الجزائر: تحركات حفتر قرب حدودنا «تهديد لأمننا القومي»

المشير لوح في السابق بشن هجوم على الأراضي الجزائرية

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر: تحركات حفتر قرب حدودنا «تهديد لأمننا القومي»

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)

بحث وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، والوزير الليبي المكلف تسيير أعمال وزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة «الوحدة الوطنية»، الطاهر الباعور، الأربعاء، الصراع في ليبيا، وتطورات التحركات العسكرية للمشير خليفة حفتر، بالحدود مع الجزائر، التي سبق أن عبرت عن قلقها مما عدّته «استهدافاً لأمنها القومي» من جانب العسكري المتقاعد.

وزير الخارجية الجزائري بحث مع الطاهر الباعور الصراع الدائر في ليبيا (د.ب.أ)

وذكر بيان للخارجية الجزائرية أن عطاف «تلقى اتصالاً هاتفياً من الطاهر الباعور، الذي عبّر له عن امتنانه وخالص تقديره باسم حكومة الوحدة الوطنية؛ نظير الموقف المشرّف الذي رافعت من أجله الجزائر، خلال اجتماع مجلس الأمن الأممي الأخير حول الأوضاع في ليبيا».

وأشاد المسؤول الليبي، وفق البيان ذاته، بـ«وضوح هذا الموقف الداعم للشعب الليبي، والمساند لتطلعاته المشروعة في استعادة الأمن والاستقرار في كنف الوحدة الوطنية».

صورة نشرتها الخارجية الجزائرية بشأن المحادثات بين الوزير عطاف والوزير الليبي الباعور

وتناول بيان الخارجية مضمون الكلمة، التي ألقاها ممثل الجزائر بمجلس الأمن خلال جلسة نقاش حول الوضع في ليبيا، عقدت في 20 من أغسطس (آب) الحالي، حيث أكد على «موقف الجزائر من المشاكل التي تواجه ليبيا، والذي يستند إلى ضوابط وثوابت، تتمثل في البحث عن حل سلمي وسياسي للأزمة، على أن يأتي الحل عبر مسار ليبي - ليبي، تحت رعاية الأمم المتحدة». مشدداً على أن «حل الأزمة يجب أن يفضي إلى تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة، تعيد لمّ شمل جميع أطياف الشعب الليبي، وتكفل توحيد مؤسساته، وتلبية طموحاته وتطلعاته داخلياً وخارجياً».

وتناولت مباحثات الوزيرين الجزائري والليبي، بحسب مصدر دبلوماسي، النشاط العسكري لقوات المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني الليبي»، إثر انتشار فيديو في الأسابيع الماضية، يظهر فيه صدام حفتر، نجل المشير الذي يسيطر على شرق البلاد، مع جنود تابعين له بالقرب من نقطة «الدبداب» الحدودية الجزائرية.

الرئيس الجزائري مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي (الرئاسة الجزائرية)

وكانت الجزائر قد عبّرت في 10 من الشهر الحالي عن «قلقها العميق» إزاء التحشيد العسكري، ونشر القوات في مناطق مختلفة من ليبيا، خصوصاً نحو المناطق الجنوبية والغربية. وقالت إنها «تشارك بشكل كامل المخاوف التي أعربت عنها الأمم المتحدة بشأن هذه التحركات»، مؤكدة أن «وقف الاشتباكات بين الإخوة المتنازعين هو مكسب مهم يجب الحفاظ عليه بأي ثمن».

ودعت الجزائر «جميع الأطراف الليبية إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس والبصيرة لتجنيب بلادهم وشعبهم العواقب المأساوية لاستئناف القتال». وناشدتهم «إيجاد حل سلمي للأزمة، وتحقيق المصالحة بين الليبيين، وتوحيد المؤسسات، ووضع حد للتدخلات الأجنبية».

وأثار توجه قوات حفتر نحو الجنوب الغربي غضب القوات العسكرية في الغرب، حيث أمر نائب رئيس الأركان، الفريق صلاح النمروش، الوحدات العسكرية برفع مستوى الجاهزية لصد أي هجوم محتمل. وذكرت قوات حفتر لاحقاً أن «تحركاتها تعكس إرادة لديها لتأمين مناطق سبها ومرزق والقطرون، وبراك الشاطئ، جزءاً من خطة لتأمين الجنوب». لكن سلطات الجزائر عدّت هذا النشاط العسكري «تهديداً مباشراً لأمنها القومي ولمصالحها في المنطقة الحدودية»، خصوصاً ما تعلق بالمنشآت النفطية والغازية هناك، حيث كانت هدفاً لاعتداء إرهابي مطلع 2013.

المشير خليفة حفتر هدد سنة 2018 بشن هجوم على الأراضي الجزائرية (رويترز)

وكان المشير حفتر قد هدّد سنة 2018 بشن هجوم على الأراضي الجزائرية؛ بحجة أن الجارة الغربية «تستغل الأوضاع الأمنية في ليبيا بدخول قوات من جيشها الأراضي الليبية». وقال حفتر في جمع مع مؤيديه شرق البلاد إنه «أبلغ السلطات الجزائرية بقدرته على نقل الحرب في لحظات إلى حدودها»، ونقل عنها أنها «اعتذرت وأخبرته بأن دخول قوات تابعة لها إلى ليبيا عمل فردي سينتهي». ولم يصدر عن الجزائر يومها أي رد فعل، لكن رئيس البلاد الحالي عبد المجيد تبون ذكر لاحقاً في مناسبات عدّة بأن المشير الليبي، من دون ذكره بالاسم، «سيندم ندماً شدداً إن وطأت قدماه ترابنا».


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».