الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

صحف قالت إن الاعتداء تم بمسيرات تركية الصنع ودعم فني من «فاغنر»

طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)
طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)
TT

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)
طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر، الأحد الماضي، والذي خلف مقتل 21 مدنياً، من بينهم 11 طفلاً، حسب بيانات لتنظيمات المعارضة المسلحة المتحصنة في مدن بشمال البلاد، على تخوم الحدود الجزائرية.

آثار قصف معاقل الطوارق عند الحدود الجزائرية (موقع خبير عسكري)

ونشرت الحكومة الجزائرية، أمس (الخميس)، فيديو لسفيرها بـ«الأمم المتحدة» عمار بن جامع، وهو يتحدث عن الهجوم خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي نظّمت الاثنين الماضي، بمناسبة الذكرى 75 لاتفاقيات جنيف حول النزاعات المسلحة. ونقل بن جامع في تدخله انزعاج بلاده من «الجيوش الخاصة التي تلجأ إليها بعض الدول، من دون حسيب». في إشارة ضمناً، إلى مجموعات «فاغنر» الروسية، التي تحالفت مع السلطة العسكرية في باماكو، في هجومها على معاقل «أزواد» الطرقية.

الجيش المالي أثناء عملية ضد الجماعات المتطرفة على الحدود مع الجزائر (موقع مالي ويب)

ووفق بن جامع، فإن «أولئك الذين دعموا، أو ضغطوا على الزر، لإطلاق هذا الهجوم لم يتعرضوا للمساءلة من أي جهة». ولهذا السبب، قال إن الجزائر «تطالب بفرض عقوبات على مرتكبي هذه الانتهاكات». مضيفاً أنه «في مجلس الأمن والجمعية العامة حاولنا وسنحاول التوصل إلى صيغة تقود إلى فرض عقوبات على مثل هذه الأعمال، التي تنتهك القانون الإنساني».

وجاء في تقارير صحافية جزائرية، استناداً إلى «معطيات أمنية»، أن هجوم الجيش المالي تم بمسيرات تركية الصنع، وبدعم فني من «فاغنر»، التي بات انتشارها في المنطقة مصدر قلق كبيراً للجزائر، التي ترى أنها «تتعرض لمؤامرة تقودها دول بعيدة عن المنطقة».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

وتتم الإشارة إلى هذه «المؤامرة» بشكل مركز في حملة انتخابات الرئاسة، المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك منذ بدايتها في 15 من الشهر الحالي. وجاء التحذير منها على لسان الرئيس المترشح عبد المجيد تبون، وجميع قادة الأحزاب المؤيدين لترشحه. كما ذكرها المرشحان الآخران، الإسلامي عبد العالي حساني، واليساري يوسف أوشيش.

وكان ما يسمى «الإطار الاستراتيجي الدائم»، وهو تحالف من الحركات السياسية والعسكرية المعارضة في شمال مالي، قد اتهم «الجيش النظامي التابع للجنرالات (في باماكو)، ومرتزقة (فاغنر) الروس، بتنفيذ عدة ضربات بطائرات من دون طيار من بوركينا فاسو إلى تين زاواتين، على بعد أمتار قليلة من الأراضي الجزائرية». وتقع بلدة تين زاواتين الجزائرية على الحدود مع مالي، ويتردد عليها الطوارق الذين يعيشون في مالي حتى من دول مجاورة، بغرض التجارة عادة. وقد استقبل مستشفى البلدة كثيراً من الجرحى، الذين خلّفهم هجوم الأحد الماضي.

وزير خارجية الجزائر في لقاء سابق مع رئيس السلطة الانتقالية في مالي (الخارجية الجزائرية)

والثلاثاء الماضي، أعلن الجيش المالي أنه نفّذ طلعات جوية وقصفاً لمنطقة في أقصى شمال شرقي البلاد، على الحدود مع الجزائر، أسفرت عن مقتل نحو 20 ممن وصفهم بـ«المسلحين الإرهابيين». موضحاً أن «مهمة استطلاع هجومية أتاحت رصد وتحديد هوية شاحنات صغيرة محملة بالعتاد الحربي، ومتمركزة بعناية في باحة عقار بتينزواتين». وقال إنه «بعد مراقبة دقيقة، تمكنت سلسلة ضربات من تدمير هذه الأهداف الإرهابية، وتحييد نحو 20 مسلحاً».

مسلّحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

وتدهورت علاقة الجزائر بالسلطات في باماكو، منذ أن هاجم رئيس «السلطة الانتقالية»، العقيد عاصيمي غويتا، مدينة كيدال في الشمال، وهي نقطة تمركز المعارضة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتم ذلك بدعم معلن من «فاغنر». وزاد الخلاف تصعيداً مطلع العام الحالي، لما أعلن غويتا إلغاء «اتفاق السلام» مع المعارضة، الموقع في 2015 بالجزائر، ودعا الجارة الشمالية إلى «التوقف عن التدخل في شؤون مالي الداخلية». وعدّت الجزائر لغة التهديد من جانب باماكو تغيراً لافتاً في موازين القوى في جنوب الصحراء، وأن «خطة يجري تنفيذها في الساحل لتحييد دورها، كطرف فاعل بالمنطقة».


مقالات ذات صلة

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي يُبقي على وزراء الحقائب السيادية والمقربين من تبون

ذكرت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن رئيس الوزراء محمد النذير العرباوي قدّم، اليوم الاثنين، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.