ارتفاع فواتير الكهرباء يؤرق أسراً مصرية ويجدد الحديث عن الغلاء

شكاوى من أسعار الشرائح الجديدة

بنايات في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

ارتفاع فواتير الكهرباء يؤرق أسراً مصرية ويجدد الحديث عن الغلاء

بنايات في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

فوجئ المصري حسام عيد (48 عاماً) بمسؤول شركة الكهرباء (ويطلق عليه في البلاد بالمُحصِّل) يطالبه بمبلغ 2100 جنيه (الدولار يساوي 48.44 جنيه في البنوك المصرية) قيمة فاتورة استهلاك الكهرباء عن شهر أغسطس (آب) الماضي، عن شقته السكنية الكائنة في حي فيصل بمحافظة الجيزة، ومع سؤال عيد للمسؤول مندهشاً عن «هذه القيمة الكبيرة للغاية»، أرجع المُحصل السبب إلى أسعار شرائح الكهرباء الجديدة.

أسعار فواتير الكهرباء دفعت أسراً مصرية للحديث مجدداً عن تواصل الغلاء في البلاد، خصوصاً مع بدء شركات توزيع الكهرباء التسع على مستوى البلاد، تحصيل فاتورة استهلاك شهر أغسطس مع بداية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، وهي الفاتورة الأولى بعد إقرار أسعار الكهرباء الجديدة.

وأعلن جهاز «تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك» أخيراً أسعار شرائح استهلاك الكهرباء الجديدة (7 شرائح متصاعدة حسب الاستهلاك)، التي تم تطبيقها بداية من 17 أغسطس بالنسبة للعدادات مسبقة الدفع (الكارت)، وتطبق على فواتير سبتمبر بالنسبة للعدادات القديمة. وجاء رفع أسعار الكهرباء للمنازل بنسب تراوحت ما بين 14 إلى 40 في المائة، وللقطاع التجاري ما بين 23.5 إلى 46 في المائة، وللقطاع الصناعي ما بين 21.2 إلى 31 في المائة.

رفع أسعار الكهرباء للمنازل بنسب تراوحت ما بين 14 إلى 40 % (الشركة القابضة لكهرباء مصر)

وقال عيد، الذي يعمل موظفاً إدارياً بإحدى المدارس الإعدادية لـ«الشرق الأوسط»: «خلال الشهور الماضية كنت أدفع ثلث هذا الرقم، وكنت أعدّه رقماً ضخماً، لأنه يلتهم جزءاً كبيراً من ميزانيتي الشهرية، لكني كنت أعلل ذلك بسبب تشغيل جهاز التكييف خلال ساعات الليل في أشهر الصيف لأسرتي، لكن أن تتضاعف الفاتورة ضعفين، فهذا فوق قدراتي المالية، ولا أعرف كيف سأتصرف الآن مع هذا الغلاء».

غرامة 7 % على قيمة فاتورة الكهرباء حال عدم تسديدها وقت المطالبة بها (الشركة القابضة لكهرباء مصر)

الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أشرف غراب قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء للمنازل، الذي تم احتسابه من الشهر الجاري، سوف يمثل عبئاً معيشياً جديداً على الأسر المصرية، وسيؤدي رفع الشرائح بالنسبة للأنشطة التجارية إلى التأثير بالطبع على سعر السلع، حيث سيلجأ أصحاب المحلات التجارية بتحميل الزيادة الجديدة على أسعار المنتجات التي يبيعونها للمستهلك، ما سيكون لها أثراً سلبياً على ميزانية الأسر.

وهنا يشير عيد إلى أنه عندما أوضح لمسؤول الكهرباء عدم توفر مبلغ الفاتورة هذا معه، أخبره الأخير أن أمامه مهلة 30 يوماً لسداد قيمة الفاتورة، محذراً إياه من التأخر عن الموعد حتى لا يخضع لتطبيق غرامة مالية.

وقرر جهاز «تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك»، نهاية الشهر الماضي، تطبيق غرامة تقدر بـ7 في المائة على قيمة فاتورة الكهرباء، في حال عدم تسديدها خلال تاريخ المطالبة بها، وذلك في إطار الخطوات التي تتخذها الحكومة لضمان الحصول على مستحقات وزارة الكهرباء».

وحسب تصريحات صحافية سابقة لمصادر مطلعة في وزارة الكهرباء فإن «الحصيلة المتوقعة من تطبيق غرامة الـ7 في المائة قد تصل إلى 500 مليون جنيه في العام المالي الجاري».

الشكوى من فواتير الكهرباء توسّع نطاقها في فضاء منصات التواصل الاجتماعي المصرية، التي شهدت خلال الأيام الماضية نقاشات وسجلات حولها.

وتبادل العديد من المتابعين فيما بينهم السؤال عن قيمة الفواتير، لتأتي الإجابات متعددة، إلا أنها توافقت على غلاء قيمتها سواء للعدادات القديمة أو العدادات مسبقة الدفع.

ويبلغ عدد المشتركين في الكهرباء بمصر 40.7 مليون مشترك، منهم نحو 15.9 مليون مشترك لديهم عدادات مسبقة الدفع بنسبة 39 في المائة من إجمالي عدد المشتركين، حسب بيانات سابقة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.

وعدّ روّاد آخرون فواتير الكهرباء بمثابة همّ يلاحق الأسر، وأنها أصبحت الشغل الشاغل لهم.

وأشار مستخدمون إلى أن قيمة فواتير الكهرباء تزيد على رواتبهم الشهرية، بينما أوضح آخرون أنها التهمت النصيب الأكبر من رواتبهم واقتطعت ما هو مخصص لتلبية احتياجات أخرى للمنزل.

الخبير الاقتصادي أوضح أن ارتفاع أسعار استهلاك الكهرباء كان أمراً متوقعاً، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، إضافة إلى اتجاه الحكومة المصرية لترشيد الدعم تدريجياً عن السلع والخدمات، لتقليل تكلفتها في الموازنة العامة للدولة.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء سيكون له أثره في زيادة مخاطر الضغوط التضخمية، خصوصاً أنها جاءت بعد زيادة أسعار المحروقات كالبنزين والسولار أخيراً، وقد يظهر أثرها في إحصاءات وبيانات التضخم لشهر سبتمبر، إلا أنه قال إن أثرها لن يكون كبيراً فقد تزيد من معدلات التضخم بنسبة تقترب من 1 في المائة؛ لأن العامل الأبرز المؤثر في أسعار السلع هو سعر صرف العملة الصعبة، وهو مستقر خلال الفترة الحالية، وبالتالي سيكون الارتفاع قليلاً، موضحاً أن معدلات التضخم خلال الأشهر الخمسة الماضية كانت مستمرة في التراجع تدريجياً.

وانخفض التضخم السنوي العام إلى 25.7 في المائة، والأساسي إلى 24.4 في المائة في يوليو (تموز) الماضي، وذلك للشهر الخامس على التوالي.

رغم ذلك، تفاعل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الأمر بالفكاهة والتندر من حالهم، خصوصاً مع مقارنة فواتيرهم بفواتير غيرهم.


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب مصر مع تركيا على علاقتها بقبرص واليونان؟

شمال افريقيا قمة السيسي - إردوغان في أنقرة (الرئاسة المصرية)

هل يؤثر تقارب مصر مع تركيا على علاقتها بقبرص واليونان؟

قال السيسي خلال كلمته بمؤتمر صحافي مع نظيره التركي إن «بلاده تتطلع إلى استمرار التهدئة الحالية في منطقة شرق المتوسط، والبناء عليها، وصولاً إلى تسوية الخلافات».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الصناعة والنقل المصري خلال مباحثات في القاهرة مع وزير المواصلات القطري (مجلس الوزراء المصري)

توافق مصري - قطري على تطوير التعاون في مجالي الصناعة والنقل

توافقت مصر وقطر على «أهمية تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق الفعال بين البلدين في المجالات كافة ومنها مجالا الصناعة والنقل».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أعمال الخيامية من المعروضات في المبادرة (صندوق التنمية بوزارة الثقافة)

«صنايعية مصر»... مبادرة لإنقاذ حرف تراثية من الاندثار

شهدت الدفعة الرابعة من المبادرة التدريب على 5 حرف جديدة هي: فانوس رمضان، والزجاج المنفوخ، والأويما، والجريد، والتلّي، بالإضافة إلى حِرف الخزف، وأشغال النحاس...

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)

الأزهر يدعو لنشر الوعي بشأن مخاطر «تطبيقات المراهنات»

دعا الأزهر إلى نشر الوعي بشأن مخاطر «تطبيقات المراهنات» التي أشار إلى تحريمها باعتبارها من أنواع «القمار».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا طورت الداخلية مراكز الإصلاح والتأهيل في السنوات الماضية (وزارة الداخلية - أرشيفية)

ضبط «تيك توكر» مصري أجرى مشهداً تمثيلياً لـ«مراكز الإصلاح»

أعلنت وزارة الداخلية المصرية ضبط «تيك توكر» وبصحبته 3 آخرين، على خلفية تقديمهم «مشاهد تمثيلية» بوصفهم داخل إحدى غرف «مراكز الإصلاح والتأهيل».

أحمد عدلي (القاهرة)

«الأوروبي» يندد بـ«إجراءات مناهضة للديمقراطية» في تونس

الرئيس التونسي خلال الإدلاء بصوته بالانتخابات المحلية الماضية (أ.ب)
الرئيس التونسي خلال الإدلاء بصوته بالانتخابات المحلية الماضية (أ.ب)
TT

«الأوروبي» يندد بـ«إجراءات مناهضة للديمقراطية» في تونس

الرئيس التونسي خلال الإدلاء بصوته بالانتخابات المحلية الماضية (أ.ب)
الرئيس التونسي خلال الإدلاء بصوته بالانتخابات المحلية الماضية (أ.ب)

ندّد الاتحاد الأوروبي، مساء أمس الخميس، بإجراءات مناهضة للديمقراطية اتخذتها السلطات التونسية أخيراً بتوقيفها مرشحاً للرئاسة، وإقصائها ثلاثة مرشحين آخرين، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت متحدثة باسم الدبلوماسية الأوروبية في بيان إنّ «التطورات الأخيرة تظهر استمرار تقييد الفضاء الديمقراطي» في تونس، مضيفةً أنّ «سيادة القانون، واحترام الفصل بين السلطات هما في صميم القيم الديمقراطية، وكذلك الحقوق الانتخابية، والحق بمحاكمة عادلة».

هيئة الانتخابات في أحد اجتماعاتها التحضيرية للاقتراع المقبل (موقع الهيئة)

وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية، المقرّرة في 6 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، أعرب الاتحاد الأوروبي عن «أسفه» للقرار الذي اتّخذته السلطات الانتخابية، وأدى، وفق بروكسل، إلى «الحدّ من نطاق الخيارات أمام المواطنين التونسيين». وأضاف البيان أنّ هذا القرار «يأتي علاوة على اعتقال شخصيات سياسية في الأسابيع الأخيرة وحبسهم، بما في ذلك بعض المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية».

وأصدر القضاء التونسي، الأربعاء، مذكرة توقيف بحق المرشح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال، بشبهة ضلوعه في «تزوير تواقيع تزكيات». وزمال هو أحد ثلاثة مرشحين تمت المصادقة عليهم في اللائحة النهائية، التي كشفتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتضمّ اللائحة كلاً من الرئيس قيس سعيّد، الذي يسعى لولاية ثانية، وزهير المغزاوي، النائب السابق. واستبعدت الهيئة ثلاثة مرشحين يعدّون الأبرز لمنافسة سعيّد، على الرغم من قرار المحكمة الإدارية إعادتهم للائحة المرشحين.

كانت هذه المحكمة قبلت الأسبوع الماضي طلب الاستئناف المقدم من كل من عبد اللطيف المكي القيادي السابق في «حركة النهضة»، والمنذر الزنايدي الوزير السابق في نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي مستشار الرئيس السابق المنصف المرزوقي، وهو أيضاً مقرب من «حزب النهضة».

المرشح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال (الشرق الأوسط)

جاء هذا التنديد قبل ساعات من إطلاق القضاء التونسي سراح زمال، قبل أن يعيد توقيفه بانتظار محاكمته بتهمة «تزوير تواقيع التزكيات»، حسب ما أفاد أحد محاميه اليوم الجمعة. وقال رئيس هيئة الدفاع، عبد الستار المسعودي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المحكمة الابتدائية في بلدة منوبة، الواقعة في الضواحي الغربية لتونس العاصمة، قررت إطلاق سراحه مؤقتاً بناء على طلب الدفاع. لكن بعيد الإفراج عنه، نقلت وحدة من الشرطة زمال إلى محافظة جندوبة (غرب) «للمثول اليوم الجمعة أمام النيابة في قضية مرتبطة بالتزكيات»، وفقاً للمحامي.

ونظرياً لن يحول الاعتقال دون بقاء زمال مرشحاً للرئاسة، وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2019، تمكن المرشح رجل الأعمال نبيل القروي من الوصول إلى الدورة الثانية، وهو مسجون. ويواجه الرئيس قيس سعيّد، المنتخب ديمقراطياً في 2019 انتقادات شديدة منذ قرر في 25 يوليو 2021 احتكار جميع السلطات في البلاد.

وأُوقف زمال (43 عاماً)، وهو مهندس ورئيس حزب صغير غير معروف، الاثنين، للاشتباه في جمعه «تواقيع تزكيات مزورة». وأول من أمس الأربعاء، عدّت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن «التونسيين على وشك التصويت لانتخاب رئيس مع ازدياد قمع المعارضة، وتكميم وسائل الإعلام، واستمرار الهجمات على استقلالية القضاء». وقالت إنه «ينبغي على هيئة الانتخابات أن تتراجع عن قرارها فوراً، وأن تنفذ حكم المحكمة الإدارية، وأن تضع حداً لتدخلها السياسي في هذه الانتخابات».