الأزمة الليبية توقف إنتاج نحو 700 ألف برميل من النفط يومياً

وسط مخاوف بحدوث مواجهات بين الفصائل السياسية المتنافسة

انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)
انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)
TT

الأزمة الليبية توقف إنتاج نحو 700 ألف برميل من النفط يومياً

انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)
انخفاض الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط إلى 150 ألف برميل يومياً (رويترز)

توقف أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط، أو نحو 700 ألف برميل يومياً، الخميس، وسط مخاوف بحدوث مواجهات بين الفصائل السياسية المتنافسة للسيطرة على مصرف ليبيا المركزي، وعائدات النفط بإنهاء أربع سنوات من السلام النسبي.

المصرف المركزي في طرابلس (أ.ف.ب)

وتهدد أزمة السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بنوبة جديدة من عدم الاستقرار في بلد يعد من أهم وأكبر منتج للنفط، لكنه منقسم بين فصائل شرقية وغربية تستمد الدعم من تركيا وروسيا. وقال مهندسون لوكالة «رويترز»، الخميس، إن الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، انخفض إلى 150 ألف برميل يومياً من 280 ألف برميل يومياً، وأضافوا أن من المتوقع أن ينخفض الإنتاج ​​أكثر. وأضاف المصدر نفسه أن الإنتاج توقف أو انخفض أيضاً في حقول الشرارة والسرير وأبو الطفل وآمال ونافورة.

المحافظ المكلف برئاسة المركزي عبد الفتاح عبد الغفار (أ.ف.ب)

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فقد أدت تلك التوقفات أو الانخفاضات لوقف إنتاج نحو 700 ألف برميل يومياً من النفط. علما بأن ليبيا ضخت نحو 1.18 مليون برميل يومياً في يوليو (تموز) الماضي. وتعهدت الفصائل الشرقية بإبقاء إنتاج ليبيا من النفط متوقفاً حتى يعيد المجلس الرئاسي المعترف به دولياً، وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في طرابلس في غرب البلاد، محافظ مصرف ليبيا المركزي، المخضرم الصديق الكبير، إلى منصبه.

رئيس «الوحدة» الليبية حذّر من عواقب إقفال حقول النفط (رويترز)

وأمام هذا التصعيد، حذّر رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، خلال لقائه، ظهر الأربعاء، مع القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، من إقفال حقول النفط، بوصفها أهم مورد لدخل الليبيين، مشدّداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك.

وناقش الدبيبة خلال لقائه مع خوري التطورات السياسية في ليبيا، وإحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي التي قدمتها الثلاثاء الماضي، وأكّد أهمية التعاون مع الأمم المتحدة؛ لتحقيق التوافق، وتجاوز الأزمات الحالية، وفي مقدمتها أزمة إقفال حقول النفط، مشدداً على الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي في هذا السياق. كما شدّد الدبيبة على «خطورة إقفال الحقول النفطية، وعدم السماح بذلك تحت حجج واهية، وضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال المشينة، وعَدّ الأمر جريمة يعاقب عليها القانون».

وجاءت هذه التصريحات بعدما أعلن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والحكومة المكلّفة من المجلس، برئاسة أسامة حماد، عن إغلاق الحقول النفطية احتجاجاً على تغيير إدارة مصرف ليبيا المركزي، من قِبل المجلس الرئاسي، كما أكّد مهندسان لوكالة «رويترز» أن إغلاق الحقول النفطية ازداد في ليبيا، الأربعاء، مع خفض الإنتاج من حقل السرير النفطي لما يقارب الإغلاق الكامل، مشيرَين إلى أن هذا الحقل كان ينتج وحده نحو 209 آلاف برميل يومياً قبل خفض الإنتاج.


مقالات ذات صلة

صحيفة: محافظ «المركزي الليبي» يفر من البلاد خوفاً على حياته

شمال افريقيا الصديق الكبير محافظ البنك المركزي الليبي (رويترز)

صحيفة: محافظ «المركزي الليبي» يفر من البلاد خوفاً على حياته

محافظ البنك المركزي الليبي، الصديق الكبير، قال إنه وموظفين كباراً آخرين في البنك أجبروا على الفرار من البلاد لحماية أرواحهم من هجمات محتملة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أزمة وقف إنتاج وتصدير النفط لا تزال قائمة في ليبيا (رويترز)

تباين ليبي حول مبررات وقف إنتاج وتصدير النفط

تباينت آراء سياسيين بشأن مبررات وقف إنتاج وتصدير النفط، ما أدى إلى ارتهان المصدر الرئيسي لموارد جموع الليبيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عبد الفتاح عبد الغفار الرئيس المكلف رئاسة المصرف المركزي (المصرف المركزي الليبي)

«مجلس الأمن» يدعو لحل أزمة «المركزي» الليبي بـ«التوافق»

استبق محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، باقي الأطراف الليبية، ورحّب ببيان مجلس الأمن، مجدداً دعوته عقيلة صالح، «إلى إعادة النظر في قرار وقف (الاتفاق السياسي)».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)

الجزائر: تحركات حفتر قرب حدودنا «تهديد لأمننا القومي»

عطاف والباعور بحثا تطورات التحركات العسكرية للمشير خليفة حفتر، بالحدود مع الجزائر، التي سبق أن عبَّرت عن قلقها مما عدّته «استهدافاً لأمنها القومي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

ليبيا: إغلاق معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس مجدداً

تعرض معبر «رأس جدير» البري على الحدود المشتركة بين ليبيا وتونس للإغلاق مجدداً، وأعلنت مديرية أمن المنفذ توقف حركة العبور في اتجاه الخروج من ليبيا بشكل كامل.

خالد محمود (القاهرة)

القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

تُنسق القاهرة بشكل مُكثف مع الغرب لاحتواء التصعيد الإقليمي، وسط تشديدات مصرية متكررة من خطورة التوتر في المنطقة بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة.

وفي إفادات مصرية متتالية مع أميركا وألمانيا ودول أخرى، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف التصعيد بالأراضي الفلسطينية». وأكد «ضرورة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين».

والتقى الرئيس المصري، في القاهرة، الخميس، وفداً من لجان في الكونغرس الأميركي، برئاسة السيناتور جوني إرنست، بحضور وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، الدكتور بدر عبد العاطي. ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير أحمد فهمي، فإن الوفد الأميركي حرص خلال اللقاء على «تأكيد الأهمية التي توليها مختلف المؤسسات والدوائر الأميركية للعلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والتي تمثل حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي».

ونوه وفد الكونغرس الأميركي إلى الدور المصري الراسخ في حفظ الأمن ودعم جهود السلام في المنطقة، ودور مصر الجوهري منذ اندلاع الأزمة بغزة، سواء على صعيد الجهود المشتركة للتهدئة، أو الدور القيادي في تقديم وتنسيق وإيصال المساعدات الإنسانية. وأوضح الوفد أن زيارته الحالية للمنطقة تأتي في إطار «دعم مسار التوصل لاتفاق لتبادل الرهائن والمحتجزين، ووقف إطلاق النار، وخفض التصعيد بالمنطقة».

السيسي خلال لقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية في القاهرة (الرئاسة المصرية)

حل الدولتين

وشدد السيسي من جانبه على «خطورة حالتي التصعيد والتوتر اللتين تشهدهما المنطقة بسبب استمرار الحرب بقطاع غزة»، مؤكداً اعتزام مصر مواصلة جهودها بالتنسيق مع الشركاء بهدف وضع حد لهذه الحرب التي تسببت في كارثة إنسانية بقطاع غزة.

وحذر من الخطورة البالغة للتصعيد الإسرائيلي الحالي في الضفة الغربية، الذي يزيد بشدة من مخاطر تعقيد الموقف الإقليمي، لافتاً إلى «ضرورة العمل على تنفيذ ما تم التوافق عليه دولياً ويحظى بشرعية كاملة بشأن حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، بما ينقل المنطقة إلى واقع جديد يسوده السلام والعدل والأمن بشكل مستدام، بدلاً من الوضع الحالي الذي يُنذر بالعنف والدمار وإهدار مقدرات الشعوب».

وأضاف متحدث الرئاسة المصرية، أن اللقاء تطرق كذلك إلى الأوضاع بالسودان. وأكد الرئيس المصري «مواصلة القاهرة جهودها المكثفة لوقف إطلاق النار وعودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، ودعم جميع المسارات التي تؤدي للوصول لحل سياسي ينهي الأزمة بالسودان، ويحفظ مقدرات شعبه الشقيق».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة. واستضافت العاصمة المصرية، في يوليو (تموز) الماضي، مؤتمراً للقوى السياسية والمدنية السودانية، وتضمن البيان الختامي للمؤتمر توصيات تتعلق بـ3 مسارات أساسية هي «وقف الحرب الداخلية، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والتأسيس لحل سياسي شامل تشارك فيه كل الأطراف السودانية».

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)

السيسي - بايدن

وكان السيسي قد تلقى قبل أيام اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي جو بايدن، في إطار جهود الوساطة المكثفة التي تبذلها الدولتان لوقف إطلاق النار بقطاع غزة. وأكد الرئيسان أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات، وإبداء المرونة لإتمام الاتفاق. وقال السيسي خلال الاتصال الهاتفي إن «التوصل لاتفاق فوري لوقف إطلاق النار يكتسب أهمية فائقة في هذا التوقيت الدقيق، سواء لضرورة وضع حد للمعاناة الإنسانية الكارثية بقطاع غزة، أو لإنهاء حالة التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات توسّع نطاق الصراع، بما لذلك من تداعيات خطيرة على شعوب الإقليم كافة».

وعقب جولة مفاوضات للوسطاء في القاهرة قبل أيام، اجتمع مفاوضون من الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل في الدوحة، الأربعاء، لإجراء محادثات «فنية وعلى مستوى فرق العمل» بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

أيضاً، أكد الرئيس المصري خلال لقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الفريق أول تشارلز براون، في القاهرة، أخيراً، أن الوضع الإقليمي الراهن يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولي وجميع الأطراف الفاعلة، لبذل جميع المساعي وتكثيف الضغوط، لنزع فتيل التوتر، ووقف حالة التصعيد التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل، محذراً من مخاطر فتح جبهة جديدة في لبنان، مؤكداً ضرورة صون استقرار لبنان وسيادته.

كما قال السيسي خلال مباحثات مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الشهر الجاري، في مدينة العلمين الجديدة (شمال مصر)، إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب الجارية في غزة والاحتكام لصوت العقل، مشدداً على خطورة توسع نطاق الصراع إقليمياً «على نحو يصعب تصور تبعاته».

بلينكن أثناء لقاء الرئيس المصري في مدينة العلمين بشمال مصر (رويترز)

اتفاق الهدنة

وتواصلت الاتصالات المصرية خلال الساعات الماضية لاحتواء التصعيد في المنطقة. وبحث السيسي والمستشار الألماني، أولاف شولتز، خلال اتصال هاتفي، مساء الأربعاء، قضايا المنطقة. وبحسب متحدث «الرئاسة المصرية» تم التوافق خلال الاتصال على «أهمية بذل جميع الجهود الممكنة للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع بالإقليم، ووضع حد للحرب بقطاع غزة».

وأكد الرئيس المصري أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدور حاسم وفاعل نحو ضمان توافر الإرادة السياسية التي تحقق التوصل إلى الاتفاق المنشود لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، والتجاوب بإيجابية مع جهود الوسطاء. واتفق السيسي وشولتز على استمرار التشاور والتنسيق بشأن جهود استعادة السلام والاستقرار بالمنطقة. وأشار المستشار الألماني إلى الجهود المصرية المكثفة والمخلصة لمحاولة نزع فتيل الأزمة ووقف الحرب.

في هذا الصدد، تلقى الرئيس المصري أخيراً اتصالاً هاتفياً من الرئيس البلغاري رومِن راديف، تناول الأوضاع بالشرق الأوسط. وحذر السيسي حينها من أن استمرار التصعيد الجاري يضع المنطقة رهينة لاحتمالات توسع الحرب إقليمياً، وما قد ينتج عن ذلك من عواقب خطيرة على شعوب المنطقة كافة.