رؤساء تعاقبوا على حكم الجزائر

عددهم 9... ولكل واحد منهم طريقته في تسيير الشأن العام

صورة تجمع الرؤساء أحمد بن بلة وهواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة
صورة تجمع الرؤساء أحمد بن بلة وهواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة
TT

رؤساء تعاقبوا على حكم الجزائر

صورة تجمع الرؤساء أحمد بن بلة وهواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة
صورة تجمع الرؤساء أحمد بن بلة وهواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة

بنهاية ولاية الرئيس عبد المجيد تبون الأولى (2019 – 2024)، يكون قد تعاقب على حكم الجزائر 9 رؤساء منذ استقلالها عام 1962. لكل واحد منهم طريقة في تسيير الشأن العام، تركت بصمة لافتة على البلاد تبعاً للظروف المحلية والخارجية التي مرّت بها.

«الشرق الأوسط» تقدم بورتريهاً موجزاً عن كل رئيس.

 

أحمد بن بلة

كان بن بلّة أول رئيس للجزائر المستقلة، والأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني». كان اشتراكياً حتى النخاع، لكنه لم يبقَ لفترة طويلة في الحكم، فقد ترأس البلاد من عام 1963 إلى عام 1965، متسلحاً بشرعية واسعة؛ إذ فاز بنسبة 99.6 في المائة بالانتخابات التي كان المرشح الوحيد فيها عام 1963.

وتعرّض بن بلة لانقلاب عسكري قاده نائبه وزير الدفاع، هواري بومدين، في 19 يونيو (حزيران) 1965. وسمى بومدين حركة الانقلاب بـ«التصحيح الثوري»، على أساس أن بن بلة «حاد عن مبادئ ثورة التحرير ضد الاستعمار».

وبقي بن بلّة في السجن حتى سنة 1979، ثم وُضع تحت الإقامة الجبرية حتى عام 1980. ولما دخلت البلاد في عهد التعددية عام 1989، أطلق حزباً معارضاً سماه «الحركة الديمقراطية الجزائرية». وتوفي بن بلة في 11 أبريل (نيسان) 2012 وهو في الـ96 من عمره.

 

هواري بومدين

تولى بومدين، واسمه الحقيقي محمد بوخروبة، حكم البلاد من 1965 حتى وفاته في 1978. وعطّل بومدين العمل بالدستور، واحتكر مناصب رئيس مجلس الثورة، ورئيس الحكومة، ووزير الدفاع. وفي 1976 نظّم انتخابات كان المرشح الوحيد لها، وفاز بنسبة 99.5 في المائة من الأصوات. وتوفي وهو في الحكم يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) عام 1978، بسبب مرض لازمه.

 

رابح بيطاط

رجل بارز في الثورة حكم الجزائر لمدة 45 يوماً فقط، كفترة انتقالية يفرضها الدستور، بحكم رئاسته للبرلمان يومها. توفي في الـ10 من أبريل سنة 2000.

 

الشاذلي بن جديد

الشاذلي بن جديد (الشرق الأوسط)

 

بعد وفاة بومدين، اختار الجيش بن جديد ليكون المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية في عام 1979، بدلاً من عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان مرشحاً لخلافة الرئيس الراحل بومدين. وأعيد انتخابه في عامي 1984 و1988. وفي فبراير (شباط) عام 1989، أنهى دستور جديد احتكار حزب «جبهة التحرير الوطني» للعمل السياسي، وأسّس لما يُعرف بـ«التعددية السياسية»، ولأول مرّة تم إطلاق صحف خاصة.

وفي ديسمبر عام 1991، حصدت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الأغلبية المطلقة في الدور الأول من أول انتخابات تشريعية تعددية في الجزائر، فاستقال بن جديد في 11 يناير (كانون الثاني) 1992 تحت ضغط الجيش، الذي ألغى العملية الانتخابية، ودخلت البلاد في حرب أهلية، دارت رحاها بين الجيش وقوات الأمن، من جهة، والجماعات المسلحة التي كانت ذراعا «الإنقاذ» في تلك الحرب، التي خلفت 150 قتيلاً. وتوفي الشاذلي في الـ6 من أكتوبر (تشرين الأول) 2012، وعمره 86 سنة.

 

محمد بوضياف

 

محمد بوضياف (الشرق الأوسط)

يُعد من كبار رجال الثورة، حكم لمدة 5 أشهر عام 1992... فبعد استقالة بن جديد، الذي حلّ البرلمان، انتقل الحكم إلى المجلس الأعلى للدولة المشكل من 5 أعضاء، برئاسة بوضياف، وبعد أقل من 6 أشهر اغتيل (29 يونيو 1992). وأكد القاتل، وهو ملازم يسمى مبارك بومعرافي، خلال محاكمته أنه نفّذ العمل وحده «تعاطفاً مع الإسلاميين»، في حين تحدثت لجنة التحقيق عن «مؤامرة». وإلى يومنا هذا ما زالت عائلة بوضياف تطالب بـ«الحقيقة» لاعتقادها أن «من استنجدوا به ليحكم البلاد هم من قتلوه».

 

علي الكافي

يُعد الرئيس الوحيد، بعد 32 سنة من الاستقلال، الذي يسلم الحكم لخليفته اليامين زروال، المكلف بقيادة مرحلة انتقالية أخرى. وتوفي في 16 أبريل 2013.

 

الجنرال اليامين زروال

اختار المجلس الأعلى للأمن، الذي يضم قيادات الأمن والجيش وأهم الوزراء، عام 1994، زروال ليكون الرئيس لفترة انتقالية، وكان يُفترض أن تدوم 3 سنوات.

ونظم زروال أول انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر سنة 1995، وفاز بولاية رئاسية أمام 3 مرشحين، لكنه رضخ لضغوط، تخص إدارة الشأن الأمني للبلاد، وقلّص ولايته بتنظيم انتخابات مبكرة في عام 1999 فاز بها بوتفليقة. واليوم يعيش زروال في إقامة بشرق البلاد، ويرفض الظهور للعلن.

 

عبد العزيز بوتفليقة

فاز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية في 1999، وأعيد انتخابه بأكثر من 80 في المائة من الأصوات في 2004 و2009، ثم في 2014. ورغم حالته الصحية الحرجة، سعى بوتفليقة إلى الترشح لولاية خامسة في فبراير عام 2019، مفجراً موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة، أجبرته على التراجع وتأجيل الانتخابات. وتحت ضغط الشارع والجيش، اضطر إلى الاستقالة قبل أقل من شهر من نهاية ولايته الرابعة. وتوفي في 17 سبتمبر (أيلول) 2021، متأثراً بتبعات إصابة بجلطة دماغية.

 

عبد القادر بن صالح

بحكم منصبه رئيساً لمجلس الأمة، قاد الجزائر لفترة انتقالية، بعد استقالة بوتفليقة، حتى تنصيب الرئيس الجديد تبون. وتوفي متأثراً بالمرض في 22 سبتمبر 2021.

 

عبد المجيد تبون

الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

 

فاز تبون في انتخابات نُظمت في 12 ديسمبر 2019، بنسبة 58.15 في المائة، فيما لم تتعدَّ نسبة التصويت 40 في المائة. وجاء فوزه بالانتخابات بعد عدة أشهر من الحراك.


مقالات ذات صلة

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يؤكد أن قطاع الزراعة بات يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.