الجيش السوداني يقصف للمرة الثانية مرافق مدنية بشرق دارفور

تصاعد الدعوات الأهلية إلى المجتمع الدولي للتدخل العاجل لحظر الطيران

سوق مدمرة جراء المعارك بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
سوق مدمرة جراء المعارك بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يقصف للمرة الثانية مرافق مدنية بشرق دارفور

سوق مدمرة جراء المعارك بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
سوق مدمرة جراء المعارك بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

هاجم الطيران الحربي للجيش السوداني، الأحد، للمرة الثانية، مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور (غرب البلاد)؛ ما أدى إلى تدمير جزء كبير من مركز صحي، لكن من دون وقوع خسائر في الأرواح، وفق شهود عيان.

يأتي هذا الهجوم بعد يومين من قصف المستشفى العام بالمدينة، الذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 18 آخرين، وعلى أثر ذلك أُجلي نحو 700 مريض من المرفق الصحي الوحيد المؤهل لتقديم الرعاية الطبية، بعد الدمار الكبير الذي لحق به.

من مستشفى الضعين في شرق دارفور (الشرق الأوسط)

وقال الشهود لــ«الشرق الأوسط» إن طائرات الجيش شنت في ساعة مبكرة من صباح الأحد غارات جوية، وألقت براميل متفجرة بشكل مباشر ودقيق على موقع صحي بوسط المدينة المأهولة بالسكان.

بدوره، قال «منبر محامي دارفور»، في بيان، إن الغارة دمرت مكاتب تابعة لوزارة الصحة، وعدداً من منازل المواطنين، وخلفت أضراراً كبيرة.

وعدّ «المنبر»، وهو هيئة مستقلة، «استهداف الأعيان المدنية جريمة حرب مكتملة الأركان وفقاً لـ(اتفاقيات جنيف الأربع) وبروتوكولاتها الملحقة بـ(ميثاق روما)».

وبدأ سلاح الجو منذ أيام معدودة شن هجمات منسقة ومكثفة على مناطق واسعة في ولايتَي شرق وشمال دارفور، وعلى مناطق أخرى في سنار والجزيرة وسط البلاد، تسيطر عليها «قوات الدعم السريع».

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»... (د.ب.أ)

ويقول الجيش السوداني باستمرار إن غاراته الجوية تستهدف مخازن أسلحة تابعة لـ«قوات الدعم السريع».

وأدان أهالي الضعين، في مظاهرة احتجاجية الثلاثاء الماضي، استمرار القصف الجوي العشوائي ضد الأعيان المدنية، وطالبوا الأمم المتحدة «بالتدخل الفوري والعاجل لحظر الطيران الذي يستهدف في الأساس الأحياء السكنية؛ إذ لا توجد أي مواقع عسكرية تابعة لـ(قوات الدعم السريع) داخل المدينة».

ووفق مسؤولين صحيين، فقد «أخرجت الضربة الأولى مستشفى المدينة من الخدمة كلياً، ولم يعد صالحاً للعمل، مما يعرض حياة مئات المرضى من المصابين بالفشل الكلوي والأمراض المزمنة وغيرهم للخطر».

وقالت «شبكة أطباء السودان» إن «القصف الجوي على مدينة الضعين ألحق ضرراً بأقسام عدة في المستشفى؛ من بينها العنابر المخصصة للنساء والتوليد والأطفال، وغرفة ثلاجة لقاحات الأطفال، ومركز لإيواء النازحين بالقرب من الموقع المستهدف».

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور بالسودان خلال يناير 2024 (رويترز)

واستقبلت الضعين خلال الأشهر الماضية عشرات الآلاف من النازحين الذين أُجبروا على الفرار من مناطق القتال في ولايات دارفور الأخرى.

ووفق «قوات الدعم السريع»، فإن طائرات الجيش السوداني نفذّت الأسبوع الماضي 27 طلعة جوية على مناطق متفرقة في ولايات البلاد، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص، وأضرار جسيمة في البنية التحتية للمستشفيات والأسواق ومحطات المياه ومنازل المواطنين.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

خاص العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)

«الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

تحدث رئيس وفد «قوات الدعم السريع» إلى محادثات جنيف في حوار مع «الشرق الأوسط» عن خياراتهم إذا فشل التفاوض، ملوحاً بالحسم العسكري لكنهم لن يسمحوا بتقسيم البلاد.

عيدروس عبد العزيز (لندن)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (قناة مجلس السيادة الانتقالي عبر «تلغرام»)

البرهان يؤكد عدم المشاركة في محادثات جنيف: «سنحارب مائة عام»

أكد قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، عدم المشاركة في محادثات التي جرت في سويسرا برعاية أميركية لوقف الحرب في السودان.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
تحليل إخباري صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)

تحليل إخباري «تحالف السلام» في السودان... هل يصبح مقدمة لتدخل عسكري؟

انفضّت مباحثات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان، دون أن تشفي أشواق السودانيين الملحة لاستعادة حياتهم التي تسرّبت من بين أيديهم فجر 15 أبريل (نيسان) 2023.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)

حميدتي يتعهّد بتنفيذ مخرجات جنيف

أكد قائد «قوات الدعم السريع»، الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، التزامه الكامل بتعهداته في محادثات سويسرا، وعلى رأسها الاستجابة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج علَم الإمارات (رويترز)

الإمارات: الوضع الإنساني بالسودان خرج عن مستوى التحمّل

قالت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية في الإمارات: «إن الوضع الإنساني في السودان خرج عن مستوى التحمّل، وإن الحاجة هائلة إلى المساعدات الإنسانية…

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

رفض مصري لحديث إخواني عن «مبادرة صلح»

محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)
محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)
TT

رفض مصري لحديث إخواني عن «مبادرة صلح»

محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)
محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)

أثار حديث لجماعة «الإخوان» عن مبادرة صلح مع الدولة المصرية حالةً من الرفض بالداخل المصري، وتسبّب في انقسام بين عناصر «الإخوان» بالخارج، وربط سياسيون تحركات الجماعة الآن بتخوّف قادتها من «التقارب في العلاقات المصرية - التركية».

مبادرة «الإخوان» ظهرت إلى المشهد عبر رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال المرشد العام، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، بثّها الإعلامي في قناة «الشرق»، ماجد عبد الله، على قناته الخاصة عبر «يوتيوب»، ونقلتها وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، طرح فيها الجزار الصلح مع الدولة المصرية، وإطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

رسالة الجزار «باعتزال (الإخوان) العمل السياسي تسبّبت في أزمة داخل الجماعة»، حسب خبراء، ما دفع الجماعة إلى نفي الحديث عن «اعتزال العمل السياسي»، وقالت في بيان، مساء السبت، عبر حسابها على «إكس» إنه «بخصوص ما يتردّد بين الحين والآخر بشأن ممارسة (الإخوان) للعمل السياسي؛ تؤكد الجماعة أن عدم المنافسة على السلطة لا يعني أبداً الانسحاب من العمل السياسي الذي يظل من ثوابت مشروع الجماعة الإصلاحي».

وذكر بيان الجماعة، المُذيّل بتوقيع الجزار أيضاً، أن «مطلب ترك ممارسة السياسة الذي تحُوم حوله الشائعات والتطلعات يؤكد عدم قبول التعدّدية السياسية»، وتحدّث البيان عن أن «الجماعة جزء أصيل من الشعب المصري، تدافع عن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل ميدان».

مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمّع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على فيسبوك وتلغرام)

لينتقل حديث «مبادرة الإخوان» بعد ذلك إلى «السوشيال ميديا»، وعَدّ عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، الإعلامي مصطفى بكري، مبادرة «الإخوان» أنها «دليل على وصول الجماعة إلى مرحلة اليأس، ونهاية مشروعها الذي أطلقته بالسعي للعودة إلى الحكم مرة أخرى».

وكتب بكري عبر حسابه على «إكس»، الأحد، أن المبادرة دليل أيضاً على «فقدان (الإخوان) للظهير الشعبي»، لافتاً إلى أن «حديث الصلح» يعكس «خلافاً حاداً في صفوف الجماعة»، متوقعاً أن تؤدي المبادرة إلى «زيادة حدة الانقسام داخل الجماعة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، ويقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام، محمد بديع داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر، بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة 2013.

وجاء الحديث عن «مبادرة الصلح» بعد ما تردّد أخيراً عن طرح شباب الجماعة في السجون المصرية «مبادرة للتخلّي عن أفكارهم»، وهو الطرح الذي لم تؤكده الجماعة أو تنفيه، كما لم «يعلق الأمن المصري عليه».

ويرى الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، سامح عيد، أن مبادرة «الإخوان» بشأن الصلح تعكس انقسامات داخل صفوف الجماعة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المبادرة جاءت من مجموعة لندن التي يقودها حلمي الجزار، وهي الأقوى في الوقت الراهن، لكن المبادرة قد «لا تَلقَى قبولاً كافياً من مجموعات إخوانية أخرى، مثل مجموعة إسطنبول بقيادة محمود حسين».

ويتصارع على قيادة «الإخوان» جبهتان؛ الأولى في لندن بقيادة صلاح عبد الحق، والثانية في إسطنبول بقيادة محمود حسين، كما ظهرت جبهة ثالثة متصارعة أطلقت على نفسها «تيار الكماليّين»، الذي أسّسه في السابق محمد كمال، وهو مؤسس الجناح المسلّح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية، وقُتل في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016.

سامح عيد ربط توقيت مبادرة «صلح الإخوان» بتحركات الحكومة المصرية في ملف «الحبس الاحتياطي»، لكنه أشار إلى أن «المجتمع المصري ما زال يرفض عودة الجماعة للمشهد بأي شكل».

أيضاً دخل علاء مبارك، الابن الأكبر للرئيس الأسبق لمصر حسني مبارك، على خط «مبادرة الإخوان» بتعليق مقتضب عبر حسابه على «إكس»، قائلاً: «لا أمان لتجّار الدين».

وعلّق الإعلامي المصري أحمد موسى بقوله إن «شعب مصر قال كلمته، ولن يسمح لأي شخص بالحديث في هذا الموضوع نهائياً، ستظل جماعة (الإخوان) إرهابية وغير وطنية»، بينما قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، الدكتور سعيد الزغبي، إن حديث «الإخوان» عن «الصلح» «خدعة» لن يصدقها أحد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة الإخوان للمشهد مرفوض اجتماعياً بشكل قاطع»، وحسب الزغبي، فإنه «قد يكون توقيت المبادرة الإخوانية يرتبط بتحركات الحكومة المصرية والبرلمان لإقرار تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية».

جانب من لقاء الرئيسين السيسي وإردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

ووفق مراقبين، «يحظى رفض عودة (الإخوان) للمشهد في مصر بتوافق واسع من جانب القوى السياسية، بما فيها المعارضة».

وربط القيادي بـ«الحركة المدنية الديمقراطية»، وتضم أحزاباً معارِضة، أحمد بهاء الدين شعبان، توقيت مبادرة «الإخوان» بـ«تسارُع التقارب المصري - التركي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارب في العلاقات المصرية - التركية يُقلِق قيادات (الإخوان)، خصوصاً مع وجود عدد كبير في تركيا». وأكّد أن «الحركة المدنية الديمقراطية ترفض عودة الجماعة للمشهد بأي شكل من الأشكال».

وتتزامن التحركات الإخوانية الأخيرة مع ما ذكرته مصادر تركية بشأن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل، للقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان.

ووفق المصادر ستكون الزيارة هي الأولى للسيسي إلى تركيا منذ تولّيه الحكم عام 2014، وذكرت المصادر أن السيسي وإردوغان سيترأسان اجتماع «مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى» بين تركيا ومصر في نسخته الجديدة، التي أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس التركي للقاهرة في 14 فبراير (شباط) الماضي، والتي كانت الأولى التي يقوم بها إردوغان لمصر منذ 12 عاماً.