رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

زيارة مفاجئة لرئيس الأركان للحدود مع غزة... وانتقادات مباشرة لنتنياهو

رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)
رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)
TT

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)
رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)

انتقادات مباشرة لإسرائيل، تلاها الإعلان عن زيارة مفاجئة لرئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد خليفة، الخميس، للحدود مع قطاع غزة، عدها محللون «رسائل حادة» من القاهرة رداً على تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتمسكه بالبقاء في محور «فيلادلفيا»، واتهاماته للقاهرة بغضها الطرف عن تهريب الأسلحة.

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية السلام» الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979. ومنذ اندلاع حرب غزة بات نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب، خاصة بعد احتلاله من جانب الجيش الإسرائيلي في مايو (أيار) الماضي مع الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

الفريق أحمد خليفة يتفقد إحدى نقاط تأمين خط الحدود الدولية على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي (المتحدث العسكري)

ورداً على تصريحات نتنياهو، نقلت قناة «القاهرة» الإخبارية الخاصة بمصر، الخميس، عن مصدر رفيع المستوى قوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي «لا يهمه عودة المحتجزين الإسرائيليين أحياء طالما ذلك يتعارض مع أهدافه ومصالحه الشخصية، وتصريحاته تفتقد الواقعية ويسعى من خلالها تحميل الدول الأخرى مسؤولية فشله في تحقيق أهدافه في قطاع غزة الذي شهد إبادة جماعية».

وكان هذا التعليق الثاني من نوعه للمصدر المصري، رداً على تصريحات نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا، حيث قال الأربعاء إن تلك التصريحات «رسالة استباقية لواشنطن برفضه أي مقترحات لوقف إطلاق النار بغزة وإجهاض لجهود التهدئة والإفراج عن الأسرى»، متهماً إياه بـ«ترويج أكاذيب عن تهريب سلاح من مصر لتبرير فشله في السيطرة على تهريب السلاح من إسرائيل للقطاع».

وفي «زيارة مفاجئة»، تفقد رئيس أركان الجيش المصري، الفريق أحمد خليفة «الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة»، وفق بيان للمتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ.

شملت الجولة، بحسب البيان، «زيارة القوات المكلفة بتأمين معبر رفح البرى وزيارة خط الحدود الدولية، بمشاركة قائد قوات حرس الحدود ونائب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة وقائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب والقائم بأعمال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية وقائد الجيش الثاني الميداني وقادة القوات الخاصة».

رئيس أركان الجيش المصري يتفقد عدداً من الارتكازات الأمنية بمدينة رفح (المتحدث العسكري)

رئيس الأركان المصري أكد أن «رجال الجيش قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلاً بعد جيل»، داعياً مقاتلي إحدى نقاط خط الحدود الدولية إلى «ضرورة تفهمهم لمهامهم المكلفين بها التي تعتمد على اليقظة العالية والقدرة على التعامل مع جميع المواقف الطارئة»، واستمع إلى «شرح مفصل تضمن أسلوب العمل والتنسيق بين كل التخصصات بما يحقق السيطرة الكاملة على خط الحدود الدولية على مدار الـ24 ساعة».

وكان نتنياهو جدد تصريحاته الأربعاء بشأن تمسّكه بالبقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي، رغم رفض مصري وعربي رسمي، وحديث «هيئة البث الإسرائيلية»، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع، بأنه «تم تبليغ الوسطاء، الأيام الأخيرة، أن إسرائيل توافق على الانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية (من اتفاق الهدنة)».

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، اللواء سمير فرج، أن الزيارة «تستهدف تفقد الحدود والتأكيد على الاستعداد لتنفيذ أي مهمة ورفع الروح المعنوية للمقاتلين بوجود رئيس الأركان وكبار قادة الجيش، وأخيراً رسالة لمن يهمه الأمر أن حدود مصر مؤمنة بالكامل».

فيما ربط المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، بين زيارة رئيس الأركان وتصعيد وتعنت نتنياهو، مؤكداً أن «الجيش المصري له تقييماته بشأن الوضع، ونثق في قدرة مصر على التعامل، خاصة وأن موقفه الرافض لبقاء الجيش الإسرائيلي يتسق مع اتفاقية السلام التي تنص على أن تلك المنطقة منزوعة السلاح».

الفريق خليفة يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي (المتحدث العسكري)

الانتقادات المصرية المباشرة لإسرائيل وزيارة رئيس الأركان للحدود مع غزة تعد «رسائل طمأنة للداخل وردع للخارج»، وفق الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء نصر سالم، في حديث لـ«الشرق الأوسط» الذي أكد أن تصعيد نتنياهو وتمسكه بالبقاء في فيلادلفيا لن يكونا لصالح المنطقة ووجوده يعني أنه «لا اتفاق ولا سلام في غزة».

ويأتي التصعيد المصري الإسرائيلي قبيل مقترح جديد مرتقب من الوسطاء، قالت عنه هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، إنه «على الأرجح سيعلن من قِبل الرئيس بايدن، بحلول الجمعة المقبل».

«حماس» بدورها أعلنت، الخميس، في بيان أن «قرار نتنياهو التوصل لاتفاق بعدم الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) يهدف لإفشال المفاوضات»، مضيفة: «لسنا بحاجة إلى مقترحات جديدة، المطلوب الآن هو الضغط على نتنياهو وحكومته وإلزامهما بما تم التوافق عليه»، في إشارة إلى الاقتراح الذي كان قد تقدّم به الرئيس الأميركي جو بايدن في مايو (أيار)، ووافقت عليه «حماس» في يوليو (تموز)، وينص على 3 مراحل تنتهي بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وباعتقاد الرقب، ليس لدى الأميركان شيء جديد يقدمونه في ظل الحديث عن تخفيف الوجود الإسرائيلي بمحور فيلادلفيا بالمرحلة الأولى من تنفيذ مقترح بايدن، على أن يتم الانسحاب بالمرحلة الثانية، مشيراً إلى أن «حماس» ترفض ذلك، ومن ثمّ لا جديد ينتظر طالما لم يتراجع نتنياهو.

ويرى أن نتنياهو يعوّل على استمرار الحرب لاستمرار بقائه السياسي ووصول حليفه دونالد ترمب، للبيت الأبيض مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية، مستدركاً: «لكنه قد يقبل بتنفيذ المرحلة الأولى المتزامنة مع الانتخابات للتهدئة، على أن يعود للحرب في المرحلة الثانية بعدما أخذ بعضاً من المحتجزين».

فيما حذر فرج من أن «الهدنة في مهب الرياح» وقد تصل إلى «طريق مسدود» إذا استمر نتنياهو على عدم مغادرة محور فيلادلفيا ولم تمارس ضغوط حقيقة عليه من إدارة بايدن.


مقالات ذات صلة

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري يلتقي وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية الاثنين في القاهرة (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - قطري بشأن جهود وقف إطلاق النار في غزة

ناقش وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزيرة الدولة للتعاون الدولي بقطر لولوة بنت راشد، الاثنين، جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري صورة جماعية للمشاركين بـ«قمة السلام» في أكتوبر العام الماضي (رويترز)

تحليل إخباري عام على حرب غزة... تفاعل مصري «نشط ومتوازن»

تفاعلت مصر بـ«نشاط وتوازن» مع تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولعبت دوراً بارزاً في «تحصين الجبهة الفلسطينية»، و«مواجهة مخططات التهجير وتصفية القضية».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

مساعٍ وجولات كثيرة قادها الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر 2023 استمرت أسبوعاً واحداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)

مصر تُصعّد ضد إسرائيل وتحمّلها عواقب «تأزيم الموقف»

أدت تصريحات جديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، إلى رد من القاهرة شمل تحذيراً من تداعيات «التعنت المستمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.