ليبيا: إغلاق معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس مجدداً

بعد إقفال محتجين من مدينة زوارة الطريق المؤدية إليه

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
TT

ليبيا: إغلاق معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس مجدداً

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

تعرض معبر «رأس جدير» البري على الحدود المشتركة بين ليبيا وتونس للإغلاق مجدداً، حيث أعلنت مديرية أمن المنفذ توقف حركة العبور في اتجاه الخروج من ليبيا بشكل كامل، وقالت إنها «تخلي مسؤوليتها عن ذلك»، بعد إغلاق محتجين من مدينة زوارة الطريق المؤدية للمعبر.

وأكد مصدر من سفارة ليبيا في تونس لوسائل إعلام محلية توقف حركة العبور تماماً بالمعبر الحدودي بين البلدين، جراء احتجاجات أهالي زوارة.

وخلال الساعات الماضية، أقدم مسلحون من مدينة زوارة على إغلاق الطريق الساحلي «أبو كماش - رأس جدير» بسواتر ترابية أمام المسافرين باتجاه معبر «رأس جدير»؛ للمطالبة بإخراج قوات لـ«الوحدة»، التي وصفوها بأنها «غير رسمية»، وعودة الجهات التي وصفوها بـ«الرسمية» للعمل في المعبر.

ولم تعلق حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على هذه التطورات التي تزامنت مع اجتماعٍ عقده الدبيبة في العاصمة طرابلس؛ لمتابعة سير العمل بمشروع تنفيذ صيانة وتطوير الطريق الساحلي، المؤدي إلى المعبر، مع جهاز تنفيذ مشروعات المواصلات والمكتب الاستشاري المكلف بالمشروع، حيث شدد الدبيبة على ضرورة المتابعة المستمرة لتنفيذ المشروع، وفق الجدول الزمني المعتمد.

وتم مؤخراً إعادة فتح معبر «رأس جدير» الحدودي بشكل كلي، بعد إغلاق دام لأكثر من ثلاثة أشهر لأسباب أمنية.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن معاون رئيس الأركان العامة، الفريق صلاح النمروش، توجهه بقوة عسكرية بالتنسيق مع الطيران المسير لفتح طريق أبو كماش، محذراً المواطنين من الاقتراب من البوابات الممتدة على طول طريق «أبو كماش».

وتسبب إغلاق هذا المعبر في توقف المبادلات التجارية، وتعطل حركة المسافرين بين البلدين، علماً بأنه يقع على بعد نحو 600 كيلومتر جنوب شرقي تونس العاصمة، وفي أقصى الغرب الليبي بالقرب من مدينة زوارة، على بعد نحو 170 كيلومتراً عن العاصمة طرابلس.

ويُعد المعبر الذي تعرض للغلق أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، الشريان البري الرئيسي الرابط بين ليبيا وتونس، وأحد أهم المنافذ الحدودية بين البلدين.

في شأن آخر، أعلنت حكومة «الوحدة» تسلم لجنتها العليا للترتيبات الأمنية سبعة من المقار الحكومية في بلدية حي الأندلس بالعاصمة طرابلس، بعد خروج بعض الأجهزة والأفراد منها، وأوضحت أنه تم مساء الاثنين، تسليم مقار «مبنى مصرف الأمان وهيئة مكافحة الفساد والدعوة الإسلامية»، إلى الجهات التابعة لها، تنفيذاً لقرار الدبيبة بالخصوص.


مقالات ذات صلة

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

شمال افريقيا حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

بدأت بشائر معركة «النفط» مقابل «المركزي» تدور رحاها سريعاً، بين سلطتي غرب ليبيا وشرقها، وسط استياء مجتمعي واسع من استخدام «مقدرات الشعب» ورقة ضغط سياسي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا القائمة برئاسة البعثة الأممية في ليبيا خلال اجتماع مع القيادة العامة (الجيش الوطني الليبي)

ليبيا: الأمم المتحدة لجمع أطراف أزمة «المركزي»

تخطط بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لعقد اجتماع طارئ لم تحدد موعده بعد للأطراف المعنية بأزمة المصرف المركزي وسط استمرار التجاذب السياسي في البلاد.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا  شبان غاضبون يغلقون حقل «108» النفطي في منتصف يوليو 2023 (جهاز حرس المنشآت النفطية بالجنوب الشرقي)

إغلاق جميع حقول النفط في ليبيا

صعّدت الحكومة الليبية المكلّفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حمّاد، موقفها إزاء تغيير محافظ المصرف المركزي، من قبل «المجلس الرئاسي» وسلطات طرابلس،

خالد محمود (القاهرة) جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لمقر «المصرف المركزي» بالعاصمة طرابلس

أزمة «المركزي» الليبي تزداد تعقيداً وسط توتر في العاصمة

تصاعدت أزمة مصرف ليبيا المركزي، بعد تكليف «المجلس الرئاسي» عبد الفتاح عبد الغفار، نائب المحافظ القيام بمهامه وأعماله.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أحد المواقع النفطية التابعة لشركة «الواحة» للنفط (المكتب الإعلامي للشركة)

حكومة شرق ليبيا تعلن وقف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر

دفعت الأزمة على رئاسة منصب محافظ ليبيا المركزي بالعاصمة سلطات شرق البلاد إلى إعلان حالة «القوة القاهرة» على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية.

جمال جوهر (القاهرة)

حرب السودان تبلغ يومها الـ500 وتوقع آلاف الضحايا

يافعون سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)
يافعون سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)
TT

حرب السودان تبلغ يومها الـ500 وتوقع آلاف الضحايا

يافعون سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)
يافعون سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)

انقضت 500 يوم على السودانيين وهم يكابدون إحدى «أسوأ الأزمات الإنسانية» في العالم، على ما تقدر منظمات دولية؛ فالحرب التي تأكل أبناء الوطن الواحد بدّدت الأخضر واليابس من دون أن يبدو لنهايتها أي أفق، وسط إصرار من قوات الجيش و«الدعم السريع» على خوض المواجهة إلى نهايتها، حتى لو استمرت «مائة سنة».

ومنذ وقوعه تحت وطأة الحرب، في 15 أبريل (نيسان) 2023، تشرذم السودان تدريجياً فبات بعض ولايته خاضعاً لسيطرة الجيش، بينما بسطت «الدعم السريع» سلطتها على ولايات أخرى، وتحولت 15 ولاية (من أصل 18 ولاية تشكل مجمل السودان) إلى ساحات حرب، وحتى ما تبقى من ولايات بعيدة نسبية عن مناطق القتال لم تسلم هي الأخرى من الأزمات الناجمة عن القتال.

وتحت صدى صوت المدافع والمسيرات، يرفض طرفا الحرب الاستماع لمناشدات المضي نحو حل سياسي، بينما تنادي القوى المدنية منذ انطلاق الرصاصة الأولى بـ«ألا حلول عسكرية للأزمة السودانية».

على مستوى الضحايا، فإن استمرار الحرب يضع صعوبات كبيرة أمام محاولات الحصر الدقيقة، غير أن إفادة لنقابة الأطباء في السودان (مستقلة)، لـ«الشرق الأوسط»، في يونيو (حزيران) الماضي، أشارت إلى سقوط «أكثر من 40 ألف شخص قتلى» في الحرب السودانية.

ولقد خلف الدمار والمواجهات الطاحنة أزمة إنسانية للمدنيين أثارت قلقاً دولياً وإقليمياً، خاصة بعد رصد نزوح 11 مليوناً، بعضهم أكثر من مرة داخل البلاد، ولجوء أكثر من 2 مليون شخص إلى بلدان الجوار.

وإلى ذلك تنامت مخاطر الجوع، وتبين أن «أكثر من 25 مليون من سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون يحتاجون إلى مساعدات إنسانية تحميهم من خطر الجوع، وكذلك «خرج نحو 80 في المائة من المستشفيات عن الخدمة، مع تدمير لا مثيل له للبنيات التحتية والمنشآت المدنية والحكومية».

أطفال سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)

ويقدر المحلل والناشط السياسي محمد لطيف أن «المائة يوم الأولى من الحرب - أي في يوليو (تموز) 2023 - بلغ عدد القتلى فيها نحو 3900 شخص، بينهم 435 طفلاً، وأصيب 2500 مباشرة».

وتابع لطيف: «مع استمرار الحرب طوال 500 يوم تضاعفت تلك الأرقام بشكل مفزع، لكن ذلك لم يقنع طرفي الحرب بوقف المواجهات».

وأوضح لطيف أن «الحريصين على السودان طوال هذه المدة ظلوا يتمسكون بضرورة وقف الحرب والذهاب إلى طاولات التفاوض، لإنهاء النزاع الدامي المدمر» وتابع: «لكنهم واجهوا تعنتاً وإصراراً عجيباً على مواصلة الحرب بدوافع غير مفهومة».

ورفضت الحكومة والجيش السوداني، الشهر الحالي، المشاركة في مفاوضات «جنيف» التي جاءت بمبادرة أميركية - سعودية - سويسرية، وشارك فيها بصفة مراقب كل من: مصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، متذرعة بضرورة تنفيذ «إعلان جدة الإنساني»، وخروج «قوات الدعم السريع» من منازل المواطنين.

ويتهم لطيف الجيش بأنه لجأ إلى «فزاعة» لتجنب المشاركة في مفاوضات «جينيف»، وتساءل: «هل دماء المواطنين أغلى أم منازلهم؟». وتابع: «(إعلان جدة) مبادئ ملزمة للطرفين، لو كانوا - يقصد الجيش - حريصين على تنفيذه لذهبوا إلى المفاوضات من أجل الوصول لآليات تنفيذ».

وانعكس تردي الأوضاع بالسودان على الأوجه الحياتية كافة، ورأت منظمة «أطباء بلا حدود» في تقرير - حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه - عن الأوضاع بالسودان، أن «هذه لحظة مخزية للمنظمات الإنسانية الدولية وللمانحين الذين فشلوا طوال أكثر من 16 شهراً في توفير استجابة كافية للاحتياجات الطبية المتصاعدة في البلاد، من سوء تغذية الأطفال الكارثي إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع».

سودانيان يتحركان (الثلاثاء) في أحد شوارع مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)

واتهمت الجيش و«قوات الدعم السريع» بأنهما «فرضا قيوداً مشددة على العاملين الإنسانيين، ما حدّ من القدرة على إيصال المساعدات الإنسانية».

ووفقاً لـ«أطباء بلا حدود»، فقد أدى العنف إلى «أكبر أزمة نزوح في العالم»، وأجبر أكثر من 10 ملايين شخص، أو واحداً من كل خمسة أشخاص في السودان، على الفرار من منازلهم، وتابعت: «في الوقت الذي تتأرجح فيه الحلول السياسية للأزمة، يزداد سوء التغذية وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص الإمدادات الإنسانية».

ونقل تقرير «أطباء بلا حدود» عن منسق الطوارئ في دارفور التابع لها «تونا تركمان»، قوله: «يموت الأطفال اليوم بسبب سوء التغذية في جميع أنحاء السودان»، وعن منسقة الطوارئ في السودان «كلير سان فيليبو»، أن «أطباء بلا حدود» مُنعت من إحضار الإمدادات الطبية والطواقم الدولية للمستشفيات.

محمود إسماعيل (39 عاماً) جندي في الجيش السوداني في أثناء تغيير ضمادته من قِبل طبيب في مستشفى عسكري في بورتسودان (نيويورك تايمز)

وكشفت «أطباء بلا حدود» عن ارتفاع الإصابات بالملاريا والأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك تفشي الكوليرا في ثلاث ولايات على الأقل، وخطر تزايد الإصابات بين الأطفال بالأمراض التي يمكن الوقاية منها، لتوقف حملات التحصين.

وأشارت المنظمة الطبية إلى أوضاع اللاجئين في الخارج، ونقلت عن امرأة تدعى أم عادل في مخيم «متشي» بشرق تشاد، أن زوجها مفقود منذ أكثر من عام، وأن ابنها خالد أصيب بحمى شديدة بسبب تناقص الطعام، وتابعت: «لا أشعر بالراحة هنا والوضع ليس بخير، أريد أن أعود إلى السودان».

وبدوره، قال نائب رئيس حزب «المؤتمر» السوداني والقيادي في تنسيقية القوى المدنية «تقدم» خالد عمر يوسف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «استمرار الحرب يوماً واحداً يعني زيادة معاناة الناس، ووضع البلاد كلها على شفا حفرة الانهيار، وزيادة مخاطر التفريط في وحدتها وسيادتها، وتمزق نسيجها الاجتماعي».

مرضى بمستشفى مؤقت تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في أدري بتشاد على الحدود مع السودان 6 سبتمبر 2023 (رويترز)

اقتصادياً، تبدو الخسائر السودانية مروعة، ويكفى أنه قبل 4 أشهر فقط، قبيل انعقاد مؤتمر باريس حول السودان، قال الدكتور عبد الله الدردري، مدير المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن السودان «خسر 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة واحدة من الحرب».

ومع إقرار وزير المالية جبريل إبراهيم، في فبراير (شباط) الماضي، بصعوبة تحديد حجم الخسائر بدقة جرّاء الحرب؛ فإنه أشار إلى «تكهّنات بأنّها قد تصل إلى 200 مليار دولار دون حساب خسائر الفرص الاقتصادية الضائعة للبلاد».

وقال إبراهيم آنذاك إن الاقتصاد «انكمش بصورة كبيرة جداً في عام 2023، وقد يصل إلى 40 في المائة، ومتوقع أيضاً أن ينكمش هذا العام، ما لم تتبدل الظروف». مضيفاً: «هناك ضمور في الإيرادات، وهذا طبيعي لأن المصانع توقفت، والصادرات إلى حد كبير تأثّرت خصوصاً من الولايات الغربية. لم يعد صادر هناك قادماً منها. الإنتاج في كثير من المشروعات تعطّل، أو النقل حتى بعد الإنتاج تعطل».

منزل بمدينة أم درمان بالعاصمة السودانية تظهر عليه (الثلاثاء) آثار الحرب (د.ب.أ)

وفي أحدث إحصائية متاحة، يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن بنك السودان المركزي أن موجودات (أرصدة) البنوك تراجعت إلى نحو 45 تريليون جنيه، بتراجع إلى النصف بسبب فقدان العملة الوطنية لأكثر من 50 في المائة من قيمتها.

تجدر الإشارة إلى أن سعر صرف الجنيه السوداني كان يُقدر في ينار الماضي بـ1100 جنيه مقابل الدولار الواحد (600 جنيه قبل الحرب)، ويصل سعر صرف الجنيه السوادني راهناً، نحو 2700 جنيه للدولار الواحد.

وبحسب تقرير «بنك السودان المركزي»، فإن «تآكل موجودات البنوك أخرج نحو 70 في المائة من فروع البنوك العاملة في البلاد، وعددها 39 بنكاً حكومياً وتجارياً، إلى جانب تعرضها لعمليات نهب وتخريب واسعة منذ بداية الحرب».

متطوعون يحملون وجبات غذائية إلى مخيم نازحين في القضارف شرق السودان 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

ولم يكن القطاع الزراعي استثناءً في السودان، فقد خرجت المشاريع الكبيرة، ومنها «مشروع الجزيرة»، عن الخدمة بسبب النزوح الواسع للمزارعين، والتدمير الذي أصاب عصب الزراعة في البلاد.

ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو»، فإن إنتاج الحبوب، وهي الغذاء الرئيسي لغالب سكان البلاد، «انخفض بنسبة 40 في المائة خلال العام الماضي، ويتوقع أن تكون النسبة قد ارتفعت بشكل كبير خلال العام الحالي، وتحول نصف سكان البلاد على الأقل لعاطلين عن العمل، ما أدى لارتفاع أسعار السلع الرئيسية بأكثر من 6 أضعاف».