البرهان إلى بكين للمشاركة في القمة الأفريقية الصينية

خبراء: هل يلعب قائد الجيش السوداني ورقة الشرق مقابل الغرب؟

عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)
TT

البرهان إلى بكين للمشاركة في القمة الأفريقية الصينية

عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)

يترأس رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وفد السودان المشارك في «قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي»، المنتظر عقدها في بكين، ابتداء من الأربعاء وحتى الجمعة.

وتأتي الزيارة في وقت تحاول فيه الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، لعب «ورقة» الاتجاه شرقاً إزاء ما تسميه «كسر العزلة الغربية المفروضة عليها».

وقال «مجلس السيادة الانتقالي»، في نشرة صحافية، إن البرهان سيترأس وفد السودان المشارك في قمة «فوكاك»، ويشارك فيها عدد من القادة الأفارقة، بجانب منظمات دولية وإقليمية والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

أفراد من حرس الشرف الصيني في استقبال المشاركين في القمة (أ.ب)

وأعلن في بيان، الثلاثاء، أن رئيسه سيجري مباحثات ثنائية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، تتناول «تعزيز آفاق التعاون المشترك وإيجاد شراكات استراتيجية بين البلدين في المجالات كافة».

وينتظر أن يوقع الطرفان الصيني والسوداني على عدد من الاتفاقيات التي لم يكشف عن تفاصيلها، إلى جانب لقاءات سيعقدها البرهان مع عدد من رؤساء الوفود.

وتسعى الصين إلى تعميق التكامل الاقتصادي مع الدول الأفريقية، عبر «مبادرة الحزام والطريق».

وينعقد المنتدى تحت عنوان «التكاتف من أجل تعزيز التحديث وبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وأفريقيا»، وينتظر أن يبحث فرص التعاون في مجالات الحوكمة والتصنيع والتحديث الزراعي والسلام والأمن، بجانب التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وزادت الاستثمارات الصينية في البني التحتية الأفريقية في الأعوام الأخيرة، وتعززت التجارة البينية لا سيما في مجالات الطاقة والتعدين، بحجم تبادل بلغ، العام الماضي وحده، 282 مليار دولار أميركي.

ووفقاً لإعلام «مجلس السيادة الانتقالي»، فإن القمة ستعتمد وثيقتين ختاميتين؛ إحداهما إعلان، والأخرى خطة عمل، لبناء التوافق ورسم مسار لتنفيذ التعاون الصيني الأفريقي للأعوام الثلاثة المقبلة.

البرهان مع مستقبليه الصينيين في مطار بكين (رويترز)

وقال الخبير في العلاقات الصينية - السودانية محمد عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، إن أنظار السودان تتجه للصين للحصول على تمويل وقروض، بجانب الحصول على دعم عسكري ودبلوماسي «شرقي»؛ لمواجهة «قوات الدعم السريع».

وأوضح عبد العزيز أن الملفات السودانية مع الصين ظلت تشهد تعثراً منذ حكم الرئيس عمر البشير، لا سيما الخلافات بين البلدين حول تسديد الديون المترتبة على السودان، والتي ترى الصين أنها تبلغ نحو 10 مليارات دولار أميركي.

وقال عبد العزيز إن الحكومات السودانية ظلت تتذرع بأن الأرقام الصينية لحجم الديون ليست دقيقة، وفي الوقت ذاته «تتهرب» من الجلوس مع الصين للوصول لحل للمشكلة... ويتابع: «كان من المفروض أن يجلسا مع بعضهما لحسم خلاف التقديرات».

وأدى تراجع إنتاج النفط السوداني بعد 25 عاماً من الإنتاج، لا سيما بعد انفصال جنوب السودان، إلى تراجع العلاقات الصينية - السودانية، وقال عبد العزيز: «كان من المفروض أن تجري معالجات فنية لزيادة الإنتاج والتوسع في الاستكشافات الجديدة، لكن الشركات الصينية رأت أنها عمليات مكلفة وغير ذات جدوى».

ورأى عبد العزيز إنهاء اتفاقيات النفط بين البلدين، من قبل السودان، «واحداً من تعقيدات علاقة البلدين الحالية»، وقال: «استثمرت الصين في إنتاج النفط السوداني بنظام (البوت)، وبانتهاء أجله، رفضت الحكومة السودانية تجديده، واستعادت حقول النفط ومنشآته كاملة، بينما كانت الصين تأمل في التجديد».

وتابع: «منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، لم تهتم الحكومات السودانية بالعلاقات السودانية - الصينية»، واستبعد حصول السودان على قروض أو أسلحة صينية لا تملك الحكومة تقديم ضمانات سداد لها، واستطرد: «كانت الصين تمنح السودان القروض بضمان النفط، والآن لم يعد للنفط السوداني ذلك البريق، لذلك قد تجدد الصين طلبها في الحصول على (أصول سودانية)».

البرهان في بكين (إ.ب.أ)

وتساءل عبد العزيز: «ما المقابل الذي يمكن أن يقدمه السودان للحصول على مطالبه؟»، وقال: «أما إذا وافقت الحكومة على تمليك أصول سودانية للصين فقد تنجح الزيارة».

وكان عضو «مجلس السيادة» مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا، قد ذكر في مايو (أيار) الماضي، أن حكومته لا تمانع في إعطاء أي دولة قاعدة عسكرية على البحر الأحمر مقابل إمدادها بالذخائر والسلاح.


مقالات ذات صلة

منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع «تاريخية» في السودان

شمال افريقيا أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان في 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع «تاريخية» في السودان

حذّرت 3 منظمات إغاثة كبرى تعمل في السودان، الثلاثاء، من أزمة جوع ذات مستويات «تاريخية» تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)

تشييع جنازة باحثة مصرية توفيت في فرنسا وسط «ملابسات غامضة»

ريم مع شقيقها (حسابه على فيسبوك)
ريم مع شقيقها (حسابه على فيسبوك)
TT

تشييع جنازة باحثة مصرية توفيت في فرنسا وسط «ملابسات غامضة»

ريم مع شقيقها (حسابه على فيسبوك)
ريم مع شقيقها (حسابه على فيسبوك)

شُيعت في العاصمة المصرية، القاهرة، الثلاثاء، جنازة الباحثة المصرية ريم حامد، التي تُوفيت في باريس الشهر الماضي، وسط «ملابسات غامضة»، في ظل تدوينات سابقة للراحلة تتحدث فيها عن «مضايقات عنصرية ومراقبة».

وما زالت الواقعة قيد التحقيق من النيابة الفرنسية، التي تتكتم عن التفاصيل بعدما صدرت شهادة الوفاة الخاصة بالباحثة المصرية من دون «تحديد السبب»، عقب انتهاء إجراءات تشريح الجثمان.

وخرجت جنازة ريم من مسجد «فاطمة الشربتلي» بضاحية «التجمع الخامس»، بحضور عدد من أصدقائها وأقاربها، ووُري جثمان الباحثة المصرية الثرى بمقابر العائلة عقب وصوله من باريس بناءً على طلب عائلتها من السفارة المصرية.

وريم حامد، التي تُوفيت في 22 أغسطس (آب) الماضي، عن عمر يناهز 29 عاماً، كانت تعيش في فرنسا، حيث تعدُّ رسالة الدكتوراه الخاصة بها في جامعة «باريس ساكلاي». وقبل أسابيع من الوفاة تحدثت عبر عدة تدوينات من خلال حسابها بموقع «فيسبوك» عن شعورها بأنها «مراقبة»، بالإضافة إلى شكواها من مضايقات الجيران.

وقال رئيس الجالية المصرية بفرنسا صالح فرهود لـ«الشرق الأوسط»، إن «الواقعة لا تزال قيد التحقيق من النيابة الفرنسية التي تتكتم على التفاصيل بعدما صدرت شهادة الوفاة الخاصة بالباحثة المصرية من دون تحديد سبب الوفاة، عقب انتهاء إجراءات التشريح، التي تسببت بتأخير وصول الجثمان إلى القاهرة»، مشيراً إلى أن «القنصلية المصرية تتابع في الوقت الحالي تفاصيل التحقيقات لمعرفة النتائج التي سيجري التوصل إليها».

وأضاف أن «التحقيقات الجارية تشمل الاستماع إلى أقوال زملاء ريم في السكن والجامعة، بالإضافة إلى التحقيق فيما ذكرته عبر حساباتها بمواقع التواصل قبل رحيلها»، مؤكداً أن «هذا الأمر ليس هناك وقت محدد للانتهاء منه».

كان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي وجه القنصلية العامة في باريس بمتابعة إجراءات وسير التحقيقات عن كثب مع السلطات الفرنسية، والوقوف على تقرير جهات الاختصاص الفرنسية لمعرفة أسباب الوفاة، حسب بيان سابق للوزارة.

وبينما أثير جدل حول ملابسات الوفاة واتهامات بأن الحادث «جنائي»، أكد شقيقها نادر في تدوينة سابقة عبر حسابه على «فيسبوك» بأنه أمر «لا يوجد دليل عليه».

بينما قالت الأستاذ بالمركز القومي للبحوث في مصر، الدكتورة أمل أمين، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تابعت منشورات الراحلة بحكم صداقتهما الافتراضية عبر «فيسبوك»، معتبرة أن التدوينات التي كتبتها عن المراقبة والتتبع حتى لو كان بها شيء من الصحة فإنها تعبر عن «حالة نفسية صعبة».

وأضافت أنها «نصحتها بالتوقف عن الكتابة واتخاذ إجراءات قانونية حال تعرضها لمشكلة، أو العودة إلى مصر حال تعذر تأقلمها مع الظروف»، واصفة الردود التي تلقتها منها بـ«المهتزة» و«غير المقنعة».

وتعمل ريم في مجال «الجينوم»، تحديداً على فهم كيفية تنظيم التعبير الجيني، وكيف يؤثر التنظيم الجيني على أنماط التعبير الجيني في الخلايا التي يتم جمعها من مواقع تشريحية مختلفة.

وتعبر الأستاذة بالمركز القومي للبحوث عن عدم اقتناعها بنظرية «المؤامرة»، وتعرض الباحثة المصرية للقتل، باعتبارها لا تزال طالبة في مرحلة الدكتوراه وتعمل ضمن فريق علمي، خصوصاً أنها لا تزال في بداية مشوارها العلمي مستبعدة أن تكون وفاتها بسبب دراستها العلمية.