«مشادات» بين الجزائر ومالي في أجهزة الأمم المتحدة

بعد الهجوم على معاقل الطوارق في المنطقة الحدودية

صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)
TT

«مشادات» بين الجزائر ومالي في أجهزة الأمم المتحدة

صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)

اشتد الخلاف بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي، على خلفية هجوم عسكري شنه الجيش المالي في 25 من شهر أغسطس (آب) المنقضي على مواقع متمردين من الطوارق بالحدود مع الجزائر.

وكانت علاقة البلدين شهدت مطلع العام تدهوراً إثر إعلان السلطة العسكرية في باماكو رفضها الوساطة الجزائرية بين طرفي الصراع، بزعم أن الجزائريين «منحازون» للمعارضة الطرقية التي تبحث عن إقامة دولة في شمال البلاد. وصدر ذلك كرد فعل على استقبال الرئيس الجزائري ممثلين عن المعارضة، وخصوصاً رجل الدين محمود ديكو المعروف بحدة خطابه تجاه الحكومة.

سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع (الخارجية الجزائرية)

وامتد الخلاف إلى الأمم المتحدة، حيث وقعت ملاسنة بين ممثلي البلدين في جلسة نقاش بمناسبة الذكرى الـ75 لاتفاقيات جنيف حول النزاعات المسلحة، نظمت بجنيف نهاية الشهر المنقضي. ووفق ما نقلته صحف ومواقع إخبارية، الاثنين، فقد دافع ممثل الجزائر بمكتب الأمم المتحدة بجنيف رشيد بلادهان عن موقف زميله السفير بنيويورك عمار بن جامع، حينما طالب الأسبوع الماضي من مجلس الأمن بإصدار عقوبات ضد باماكو بعد هجومها على تجمع سكني بالمدينة الحدودية تين زاواتين يوم 25 من الشهر الماضي، مخلفا 21 قتيلا مدنياً من بينهم 11 طفلا، حسب بيانات لتنظيمات المعارضة المالية.

سفير مالي لدى الأمم المتحدة عيسى كونوفورو (مواقع إخبارية مالية)

ورد سفير مالي يومها عيسى كونوفورو على عمار بن جامع بأن جيش بلاده «استهدف سيارات تابعة لإرهابيين، كانت تنقل شحنة سلاح»، في إشارة إلى مسلحين معارضين طوارق. مؤكداً أنه «لم يستعمل في هجومه مسيَرات، بعكس ما يقوله ممثل الجزائر». وبحسب تنظيمات المعارضة، فقد ضربت القوات المسلحة صيدلية بتين زاواتين، وأن كل القتلى مدنيون جرى نقلهم إلى مستشفى المدينة داخل الأراضي الجزائرية.

وقال السفير بلادهان إن تصريحات بن جامع «تهدف إلى تسليط الضوء على دور الجزائر تجاه جيرانها وأشقائها في مالي، فلم يكن أبداً لها أي نية لإلحاق ضرر بدولة مالي»، مشدداً على «ضرورة التمييز بين الأعمال الإرهابية وأعمال المقاومة المشروعة»، يقصد أن عناصر «أزواد» الطوارق ليسوا إرهابيين في نظر الجزائر. وأضاف: «كان التصريح واضحاً للغاية (كلام السفير بن جامع)، فقد ركز على أنه لا أحد يجب أن يشك في التعريف الدولي للإرهاب... والجزائر لديها تجربة في مكافحة الإرهاب، ولم تشجع هذه الآفة تحت أي ظرف».

أرشيفية لعنصرين من «فاغنر» في مالي (متداولة)

وتابع: «أود أن أشير إلى أن الجزائر دائماً ما كانت تبحث عما يحفظ مصالح مالي وشعبها... نحن لا نتدخل في عملية اتخاذ القرار في مالي، ولا في الخيارات التي يتخذها جيراننا الأعزاء في هذا البلد». وكان بن جامع عبَر عن قلق الجزائر من «انتشار الجيوش الخاصة في المنطقة»، في إشارة إلى مجموعات «فاغنر» الروسية المتحالفة مع باماكو ضد خصومها المعارضين.

وكان السفير المالي خاطب نظيره الجزائري بنبرة اتهام، عادّاً حديثه عن وقوع قتلى مدنيين في تين زاواتين «لا أساس له»، وبأنه «نقل معلومات صحافية خاطئة وروَج لدعاية الإرهابيين في منطقتنا». وقالت مواقع إخبارية إن العملية العسكرية استعملت فيها مسيرات تركية.

ودعا الدبلوماسي المالي إلى «تبني موقف أكثر بنَاء واحتراماً تجاه مالي وشعبها، بما يتماشى مع العلاقات التاريخية الطيبة من حسن الجوار والأخوة، والتعاون، والصداقة القائمة بين مالي والجزائر».

طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

وعرفت علاقة الجزائر بالسلطات في باماكو توتراً لافتاً إثر هجوم عسكري على مدينة كيدال في الشمال، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي نقطة تمركز المعارضة قرب الحدود مع الجزائر. وتم ذلك بدعم معلن من «فاغنر» التي مكنت باماكو من مدينة استراتيجية. وبدأ الخلاف مطلع العام الحالي، لما أعلن الحاكم العسكري العقيد عاصيمي غويتا إلغاء «اتفاق السلام» مع المعارضة، الموقع في 2015 بالجزائر، ودعا الجارة الشمالية إلى «التوقف عن التدخل في شؤون مالي الداخلية وعن تقديم الدعم للإرهابيين».


مقالات ذات صلة

الجزائر تعلن تفكيك «شبكة تجسس» تضم مواطنين ومغاربة

شمال افريقيا من أحد مداخل مدينة تلمسان (مواقع التواصل)

الجزائر تعلن تفكيك «شبكة تجسس» تضم مواطنين ومغاربة

قطعت الجزائر علاقاتها مع الرباط في أغسطس (آب) 202، منددة بسلسلة «أفعال عدائية» من جانب جارتها التي اعتبرت أن هذا القرار «غير مبرر»، ورفضت الاتهامات الجزائرية...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

تجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ليبيا: الدبيبة لاحتواء تحشيدات ميليشيات الزاوية بعد اغتيال «البيدجا»

صورة أرشيفية للدبيبة مع «البيدجا» مسؤول «الأكاديمية البحرية» في جنزور
صورة أرشيفية للدبيبة مع «البيدجا» مسؤول «الأكاديمية البحرية» في جنزور
TT

ليبيا: الدبيبة لاحتواء تحشيدات ميليشيات الزاوية بعد اغتيال «البيدجا»

صورة أرشيفية للدبيبة مع «البيدجا» مسؤول «الأكاديمية البحرية» في جنزور
صورة أرشيفية للدبيبة مع «البيدجا» مسؤول «الأكاديمية البحرية» في جنزور

وسط توتر أمني مفاجئ، طالب عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، بالتحقيق في ملابسات اغتيال آمر «معسكر الأكاديمية البحرية»، الرائد عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم «البيدجا»، المُعاقب دولياً، في محاولة لاحتواء غضب الميليشيات المسلحة بمدينة الزاوية، غرب العاصمة طرابلس، التي بدأت حشد عناصرها وآلياتها بالمدينة.

وأطلقت عناصر مسلحة النار على «البيدجا»، مساء الأحد، أمام مقر أكاديمية الدراسات البحرية في جنزور، وأكّدت مصادر طبية بمستشفى الزاوية وصول جثة «البيدجا» بعد استهدافه، كما أظهرت لقطات مصوّرة سقوطه مضرجاً في دمائه داخل سيارته.

وعلى الفور بدأت مجموعات مسلحة، من بينها عناصر تابعة لـ«الكتيبة 103 مشاة»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة»، بإمرة عُثمان اللهب، في التوجه من الزاوية نحو منطقة صياد، وأغلقت الطريق الساحلي الرابط بين الزاوية وطرابلس.

https://x.com/Dabaibahamid/status/1830555674893250650

وأعلن الدبيبة الذي نعى ميلاد، أنه تابَع «بكل أسى تفاصيل العملية الآثمة التي طالت البيدجا في جنزور»، لافتاً، في بيان عبر منصة «إكس»، إلى أنه كلّف وزارة الداخلية والأجهزة المختصة بفتح تحقيق عاجل في واقعة استهدافه.

كما نعى عبد الله اللافي عضو «المجلس الرئاسي»، وخالد المشري رئيس «مجلس الدولة»، «البيدجا»؛ حيث طالب الأخير النائبَ العام والجهات المختصة بالكشف عن المتورطين في اغتياله، وتقديمهم للعدالة.

ورصدت وسائل إعلام محلية أرتالاً مسلحة وتحشيدات عسكرية في مداخل ومخارج الزاوية بعد اغتيال «البيدجا»، ما دفع المجموعات المسـلحة بمدينة الزاوية لإعلان النفير.

وفي شأن مختلف، امتنع «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، ومجلس النواب، عن التعليق على معلومات باستمرار توقف صادرات النفط في الموانئ الرئيسية الليبية، الاثنين.

وأدّت الخطوة إلى تقليص إنتاج النفط في جميع أنحاء البلاد، على خلفية الأزمة المتعلقة بالسيطرة على البنك المركزي والإيرادات النفطية، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» عن 6 مهندسين، لفتوا إلى أن بعض الإنتاج يتم زيادته لتلبية احتياجات توليد الطاقة المحلية، بينما استمرت الصادرات في التوقف عند موانئ السدرة ورأس لانوف وهرقلة والزويتينة وبنغازي وسرت.

وتراجع إنتاج النفط في ليبيا بأكثر من النصف عن المستويات المعتادة منذ بدء الأزمة الشهر الماضي، عندما أعلن «المجلس الرئاسي» استبدال المحافظ الصادق الكبير بمجلس منافس.

وطلبت «شركة الخليج العربي للنفط»، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، من المهندسين، زيادة الإنتاج في حقولها لتلبية احتياجات محطة توليد الطاقة في ميناء هرقلة.

إلى ذلك، أكّد وزير الداخلية المكلّف عماد الطرابلسي، خلال اجتماع موسّع ترأّسه، مساء الأحد، بحضور مديري الأمن بالمنطقة الغربية، وأعضاء لجنة معالجة أزمة الوقود والغاز، أن تهريب الوقود يُعدّ السبب الرئيسي لأزمة الوقود الحالية، وأن المناطق غرب طرابلس تستهلك مليوني لتر من الوقود يومياً، مشدداً على أن عمل الوزارة في هذه المرحلة يركّز على الجانب الأمني، داعياً إلى تضافر الجهود لمعالجة الاختناقات التي تمسّ حياة المواطنين.

وأوضح أنه أصدر تعليمات واضحة لمديري الأمن، لتأمين محطات الوقود، والإشراف المباشر على عملية التوزيع، مشيراً إلى مدّ مديريات الأمن في المنطقة الغربية بالدعم اللازم.

ولفت إلى مساهمة الشرطة في ضمان وصول الوقود إلى المواطنين، وبينما أكّد أن المنطقة الغربية تعاني من عمليات تهريب الوقود التي تؤثر على الإمدادات، أصدر توجيهات بمنع بيع براميل الوقود على الطرقات العامة، وحمّل مديري الأمن مسؤولية ذلك.

اجتماع حماد مع رئيس وأعضاء بلدية ترهونة (الحكومة الليبية المكلَّفة من مجلس النواب)

من جهة أخرى، قال رئيس حكومة «الاستقرار» أسامة حماد، إنه أصدر، عقب اجتماعه الاثنين مع عميد وأعضاء بلدية ترهونة، توجيهاته العاجلة لوزارة الحكم المحلي «بحل جميع المختنقات، وتوفير المتطلبات، وصرف المرتبات المتأخرة للمجلس البلدي، وتخصيص وتسييل المبالغ المالية اللازمة لذلك».

بدورها، حذّرت وزارة الموارد المائية في حكومة «الاستقرار»، جميع المواطنين وسكان المناطق القريبة من السدود والأودية، من الوجود في مجاري الأودية والسدود، كما حذّرت من الأماكن المنخفضة وحوافّ الأودية، مشدّدة على ضرورة متابعة نشرات الأرصاد الجوية، وما يصدر عن وزارة الموارد المائية من تعليمات.