تمهيداً، على ما يبدو، للإعلان عن «اتفاق جزئي» لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي، واصلت الأمم المتحدة رعايتها لمشاورات استمرت لليوم الثاني على التوالي في العاصمة طرابلس، بين ممثلي الأطراف الليبية المعنية.
وأبلغ المكتب الإعلامي للبعثة الأممية وسائل إعلام محلية، استئناف المحادثات المغلقة، بعد عصر الثلاثاء في طرابلس، من دون الكشف عن أي تفاصيل إضافية.
وكانت البعثة الأممية قد أعلنت أن المحادثات المنفصلة التي عُقدت في إطار جهودها بين ممثلي مجلسي النواب و«الدولة» من جهة، والمجلس الرئاسي من جهة أخرى، شهدت اتفاق ممثلي مجلسَي النواب و«الدولة» على رفع ما توافقا عليه إلى المجلسين للتشاور، على أن يتم استكمال المشاورات، الثلاثاء، بهدف التوقيع النهائي على الاتفاق.
وقالت البعثة، في بيان لها بساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، إن المشاورات التي استمرت من الصباح إلى ساعة متأخرة من ليل الاثنين، تميزت بالصراحة، حيث حقّق المشاركون تفاهمات هامة بشأن سبل حل الأزمة المحيطة بالمصرف، وإعادة ثقة الليبيين والشركاء الدوليين في هذه المؤسسة الحيوية.
ونصّت مسودة للاتفاق بين ممثّلي مجلسي النواب و«الدولة»، نشرتها وسائل إعلام محلية، على أن يتم تسيير إدارة المصرف بلجنة مؤقتة من 3 أشخاص، برئاسة نائب المحافظ مرعي البرعصي، على أن يتوافق مجلسا النواب و«الدولة» خلال شهر على تعيين المحافظ الجديد، مشيرةً إلى أنه في حالة عدم التوافق يتم التمديد للجنة المؤقتة لمدة شهر إضافي.
بدوره، حمّل المصرف المركزي، برئاسة محافظه المعزول الصديق الكبير، المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس، مسؤوليةَ إيقاف البنوك الدولية تعامُلها مع المصرف؛ لما وصفه بقرارات «(الرئاسي) غير القانونية، وما نتج عنها من آثار سلبية طالت سلامة المصرف، وموظفيه وأنظمته وسمعته».
وحذّر من أن هذه الممارسات ستؤدي إلى المزيد من ردود الأفعال السلبية من قِبل المؤسسات المالية الدولية، النابعة من رفضهم التعامل مع جهات منتحلة الصفة.
من جهتها لفتت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان لها الثلاثاء، إلى تَنامي القلق حيال أزمة مصرف ليبيا المركزي، بما في ذلك من مؤسسات مالية عالمية، وعَدّت أن ما اتُّخِذ من إجراء مؤخراً يعقّد بشدة علاقات ليبيا مع المصارف العالمية، وحثّت الأطراف الليبية على العمل جدياً مع البعثة الأممية؛ للاتفاق سريعاً على عملية سياسية، تضمن قيادة فاعلة وشفافة للمصرف.
وقال محمد تكالة، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة الذي يرفض الاعتراف برئاسة غريمه خالد المشري للمجلس، إنه بحث، الثلاثاء، في طرابلس مع مارتن لونغدن سفير بريطانيا، آخر المستجدات السياسية.
وتجاهل الدبيبة هذه التطورات، لكنه تعهّد في كلمة ألقاها، الثلاثاء، بطرابلس، خلال ورشة عمل لقوة التدخل والسيطرة بالوصول بالشعب الليبي إلى ما يستحقه مهما تعالت الأمواج، على حد قوله، مشيراً إلى أن استعادة المقارّ التي كانت تشغلها جماعات مسلحة إلى المؤسسات الحكومية الرسمية «خطوة مهمة نحو صناعة صورة مشرقة ومشرفة للمدينة»، ومؤكداً أن أساس التنمية هو الاستقرار الأمني.
كما شدّد الدبيبة على ضرورة الحفاظ على نسيج المجتمع والأمن والاستقرار فيه، بدعم وتوسيع الترتيبات الأمنية، وترسيخ هيبة الدولة ومؤسساتها، على الرغم مما يحاك من مؤامرات وخروقات أمنية.
من جهة أخرى، نفى المجلس الرئاسي صحة بيان وصفه بـ«المزور»، تم تداوله مساء الاثنين، بشأن استقالة رئيسه محمد المنفي من منصبه، لافتاً إلى أن المنفي وصل اليوم للعاصمة الصينية بكين، تلبيةً لدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ، للمشاركة في أعمال القمة الصينية - الأفريقية، حيث سيجتمع مع القادة والزعماء المشاركين فيها.
واستغل عبد الله اللافي، نائب المنفي، اجتماعه، الثلاثاء، بسفير فرنسا مصطفى مهراج؛ للتأكيد على ضرورة التوصل إلى حلول توافقية، تضمن تحقيق السلام الدائم في البلاد، وأدرج الاجتماع في سياق التحركات الدبلوماسية التي يقوم بها المجلس الرئاسي لدعم الحوار الوطني الشامل، برعاية الأمم المتحدة، بما يضمن التوصل إلى اتفاق يحقّق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والتنمية.
في غضون ذلك، قال السفير الروسي، أيدار أغانين، إنه ناقش مساء الاثنين، مع نظيره التركي غوفين بيجيتش الوضع الراهن للعملية السياسية في ليبيا، مع التركيز على الحاجة إلى حل مستدام للأزمة الليبية، على أساس توحيد جميع الأطراف الليبية، وما وصفه بالحوار الوطني الجدّي.
إلى ذلك، نعت رئاسة القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، الرائد عبد الرحمن ميلاد، المعروف بـ«البيدجا»، المسؤول السابق في خفر السواحل، الذي شُيِّعت جنازته في طرابلس، بعدما اغتيل الأحد على يد مسلحين مجهولين في كمين بمنطقة الصياد غرب طرابلس، قرب قاعدة جنزور البحرية التي كان يتولى قيادتها.
وشارك رئيس مجلس الدولة خالد المشري، وعضو المجلس الرئاسي؛ اللافي، في مراسم تشييع الجنازة التي أُقيمت بمقر الأكاديمية البحرية في جنزور.