المبعوث الأميركي يرسل إشارات لإحياء المشاورات مع الجيش السوداني

توم بيرييلو يعود للمنطقة في جولة ثالثة لبحث إنهاء الحرب

بيرييلو (وسط) مع ممثلي «مبادرة متحدون» للسلام في السودان خلال مؤتمر صحافي بجنيف 23 أغسطس(إ.ب.أ)
بيرييلو (وسط) مع ممثلي «مبادرة متحدون» للسلام في السودان خلال مؤتمر صحافي بجنيف 23 أغسطس(إ.ب.أ)
TT

المبعوث الأميركي يرسل إشارات لإحياء المشاورات مع الجيش السوداني

بيرييلو (وسط) مع ممثلي «مبادرة متحدون» للسلام في السودان خلال مؤتمر صحافي بجنيف 23 أغسطس(إ.ب.أ)
بيرييلو (وسط) مع ممثلي «مبادرة متحدون» للسلام في السودان خلال مؤتمر صحافي بجنيف 23 أغسطس(إ.ب.أ)

أرسل المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، عقب وصوله إلى القاهرة، الثلاثاء، إشارات يؤكد فيها حرص واشنطن على إعادة إحياء المشاورات مع قادة القوات المسلحة السودانية، فيما يتعلق بمسار الحل السلمي لوقف الحرب في البلاد.

والتقى بيرييلو ليل الاثنين - الثلاثاء نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، في العاصمة الرياض، في إطار جولة للبحث في فرص إنهاء الحرب في السودان، ومن المقرر أن يتوجه لاحقاً إلى أنقرة.

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

ووفق الخارجية السعودية، فقد بحث اللقاء مستجدات الأوضاع في السودان، كما ناقش القضايا ذات الاهتمام المشترك في الملف نفسه.

وقال بيرييلو في تدوينة على حسابة بمنصة «إكس» إن اللقاء جاء «من منطلق الالتزام المشترك بحل الأزمة في السودان وتنفيذ إعلان جدة».

وأضاف: «مع الإلحاح المتجدد لإنهاء الحرب، فإننا ملتزمون بالعمل من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان، وبينما نخطط للجمعية العامة للأمم المتحدة والجهود الأخرى، فنحن ملتزمون مع المملكة العربية السعودية».

وقالت الخارجية الأميركية، إن بيرييلو، يواصل «الجهود الطارئة لإنهاء الحرب الدائرة في السودان والمجاعة الناتجة منها». وأضافت في بيان صدر قبل ساعات من توجه بيرييلو إلى محطته الأولى الرياض «إن هذه الجولة تهدف للبناء على النجاح الأخير الذي حققته مبادرة مجموعة التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان».

وذكر البيان، «أن الأولويات الدبلوماسية مستمرة لحث القوات المسلحة السودانية و(قوات الدعم السريع)، على توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين، التزاماً بإعلان جدة، والسعي إلى إنهاء الأعمال العدائية». وأكدت التزام واشنطن، بالعمل مع الشركاء الدوليين «للتخفيف من معاناة السودانيين، والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الأعمال العدائية بين الطرفين المتحاربين».

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)

وتأتي جولة المبعوث الأميركي وهي الثالثة له في المنطقة، في أعقاب محادثات جنيف في أغسطس (آب) الماضي، التي شاركت فيها «قوات«الدعم السريع»، وقاطعها وفد القوات المسلحة السودانية.

وقال دبلوماسي سوداني سابق شغل منصباً رفيع المستوى، إن تحركات المبعوث الأميركي بزيارة الدول الثلاث في الوقت الحالي تركز على مسألة معالجة الأوضاع الإنسانية، لكن في الوقت نفسه، يأمل في أن تمارس تلك الدول المزيد من التأثير على الجيش السوداني. وألمح، إلى أن «هنالك تنافساً إقليمياً ودولياً على السودان بعد تعثر منبر جدة، الذي دفع بعض الدول للتدخل للعب دور أكبر».

ووفقاً للدبلوماسي الذي فضّل حجب اسمه، فإن المبعوث الأميركي سيلتقى الخميس وفداً من تحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش السوداني لتأثيرها الكبير عليهم.

من جهة ثانية، قالت مصادر إن المبعوث الأميركي، أكد بعد وصوله إلى القاهرة الثلاثاء، «حرص الإدارة الأميركية على التواصل مع قادة الجيش السوداني، لاستئناف المشاورات التي أُلغيت في وقت سابق».

وقال بيرييلو: «إن الجيش السوداني لا يملك الإرادة في اتخاذ قرار المضي قدماً في عملية التفاوض للحل السلمي، وإنه أضاع فرصة بعدم المشاركة في محادثات جنيف، لكن السعي سيستمر في تلك المحادثات لإنهاء الحرب».

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة المفاوضات حول السودان التي عُقدت في جنيف

بدوره، قال المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن المبعوث الأميركي اختار زيارة العواصم الثلاث الرياض والقاهرة وأنقرة؛ لما يمكن أن تلعبه من تأثير على طرفَي النزاع في السودان بأشكال مختلفة لدفعهما إلى طاولة المفاوضات... لمصر وتركيا تأثير أكبر على الجيش السوداني، والإدارة الأميركية قصدت من هذه الجولة الاستفادة من علاقاتها الوطيدة بالبلدين؛ من أجل تقريب المسافات وتليين موقف الجيش المتشدد من عملية التفاوض.

لكنه عاد وقال إنه «ربما يكون الهدف من جولة المبعوث الأميركي هو استخدام سياسية العصا لإيصال رسائل إلى قادة الجيش السوداني في بورتسودان، مفادها أن الخطوات المقبلة لن تكون في صالحهم».

ورأى المحلل السياسي في حديث لـ«الشرق الأوسط» الجولة الجديدة لمبعوث الرئيس الأميركي، جو بايدن في هذا التوقيت قبل فترة قليلة من الانتخابات الرئاسية، «توضح مدى الأهمية الكبيرة للتعامل بجدية لحسم ملف إنهاء الحرب في السودان».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وقال إن الإدارة الأميركية «تسابق الزمن لإحراز نجاح في وقف الحرب بالسودان، وهذا ما ظل يشير إليه المبعوث الأميركي، من أن الملف السوداني يحظى باهتمام كبير من الرئيس بايدن، ومرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة، كامالا هاريس، وأن الإدارة الحالية تسعى لإحداث اختراق قبل أن تتوجه إلى خطوات أخرى قد لا تكون في صالح الجيش السوداني».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».