«هيومن رايتس ووتش»: طرفا حرب السودان حصلا على أسلحة حديثة

طالبت مجلس الأمن الدولي بتعميم حظر السلاح في جميع أنحاء البلاد

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
TT

«هيومن رايتس ووتش»: طرفا حرب السودان حصلا على أسلحة حديثة

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير نشرته يوم الاثنين، إن طرفي القتال في السودان الجيش و«قوات الدعم السريع» حصلا مؤخراً على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة من مصادر أجنبية. وطالبت المنظمة مجلس الأمن الدولي بتجديد وتوسيع حظر الأسلحة والقيود المفروضة على منطقة دارفور لتشمل جميع أنحاء السودان ومحاسبة المخالفين.

وقالت المنظمة، في تقريرها، إنها حلّلت 49 صورة ومقطع فيديو، صورها مقاتلون من كلا الجانبين ونشروها على منصات التواصل الاجتماعي، وهي تظهر أسلحة ومعدات أجنبية جديدة استخدمت في الصراع خلال الأشهر الماضية. وأوضحت المنظمة أن الأسلحة تشمل «طائرات من دون طيار مسلحة، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وأجهزة تشويش، وقاذفات صواريخ متعددة البراميل مثبتة على شاحنات، وذخائر هاون، أنتجتها شركات مسجلة في الصين وإيران وروسيا وصربيا».

ورغم أن المنظمة لم تحدد كيفية حصول الطرفين المتحاربين على المعدات الجديدة، فإنها قالت إن الأدلة تشير إلى أن الطرفين المتحاربين في السودان حصلا على تلك المعدات بعد اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) من العام الماضي.

وقال جان بابتيست جالوبين، الباحث في المنظمة، إن «الصراع في السودان يعد من أسوأ الأزمات الإنسانية وحقوق الإنسان في العالم». وأضاف أن «الطرفين المتحاربين يرتكبان فظائع دون عقاب، ومن المرجح أنهما استخدما الأسلحة والمعدات التي حصلا عليها لارتكاب مزيد من الجرائم».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ورجحت المنظمة أن يواصل طرفا القتال، القوات المسلحة (الجيش) و«قوات الدعم السريع»، استخدام هذه الأسلحة والمعدات لارتكاب مزيد من جرائم حرب وانتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد. وذكر التقرير أن من المتوقع أن يقرر مجلس الأمن الدولي في 11 سبتمبر (أيلول) الحالي تجديد حظر نقل المعدات العسكرية إلى إقليم دارفور.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن تجدد الصراع أثر على معظم ولايات السودان، لكن أعضاء مجلس الأمن الدولي لم يتخذوا بعد خطوات لتوسيع حظر الأسلحة على دافور ليشمل البلاد بأكملها. وذكر التقرير أن هذه النتائج توضح عدم كفاية حظر الأسلحة على دارفور نسبة للمخاطر الجسيمة التي يفرضها امتلاك الطرفين المتحاربين لأسلحة جديدة.

وأشار إلى أن فرض حظر على الأسلحة في كل البلاد سيسهم في معالجة هذه القضايا من خلال تسهيل مراقبة عمليات النقل إلى دارفور ومنع الاستحواذ القانوني على الأسلحة لاستخدامها في أجزاء أخرى من السودان. وقالت المنظمة إن الحكومة السودانية عارضت توسيع نطاق حظر الأسلحة، ومارست ضغوطاً على أعضاء مجلس الأمن لإنهاء نظام العقوبات ورفع الحظر عن دارفور تماماً.

وأضافت أن انتشار الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان يمثل خطراً حقيقياً في احتمال استخدام الأسلحة أو المعدات التي تحصل عليها الطرفان المتحاربان في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني. ودعت المنظمة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات أكثر قوة في مواجهة انتهاكات الحظر الحالي، وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تنتهكه.

وأضاف تقرير المنظمة أنه يتعيّن على المجلس أن يتخذ التدابير العاجلة اللازمة لمعاقبة الأفراد والكيانات التي تنتهك الحظر. وذكر أنه منذ بدء الصراع بين القوات المسلحة و«قوات الدعم السريع» في السودان قُتل عدد لا يحصى من المدنيين، ونزح الملايين داخلياً وخارجياً، ويواجه الملايين المجاعة.


مقالات ذات صلة

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

شمال افريقيا جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية السودانية، تهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الحرب لوقفها.

أحمد يونس (كمبالا )
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية بالقاهرة)

المدارس السودانية في مصر بانتظار انفراجة بعد 3 شهور من إغلاقها

تأمل الجالية السودانية في مصر انفراجة في أزمة المدارس السودانية العاملة في البلاد، والمغلقة منذ نحو 3 أشهر لحين استيفائها الشروط المطلوبة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».