النيابة العامة تأمر بسجن مرشح لـ«رئاسية» تونس

للاشتباه في تزوير تزكيات شعبية تخص الاقتراع المرتقب

المرشح العياشي زمال (الشرق الأوسط)
المرشح العياشي زمال (الشرق الأوسط)
TT

النيابة العامة تأمر بسجن مرشح لـ«رئاسية» تونس

المرشح العياشي زمال (الشرق الأوسط)
المرشح العياشي زمال (الشرق الأوسط)

قال محامي المرشح الرئاسي التونسي، العياشي زمال، إن النيابة العامة في تونس أمرت، اليوم الأربعاء، بإيداع موكله السجن على ذمة المحاكمة، في أحدث تطور يعزز شكوك المعارضة وجماعات حقوقية من أن الانتخابات «ستكون بلا مصداقية وغير نزيهة، وستمهد الطريق لفوز الرئيس الحالي قيس سعيد بولاية ثانية دون عناء»، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء.

الرئيس قيس سعيد المرشح لولاية ثانية (أ.ف.ب)

وقال رمزي جبابلي، مدير الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي، إنه سيحال على المجلس الجناحي للمحكمة الابتدائية غداً الخميس. وجرى إلقاء القبض على زمال يوم الاثنين للاشتباه في تزوير تزكيات شعبية، وهو أحد المرشحين الثلاثة المقبولين في الانتخابات الرئاسية، المتوقعة الشهر المقبل، إلى جانب الرئيس سعيد والسياسي زهير المغزاوي. جاء قرار سجن زمال بعد يومين من تحدي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لقرار المحكمة الإدارية، ورفضها تنفيذ حكم المحكمة بإعادة ثلاثة مرشحين بارزين إلى السباق. وأثار هذا القرار غضباً واسع النطاق بين جماعات حقوقية وأحزاب سياسية، وأساتذة قانون دستوري، قالوا إن القرار «خطوة غير مسبوقة، وتثير الشكوك حول شرعية وقانونية الانتخابات المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

المرشح زهير المغزاوي (الشرق الأوسط)

ومن المقرر أن تبدأ الحملة الانتخابية في 14 سبتمبر (أيلول) الجاري، وسط دعوات بعض المعارضين للمترشحين المنافسين لسعيد للانسحاب من الانتخابات التي وصفوها بالمهزلة. وقالوا إن الهيئة الانتخابية «لم تعد مستقلة، وأصبح هدفها الوحيد ضمان إعادة انتخاب سعيد لولاية ثانية». لكن هيئة الانتخابات نفت هذه الاتهامات، وقالت إنها تطبق القانون ومحايدة. وانتخب سعيد ديمقراطياً في عام 2019، ثم شدد قبضته لاحقاً على جميع السلطات في عام 2021، في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب. فيما شدد الرئيس سعيد العام الماضي على أنه لن يسلم البلاد إلى «غير الوطنيين». والعياشي زمال ناشط سياسي، ورئيس حركة عازمون ورجل أعمال. وكان نائباً في البرلمان الذي أطاح به الرئيس الحالي في 2021، قبل أن يوسع من صلاحياته بشكل كبير في دستور جديد. في غضون ذلك، تشهد تونس حالياً حالة من التوتر بسبب استبعاد هيئة الانتخابات ثلاثة مرشحين، رغم صدور قرار من المحكمة الإدارية بتثبيتهم بعد قبول الطعون التي تقدموا بها. وأرجعت الهيئة قرارها إلى عدم تلقيها الأحكام التي صدرت عن المحكمة الإدارية في الآجال القانونية المحددة بـ48 ساعة.

وحذرت منظمات حقوقية في تونس من مخاطر عدم تطبيق قرارات المحكمة الإدارية بخصوص النزاعات المرتبطة بالترشح إلى الانتخابات الرئاسية، و«الانزلاق إلى عمليات تدليس متعمدة». ودعت 26 منظمة حقوقية، من بينها «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، و«محامون بلا حدود»، و«المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، إلى تطبيق قرارات المحكمة بإعادة ثلاثة مرشحين إلى السباق الرئاسي.

تونسيون يتظاهرون للمطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الإدارية إعادة 3 مرشحين للسباق الانتخابي (رويترز)

وأمس الثلاثاء، ندد «الاتحاد العام التونسي للشغل» بـ«تجاوز خطير» للقانون بعد إقصاء المرشحين الثلاثة للرئاسة، يُنظر إليهم على أنهم منافسون جديون رغم صدور حكم قضائي بإعادتهم إلى السباق، قبل الانتخابات المقبلة.

ووصف «الاتحاد» القرار بـ«تجاوز خطير للقانون وتكريس لقرار سياسي». مؤكداً في بيان رفضه «لهذا القرار الخارج على القانون، واعتباره توجيهاً ممنهجاً ومنحازاً وإقصائياً وتأثيراً مسبقاً على النتائج»، مضيفاً أنه «ضرب صارخ للسلطة القضائية ولأحكامها». كما اعتبر «الاتحاد» القرار «تأكيداً على غياب المناخ الملائم، والشروط الضرورية لانتخابات ديمقراطية وتعدّدية وشفّافة ونزيهة».


مقالات ذات صلة

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
أفريقيا الرئيس المؤقت نانجولو مبومبا يدلي بصوته (رويترز)

بعد وفاة حاكمها منذ الاستقلال... ناميبيا تصوّت لاختيار رئيس جديد

يتوجه قرابة مليون ونصف المليون ناخب في دولة ناميبيا إلى صناديق الاقتراع للتصويت على رئيس جديد للبلد الواقع في أقصى جنوب القارة الأفريقية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.