​ماذا يخسر الليبيون من إغلاق حقول النفط؟

تخوفات من ارتفاع سعر صرف العملة ونقص السيولة وتفاقم أزمة الوقود

أحد حقول النفط في جنوب ليبيا (رويترز)
أحد حقول النفط في جنوب ليبيا (رويترز)
TT

​ماذا يخسر الليبيون من إغلاق حقول النفط؟

أحد حقول النفط في جنوب ليبيا (رويترز)
أحد حقول النفط في جنوب ليبيا (رويترز)

سلطت أزمة إغلاق الحكومة الليبية، المكلفة من مجلس النواب، الحقول والموانئ النفطية الضوء على الخسائر التي قد تتعرض لها البلاد، إذ يرى سياسيون ومحللون أن ليبيا قد تواجه «أزمات متعددة» تتعلق بمعيشة المواطنين، بالإضافة إلى الأضرار الكثيرة التي قد تواجه الاقتصاد الوطني.

بداية، أعرب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، عن أسفه «لإقحام النخب الحاكمة النفط، الذي يوصف بأنه قوت الليبيين، في الصراع المحتدم منذ قرابة أسبوعين بشأن السيطرة على المصرف المركزي».

الصديق الكبير (رويترز)

وتساءل زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا يتوجب على العاملين بالدولة، بصفتهم القطاع الأكبر من الليبيين، دفع فاتورة إزاحة الصديق الكبير من موقعه المستمر به منذ 2011؟»، لافتاً إلى أن الشهر الحالي يكاد يقترب من نهايته، والجميع لا يزال ينتظر راتبه لتسديد احتياجاته الأساسية.

ويرى زهيو أن «أي تطمينات لن تقلل من تخوفات الليبيين»، مشيراً إلى أنهم «يدركون بفضل خبرتهم من إغلاقات مشابهة سابقة أنهم سيكونون في مواجهة أزمات متعددة، من بينها ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية، ونقص السيولة، وربما أيضاً أزمة وقود، فضلاً عن احتمال تأثر محطات الكهرباء بتوقف ضخ الغاز».

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (الاستقرار)

وكانت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، قد أعلنت إغلاق النفط؛ رداً على محاولة المجلس الرئاسي تغيير محافظ المصرف المركزي في طرابلس.

من جهته، أبدى عضو مجلس النواب الليبي، خليفة الدغاري، تخوفه من تداعيات قرار إغلاق النفط على الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطن. ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن كثرة الإغلاقات «تزعزع الثقة بالليبيين وليبيا في السوق العالمية؛ كما قد يترتب على غموض مستقبل الصراع حول المصرف المركزي تزعزع الاستقرار المالي للدولة».

وأعلنت البعثة الأممية للدعم في ليبيا اعتزامها عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي، بهدف التوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي.

وتساءل الدغاري حول مستقبل صرف الرواتب، وقدرة الحكومة على تمويل الخدمات العامة، من صحة وتعليم، كما تطرق إلى التخوفات من توقف مشاريع إعادة الإعمار بعموم البلاد، وتحديداً بالشرق والجنوب في ليبيا.

من جانبه، توقع المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي «استمرار الاضطراب الراهن جراء الإغلاق لبضعة أسابيع فقط»، وعدّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المبكر جداً القول بأن عملية الإغلاق ستؤدي لتضرر أو توقف مشاريع إعادة الإعمار في شرق البلاد»، لافتاً إلى «وجود فرصة لإيجاد حل لتلك المشاريع»، مقارنة بـ«الضرر الأكبر» الذي ستتعرض له حياة المواطنين جراء توقف النفط من إضعاف لقيمة الدينار.

وفي أعقاب بيان البعثة الأممية، دعا رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، مجلس النواب للقيام بدوره في اختيار محافظ للمركزي، عبر عقد جلسة قانونية «علنية وشفافة» بالتشاور مع مجلس الدولة.

محللون سياسيون يؤكدون أن قرار إغلاق حقول النفط سيزيد من معاناة الليبيين (رويترز)

وانضم المحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، للرؤى السابقة بأن قرار الإغلاق سيزيد من معاناة المواطن، الذي كان يعاني بالأساس من تدهور الأوضاع الاقتصادية بالشهور الأخيرة.

ورغم بيان المصرف المركزي، عبر موقعه الإلكتروني، الذي يديره الصديق الكبير، والذي حذر فيه «من تعطيل عمل المصرف، وعدم تمكينه من تنفيذ راتب شهر أغسطس (آب) الحالي»، قلل الحاجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من التخوفات بهذا الصدد، قائلاً: «الجميع سوف يتسابق لتدبير قيمة الرواتب وصرفها حتى لا يثير ضده عداء أكثر من مليوني مواطن من العاملين بالدولة»، مشيراً إلى أن صرف الرواتب لن يلغي بقية الأزمات، وتحديداً نقص كثير من السلع الرئيسية، من أغذية وأدوية مع توقف النفط، وتوقف معاملات المصرف، ومنها الاعتمادات المستندية التي يتم بها الاستيراد.

ووفقاً لرؤية الحاجي، فإن الإشكال الراهن حول المصرف المركزي، والذي تعمق مع قرار إيقاف النفط «سيجد طريقه للحل إذا ما توافقت كل من أميركا وبريطانيا على مجلس إدارة جديد له».


مقالات ذات صلة

ليبيا: استئناف العمل بمنفذ «رأس جدير» الحدودي مع تونس

شمال افريقيا اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

ليبيا: استئناف العمل بمنفذ «رأس جدير» الحدودي مع تونس

أعلنت مديرية أمن منفذ «رأس جدير» البري الليبي، الأربعاء، استئناف حركة السفر عبر الحدود المشتركة مع تونس بشكل منتظم.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا حفتر وعدد من المسؤولين العسكريين خلال استقبال قائد قوات «أفريكوم» الأميركية في بنغازي (الجيش الوطني)

رئيس «الوحدة» الليبية يحذّر من مخاطر إغلاق حقول النفط

استمر النزاع بين الرئيسين الحالي والسابق للمجلس الأعلى للدولة، بعدما اقتحم مسلحون جلسة كان يعقدها في العاصمة طرابلس، الأربعاء.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

ليبيا: إغلاق معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس مجدداً

تعرض معبر «رأس جدير» البري على الحدود المشتركة بين ليبيا وتونس للإغلاق مجدداً، وأعلنت مديرية أمن المنفذ توقف حركة العبور في اتجاه الخروج من ليبيا بشكل كامل.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

بدأت بشائر معركة «النفط» مقابل «المركزي» تدور رحاها سريعاً، بين سلطتي غرب ليبيا وشرقها، وسط استياء مجتمعي واسع من استخدام «مقدرات الشعب» ورقة ضغط سياسي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا القائمة برئاسة البعثة الأممية في ليبيا خلال اجتماع مع القيادة العامة (الجيش الوطني الليبي)

ليبيا: الأمم المتحدة لجمع أطراف أزمة «المركزي»

تخطط بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لعقد اجتماع طارئ لم تحدد موعده بعد للأطراف المعنية بأزمة المصرف المركزي وسط استمرار التجاذب السياسي في البلاد.

خالد محمود (القاهرة)

«هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ جديدة للوسطاء لإنهاء الحرب في غزة كان أحدثها اجتماعات بالدوحة تستهدف «تقليص الفجوات» في ظل عمليات عسكرية إسرائيلية تتصاعد من غزة للضفة الغربية، واتهامات متبادلة بين طرفي الأزمة بـ«المماطلة»، وحديث أميركي عن إمكانية إتمام الاتفاق.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تحركات الوسطاء، مصر وقطر وأميركا، في الدوحة استكمال لجولة القاهرة بهدف «جسر الهوة» ونقل النقاط الرئيسية محل الاتفاق إلى بنود قابلة للتنفيذ.

وعدوا تلك الاجتماعات «مهمة وحاسمة في تقريب وجهات النظر»، مشترطين لنجاح ذلك المسار عدم توسيع العمليات العسكرية بنقلها للضفة الغربية، وتواصل الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

واستكمالاً لجولة القاهرة، اجتمع مفاوضون من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في الدوحة، الأربعاء؛ لإجراء محادثات «فنية وعلى مستوى فرق العمل» بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وفق ما أفاد به مصدر مطلع لوكالة «رويترز» للأنباء، وسط مخاوف من «عقبات رئيسية» تهدد المفاوضات، على رأسها تمسك نتنياهو، بالبقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي على خلاف الرغبة المصرية وشروط «حماس» بانسحاب إسرائيلي من القطاع.

دخان يتصاعد من منزل عقب غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وأفادت «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية، الثلاثاء، بأن وفداً إسرائيلياً سيشارك في محادثات الدوحة، الأربعاء. ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أن «الوفد يشمل ممثلين من الموساد والشاباك والجيش، والمحادثات مع الوسطاء بهدف تقليص الفجوات في القضايا العالقة».

كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول أميركي قوله إن المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة «ستستمر في قطر». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، في حديث لـ«القناة 12 الإسرائيلية»، الثلاثاء، إن المحادثات «بنّاءة»، متطلعاً إلى «مزيد من المفاوضات بالدوحة في الأيام المقبلة».

ويرى كيربي أن اتفاق الهدنة يتطلب تنازلات من إسرائيل و«حماس»، وأن «الأطراف ما زالت تتواصل، وهذا جيد». ويعتقد أن «انتقال (جولة القاهرة) إلى مستوى آخر مع مجموعات العمل في الدوحة ليس بالأمر السيئ في ظل وجود (حماس)»، لافتاً إلى أن «هذا يعني أن الأمل ما زال قائماً في أن نتمكن من حسم هذه التفاصيل القليلة الأخيرة والمضي قدماً».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، يرى أن «الاجتماعات بدأت حالياً تتحرك في إطار مجموعات عمل لبحث الأطر الفنية بناءً على ما تم التوصل إليه من مبادئ رئيسية في جولة القاهرة، وهذا هو المنهج المتبع في المفاوضات الكبرى»، موضحاً أن هذه الاجتماعات تناقش تفاصيل البند مثل عدد الأسرى وتواريخ الإفراج عنهم... وهكذا في كل ملف.

وانتقال المحادثات من المبادئ الرئيسية إلى التفاصيل الفنية التنفيذية، وفق حجازي، «دليل على أن هناك تقدماً حققته الوفود التفاوضية على مستوى المبادئ (بجولة القاهرة)»، داعياً إلى ترجمة تلك الأطر بشكل تنفيذي لا يؤدي إلى خلافات تزيد العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.

في حين يعتقد السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أن «الوسطاء سيظلون معنيين بتقريب وجهات النظر وسد الفجوات والثغرات»، مضيفاً: «لكن ما زالت الفجوات كبيرة ومتعددة وما زال نتنياهو يصر على عدم الانسحاب من معبر رفح ومن محوري فيلادلفيا ونتساريم ويضع فيتو على أسماء معينة ولا يسمح بتبادلها مع أسراه».

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

ووسط تلك المحاولات التفاوضية الجديدة في الدوحة، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في جنين وطولكرم بالضفة الغربية هي الأوسع منذ 2002، «ستستمر بضعة أيام».

بينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، تحذيرات استخباراتية من «تصعيد متوقع في الضفة الغربية، ينطلق من طولكرم، وقد يتطور إلى انتفاضة، ويشمل هجمات بالمتفجرات أو هجوم منظم من الكتائب الفلسطينية في شمال الضفة على المستوطنات أو المزارع الفردية غير المحمية، على غرار ما فعلته (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمشاركة عناصر من أجهزة الأمن الفلسطينية». وبالتزامن عدت «حماس» أن تلك العملية الإسرائيلية ما هي إلا «مستنقع جديد سيغرق به جنود الاحتلال المنهزمون في كل جبهات القتال».

وحذر حجازي من تأثير تلك العمليات على المفاوضات، مؤكداً أن «المقاومة مشروعة؛ لكن توقيت تصعيدها الحالي خطأ استراتيجي قد يستغله نتنياهو في فتح مجابهة عسكرية لإقحام الضفة والتنكيل بها على نحو ما حدث في غزة»، داعياً إلى التهدئة «وتفويت الفرصة عليه» وانتظار مآل مفاوضات الهدنة.

ويتفق معه الفرا بأن «ما يجري في الضفة والقدس والمسجد الأقصى يؤثر على سير المفاوضات»، موضحاً أن «الأمر خطير في الضفة الغربية ولا يبتعد كثيراً عما جرى ويجري في غزة»، داعياً واشنطن إلى «ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الحرب».