رئيس «الوحدة» الليبية يحذّر من مخاطر إغلاق حقول النفط

تزامناً مع استمرار التوتر السياسي على خلفية أزمة «المصرف المركزي»

حفتر وعدد من المسؤولين العسكريين خلال استقبال قائد قوات «أفريكوم» الأميركية في بنغازي (الجيش الوطني)
حفتر وعدد من المسؤولين العسكريين خلال استقبال قائد قوات «أفريكوم» الأميركية في بنغازي (الجيش الوطني)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يحذّر من مخاطر إغلاق حقول النفط

حفتر وعدد من المسؤولين العسكريين خلال استقبال قائد قوات «أفريكوم» الأميركية في بنغازي (الجيش الوطني)
حفتر وعدد من المسؤولين العسكريين خلال استقبال قائد قوات «أفريكوم» الأميركية في بنغازي (الجيش الوطني)

وسط دعوات أميركية وأُمَمية لخفض حدة التوتر فى ليبيا، وإيجاد حل لأزمة مصرفها المركزي، حذّر رئيس حكومة «الوحدة الوطنية المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، خلال لقائه، ظهر الأربعاء، مع القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، من إقفال حقول النفط، بوصفها أهم مورد لدخل الليبيين، مشدّداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك.

وناقش الدبيبة خلال لقائه مع خوري التطورات السياسية في ليبيا، وإحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي التي قدمتها الثلاثاء الماضي، وأكّد على أهمية التعاون مع الأمم المتحدة؛ لتحقيق التوافق، وتجاوز الأزمات الحالية، مشدداً على الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي في هذا السياق.

الدبيبة شدّد على «خطورة إقفال الحقول النفطية وعدم السماح بذلك تحت حجج واهية» (الشرق الأوسط)

كما شدّد الدبيبة على «خطورة إقفال الحقول النفطية، وعدم السماح بذلك تحت حجج واهية، وضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال المشينة، وعَدّ الأمر جريمة يعاقب عليها القانون».

جاءت هذه التصريحات بعدما أعلن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والحكومة المكلّفة من المجلس برئاسة أسامة حماد، عن إغلاق الحقول النفطية احتجاجاً على تغيير إدارة مصرف ليبيا المركزي من قِبل المجلس الرئاسي، كما أكّد مهندسان لوكالة «رويترز» أن إغلاق الحقول النفطية ازداد في ليبيا، الأربعاء، مع خفض الإنتاج من حقل السرير النفطي لما يقارب الإغلاق الكامل. مشيرَين إلى أن هذا الحقل كان ينتج وحده نحو 209 آلاف برميل يومياً قبل خفض الإنتاج.

في غضون ذلك، استمر النزاع بين الرئيسين الحالي والسابق للمجلس الأعلى للدولة، بعدما اقتحم مسلحون جلسة كان يعقدها في العاصمة طرابلس، الأربعاء، بحضور بعثة الأمم المتحدة بصفته مراقباً، لاستكمال انتخاب مكتب رئاسته.

وبينما اتهم أعضاء في «الأعلى للدولة» قوات تابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة باقتحام الجلسة، أظهرت صور بثّتها وسائل إعلام محلية وجود عناصر وسيارات من مكتب المعلومات والمتابعة الأمنية التابع للوزارة.

ورفض الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، الاعتراف بالجلسة، وعدّها انتهاكاً صارخاً لنظام المجلس، وتجاوزاً خطيراً، لافتاً إلى أن هذه التحركات الفردية «تُضعِف وحدة المجلس، وتعرّضه للانقسام»، كما اتهم تكالة رئيس المجلس الحالي خالد المشري، بالاستيلاء على الصفحة الرسمية للمجلس على «فيسبوك»، وأوضح في تصريحات تلفزيونية أنها تعرّضت لما وصفه بعملية قرصنة، وجرى نقلها من المكتب الإعلامي إلى المشري.

بدوره، تقدّم رئيس مجلس النواب بشكوى للنائب العام، الصديق الصور، ضد مقتحمي «المركزي»، وطالب بتحريك دعاوى جنائية ضد كل من اقتحم مقرّه، مع إخطار المجلس بالإجراءات المتخَذة من قِبل النيابة بعد مباشرة التحقيق، وكل القرارات التي تضمن تمكين المحافظ المعيّن من النواب من ممارسة مهامه.

الصديق الكبير حذّر من أن استمرار وجود المقتحمين للمبنى «سيؤدي إلى الفوضى» (رويترز)

وكان الصديق الكبير، المحافظ السابق للمجلس، الذي يرفض التنازل عن منصبه، قد طالب في بلاغ مماثل للنائب العام باتخاذ الإجراءات الرادعة، والكفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها، ووقْف ما وصفه بالجريمة المستمرة، وفرض سيادة القانون. وحذّر من أن استمرار وجود المقتحمين للمبنى «سيؤدي إلى فوضى لا تُحمد عقباها، وفقدان الثقة بين المؤسسات المالية المحلية والدولية، والإساءة إلى سمعة الدولة الليبية والمصرف والقطاع المصرفي، وسينتج عنها تداعيات خطيرة على موقف الدولة الليبية في النظام المالي الدولي».

عبد الفتاح عبد الغفار تفقّد استئناف العمل في إدارة العمليات بالمصرف المركزي (أ.ف.ب)

ومع ذلك، تفقّد محافظ المصرف المكلّف عبد الفتاح عبد الغفار، الأربعاء، استئناف العمل في إدارة العمليات بالمصرف، بعد مباشرة الموظفين أعمالهم عقب انتهاء عملية التسليم والاستلام، وحثّ عبد الغفار مديري الإدارات والموظفين على ضرورة استمرار العمل بوتيرة عالية، وإنجاز المعاملات في أسرع وقت ممكن، وبدء تنفيذ صرف مرتبات شهر أغسطس (آب) الحالي، بالإضافة إلى معالجة العراقيل التي وضعتها الإدارة السابقة.

محافظ المصرف المركزي مع موظفيه أمام مقرّه بطرابلس (المصرف)

وكانت القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، ستيفاني خوري، قد أعلنت عقب اجتماعها، مساء الثلاثاء في بنغازي (شرق)، مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، اتفاقهما على ضرورة إيجاد حل سريع لما وصفته بالأزمة المستجدة للمصرف المركزي. وعبّرت عن استعداد البعثة الأممية لتيسير حوار يُفضي إلى توافق بشأن قيادة المصرف. مشدّدةً على أن التوصل إلى هذا التوافق «أمر بالغ الأهمية لمنع هذه الأزمة من التأثير سلباً على الوضع المالي والاقتصادي لليبيا، وعلى الحياة اليومية لليبيّات والليبيّين».

كما بحثت خوري مع رئيس لجنة المصالحة الوطنية بمجلس النواب، الهادي الصغير، أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة مؤسسات الدولة، والحاجة المُلحّة إلى إيجاد حل توافقي يُنهي أزمة المصرف المركزي.

اجتماع حفتر مع قائد قوات «أفريكوم» الأميركية في بنغازي (الجيش الوطني)

في غضون ذلك، أشاد حفتر، خلال اجتماعه مساء الثلاثاء، في مدينة بنغازي مع قائد القيادة العسكرية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق أول مايكل لانجلي، بتطور العلاقات الودية بين الطرفين، مؤكداً أهمية تعزيز التنسيق والتعاون المشترك في مكافحة الإرهـاب والتطرف.

ونقل حفتر عن لانجلي في الاجتماع، الذي حضره القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيرمي برنت، إشادته بما وصفه بالدور المحوري لحفتر في الحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا، وبالجهود التي تبذلها في مراقبة وضبط الحدود مع دول الجوار.

في شان آخر، قالت خوري إنها استمعت من وفد من الطوارق لمطالبهم بالمشاركة المتساوية والهادفة في العملية السياسية، وعملية المصالحة الوطنية، بالإضافة إلى احتياجات مجتمعاتهم المحلية، ووجهة نظرهم بشأن توزيع المقاعد في انتخابات المجالس البلدية المرتقبة.

وأكّدت التزام البعثة مقاربة شاملة، تتوخّى التمثيل المنصف لجميع الأصوات والمكونات الليبية، لافتة إلى دعم الأمم المتحدة للوصول العادل إلى دوائر صنع القرار.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».