراراً بتمديد حبس أكثر من عشرين أمنياً من بين المتهمين الموقوفين على ذمة القضية المتعلقة بحادثة «تهريب» خمسة مساجين مصنّفين «إرهابيين خطيرين» من أكبر سجون العاصمة التونسية، السجن المدني بالمرناقية الذي يضم آلاف السجناء والموقوفين بينهم عشرات من المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» و«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» وإلى «التكفيريين» أو إلى عصابات تهريب البشر والمخدرات.

حالة استنفار لقوات مكافحة الشغب والإرهاب في تونس (موقع وزارة الداخلية التونسية)

وأوضحت نفس المصادر أن غالبية الأمنيين الموقوفين في تهريب المساجين الإرهابيين الخمسة كانوا قبل عام ضباطاً وأعواناً من قطاع أمن السجون أو قوات النخبة التابعة لوزارتي الداخلية والعدل المكلفة بمراقبة السجون والمساجين وعمليات إخراج مجموعات منهم بصفة ظرفية إلى المحاكم ومراكز التحقيق ضمن إجراءات مشددة ودقيقة.

وكانت مصادر رسمية تحدثت أول الأمر عن «فرار خمسة إرهابيين خطيرين» من سجن المرناقية، بينهم متهمون في قضايا الاغتيالات السياسية والتفجيرات الإرهابية التي نسبت إلى تنظيمات «تكفيرية وسلفية متشددة» بينها «تنظيم أنصار الشريعة» الذي صنفته السلطات التونسية في 2013 تنظيماً إرهابياً، بعد اتهام قياداته بالضلوع في اغتيال أمنيين وعسكريين والزعيمين اليساريين العروبيين شكري بلعيد ومحمد الإبراهيمي.

فرار أم تهريب؟

الرئيس التونسي قيس سعيد في اجتماع قبل أيام مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق حيث شدد على معاقبة المتهمين في قضايا «التآمر على أمن الدولة» «والجرائم الانتخابية»

لكن الرئيس التونسي قيس سعيد أعلن حسب فيديو رسمي بثه موقع رئاسة الجمهورية أن الأمر لا يتعلق بـ«فرار» بل بجريمة «تهريب»، وشدد على إيقافهم. وهو ما تم فعلاً في ظرف أيام بعد عمليات استخباراتية مشتركة بين قوات من الجيش والأمن.

وانطلقت منذ تلك الفترة عمليات تحقيق وإيقافات شملت مشتبهاً فيهم بعضهم أمنيون اتهموا بـ«التقصير» أو «المشاركة» في تهريب الإرهابيين الخمسة. وسبق لقاضي التحقيق في «قطب الإرهاب» أن أصدر قراراً بتمديد إيقافهم قبل أشهر. وجاء قرار التمديد الجديد لمدة أربعة أشهر إضافية، في انتظار استكمال الأبحاث وإصدار قرار ختم البحث وإحالتهم على المحاكمة.

وكان الإعلان عن «فرار مساجين من سجن المرناقية الكبير» أثار ضجة إعلامية ضخمة وطنياً وعالمياً، لأن الأمر يتعلق بأكبر سجون وأحدثها وأكثرها استخداماً للتجهيزات الإلكترونية الحديثة. وهو السجن الذي يعتقل فيه كذلك منذ نحو عام ونصف عدد من قادة الأحزاب السياسية والسياسيين والوزراء والبرلمانيين السابقين بينهم قادة «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة ورئيسا البرلمان والحكومة السابقان راشد الغنوشي وعلي العريض ومجموعة من كبار رجال الأعمال المتهمين في «قضايا فساد مالي خطيرة».

كاتب الدولة للأمن الوطني القاضي سفيان بالصادق يتفقد جاهزية قوات النخبة الأمنية التونسية (موقع وزارة الداخلية التونسية)

أحكام جديدة بالسجن

بالتزامن مع هذا أعلنت المحامية دليلة مصدق بن مبارك، ممثلة عائلات الموقوفين السياسيين، أن محاكم تونسية أصدرت خلال الأيام القليلة الماضية أحكاماً جديدة بالسجن مع النفاذ العاجل على عدد من الشخصيات السياسية المتهمة في قضايا «ذات صبغة سياسية» وبتهم «ارتكاب جرائم انتخابية» و«التزييف»، على هامش انطلاق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة ليوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) القادم. ومن بين الذين شملتهم هذه الأحكام مرشحون افتراضيون للانتخابات الرئاسية بينهم الوزير السابق للصحة وزعيم حزب عمل وإنجاز عبد اللطيف المكي والناشط الحقوقي والإعلامي نزار الشعري والوزير السابق عماد الدايمي والناشطة الحقوقية ليلى الهمامي. كما صدر حكم استئنافي بسجن المحامية والإعلامية المعارضة سنية الدهماني لمدة ثمانية أشهر.

وكانت سنية الدهماني وعدد من النشطاء والمدونين المحسوبين على المعارضة والإعلاميين بينهم مراد الزغيدي وشذى بن مبارك وبرهان بسيس ومحمد بوغلاب اعتقلوا وحوكموا بالسجن في المدة الماضية بعد اتهامهم في قضايا ذات علاقة بـ«الجرائم الإلكترونية» و«الانتهاكات للقانون» عبر وسائل الإعلام والتورط في جرائم يعاقب عليها «القانون 54» بالسجن رغم اعتراضات النقابة الوطنية للصحافيين والمنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة.

في المقابل أحيل عدد من رجال الأعمال وضباط الأمن السابقين والمحامين والنشطاء السياسيين اليساريين والليبيراليين والإسلاميين على «قطب الإرهاب» ومحاكم «مكافحة الفساد»، واتهم كثير منهم بالضلوع في ملفات «شبهات التآمر على أمن الدولة».

كما أعلنت مصادر حقوقية مؤخراً عن إيقاف النقابي والقيادي في حزب النهضة محمد القوماني و8 من رفاقه في نفس الحزب، وعن قرار أصدره «قطب الإرهاب» بتمديد حبس الأكاديمي والأمين العام الجديد لحزب النهضة العجمي ومجموعة من رفاقه، دون تقديم تفاصيل عن الملفات التي بررت الإيقافات الجديدة.

وقدر المحامي سمير بن عمر عدد الذين أحيلوا منذ نحو عام ونصف على «قطب الإرهاب» وبتهم «التآمر على أمن الدولة» ببضع مئات. فيما قدر الوزير السابق والمحامي سمير ديلو عدد القضايا المفتوحة منذ عامين ضد مشتبه فيهم في قضايا ذات صبغة سياسية و«إرهابية» أو بـ«شبهة التآمر على أمن الدولة» بنحو خمسة عشر.


مقالات ذات صلة

«داعش» يتبنى هجوماً دامياً على مدنيين من الهزارة الشيعة في أفغانستان

آسيا مقاتل من «طالبان» في موقع انفجار في كابل... 17 نوفمبر 2021 (رويترز)

«داعش» يتبنى هجوماً دامياً على مدنيين من الهزارة الشيعة في أفغانستان

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن مقتل ما لا يقل عن 14 مدنيا من جماعة الهزارة العرقية الشيعية، على الطريق الرابط بين ولايتي دايكندي وجور، في وسط أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة أرشيفية لأفراد من الشرطة الاتحادية العراقية يحملون أسلحتهم أثناء القتال ضد مسلحي تنظيم «داعش» على خط المواجهة بالمدينة القديمة في الموصل 7 يوليو 2017 (رويترز)

المخابرات العراقية تعلن مقتل 6 من قادة «داعش» في عملية بغرب البلاد

كشف جهاز المخابرات العراقي، الجمعة، عن مقتل 6 من كبار قيادات تنظيم «داعش» في عملية نفذها الجهاز، بالتعاون مع التحالف الدولي في محافظة الأنبار.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
آسيا أفراد أمن من حركة «طالبان» في كابل (أ.ف.ب)

تنظيم «داعش» يتبنى الهجوم الدامي في وسط أفغانستان

تبنى تنظيم «داعش» المتطرف هجوماً دامياً الخميس استهدف مدنيين بولاية في وسط أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (كابل)
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا ضابط شرطة من كوسوفو يقف حارساً على طريق يؤدي إلى دير بانيسكا في أعقاب حادث إطلاق نار بالقرب من زفيكان كوسوفو 25 سبتمبر 2023 (رويترز)

كوسوفو توجه اتهامات لـ45 صربياً بالهجوم على الشرطة بالقرب من الحدود

وجَّه الادعاء العام في كوسوفو اتهامات إلى 45 صربياً على خلفية هجوم استهدف الشرطة العام الماضي بالقرب من الحدود مع صربيا.

«الشرق الأوسط» (بريشتينا )

مصر تضع ضوابط جديدة على العمرة

 إجراءات جديدة لتنظيم سفر المعتمرين المصريين (وزارة الطيران)
إجراءات جديدة لتنظيم سفر المعتمرين المصريين (وزارة الطيران)
TT

مصر تضع ضوابط جديدة على العمرة

 إجراءات جديدة لتنظيم سفر المعتمرين المصريين (وزارة الطيران)
إجراءات جديدة لتنظيم سفر المعتمرين المصريين (وزارة الطيران)

وضعت وزارة السياحة المصرية ضوابط جديدة لتنظيم العمرة خلال الفترة المقبلة، من بينها «زيادة المشرفين المرافقين ورسوم التأمين».

كما سمحت «السياحة» للشركات المصرية بالبدء في تنظيم الرحلات ابتداء من الشهر الحالي، وفق هذه الضوابط التي أقرتها «اللجنة العليا للعمرة والحج» بعد مناقشات دامت أسابيع مع الشركات المنفذة لبرامج الرحلات الدينية، لتلافي سلبيات وقعت خلال العام الماضي.

وبخلاف تحديد مسافات الفنادق التي يفترض أن تتعاقد معها الشركات المصرية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فإن وزارة السياحة «اشترطت وجود مشرفين اثنين للسياحة الدينية لكل شركة، مسجلين على الشركة الراغبة في تنفيذ الرحلات خلال الموسم الحالي حداً أدني بخلاف أعضاء مجلس الإدارة ولضمان وجود مشرف بديل حال تعرض المشرف الأساسي لأي طارئ يحول دون سفره»، بحسب بيان الوزارة، مساء الأربعاء.

وتضمنت الضوابط الجديدة تحديد مشرف لكل 50 معتمراً بدلاً من 135 معتمراً، مع تطبيق إجراءات تضمن التأكد من سفر المشرفين وعودتهم، بالإضافة إلى تنفيذ منظومة لقياس جودة الخدمات المقدمة للمعتمرين لضمان مستوى أداء الشركات السياحية، مع السماح بعودة تنظيم رحلات العمرة عن طريق البر والبحر بعد توقف خلال السنوات السابقة، في «خطوة جاءت من أجل تنفيذ برامج رحلات العمرة بما يتناسب مع متطلبات المواطنين كافة»، وفق وزارة السياحة المصرية.

ويرى عضو شركات «الغرف السياحية» في مصر، باسل السيسي، أن «الضوابط الجديدة تتضمن الاستفادة من أخطاء الأعوام الماضية بشكل كبير، ما يجعل هناك فرصة لتنظيم الموسم بشكل أفضل هذا العام».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الضوابط تضمنت «تقنين الحصول على باركود العمرة لتكون الشركات مسؤولة عنه بالكامل مع المسافر، وبما يتضمن معرفة مكان وجوده خلال سفره إلى المملكة العربية السعودية، حتى لو كان حاصلاً على تأشيرة زيارة»، مؤكداً أن هذا الأمر «سيمنع سفر المخالفين الذين استغلوا تأشيرات السياحة لأداء العمرة، وسيؤدي لمنع وجود حجاج مخالفين بهذه التأشيرات؛ لكون الشركات ستكون مسؤولة عن تفاصيل سفرهم قبل استخراج الباركود الذي يسمح لهم بالخروج من مصر».

في حين أوضحت أمين سر لجنة «السياحة والطيران» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة أماني الشعولي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضوابط الجديدة عكست التوصيات الصادرة من اللجنة خلال الشهور الماضية لتجنب استغلال المواطنين الراغبين في السفر لأداء العمرة»، لافتة إلى أن «هناك تنسيقاً لمحاربة السماسرة بشكل يسمح بعدم تكرار ظاهرة وجود معتمرين وحجاج مصريين في المشاعر المقدسة من دون وجود برامج لهم».

وجاءت الضوابط الجديدة ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف لمنع تكرار أزمة الحجاج «غير النظاميين» خلال موسم الحج الماضي، حيث «أدى آلاف المصريين مناسك الحج، بعد الدخول إلى المملكة العربية السعودية عبر (تأشيرة زيارة) لا تسمح لحاملها بأداء الحج، بجانب مشكلة سفر معتمرين مصريين لأداء مناسك العمرة من دون وجود حجوزات في الفنادق في أثناء وجودهم بالمملكة»، حسب مراقبين.

حجاج مصريون في مطار القاهرة قبل سفرهم لأداء المناسك العام الماضي (وزارة الطيران)

وأعلنت وزارة السياحة المصرية كذلك عن إطلاق حملات توعوية للتحذير من التعامل مع «الكيانات غير الشرعية، وتشجيع المواطنين على التعامل مع الشركات المرخصة وفقاً للقانون»، وهي الحملة التي ستنفذ بالتعاون مع غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، وفق بيان الوزارة، الذي أكد «تكثيف الجهود لرصد الإعلانات المخالفة لتنفيذ رحلات العمرة على مواقع التواصل الاجتماعي، واتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة ضد المخالفين».

وتعوّل الشعولي على هذه الحملات في لعب دور أكبر لتوضيح الحقائق أمام المواطنين البسطاء خصوصاً في ظل وجود كثير من المواطنين وقعوا ضحايا لعمليات نصب خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن «شركات السياحة العاملة في مجال تنظيم الرحلات الدينية تخضع لرقابة مشددة ويتم التعامل مع مخالفتها بشكل سريع على العكس من الكيانات الوهمية وغير الشرعية التي يصعب الوصول لمسؤوليها ومحاسبتهم».

وتضمنت الضوابط الجديدة أيضاً «زيادة مبلغ التأمين المؤقت التي تقوم شركة السياحة بسداده، وذلك بهدف ضمان وجود ضمان مالي مناسب يتوافق مع الظروف الراهنة، وكذا لضمان تغطية برنامج الرحلة للمعتمر حال عدم التزام الشركة بتنفيذ البرنامج المتفق عليه».

عودة إلى عضو شركات «الغرف السياحية» في مصر، الذي أشار إلى أن قيمة التأمين ارتفعت من 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 48.31 في البنوك المصرية) إلى مليون ونصف، وهو رقم لا يعد كبيراً على الشركات العاملة في السوق ويغطي جزءاً كبيراً من التأمين الذي يمكن أن يصرف للمعتمرين حال مخالفة الشركة للاتفاقات التي سافر على أساسها المعتمرون، عادّاً «المبلغ يتماشى مع التغيرات التي حدثت في سعر الصرف ومع الملاءة المالية للشركات».