حادث قتل طالب لوالده وسط الشارع يصدم المصريينhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5058375-%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%87-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%B9-%D9%8A%D8%B5%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86
عوامل كثيرة تؤدي إلى جرائم العنف الأسري بمصر (أ.ف.ب)
شهد حي المقطم (شرق القاهرة) واقعة مأساوية، بعدما طعن طالب يعمل ميكانيكياً والده بسكين في الصدر أمام المارة في الشارع، ما أسفر عن وفاته في الحال بعد مشاجرة قصيرة بينهما، لتكون أحدث وقائع العنف الأسري بمصر.
وأظهرت التحريات الأولية التي أجرتها وزارة الداخلية المصرية، الجمعة، أن خلافات عائلية ومالية كانت وراء إقدام الطالب على طعن والده بالسكين، بعدما طلب الأب من الابن الحصول على المال الذي يجنيه من عمله بورشة تصليح السيارات. بينما يعيش الابن بعيداً عن والديه منذ سنوات، بعد طلاقهما، مع مشكلات واجهته في الإقامة برفقة أي منهما.
وباشرت نيابة جنوب القاهرة التحقيقات في الواقعة، مع الاستماع لأقوال الشهود، بالإضافة إلى الطالب المتهم، مع استعجال ورود تقرير الطب الشرعي حول الأسباب الدقيقة للوفاة.
وتعدّ الواقعة هي الأحدث لجرائم أسرية عدة نشرتها وسائل الإعلام المصرية في الشهور الماضية، في وقت لم تصدر فيه إحصائيات رسمية حول الجرائم الأسرية.
فيما يُرجع أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، الدكتور فتحي قناوي، تكرار مثل هذه الحوادث إلى «غياب أواصر التواصل الأسري بشكل رئيسي»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً رئيسياً من هذه الجرائم يكون لأسباب مالية ومرتبطاً بغياب الترابط الأسري والوازع الديني والتأثر بالأعمال الفنية».
وأضاف قناوي أن «زيادة نسبة الطلاق بصورة كبيرة وتشرد الأبناء، مع ابتعاد الآباء والأمهات عن القيام بأدوارهم بعد الانفصال، بجانب غياب الاهتمام بالتنشئة الدينية السليمة للأطفال، عوامل تساهم في زيادة نسبة الجرائم الأسرية في المجتمع». ولفت إلى أن الإحصائيات الدقيقة حول معدل هذه الجرائم تكون لدى وزارة الداخلية، التي أصبحت تضع ضوابط للحصول عليها من أجل تجنب إساءة استخدامها.
ويوضح المحامي المصري محمد عيسى أن «الطالب ستُجرى محاكمته أمام محكمة الطفل، وستكون أقصى عقوبة يمكن للمحكمة أن تقضي بها في واقعته السجن المشدد، حال كان عمره أقل من 18 عاماً بالأوراق الرسمية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن القانون المصري يمنع الحكم بالإعدام على الأطفال مرتكبي جرائم القتل، بجانب عدم محاكمتهم أمام محكمة الجنايات، باعتبارهم المرتكبين الوحيدين للجريمة، ولا يوجد معهم شركاء بالغون».
وأضاف أن «السجن المشدد 15 عاماً يعدّ أقصى عقوبة توقعها المحكمة على المتهم، مع إمكانية استخدام الرأفة في الحكم، الذي سيكون على المتهم استكماله في السجن عند بلوغه سن الـ18 عاماً، والفترة التي سيقضيها حتى يصل لهذا العمر ستكون في المؤسسة العقابية للأحداث».
ويؤكد أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث أن «العقوبات الجنائية وحدها لا تكون كافية لردع هذا النوع من الجرائم، التي تتطلب تحركات مجتمعية منظمة من أجل التصدي للجرائم الأسرية عبر حملات توعية لا تقتصر على الإعلام فحسب، ولكن تمتد لتشمل المؤسسات الدينية».
واختتم حديثه بالتأكيد على «ضرورة توعية الأزواج المنفصلين بالتعامل مع أبنائهم من دون الإضرار بمصالحهم بسبب خلافاتهم».
شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».
دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.
فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.
بين الرفض والقبول
تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.
وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».
وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».
وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».
من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».
وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».
وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».
وسيلة للإلهاء
أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.
تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».
وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».
حماية الآداب العامة
غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».
وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.
وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».
وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».
ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».
واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».